مقابلة مع موقع العهد عن الشهادة 19-9-2019
- المجموعة: نشاطات ولقاءات
- 19 أيلول/سبتمبر 2019
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1914
لم يُعرف في التاريخ عن العطاءات أعظم من عطاء النفس، عطاء الفناء في سبيل ما يجعل الإنسان كريماً عزيزًا. عطاء الدم الذي ينزف صراطًا جميلاً الى المحب. ولم يُعرف في التاريخ أيضًا أعظم من مشهدية كربلاء، عندما ذاب آل بيت النبوة الشريفة في سبيل الدين، وفي سبيل الله، وفي سبيل الإنسان.
لم يشهد التاريخ أنصع من تلك الصورة، عندما أرخص الحسين (ع) ماله وملكه وأهله وأبناءه دفاعًا عن شرائع الله، وإرث جده (ص). كانت هذه أيقونة العطاء، وأرقى ما يمكن أن يُقدم كنموذج للبشرية، أنْ: هكذا تُحفظ الكرامات، وهكذا تُقدم التضحيات، وهكذا ترخص الأرواح والأجساد في سبيل المحبوب.
فكيف امتد ذلك الحبل المضيء من كربلاء إلى يومنا هذا؟ صورة يستلهم منها حزب الله مدرسة يحتذي بها، ويقتدي بقدوتها، ويسير في دربها.
فاطمة ديب حمزة
نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله سماحة الشيخ علي دعموش
يغوص سماحة الشيخ دعموش أكثر في تفسير مسيرة الحسين (ع) في شهداء حزب الله، فيعتبر أن "كل واحد من هؤلاء الشهداء الذين خرجوا في هذه المقاومة من فاتح عهد الاستشهاديين الشهيد أحمد قصير الى آخر شهيد سقط على طريق المقاومة الى الشهيدين حسن زبيب وياسر ضاهر، كان مصداقا حقيقيًا للذين قتلوا في سبيل الله ومن أجل أهداف مقدسة وفي معركة الدفاع عن بلدنا ومن أجل حماية وطننا وأهلنا وأعراضهم وكراماتهم".
ثم يقارب المشهد واقعيًا، فيؤكد لموقع "العهد" أن ""المقاومة كسبت في معادلة الردع التي حاول العدو الاسرائيلي اسقاطها من خلال عدوانه الأخير، أمرين جديدين، الاول: حق لبنان في الرد على اي اعتداء اسرائيلي من اي نقطة في لبنان على اي منطقة في فلسطين المحتلة بعدما كان الرد ينحصر سابقا ضمن مزارع شبعا. والثاني: فتح معركة المسيّرات وتثبيت حقنا في اسقاطها".
شهداءنا بذلوا في سبيل الله كل ما يملكون بلا تردد ومن غير حساب، انطلاقًا من وعيهم وبصيرتهم ويقينهم بعدالة القضية
هكذا اذاً، تصبح الصورة أوضح، الدم هو زرع الله الذي نجني ثماره في الدينا والآخرة، "وهؤلاء هم الشهداء، لأنهم هم نماذج معتدلة ومستقيمة لا تميل يمينًا أو يسارًا ولا تأخذها الأهواء والشهوات إلى غير الاتجاه الذي يريده الله، وبذلك هم المقياس والمعيار والميزان، هم مقاييس للآخرين، ومعايير للحق وللهدى، بهم يُعرف الحق من الباطل والخير من الشر"، يقول الشيخ دعموش.
حزب الله الكربلائي .. هادي نموذج
هنا، لا نتحدث عن مجرد مقاومة، بل تجربة مديدة وحاضرة. حزب الله - المقاومة التي أخذت من كربلاء عبرة، فقاومت المخرز، بقليل من العتاد والعديد، وبكثير من الايمان والتضحية والإرادة. "هذا ما لمسناه في مسيرتنا، فان كل واحد وخاصة من القادة الشهداء من الشيخ راغب الى السيد عباس الى الحاج عماد أعطى دفعًا خاصًا للمسيرة وللمقاومة، وبعد شهادة كل واحد من هؤلاء القادة الكبار كنا نجد أن المقاومة تدخل في مرحلة جديدة تكون فيها أكثر تقدمًا وتطورًا وقوة وصلابة وارادة وعزمًا ويكون المجاهدون فيها أكثر تصميمًا على مواصلة طريق المقاومة"، يقول الشيخ دعموش لموقعنا، مشيرًا إلى أن "دماء الشهداء حركت الآلاف من الشباب لينخرطوا في صفوف المقاومة وأطلقت دماؤهم حوافز كبرى داخل المقاومة. وهذا هو عطاء الدم المستمر، لأن شهيدًا واحدًا يصنع روح الإيثار والتضحية عند العشرات بل المئات بل الآلاف من الناس، وخاصة اذا كان الشهيد من الكبار".
