ملامح من السلوك القيادي للنبي(ص)
- المجموعة: 2017
- 01 كانون1/ديسمبر 2017
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1802
كان رسول الله محمد (ص) عادلاً حكيماً مُدبّراً، وقد رَوىَ الشيخ الكليني في كتاب الكافي الشريف عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: كان رسول الله (ص) يقسّمُ صدقةَ أهلِ البوادي في أهل البوادي، وصدقةَ أهل الحضر في أهل الحضر. واستطاع بحكمته وتدبيره الحدَّ من العَدَاوات والأحقاد والبغضاء والحروب التي كانت سائدةً بين القبائل والجماعات السياسية العربية.
خلاصة الخطبة
لفت نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الى أن كل الأحداث التي جرت في منطقتنا منذ ست سنوات والى الآن كشفت عن جهل وطغيان وعنجهية واستكبار بعض الأنظمة العربية، عن جهلها بطبيعة الأنظمة السياسية في بعض الدول، وجهلها بارادة الشعوب ووعيها، وجهلها بحركات التحرر وحركات المقاومة وإرادتها في المنطقة.
وقال: بعض الأنظمة الغبية كانت تعتقد انها يمكنها شراء الجميع بالمال وإغراء الجميع بالمال وشراء السكوت على الجرائم التي يرتكبونها في أكثر من بلد بالمال وبالصفقات، وغاب عنها أنه يمكنها شراء ضعاف النفوس بالمال والمرتزقة وأصحاب الضمائر الميتة فقط، أما الرجال الرجال وأصحاب الضمائر الحية فلا يمكن شراؤها بكل مال الدنيا، فهم حاولوا شراء الجنود والضباط السوريين للإنشقاق عن الجيش السوري وفشلوا.. وحاولوا إغراء قيادات ومسؤولين بالمال وفشلوا.
وأشار الى أن هذه الأنظمة نجحت في شراء ضمائر المرتزقة في سوريا، حيث اعترف وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم كيف انهم كانوا والى جانب الأمركيين والأتراك والسعوديين يوزعون الأموال على الجماعات التكفيرية الإرهابية في سوريا كما نجحوا أيضا في شراء ضمائر دول ومؤسسات دولية من دعاة حقوق الانسان بسكوتهم عن المجازر التي يرتكبها النظام السعودي في اليمن والنظام البحريني في البحرين والقتل والتجويع والتدمير والقمع الذي يمارس في هذين البلدين من قبل آل سعود وآل خليفة.
ورأى الشيخ دعموش : أن ما جرى عندنا في لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية هو دليل قاطع على جهل وغباء بعض الأنظمة الخليجية، وان من يقود النظام السعودي لا يفهم التركيبة السياسية اللبنانية الدقيقة، والاسلوب المهين الذي اتبعه ولي العهد السعودي مع لبنان أسس لشرخ في العلاقات السياسية بين السعودية ولبنان وترك جرحا في نفوس اللبنانيين ليس من السهل تضميده ومعالجته .
وأكد: حرص حزب الله على بقاء الحكومة كما هي، واهتمامه ببقاء سعد الحريري رئيسها، وان تعود الى مزاولة عملها الطبيعي من دون تعديل وتحت سقف البيان الوزاري ، معتبرا: ان في ذلك مصلحة وطنية للبنان وحماية للاستقرار السياسي والأمني في البلد، وأي وصاية او املاءات أو شروط من الخارج على لبنان مرفوضة ولا يمكن ان نقبل بها تحت أي ظرف ومن اي كان .
