الشيخ دعموش لجريدة الوفاق الايرانية: الإمام الخمینی (قده) حمل همّ فلسطین والقدس أکثر مما حمله کثیر من المعنیین بالقضیة
- المجموعة: مقابلات وحوارات
- 24 تموز/يوليو 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 6044
المنطقة برمتها تعیش ظروفاً معقدة بسبب الموجة التکفیریة الإرهابیة التی تجتاح دولها وبسبب غطرسة العدو الصهیونی إیران هی الدولة الوحیدة التی تدعم المقاومة فی غزة وتزودها بالسلاح والصواریخ لیس من السهل على الإسرائیلی اتخاذ قرار بحرب جدیدة على لبنان خصوصاً بعد الهزائم التی منی بها نعتقد أن هناک تواطؤاً دولیاً وإقلیمیاً وعربیاً مع إسرائیل لضرب المقاومة فی فلسطین
الوفاق/خاص/مختار حداد-تشهد المنطقة منذ اشهر تطورات مهمة فی فلسطین والعراق ولبنان وسوریا، من أبرز هذه التطورات تنامی قوى الارهاب التکفیری التی احتلت مناطق فی العراق، وعدة تفجیرات فی لبنان وانجازات للجیش السوری فی مواجهة الارهاب وآخرها جاء العدوان الصهیونی على قطاع غزة الذی یهدف الى ضرب المقاومة فی فلسطین.
العدید من الخبراء والمراقبین یرون هذه الأحداث مترابطة حیث انه بعد الانتصارات الذی حققها الجیش السوری بدأ خط الارهاب المدعوم من بعض الدول یوسع مناطق حضوره وفی هذه الاثناء استغل الکیان الصهیونی هذه الاجواء لیحقق مآربه المستمرة منذ اعوام لضرب خط المقاومة، ولکن حتى هذه اللحظة جمیع الامور تصب فی صالح جبهة المقاومة.
لأهمیة الامر بحثنا آخر تطورات المنطقة مع مسؤول وحدة العلاقات الخارجیة فی حزب الله الشیخ علی دعموش وخرج اللقاء على النحو التالی:
س ـ کیف تقیمون تطورات الأوضاع فی المنطقة خاصة بعد التصعید الحالی فی العراق وفلسطین؟
(ج) أعتقد بأن المنطقة برمتها تعیش ظروفاً معقدة بسبب الموجة التکفیریة الإرهابیة التی تجتاح دول المنطقة وبسبب غطرسة العدو الصهیونی الذی یضرب فی غزة ویعرض المنطقة کلها للانفجار.
فالموجة التکفیریة الإرهابیة التی تضرب فی سوریا والآن فی العراق تشکل خطراً حقیقیاً لیس على العراق وسوریا ولبنان فقط وإنما على کل دول المنطقة، وحتى الدول التی لا زالت حتى الآن بمنأى عن ضربات داعش وغیرها والتی ساهم بعضها فی صناعة وتشکیل هذه المجموعات المسلحة ودعمها بالسیاسة والإعلام والمال والسلاح وغیره لن تکون فی المستقبل بمنأى عن أعمالها الإرهابیة وبالتالی الدول التی صنعت وأوجدت هذه الأفعى فی المنطقة لن تنجو من لسعاتها، وحینها ستدرک هذه الدول حجم الشر الذی صنعته وصدرته إلى سوریا والعراق وغیرهما.
س ـ برأیکم ما هو الهدف الحقیقی من وراء هذا التصعید ومن یقف وراء هذه التطورات؟
(ج) التطورات الأخیرة فی المنطقة ولا سیما فی العراق توحی بان المنطقة ربما تکون أقرب من أی وقت مضى من مشروع التقسیم والتفتیت المُعد لها، حیث إن معظم الدراسات الصادرة عن مراکز البحوث وکذلک التطورات المیدانیة والواقع الفعلی یؤکد وجود مشروع تقسیمی یراد من خلاله تفتیت المنطقة على أساس عرقی وإثنی وطائفی ومذهبی وتقسیم بعض الدول إلى دویلات متقاتلة ومتناحرة من أجل أن تبقى إسرائیل هی الأقوى، ولا شک أن داعش وأخواتها أداة إسرائیلیة أمریکیة فی هذا المشروع.
