كلمة في حفل تكريمي في جمعية قولنا والعمل-بر الياس 17-9-2022
- المجموعة: نشاطات ولقاءات
- 17 أيلول/سبتمبر 2022
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2368
أكّد نائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" الشيخ علي دعموش، أن "المقاومة التي واجهت العدو وحمت لبنان وأفشلت حروبه واعتداءاته العسكرية، تقف في الخط الأمامي لمواجهة وإفشال حرب من نوع آخر، هي الحرب الاقتصادية والمعيشية،
من خلال فرض معادلة كاريش، هذه المعادلة التي تمكن لبنان من انتزاع ثرواته وحقوقه واستخراج النفط والغاز الذي يمثل اليوم الفرصة التاريخية الوحيدة لانقاذ لبنان واخراجه من نفق الازمات الاقتصادية والحياتية التي يعاني منها".
وأشار خلال احتفال تكريمي حاشد في بلدة بر الياس البقاعية بحضور حشد من الشخصيات إلى أن "الأفق اليوم مسدود أمام لبنان، فالأميركي لا يزال يحاصر لبنان ويفرض العقوبات ويعطل الحلول، فلا مساعدات ولا منح وصندوق النقد الدولي غير مستعد لاقراض لبنان الا بشروط، وهناك معاناة على كل الصعد لا كهرباء ولا إنماء ولا بنى تحتية، وهناك ارتفاع مستمر للدولار وغلاء فاحش في المحروقات والسلع الغذائية، والوضع المعيشي والحياتي يتفاقم ويزداد سوءا يوما بعد يوم، وبالتالي اليوم مصير البلد بات مهددا، لاننا نسير نحو الانهيار الشامل".
وشدد دعموش على أنه "ليس أمام لبنان لوقف الانهيار ونقل اللبنانيين من اللاأفق الى الافق الواسع، ومن الحصار والجوع والذل الى حال الرخاء والاستقرار الاقتصادي والمعيشي، سوى هذه الثروة الغازية والنفطية التي يملكها لبنان في البحر".
وأكد أن "المقاومة تقوم بدورها ومسؤوليتها في مواجهة هذه المعركة المصيرية، وتقدم المواقف والحلول الوطنية التي لا تحمي حقوق لبنان وثرواته النفطية فقط، بل تؤسس لاخراج لبنان من ازماته الاقتصادية والمعيشية من خلال فرض المعادلات التي تجبر العدو على الاستجابة لمطالب لبنان المحقة والسماح له باستخراج النفط وتصديره، وليست هناك من خيارات اخرى".
وأوضح أن "المعادلة التي فرضتها المقاومة في ملف الترسيم تأتي في اطار قيام المقاومة بمسؤولياتها لانقاذ لبنان، فهي ليست لعرض العضلات ولا للتبجح بالقوة ولا للاستهلاك السياسي، بل هي معادلة جدية وحاسمة لتقوية الموقف اللبناني في مفاوضات الترسيم، ولكسر الحصار الأميركي على لبنان، ولاجبار الاميركي على السماح للبنان باستخراج واستثمار ثرواته النفطية، لان الولايات المتحدة هي التي كانت ولا تزال تمنع لبنان من استخراج النفط حتى من الحقول غير المتنازع عليها".
وأشار إلى أن "المقاومة لن تتراجع عن معادلتها وماضية في المسارات التي حددتها لانتزاع الحقوق ولن ينفع أسلوب التهديد والوعيد الذي ينتهجه العدو، ما ينفع هو اذعان الاميركي والاسرائيلي للمطالب اللبنانية وعدم تضييع الوقت بفرض شروط جديدة".
نص الكلمة
بداية نتوجه بالشكر للاخوة في جمعية قولنا والعمل لما تقوم به على الصعد المختلفة ولما تقدمه من جهد لتعليم القران ولتحفيظ القران ولنشر القرآن وقيمه وتعاليمه ومفاهيمه.
