الغدير والتخطيط لمستقبل الإسلام
- المجموعة: 2015
- 02 تشرين1/أكتوير 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1119
لقد أعدّ النبي علياً (ع) إعداداً رسالياً خاصاً, فقد كان يخصه بكثير من حقائق الإسلام وعلومه ومعارفه، ويبدأه بالعطاء إذا استنفذ الإمام أسئلته، فقد كان علي (ع) يقول: (كنت إذا سألت رسول الله (ص) أُعطيت وإذا سكت ابتدأني).
اعتبر سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: ان آخر دليل قدمه آل سعود على فشلهم وسوء عملهم هو طريقة التعاطي مع جريمة منى التي أودت بآلاف الضحايا من حجاج بيت الله الحرام.
وقال: لقد تعاطي آل سعود بخفة وإهمال واستهتار بأرواح الحجاج أثناء الجريمة وبعد الجريمة.. فأثناء وقوع الحادثة تُرك الحجاج يموتون ببطىء وعلى مرآى من الرقابة السعودية, وبعد الحادثة تعمدت السلطات السعودية إخفاء الأرقام الحقيقية, وقامت بانتهاك حرمة أجساد الشهداء خلافاً لأبسط القواعد والضوابط الشرعية والأخلاقية والإنسانية, حيث شاهدنا وشاهد العالم كيف كانت الجثث مصبرة فوق بعضها بطريقة مخجلة.
ورأى: أن هذا المستوى من الاستهتار والتعاطي غير المسؤول من قبل السلطات السعودية, وعدم السماح للدول المعنية بالكشف على الجثامين والتعرف على هوياتها ومعرفة مصير المفقودين ومحاولة دفنهم من دون العودة الى دولهم هو الذي دفع بالإمام القائد السيد علي الخامنئي(دام ظله) إلى اتخاذ ذلك الموقف الحازم والحاسم تجاه السعودية, خصوصاً وأنهم لم يفهموا بلغة الأخوة الإسلامية التي كانت تتحدث بها إيران في البداية .
ولفت: الى انه لو لم يتحدث سماحة الإمام القائد (دام ظله) لكان العالم الإسلامي صمت على هذه الفاجعة , مشيراً: الى أن موقف سماحة الإمام القائد تجاه هذه القضية الإنسانية كشف عن أن إيران تمتلك قيادة حكيمة وشجاعة تحترم شعبها وتعرف قيمة الإنسان، تصبر في مواطن الصبر ولكنها تصنع موقفاً حازماً عندما لا يفهم الآخرون أصول التعامل بالأخلاق الإسلامية أو عندما يعتبرون الصبر ضعفاً.
واعتبر: أنه لا يجوز أن يصمت العالم الإسلامي والدول الإسلامية عن ما جرى في منى, ولا عن الاستهتار الذي تمارسه السعودية بالضحايا الذين سقطوا في هذه الجريمة.
كما لا يجوز السكوت والخنوع والرضى بالظلم والقتل الذي تمارسه السعودية في اليمن. وأكد: على وجوب مقاضاة السعودية وآل سعود على إهمالهم المتعمد لأرواح الحجاج في منى، وعلى جرائمهم في اليمن, ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم, لأن ذلك هو أدنى ما تقتضيه قواعد العدالة الإنسانية.
نص الخطبة
مبارك لكم عيد الله الأكبر عيد الغدير, والحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية علي (ع) والحمد لله على إكمال الدين وإتمام النعمة.
يوم الغدير هو اليوم الذي نصّب فيه رسول الله علي بن أبي طالب (ع) أميراً للمؤمنين وولياً وإماماً للمسلمين، ليكون إمام هذا الدين وقائد هذه الأمة من بعد رسول الله (ص). ويقول المؤرخون والمفسرون: أنه عند رجوع النبي (ص) من حجة الوداع نزل النبي (ص) في منطقة تسمى بغدير خم, وهي قريبة من الجحفة, وكانت الشمس حارة والوقت ظهراً، ونزل قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) في ولاية علي (ع) لأنه يوشك أن تفارق هذه الدنيا (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) أي كأنك لم تبلغ الرسالة, ولم تفعل شيئاً (والله يعصمك من الناس) أي يحميك من الناس المعارضين لهذا الأمر كما عصمك في بداية الدعوة من المشركين والمنافقين الذين عارضوك وحاولوا إسقاط الدعوة والرسالة.
فلما نزلت هذه الآية نادى النبي (ص) أن ينزل الناس في ذلك المكان, ونُصب لرسول الله (ص) منبر من أهداج الإبل فصعد عليه وخطب في الناس، وأخذ بيد علي (ع) ورفعها حتى بَاَنَ بياض إبطيهما وقال (ص): أيها الناس يوشك أن أدعى فأجيب، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا اللهم بلى، فقال (ص): اللهم اشهد, ثم قال: ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم والِ من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, وأدر الحق معه حيثما دار، ألا هل بلغت؟ قالوا: بلى, قال: اللهم اشهد. وعندها نزل قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتمتت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً).