ولذلک فإن مسؤولیة دول العالمین العربی والإسلامی الوقوف بحزم فی مواجهة هذا المشروع وفضح داعمیه وأدواته لتجنیب المنطقة آثاره وتداعیاته المدمرة على کل صعید.
کما أن هناک سعیاً دولیاً وإقلیمیاً لإحداث تغییر فی المعادلة السیاسیة القائمة فی العراق، وأمریکا تستفید مما جرى فی العراق لفرض معادلات جدیدة ولذلک نجد تباطؤ الولایات المتحدة فی اتخاذ قرار جاد لمحاربة الإرهاب فی العراق.
س ـ هل لبنان ضمن مخطط داعش فی المرحلة الحالیة؟
(ج) لبنان لم یکن بمنأى عن الأعمال الإرهابیة التی تقوم بها المجموعات التکفیریة المسلحة، فقد شهد لبنان خلال الأشهر الماضیة سلسلة تفجیرات إرهابیة استهدفت المدنیین الأبریاء وممتلکاتهم، وکان الهدف منها الضغط على حزب الله من أجل تغییر موقفه من سوریا، وفرض معادلات داخلیة جدیدة، لکنها فشلت فی ذلک، فلا هی استطاعت أن تغیر من موقف حزب الله ولا تمکنت من تغییر المعادلات القائمة على المستوى الداخلی.
وأعتقد بأن المجموعات التکفیریة الإرهابیة من داعش وغیرها لم تُخرج لبنان من دائرة استهدافاتها ومخططاتها ففی الأسابیع القلیلة الماضیة حاولوا استعادة نشاطهم الارهابی فی بعض المناطق اللبنانیة، کما حاولوا الهجوم على المناطق والبلدات الحدودیة مع سوریا فتصدت لهم المقاومة وکبدتهم خسائر فادحة.
ویجب أن یعلموا أن لبنان لیس سوریا أو العراق، لبنان بلد مختلف لن یستطیعوا أن یحصدوا فیه سوى الیأس والإحباط والخیبة والهزیمة إن شاء الله تعالى.
س ـ لماذا جاء التصعید الصهیونی تزامناً مع التطورات فی العراق؟
(ج) أعتقد أن التطورات فی العراق، إضافة إلى انشغال العرب بأوضاعهم الداخلیة المأزومة، وتراجع الاهتمام لدیهم بالقضیة الفلسطینیة وتبدل الأولویات لدى البعض منهم من أولویة دعم القضیة الفلسطینیة إلى أولویة دعم المجموعات التکفیریة الإرهابیة کداعش أعطى فرصة للکیان الصهیونی لشن عدوان جدید على غزة والتصعید من عملیاته الإرهابیة بحق الشعب الفلسطینی لأن العدو الصهیونی یدرک بأن الأنظمة العربیة بالظروف الحالیة لن تحرک ساکناً فی مواجهة جرائمها وهذا ما یؤکده الواقع العربی الیوم فبالرغم من مرور أکثر من اسبوعین حتى الآن على العدوان على غزة، لم یکلف العرب انفسهم عناء الدعوة حتى إلى اجتماع یصدر عنه بیان احتجاج واستنکار لما یجری فی غزة بالرغم من وحشیة العدوان وحجم الخسائر فی الأرواح والممتلکات والبنى التحتیة.
وهذا ما جعل الإسرائیلی یتمادى فی عدوانه ویمعن فی المزید من الإجرام والقتل، فأی فرصة أفضل من هذا الواقع للتصعید الإسرائیلی؟!..
بل أکثر من ذلک نحن نعتقد أن هناک تواطؤاً دولیاً وإقلیمیاً وعربیاً مع إسرائیل لضرب المقاومة فی فلسطین، والتمادی فی العدوان الذی نشهده فی غزة والانتقال من العدوان الجوی والبحری إلى العدوان البری هو لتحقیق هذه الغایة، لأن هناک مصلحة مشترکة فیما یبدو بین الإسرائیلی والأمریکی وبعض الدول العربیة لإنهاء دور المقاومة وإضعافها وتحجیمها.. ولذلک لیس هناک من خیار أمام المقاومة سوى أن تدافع عن نفسها.