ولا ينتهي الحديث عن النماذج في هذه المقاومة، التي قدمت القادة قبل المجاهدين، ودفعت بالأبناء الى سوح القتال. يقول سماحة الشيخ دعموش إن "الصورة الكربلائية التي جسدها الشهيد محمد هادي نصر الله ابن قائد المقاومة سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله أنه ابن القائد الذي جاهد وقاتل بين يدي أبيه وتحت لوائه وخاض بكل شجاعة المعركة ضد الصهاينة حتى الرمق الأخير وسقط شهيدًا، ثم وقف والده في الخطاب الذي نعاه فيه بكل صلابة وشموخ ليخاطب ربه (ارضيت يا رب؟ خذ حتى ترضى) هذا هو جوهر المشهد الكربلائي الذي جسده الشهيد هادي".
يضيف سماحته "الشهيد هادي هو الشهيد الشاب الذي اتخذ عليا الأكبر قدوة له وتخلى عن كل شيء وخرج بملء ارادته في طريق المقاومة وبكامل اختياره وأبى الا أن يشارك في عمليات المقاومة، وشارك في عملية الجبل الرفيع وارتقى شهيدًا بعد مواجهة مع العدو. لم يكن والده هو الذي دفعه للجهاد والمشاركة في عمل المقاومة، تمامًا كما لم يكن الحسين (ع) هو الذي دفع ولده عليًّا الأكبر للشهادة، بل هو من اختار هذا الطريق، كان بامكان الشهيد هادي أن يعيش مكرمًا كونه ابن الأمين العام وأن يبني حاضره ومستقبله على أكمل وجه ولكنه لم يفعل ذلك بل خرج ليصنع كربلائه الخاصة وليكون نموذجًا وقدوة لكل الشباب في الجهاد والحماسة وعشق الشهادة في سبيل الله. وقد لفتني مقطع من وصيته وهو يكمل المشهد حيث يقول فيه: إنني - وبعون الله - مجاهد من مجاهدي المقاومة الإسلامية. التحقت بالمقاومة بهدف التحرير والدفاع عن دين الله تعالى، فاخترت عملي هناك، حيث الجبال العالية - جبال مليتا وصافي وعقماتا واللويزة، أبتغي الدفاع عن رايتي وولائي، عن نهجي وعن أمتي، لأبيد عدو الله وعدوي، جرثومة الفساد الكيان الصهيوني، راجيًا الله تعالى أن يرزقني الشهادة في سبيله".
الشهيد هادي نصرالله .. رسالة الشهداء
هذه هي كربلاء اذاً. العطاء بلا حساب، وبلا اعتبارات، وبلا نقصان. العطاء الكامل الصافي، حتى رمقه الأخير. العطاء بكل ما نملك حتى نملك عند الله كل ما نسعى اليه. ربما كانت صورة الشهيد هادي نصر الله وقد افترش جسده تراب الوطن، هي الرسالة الأسمى، والأسرع إلى الله، وكذلك الى العدو. يرى الشيخ دعموش في مقابلته مع موقع "العهد" أن "الرسالة التي تقدمها شهادة الشهيد هادي للعالم، للأجيال، هي ما قاله سماحة الامين العام مخاطبًا العدو يوم شهادة ولده: "نحن لسنا حركة أو مقاومة يريد قادتها أن يعيشوا حياتهم الخاصة ويقاتلوكم بأبناء الاوفياء والاتباع والانصار الصادقين الطيبين من عموم الناس، شهادة الشهيد هادي هي عنوان اننا في حزب الله لا نوفر أولادنا للمستقبل، ونفخر بأولادنا عندما يذهبون الى الخطوط الامامية ونرفع رؤوسنا باولادنا عندما يسقطون شهداء. وأقول لهذا العدو عليه أن يفهم رسالة شهادة السيد هادي وإخوانه الشهداء على وجهها الحقيقي، إننا في حزب الله، في كل المواقع، رجالاً ونساءً وأطفالاً، مصممون على متابعة طريق السيد عباس والشيخ راغب والإمام الخميني (قده) وعلى مواصلة درب الجهاد مهما كانت التحديات والاخطار والتضحيات، هذا عهد وهذا قسم وهذه بيعة لا عودة عنها على الاطلاق، هذه رسالة استشهاد هؤلاء الشهداء الطيبين".
يستشهد الشيخ دعموش بكلمات قائد المقاومة السيد نصرالله، ليختم بأن "شهداءنا بذلوا في سبيل الله كل ما يملكون بلا تردد ومن غير حساب، انطلاقًا من وعيهم وبصيرتهم ويقينهم بعدالة القضية وبالحق وبسلامة الطريق، ومن يعطي ويبذل بلا حدود ومن غير حساب فهو جدير بأن يرزقه الله كل ما يتمنى من رحمته بلا حدود ومن غير حساب".