نص الخطبة
نبارك لجميع المسلمين أجواء ولادة نبي الرحمة رسول الله محمد بن عبد الله(ص) الذي تصادف ولادته في السابع عشر من ربيع الأول بحسب روايات الشيعة أو في الثاني عشر منه بحسب روايات السنة ، ولأن الفاصل بين التاريخين هو حوالى اسبوع فقد أعلنه الإمام الخميني(قده) اسبوعا للوحدة الإسلامية لتعزيز وتأكيد الوحدة بين أبناء الأمة باعتبار ان المسلمين جميعا بمختلف مذاهبهم وتوجهاتهم يتمحورون حول شخصية رسول الله(ص) وتجمعهم نبوته ورسالته وقيمه وأخلاقه العظيمة، هذه الأخلاقالتي لا تقتصر عظمتها على الجانب الشخصي والاجتماعي من حياة رسول الله(ص)، لأنه كما كان عظيما في اخلاقه الفردية والاجتماعية، فقد كان أيضاً عظيماً في خلقه السياسي وتعاطيه السياسي كقائدٍ وكرجل دولة، وفي السيرة النبوية ملامح كثيرة تتعلق بسلوكهِ القيادي وأخلاقهِ السياسيةنستعرض بعضها باختصار في عدة نقاط:
النقطةُ الأولى: العدلُ والتدبير: فقد كان (ص) عادلاً حكيماً مُدبّراً، وقد رَوىَ الشيخ الكليني في كتاب الكافي الشريف عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: كان رسول الله (ص) يقسّمُ صدقةَ أهلِ البوادي في أهل البوادي، وصدقةَ أهل الحضر في أهل الحضر. واستطاع بحكمته وتدبيره الحدَّ من العَدَاوات والأحقاد والبغضاء والحروب التي كانت سائدةً بين القبائل والجماعات السياسية العربية.
النقطةُ الثانية: هي حمايةُ القوانين والحرصُ على تطبيق التشريع وإجراء الحدود الإلهية: فقد كان (ص) حريصاً على حفظ النظام العام ورعاية التشريعات الإلهية وحمايتها وعدم مخالفتها، ولم يجامل أحداً فيما يعني تطبيقَ الشريعة وإنزالَ العقوبة بالمذنب كائناً من كان، فليس هناك من هو فوق القانون.
ففي فتح مكة ارتكبت امرأةٌ من بني مخزوم جريمةَ السرقة، وثَبَتَتِ السرقةُ عليها من الناحية القضائية، لكنَّ قومَها الذين كانت الترسباتُ القبليةُ والجاهليةُ لا تزال تعشش في عقولهم رأَوا أن إنزال العقابِ بها يخدش مكانتهم وموقعَهم، الاجتماعي ويُلحقُ العارَ بشرفهم، فبذلوا جهدهم وتوسطوا لعلهم يستطيعون رفع العقاب عنها، فأرسلوا أسامةَ بنَ زيد الذي كان موضع احترام وتقدير عند النبي (ص) مثلَ أبيه، وسيطاً يتشفّعُ لها عند النبي (ص) فغضب النبي (ص) وقال له: فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فخْطَبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا))
ولم يكن النبي (ص) يرى نفسه أنه فوق التشريع أو القانون لأنه نبي أو حاكم أو زعيم أو مسؤول بل إنه التزم وطبقَ بدقةٍ ما ألزمَ به الجميع، فقد أعطى القَوَدَ من نفسه، وعرضَ القِصَاصَ منها. مسجلاً بذلك نقطةً ناصعةً بيضاءَ لم يشهدِ التاريخ مثيلاً لها. فقد رُويَ أن النبي (ص) كان يُعدِّلُ صفوف أصحابه يوم بدر وبيده قِدْحٌ (أي سهم) يُعدّلُ به القوم، فمرَّ سوادُ بنُ غُزيمة وهو متقدمٌ من الصف، فضربه النبي (ص) على بطنه بالسهم وقال له: إستوِ يا سواد.
فقال: يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني من نفسك( يعني اجعلني اقتص منك) فكشفَ رسولُ الله (ص) عن بطنه ليقتصَ الرجلُ منه وقال: إستقد. فاعتنقَه سوّادُ وقبَّلَ بطنه فقال (ص): ما حملك على هذا يا سواد فقال: حضرَ ما ترى (أي من الحرب) فأردتُ أن يكون آخرُ العهدِ بك أن يَمَسَّ جلدي جلدُك.. فدعا له رسول الله (ص) بخير.