س ـ ما هو توقعکم لمستقبل التطورات فی سوریا وهل سیکون للانتصارات الحالیة للجیش السوری تأثیر على التطورات الأمنیة فی العراق ولبنان؟
(ج) الحرب على الإرهاب فی سوریا لا زالت طویلة، لکن لا شک أن الإنجازات التی یحققها الجیش السوری فی استعادة السیطرة على بعض المواقع المهمة فی حلب وغیرها وتمکنه من ضرب البؤر الإرهابیة وإلحاق خسائر فادحة فی صفوف الإرهابیین فی أکثر من مکان لا سیما فی منطقة القلمون والجرود المحاذیة للحدود مع لبنان سینعکس إیجاباً على لبنان لأن الوضع الأمنی اللبنانی مرتبط بالوضع السوری ویتأثر به بشکل مباشر وبات العراق الیوم کذلک.. وقد رأینا کیف أن الإرهابیین إنکفأوا عن لبنان خلال الفترة الماضیة وأصبحت عملیاتهم الإرهابیة تجری بوتیرة أقل من السابق بسبب الانتصارات التی حققها الجیش السوری وحزب الله على المسلحین فی منطقة القلمون المحاذیة للبنان التی کانت تشکل بعض مدنها وبلداتها کفلیطا ورنکوس ویبرود بؤراً إرهابیة تنطلق منها السیارات المفخخة والانتحاریون إلى لبنان.
س ـ نظراً لهزائم إسرائیل خلال السنوات الأخیرة، هل یجرأ هذا الکیان شن حرب جدیدة وهل یخطط لهذا؟
(ج) لیس من السهل على الإسرائیلی اتخاذ قرار بحرب جدیدة على لبنان خصوصاً بعد الهزائم التی منی بها خلال العقود الماضیة لا سیما هزیمته فی تموز من العام 2006 حیث إن الإسرائیلی إلى الآن یتجرع غصص تلک الحرب ومرارتها. وأعتقد أن الأمور الیوم وخاصة بعد الفشل الإسرائیلی الاستخباری والأمنی والعسکری والمعنوی فی الحرب على غزة باتت الأمور أشد تعقیداً وبات الإسرائیلی یخشى أکثر من أیة حرب قادمة مع حزب الله، وإذا کان الإسرائیلی فی الماضی یحسب خمسمائة مرة فعلیه الآن أن یحسب ألف مرة قبل أن یجرؤ على قرار من هذا النوع، لأن الإسرائیلی فی الوقت الذی یتلقى فیه الضربات من المقاومة فی غزة فإن عینه على المقاومة وحزب الله فی لبنان لأن الإسرائیلی لدیه خشیة حقیقیة مما یخبئه حزب الله من مفاجآت فی أیة حرب قادمة..
ولذلک بعض الإسرائیلیین یقولون وهم یتابعون حرب غزة: إذا کانت صواریخ غزة قد فعلت بنا ما فعلت فکیف ستفعل بنا صواریخ حزب الله؟! والبعض یقول: لا تنظروا إلى ما یجری فی غزة أنظروا إلى ما یفکر به السید حسن نصر الله؟!
إذن لدى الإسرائیلی الیوم وبعد مفاجآت غزة مخاوف حقیقیة من المقاومة فی لبنان ونحن نقول إن من حقهم أن یقلقوا ویخافوا من حزب الله فی لبنان، وخشیتهم ورعبهم من حزب الله والمقاومة صحیح وفی محله، لأن حزب الله قد أعدّ للإسرائیلی مفاجآت ستغیر وجه المنطقة إن شاء الله على حد تعبیر سماحة الأمین العام السید حسن نصر الله حفظه الله.