نص مقابلة نائب رئيس المجلس التفيذي في حزب الله سماحة الشيخ علي دعموش مع موقع العهد الالكتروني 19-9-2019
جواب سؤال-1
لا شك ان شهداء حزب الله استلهموا إيمانهم وجهادهم ومقاومتهم وشجاعتهم وثباتهم ووفائهم واستعدادهم للعطاء والتضحية من كربلاء، تعلموا في مدرستها كلّ معاني الكرامة والإباء والوفاء، وتربوا في نهجها على التمسك بالقيم والجهاد والمقاومة، وعلى العطاء والتضحية في سبيل الاهداف الكبرى، حيث ان كربلاء التي استشهد فيها الحسين(ع) وسبعون من اهل بيته واصحابه كانت اعظم نموذج للبذل والتضحية والشهادة في سبيل الاهداف الكبرى، وقد مثلت النموذج والقدوة في التربية على العطاء والشهادة في مواجهة الطغاة والظالمين، وقد تخرج شهداؤنا من مجالس الحسين(ع) وعاشوراء، ومنها استلهموا روحية الاستشهاد في سبيل الله، وفيها تعلموا حب الشهادة وادركوا عظمة انجازات الشهداء وعطاءاتهم، فانطلقوا في مواجهة الاحتلال الصهيوني لبلدنا ودافعوا عن ارضنا واعراضنا وكرامتنا، واستطاعوا ان يحققوا الكثير من الانجازات والانتصارات للوطن وللأمة.
كل واحد من هؤلاء الشهداء الذين خرجوا في هذه المقاومة من فاتح عهد الإستشهاديين الشهيد أحمد قصير الى آخر شهيد سقط على طريق المقاومة الى الشهيدين حسن زبيب وياسر ضاهر ،كان مصداقا حقيقيا للذين قتلوا في سبيل الله ومن أجل أهداف مقدسة وفي معركة الدفاع عن بلدنا ومن أجل حماية وطننا وأهلنا وأعراضهم وكراماتهم .
لم يقتل هؤلاء في سبيل شيء من حطام الدنيا ولا من أجل الحصول على مكاسب وامتيازات خاصة، ولا في معركة عبثية، جاهدوا وقتلوا من أجل أهداف كبرى وفي سبيل الله الذي هو سبيل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا).
وكما ان ثورة الحسين(ع) حمت الدين والقيم واستنهضت الامة واعادت للامة كرامتها وحريتها، فان شهدائنا ومقاومتنا حمت بلدنا وحرررت جزءا كبيرا من أرضنا المحتلة وجعلت لبنان جزءا من معادلات المنطقة واعادت للامة كرامتها وعزتها وشموخها.
واليوم نحن ببركة دماء الشهداء ننعم بالامن والاستقرار على امتداد الحدود والمناطق اللبنانية وببركة دماء الشهداء لاسيما دماء الشهدين حسن زبيب وياسر ضاهر والعملية الجريئة في افيفيم مؤخرا اعدنا تثبيت معادلة الردع التي حاول العدو الاسرائيلي اسقاطها من خلال عدوانه الأخير، وكسبنا أمرين جديدين في اطار هذه المعادلة :الاول: حق لبنان في الرد على اي اعتداء اسرائيلي من اي نقطة في لبنان على اي منطقة في فلسطين المحتلة بعدما كان الرد ينحصر سابقا ضمن مزارع شبعا. والثاني: فتح معركة المسيرات وتثبيت حقنا في اسقاطها.
جواب السؤال -2
لعل أعظم ما في الشهادة أنها تمنح الامة القدوات الصالحة والنماذج التي تمثل معايير للحق، فأحد أهم ميزات الشهداء انهم معايير للحق ونماذج محسوسة تستهدي بهم البشرية، فالانسان قد تتلاعب به الأهواء والمصالح والمواقع والطموحات وتأخذه في اتجاهات ليست في مصلحته، فترى بعض الناس يميلون يميناً وشمالاً, بل ترى البعض ينتقل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار نتيجة تلاعب المصالح به.
لذلك لا بد للمجتمع الانساني من معالم ونماذج محسوسة وملموسة يستهدي بها ويستضيء بنورها, ويميز بها الصحيح من الخطأ, والهدى من الضلال, والحق من الباطل, تماماً كما يستهدي الانسان بالانبياء والكتب السماوية والشرائع والوحي والتعاليم الالهية .
هناك أشخاص ونماذج تكون أعمالهم ومواقفهم ومواصفاتهم حجة على الآخرين، فيهتدون بمواقفهم وأعمالهم وتضحياتهم وعطائهم كما يهتدون بكلماتهم وآرائهم وتوجيهاتهم, وهؤلاء يمثلون القدوة والأسوة في حياة الناس وفي حياة الأمة.