النقطةُ الثالثة: الالتزامُ بالعهود والمواثيق: فلم يحدث إطلاقاً أن أخلَّ النبيُ (ص) بعهوده التي أبرمها مع أعدائه، وقد أخلّتْ قريشٌ بعهدها معه وأخلَّ اليهودُ بعهودهم ومواثيقهم، ولكنه لم يُخِلَّ أبداً بعهده مع أحد.
علما ان عهوده التي ابرمها مع خصومه واعدائه والأطراف والقوى السياسية الموجودة انذاك كانت كثيرة وحروبه لم تكن أكثر لأن الأصل عند النبي هو السلام وابرام العهود انما هو لتنظيم العلاقة بينه وبين غير المسلمينوبينه وبين الأطراف والقوى الأخرى من أجل إحلال السلام واجتناب الحروب والقتل وسفك الدماء .
هذه ملامح من سلوك النبي القيادي والسياسي الذي يجب ان يكون نموذجا لكل القادة والحكام والسياسيين خصوصا في هذه المرحلة التي بات فيها الكثير من الحكام والسياسيين عنوانا للدكتاتورية والعنجهية والجهل والطغيان والفساد والبطش بالشعوب.
كل الأحداث التي جرت في منطقتنا منذ ست سنوات حتى الآن كشفت عن جهل وطغيان وعنجهية واستكبار بعض الأنظمة العربية، جهلها بطبيعة الأنظمة السياسية القائمة في بعض الدول، وجهلها بارادة الشعوب ووعي الشعوب وجهلها بحركات التحرر وحركات المقاومة في المنطقة وإرادة المقاومة في المنطقة.
بعض الأنظمة الغبية كانت تعتقد انها يمكنها شراء الجميع بالمال وإغراء الجميع بالمال وشراء السكوت على الجرائم التي يرتكبونها في أكثر من بلد بالمال وبالصفقات، نعم يمكن شراء ضعاف النفوس بالمال والمرتزقة وأصحاب الضمائر الميتة، أما الرجال الرجال وأصحاب الضمائر الحية فلا يمكن شراؤها بكل مال الدنيا. هم حاولوا شراء الجنود والضباط السوريين للإنشقاق عن الجيش السوري وفشلوا.. وحاولوا إغراء قيادات ومسؤولين بالمال وفشلوا.
نعم نجحوا في شراء ضمائر المرتزقة في سوريا، واعترف وزير خارجية قطر السابق كيف انهم كانوا والى جانب الأمركيين والأتراك والسعوديين يوزعون الأموال على الجماعات التكفيرية الإرهابية في سوريا التي دمرت سوريا وقتلت الشعب السوري.
ونجحوا أيضا في شراء ضمائر دول ومؤسسات دولية من دعاة حقوق الانسان بسكوتهم عن المجازر التي يرتكبها النظام السعودي في اليمن والنظام البحريني في البحرين والقتل والتجويع والتدمير والقمع الذي يمارس في هذين البلدين من قبل آل سعود وآل خليفة.
ما جرى عندنا في لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية هو دليل قاطع على الجهل والغباء وان من يقود النظام السعودي لا يفهم التركيبة السياسية اللبنانية الدقيقة، والاسلوب المهين الذي اتبعه ولي العهد السعودي مع لبنان أسس لشرخ في العلاقات السياسية بين السعودية ولبنان وترك جرحا في نفوس اللبنانيين ليس من السهل تضميده ومعالجته خصوصا في نفوس السنة الذي كانوا يعتبرون المملكة مرجعيتهم فإذا بها تسحقهم وتهينهم من خلال إهانة أحد رموزها
نحن حريصون على بقاء الحكومة ومهتمون بان يبقى رئيسها سعد الحريري وان تعود الى مزاولة عملها الطبيعي من دون تعديل وتحت سقف البيان الوزاري الذي اخذت الثقة على اساسه ونعتبر ان في ذلك مصلحة وطنية للبنان وحماية للاستقرار السياسي والأمني في البلد ، وأي وصاية او املاءات أو شروط من الخارج على لبنان مرفوضة ولا يمكن ان نقبل بها تحت أي ظرف ومن اي كان
والحمد لله رب العالمين