ونتوجه بالتبريك لكل الأخوة والأخوات الذين شاركوا في هذه الدورات القرانية المباركة وفي هذه الأنشطة.
وإقبالهم ومشاركتهم هي موضع اعجاب وتقدير ومدعاة للإفتخار والإعتزاز لهم ولعائلاتهم وأهلهم خصوصا في هذا البلد الذي فيه كل ما يصرف الشباب والشابات عن القرآن وويوجههم نحو أمور اخرى.
نحن نتعلم القران ونتعرف على حقائقه ومعارفه وأخلاقه وتشريعاته ونشارك في الدورات والمسابقات ليس للترف الفكري والثقافي أو لأجل ملأ الفراغ أو المباهاة أو للحصول على مكاسب معينة؟ إطلاقاً .. ليس الهدف من هذه الدورات الترف الفكري أو ملأ الفراغ أو المباهاة أو الحصول على منافع أو التسلية او تضييع الوقت أو ما شاكل ذلك.
والآيات والاحاديث النبوية التي مجدت طلب العلم وتعلم القرآن وأعطت عليه الدرجات الرفيعة والثواب والفضل لم تعط كل ذلك الثواب والمكانة والدرجة لمن كان هدفه ملأ الفراغ أو التسلية أو تضييع الوقت أو الخ.. وإنما أعطته لمن لديه أهداف أسمى وانبل من ذلك.
مثلاً عندما يقول الله تعالى [يرفعِ اللهِ الذين آمنوا منكم والذين اتوا العلم درجات..].
او عندما يقول رسول الله (ص): "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
فان هذا الفضل وهذه الدرجات وهذا الثواب ليس لمن فعل ذلك تسلية أو تضييعاً للوقت وإنما هذه القيمة هي لمن كانت لديه أهداف أسمى وأنبل وأرفع من التسلية أو تضييع الوقت وما شاكل. هذه الدرجات والمكانة الرفيعة هي لمن يتعلم القران من أجل ان يعمل به ولمن يعلم الناس ما تعلمه، وهذه هي مسؤوليتنا عندما نتخرج من هذه الدورات، تجاه القرآن أن نعمل به وأن نعلم ما تعلمناه للآخرين.
القرآن هو كتاب الله ومعجزة نبينا(ص)، وهوكتاب للقانون والتشريع الالهي، وهو معجزة في الفصاحة والبلاغة والبيان، ولكن قبل أن يكون كذلك هو كتاب للهداية وللتهذيب وللتزكية وللتربية، ولصنع الانسان، لبناء الانسان، لبناء المجتمع والأمة.
محور القرآن وجوهر القرآن وهدفه الأعلى والأسمى هو صنع الانسان وبناء شخصية الانسان، وصياغة أفكاره ومعتقداته وتكوين مبادئه ومواقفه وعلاقاته، وترسيخ القيم والأخلاق والسلوك الحسن في حياته.
لذلك أول شيء يجب أن يتوجه إليه الحافظ للقران والمتعلم للقرآن والدارس للقرآن والمتدبر والقارئ هو كيف يصوغ شخصيته لتكون شخصية قرآنية منسجمة في أفكارها وأخلاقها وسلوكها ومواقفها وعلاقاتها مع القرآن وقيمه ومفاهيمه وتعاليمه وأحكامه وتشريعاته.
ولذلك أول وظيفة لحافظ القران وللدارس للقران أن يستفيد مما حفظه ومما تعلمه ويطبق ما تعلمه.
ربما الانسان قبل ان يحفظ وقبل أن يتعلم وقبل أن يعرف ويطلع تكون مسؤوليته محدودة، أما بعد أن يحفظ ويتعلم ويشارك في المسابقات والدورات ويفهم ويعي حقائق القرآن تصبح المسؤولية أعظم وأكبر.
لذلك مسؤولية الحافظ والمتعلم الأولى: هي تطبيق ما تعلمه والإلتزام بما تعلمه.