ما جرى في غديرخم يأتي في سياق تخطيط النبي (ص) لمستقبل الرسالة والإسلام وقيادته وقيادة الأمة من بعده.
ما جرى في الغدير جاء في سياق التخطيط لتحصين الأمة من الاختلاف والانقسام والضياع والانحراف, ولحماية الإسلام من الإنهيار ومن الأخطار، لأن الإمامة هي أساس وحدة الأمة, وهي التي تمنع من الفرقة, وهي التي تحفظ الدين وتحميه من التشويه والتحريف، وتحافظ على إنجازات النبي (ص) ومكتسبات الإسلام.
النبي (ص) لا يمكن أن يترك الدين الذي ضحى من أجله ثلاثة وعشرين سنة وتحمل في سبيل الدعوة إليه وحمايته الكثير من الالآم والعذابات والمعاناة والاضطهاد والحصار والعداوات والحروب من دون أن يخطط لمستقبله, ومن دون أن يختار بأمر من الله شخصاً لديه كفاءة القيادة يكمل مسيرة النبي (ص) ودوره في تبليغ الرسالة ونشر قيمها ومبادئها، ويقود الأمة ويحقق مصالحها.
لا يمكن للنبي (ص) أن يكتفي بقيادة الإسلام والأمة في فترة حياته ثم يترك مستقبل الدين والأمة للظروف والصدف والقدر والمواقف الإرتجالية والأخطار المحدقة بالإسلام، فقد كانت هناك أخطار داخلية وأخطار خارجية تحيط بالإسلام, أخطار داخلية: ناتجة عن التناقضات التي كانت قائمة بين المهاجرين والأنصار, وبين قريش وبقية القبائل العربية, وبين مكة والمدينة, أو ناتجة عن وجود المنافقين وضعاف الدين، وأخطار خارجية ناتجة عن تربص القوى والدول القريبة والبعيدة بالإسلام في تلك المرحلة.
ولذلك فإن النبي (ص) وبمجرد أن اقترب أجله وفي البيت رجال منهم عمر قال: (ائتوني بالكتف والدواة اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً).
فالنبي (ص) كان يعرف تماماً الأخطار المحدقة بالدين والأمة, ولذلك أراد أن يكتب ذلك الكتاب ليضمن مستقبل الدعوة, وليحصن الأمة من الانحراف والضياع من بعده, وليحدد ويعين مرجعية الناس من بعده.
فإذن: لا يمكن أن نتصور أن النبي (ص) لم يبال لمستقبل الإسلام، بل إن النبي (ص) خطط لهذا المستقبل منذ بداية الدعوة, وعمل على إعداد تلك الشخصية التي ستتسلم قيادة الأمة والدين من بعده منذ بداية الطريق، وقد تواترت النصوص على أن النبي (ص) كان يُعدُّ علياً(ع) إعداداً رسالياً خاصاً ليكون هو المرجعية الفكرية والسياسية من بعده. أما لماذا علي ابن أبي طالب (ع) وهو الذي كان لا يزال شاباً وليس شخصاً آخر من كبار الصحابة وفيهم الشيبة وكبار السن؟ فلأنه أول الناس إسلاماً، وهو المجاهد الأول في سبيل الإسلام, وهو ربيب رسول الله(ص) وأقرب الناس إليه, وألصق الناس به، فتح عينيه في حجر النبي (ص) ونشأ في بيت النبي (ص) ورعاه النبي(ص) بتربية خاصة, ولازمه طيلة حياته حتى صار أكثر الناس علماً ومعرفة وفضلاً وكفاءة وأهلية لقيادة هذه الأمة من بعده (ص).
لقد أعدّ النبي علياً (ع) إعداداً رسالياً خاصاً, فقد كان يخصه بكثير من حقائق الإسلام وعلومه ومعارفه، ويبدأه بالعطاء إذا استنفذ الإمام أسئلته، فقد كان علي (ع) يقول: (كنت إذا سألت رسول الله (ص) أُعطيت وإذا سكت ابتدأني).
وسئل قثم بن العباس: كيف ورث علي رسول الله؟ قال: لأنه كان أولنا به لحوقاً وأشدنا به لزوقاً.
ويقول علي (ع) وهو يصف ارتباطه برسول الله وعناية النبي (ص) به وبتربيته: وقد علمتم موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل اثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة.
وقد انعكست هذه التربية وهذا الإعداد في حياة علي (ع) بعد وفاة النبي (ص) حيث كان هو المرجع لحل أي مشكلة يستعصي حلها على القيادة الحاكمة، ولم يسجل التاريخ في عهد الخلفاء الأربعة واقعة واحدة رجع فيها الإمام (ع) إلى غيره لكي يعرف راي الإسلام, بينما سجل التاريخ عشرات الوقائع التي شعر فيها الخلفاء بضرورة الرجوع إلى علي (ع) لمعرفة راي الإسلام وموقف الإسلام من بعض الأمور التي كانت تواجههم, حتى قال عمر: لولا علي لهلك عمر. وقال: لا كنت لمعضلة ليس لها أبو الحسن، وغير ذلك من الأقوال الدالة على مرجعية علي (ع) في المشكلات والمعضلات.