س ـ ما سیکون مستقبل الأزمة السیاسة والرئاسیة الحالیة فی لبنان وما هو موقف حزب الله؟
(ج) لا یبدو أن موضوع الرئاسة سینجز قریباً فالأطراف لا زالت على آرائها المتباینة أما من جهتنا فنحن مع رئیس وفاقی یتوافق علیه اللبنانیون تکون لدیه حیثیة شعبیة ویکون قادراً على حمایة لبنان وتحصینه فی مواجهة التحدیات التی یفرضها الإسرائیلی والتکفیری، کما أننا نتطلع إلى رئیس لا یطعن المقاومة فی ظهرها وإنما یحافظ علیها ویتمسک بخیارها باعتبارها أحد أهم عناصر قوة لبنان.
س ـ قبل ثلاثة وأربعین عاماً دعا الإمام الخمینی الراحل فی نداء لمسلمی العالم إلى إقامة یوم القدس العالمی فی آخر جمعة من شهر رمضان برأیکم ما هو أهمیة إقامة مثل هذا الاحتفال السنوی الکبیر وتأثیره على القضیة الفلسطینیة وکیف تقیمون تأثیر ودور الإمام الخمینی الراحل وثورته الإسلامیة على إحیاء القضیة الأولى فی العالم الإسلامی؟
(ج) أعتقد أن الإمام الخمینی (قده) حمل همّ فلسطین والقدس أکثر مما حمله کثیر ممن لهم صلة بالقضیة بشکل مباشر من العرب والمسلمین، ولم یکن ذلک ناشئاً من حسابات سیاسیة أو من منطلقات لها علاقة بموقع وبدور إیران فی المنطقة.. وإنما کانت منطلقاته عقیدیة ایدلوجیة إسلامیة بحتة على اعتبار أن القدس هی القبلة الأولى للمسلمین، ومن واجب جمیع المسلمین أن یتحملوا مسؤولیة استعادتها من دنس الصهاینة وتحریر کامل التراب الفلسطینی.
والیوم نحن أحوج من أی وقت مضى إلى یوم القدس من أجل إعادة تذکیر المسلمین بواجباتهم تجاه هذه القضیة التی أصبحت بفعل ممارسات بعض العرب والمسلمین فی مطاوی النسیان، فمن الذی یهتم الیوم بفلسطین وما یجری فی فلسطین؟!
نحن نشاهد ما یواجهه الشعب الفلسطینی فی غزة حیث العدوان الصهیونی یستهدف المدنیین والأبریاء من الأطفال والنساء وکبار السن، ویدمر المنازل والمؤسسات والبنى التحتیة، وکل هذا القتل والدمار یحصل على مرآى ومسمع الأنظمة العربیة من دون أن تحرک ساکناً فی مواجهة هذا الإجرام.
لقد نسی العرب قضیة فلسطین والقدس وباتت الأولویة لدى البعض منهم دعم المجموعات الإرهابیة الظلامیة التکفیریة کداعش وغیرها التی تقتل المسلمین وتدمر بلدانهم وتعمل على إیقاع الفتنة بینهم..
لم یعد لدینا ولدى شعوب هذه المنطقة أمل سوى بالمقاومة التی تدعمها إیران.
العدو نفسه یعترف الیوم أن إیران هی الدولة الوحیدة التی تدعم المقاومة فی غزة وتزودها بالسلاح والصواریخ، وهذه الصواریخ فرضت على خمسة ملایین إسرائیلی الاختباء فی الملاجئ والشعور بالخوف والرعب فی کافة المدن والمستوطنات الصهیونیة.
یوم القدس هو یوم تذکیری للمسلمین بالقضیة المرکزیة التی هی فلسطین والقدس، وهو یوم یجب أن یدفع المسلمین من جدید باتجاه اعتماد المقاومة کخیار لتحریر القدس وفلسطین، ولرد العدوان، لأنه الخیار الوحید لاسترجاع الحقوق ولاسترداد العزة ولتحقیق النصر وکل الخیارات الأخرى التی تعتمد مسارات سیاسیة ودبلوماسیة لن تصنع لهم نصراً ولن تستعید لهم حقوقاً ولن تجلب لهم سلاماً وأمناً.