القراءة والتجويد والترتيل والحفظ وصولاً إلى التفسير والتدبر والتفهم لمعاني القرآن كلها مقدمة للعمل ومقدمة للسلوك وللالتزام، مقدمة لكي يصوغ الانسان نفسه وعقله وروحه وقلبه صياغة قرآنية، مقدمة لتتجسد فيه آيات وكلمات وتعاليم القرآن.تتجسد في فكره وفي اخلاقه وفي سلوكه وفي خطواته في مختلف مجالات الحياة
يقول تعالى: "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ".
سئل رسول الله عن معنى حق التلاوة؟ فقال: يتبعونه حقّ اتباعه.
هذه النقطة الأولى والمسؤولية الاولى.
المسؤولية الثانية: ان العلم والمعرفة بحقائق القرآن كما هما مقدمة للعمل، هما مقدمة للنشر والترويج والتبليغ والتعليم والدعوة وإثارة الوعي.
وظيفة المتعلمين أن يعلموا القران للناس وينشروا مفاهيمه، ابتداءا من دائرة الأسرة أي الزوج والزوجة والأولاد الى الدوائر الأخرى التي يؤثر فيها الانسان سواء كانوا أصدقاء أو جيران او زملاء او ابناء حي او ابناءالمنطقة أو المجتمع او الأمة.
مسؤولية هداية الناس وتعليم قيم القران ليست مهمة العلماء والنخب فقط، بل مسؤولية كل متعلم ولو كان ما يملكه من العلم محدودا ونسبته نسبة قليلة 10% أو 20% هذه وظيفة الجميع.
يقول تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ).
الانسان المتعلم الذي يكتسب شيئا من حقائق القرآن وعلومه ومعارفه عليه أن يبلغها للآخرين وهذه مسؤوليته.
يقول تعالى:( فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ).
هذا القرآن الذي نحن في حفل من محافله هو صاحب الفضل في صنع هذا الجيل من الشباب المجاهد المؤمن الشجاع المضحي، وفي صنع المقاومة.
المقاومة التي هزمت الاحتلال الاسرائيلي في العام الفين وافشلت ابشع عدوان يتعرض له لبنان فيالعام2006 وثبتت معادلة الردع مع العدو وجعلت لبنان قويا امام اسرائيل وصنعت انتصارات لكل الامة، ما كانت لتحقق ذلك لولا اعتمادها على الله واستنادها الى ثقافة القران، ولولا ايمان وصدق واخلاص مجاهديها الذين تربوا على قيم القران ومفاهيمه واخلاقه وما حمله للانسان من مسؤوليات وتكاليف.
اليوم هذه المقاومة التي صنعت كل تلك الانجازات وواجهت العدو وحمت لبنان وافشلت حروبه واعتداءاته العسكرية تقف في الخط الامامي لمواجهة وافشال حرب من نوع اخر هي الحرب الاقتصادية والمعيشية من خلال فرض ما بات يعرف بمعادلة كاريش، هذه المعادلة التي تمكن لبنان من انتزاع ثرواته وحقوقه واستخراج النفط والغاز الذي يمثل اليوم الفرصة التاريخية الوحيدة لانقاذ لبنان واخراجه من نفق الازمات الاقتصادية والحياتية التي يعاني منها.
اليوم الافق مسدود امام لبنان، فالامريكي لا يزال يحاصر لبنان ويفرض العقوبات ويعطل الحلول، فلا مساعدات ولا منح ولا صندوق نقد دولي مستعد لاقراض لبنان الا بشروط، وهناك معاناة على كل الصعد لا كهرباء ولا إنماء ولا بنى تحتية، وهناك ارتفاع مستمر للدولار وغلاء فاحش في المحروقات والسلع الغذائية، والوضع المعيشي والحياتي يتفاقم ويزداد سوءا يوما بعد يوم، وبالتالي اليوم مصير البلد بات مهددا لاننا نسير نحو الانهيار الشامل، وليس امام لبنان لوقف الانهيار ونقل اللبنانيين من اللاأفق الى الافق الواسع، ومن الحصار والجوع والذل الى حالة الرخاء والاستقرار الاقتصادي والمعيشي، سوى هذه الثروة الغازية والنفطية التي يملكها لبنان في البحر.