وإذا كان النبي (ص) قد أعدّ علياً (ع) إعداداً خاصاً لهذا الموقع المهم وهو الإمامة، فإن النبي (ص) أعلن عن هذا الإعداد وأعلن عن إسناد هذه المهمة العظيمة إلى الإمام علي (ع) في كثير من المواقف وفي عشرات النصوص، وجاءت واقعة الغدير تتويجاً رسمياً لإمامة علي (ع) أمام كل تلك الحشود من المسلمين.
ولذلك نحن في يوم الغدير نجدد التزامنا بما ألزمنا به النبي (ص)، نجدد التزامنا بولاية علي (ع) والأئمة من أهل بيته(ع)، وفي الوقت الذي نلتزم فيه نهج علي وأهل بيته (ع) نمُدُّ أيدينا إلى جميع المسلمين وإلى كل أتباع الديانات الأخرى, لأننا نؤمن بالوحدة الإسلامية ونؤمن بالعيش المشترك, ونرفض الانقسام والخلاف والتباغض والتحاقد والسب والشتم واللعن لأن أهل البيت (ع) رفضوا لنا ذلك ولم يربونا عليه.
الحقد والبغض والحسد والسب والشتم واللعن ليس من سلوكنا ولا من أخلاقنا, هو في التاريخ سلوك أموي وفي الحاضر هو سلوك وهابي سعودي.
يوماً بعد يوم يبرهن الوهابيون السعوديون عن جهلهم وتحجرهم وفشلهم وحسدهم وحجم الأحقاد التي تتفاعل في قلوبهم تجاه بقية المسلمين, وخصوصاً تجاه المسلمين الشيعة من أتباع أهل البيت (ع).
آخر دليل قدمه آل سعود على فشلهم وسوء عملهم هو طريقة التعاطي مع جريمة منى التي أودت بآلاف الضحايا من حجاج بيت الله الحرام, وهناك معطيات تقول إن عدد الضحايا وصل إلى سبعة آلاف.
لقد تعاطي آل سعود بخفة وإهمال واستهتار بأرواح الحجاج أثناء الجريمة عند وقوع الحادثة, وبعد الجريمة.. فأثناء وقوع الحادثة تُرك الحجاج يموتون ببطىء وعلى مرآى من الرقابة السعودية البرية والجوية ومراكز التحكم المرئي, وبعد الحادثة تعمدت السلطات السعودية إخفاء الأرقام الحقيقية, وقامت بانتهاك حرمة أجساد الشهداء خلافاً لأبسط القواعد والضوابط الشرعية والأخلاقية والإنسانية, وقد شاهدنا وشاهد العالم كيف كانت الجثث مصبرة فوق بعضها بطريقة مخجلة.
هذا المستوى من الاستهتار وهذا التعاطي غير المسؤول حتى بعد الجريمة, وعدم السماح للدول المعنية بالكشف على الجثامين والتعرف على هوياتها ومعرفة مصير المفقودين ومحاولة دفنهم من دون العودة الى دولهم هو الذي دفع بالإمام القائد إلى اتخاذ ذلك الموقف الحازم والحاسم تجاه السعودية, خصوصاً وأنهم لم يفهموا بلغة الأخوة الإسلامية التي كانت تتحدث بها إيران في البداية، ولو لم يتحدث سماحة الإمام القائد (دام ظله) لكان العالم الإسلامي صمت على هذه الفاجعة وعلى هذه الجريمة، موقف سماحة الإمام القائد تجاه هذه القضية الإنسانية كشف عن أن إيران تمتلك قيادة حكيمة وشجاعة تحترم شعبها وتعرف قيمة الإنسان، تصبر في مواطن الصبر ولكنها تصنع موقفاً حازماً عندما لا يفهم الآخرون أصول التعامل بالأخلاق الإسلامية أو عندما يعتبرون الصبر ضعفاً.
وفي كل الأحوال لا يجوز أن يصمت العالم الإسلامي والدول الإسلامية عن ما جرى في في منى, ولا عن الاستهتار الذي تمارسه السعودية بالضحايا الذين سقطوا في هذه الجريمة.
لا يجوز السكوت والخنوع والرضى بالظلم والقتل الذي تمارسه السعودية في اليمن، لقد دمرت السعودية هذا البلد وقتلت أهله ولا أحد يحرك ساكناً.. وقد وصل عدد الشهداء إلى سبعة آلاف شهيد.
يجب مقاضاة السعودية وآل سعود على إهمالهم المتعمد لأرواح الحجاج في منى، وعلى جرائمهم في اليمن ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم, وهذا ما تقتضيه أبسط قواعد العدالة الإنسانية.
والحمد لله رب العالمين