هنا المقاومة تقوم بدورها ومسؤوليتها في مواجهة هذه المعركة المصيرية، وتقدم المواقف والحلول الوطنية التي لا تحمي حقوق لبنان وثرواته النفطية فقط، بل تؤسس لاخراج لبنان من ازماته الاقتصادية والمعيشية من خلال فرض المعادلات التي تجبر العدو على الاستجابة لمطالب لبنان المحقة والسماح له باستخراج النفط وتصديره، وليست هناك من خيارات اخرى .
الذين يعترضون ويغمزون من قناة المقاومة ومعادلاتها ومواقفها ماذا قدموا؟ هل لديهم حلول اخرى؟ ان كانت لديهم حلول اخرى فليتقدموا بها ؟ هم لم يقدموا شيئا حتى الان لمعالجة الازمات سوى اعتراضات ونقاشات وجدالات عقيمة لا تجدي ولا تغني ولا توصل الى اي نتيجة.
الذين يعترضون على المقاومة ويواجهون منطقها لا يريدون أن يبنوا بلداً قويا، وليس لهم في كل تاريخهم اي مساهمة في بناء دولة قوية وعادلة وذات سيادة، تاريخهم الخراب والدمار والتآمر وإثارة الفتن والحروب الاهلية ووضع ايديهم بيد الأعداء، ولذلك لا يمكن الرهان على هؤلاء لانقاذ البلد ومعالجة ازماته، والرهان عليهم هو رهان على مجموعة فاشلة وعاجزة ومرتهنة للخارج لم تفعل شيئا حين واجهنا العدو وكان لبنان تحت الاحتلال، ولن تفعل اي شيء الآن ولا في المستقبل لبناء وطننا ومعالجة أزماته .
بينما في المقابل المقاومة تحملت مسؤولياتها في كل المراحل في مواجهة الاحتلال والعدوان والفتن، وهي تتحمل مسؤولياتها اليوم في مواجهة الحرب الاقتصادية والمعيشية على لبنان بالعمل الجاد، من أجل المساعدة على معالجة كل مشاكل البلد، وتفتح كل الأبواب من أجل الوصول إلى معالجات حقيقية لكل الازمات التي يعاني منها اللبنانيون في هذه المرحلة الصعبة والحرجة، وهذه هي سياستنا وأولوياتنا ، وكما تحمّلنا المسؤوليات الكبيرة في ظروف أصعب، نحن نتحمّل هذه المسؤولية اليوم.
ولذلك المعادلة التي فرضتها المقاومة في ملف الترسيم تأتي في اطار قيام المقاومة بمسؤولياتها لانقاذ لبنان، فهي ليست لعرض العضلات ولا للتبجح بالقوة ولا للاستهلاك السياسي، بل هي معادلة جدية وحاسمة لتقوية الموقف اللبناني في مفاوضات الترسيم، ولكسر الحصار الامريكي على لبنان، ولاجبار الامريكي على السماح للبنان باستخراج واستثمار ثرواته النفطية، لان الولايات المتحدة هي التي كانت ولا تزال تمنع لبنان من استخراج النفط حتى من الحقول غير المتنازع عليها.
اليوم المقاومة لن تتراجع عن معادلتها وماضية في المسارات التي حددتها لانتزاع الحقوق ولن ينفع اسلوب التهديد والوعيد الذي ينتهجه العدو ، ما ينفع هو اذعان الامريكي والاسرائيلي للمطالب اللبنانية وعدم تضييع الوقت بفرض شروط جديدة .