هؤلاء سكوتهم وكلامهم, وحركاتهم وسكناتهم, وقيامهم وقعودهم, وإقدامهم وإحجامهم, وعطاءتهم وتضحياتهم, قدوة للآخرين وحجة عليهم.
وهؤلاء هم الشهداء.. لأن الشهداء هم نماذج معتدلة ومستقيمة لا تميل يميناً أو يساراً ولا تأخذها الأهواء والشهوات إلى غير الاتجاه الذي يريده الله، وبذلكهم المقياس والمعيار والميزان, هم مقاييس للآخرين, ومعايير للحق وللهدى ، بهم يُعرف الحق من الباطل والخير من الشر.
إذا أردت أن تعرف الحق والصواب والصح والهدى.. فأنظر أين هم الشهداء, وفي أي موقع هم, فهم المقياس والمعيار والقدوة والأسوة والحجة.
وبهذا المعنى كانت مقاومة حزب الله حجة على العلماء كما قال الامام القائد(دام ظله) وكان شهداء حزب الله حجة على الناس, يقيسون به انفسهم وعطاءهم ووعيهم وصلابتهم واخلاصهم وبصيرتهم واستقامتهم..
اضافة الى ذلك، فان شهادة الشهداء تمنح الأمة الكثير من البركات: فهي تأسس لمستقبل جديد ومرحلة جديدة، تمنح القضية زخماً جديداً, ودفعاً سريعاً, وتطوراً كبيراً, وتكسب المسيرة مصداقية كبيرة وتدفع المسيرة نحو الانتصار وتحقيق الإنجازات، وهذا ما لمسناه في مسيرتنا، فان كل واحد وخاصة من القادة الشهداء من الشيخ راغب الى السيد عباس الى الحاج عماد أعطى دفعاً خاصا للمسيرة وللمقاومة, وبعد شهادة كل واحد من هؤلاء القادة الكبار كنا نجد أن المقاومة تدخل في مرحلة جديدة تكون فيها أكثر تقدما وتطورا وقوة وصلابة وارادة وعزماً ويكون المجاهدون فيها أكثر تصميماً على مواصلة طريق المقاومة.
لقد حركت دماء الشهداء الآلاف من الشباب لينخرطوا في صفوف المقاومة واطلقت دماؤهم حوافز كبرى داخل المقاومة.وهذا هو عطاء الدم ، عطاء الدم هو عطاء دائم، لأن شهيداً واحداً يصنع روح الإيثار والتضحية عند العشرات بل المئات بل الآلاف من الناس, وخاصة اذا كان الشهيد من الكبار.
جواب السؤال -3
الشهداء بما يحملون من صفات وقيم وبما يجسدون من سلوك رسالي وجهادي هم قدوة للناس وللأجيال في كل ما يحملونه ويجسدونه ، والحسين(ع) ومن كان معه كانوا ولا زالوا وسيبقوا الى يوم القيامة قدوة واسوة للأجيال وللأحرار ، وشهداؤنا كل شهدائنا جسدوا القدوة في الايمان والتقوى والورع والصدق والاخلاص والايثار والصبر والثبات والتواضع ومحبة الناس .. هم قدوة في كل هذه المعاني وفي غيرها.. لكن هذه القدوة تظهر وتتجلى أكثر في أمرين أساسيين: تتجلى في الوعي واليقين, وتتجلى في العطاء والتضحية, فشهداؤنا هم قدوة للأجيال في هذين الأمرين.
في الامرالاول، هم جسدوا مستوى رفيعاً من الوعي والبصيرة واليقين.. اليقين في الايمان, واليقين في معرفة الحلال والحرام والإلتزام به, واليقين بعدالة القضية التي يضحون من أجلها, واليقين بالحق الذي يقاتلون من أجله, ووضوح الطريق وفهم طبيعة الصراع الذي يخوضونه مع العدو.
هذا الوعي وهذا اليقين كان يملكه كل شهدائنا وخاصة الشهداء القادة, فهؤلاء منذ الصبا كان لديهم وعي مبكر بقضية الصراع مع العدو الإسرائيلي وبمسألة القدس وفلسطين, وكبر هذا الوعي بعد سلسلة الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان قبل 1982وصولاً الى الاجتياح في 1982, وانطلقوا في هذه المقاومة ليتحملوا المسؤولية وليكونوا جزءا من عملها وجزءا من عطاءها وتضحياتها من موقع هذا اليقين وهذا الوعي .
كما قال الإمام علي(ع) : والله لو لقيتهم واحداً وهم طلاع الأرض كلها ما باليت ولا استوحشت وإني من ضلالهم الذي هم فيه والهدي الذي أنا عليه لعلى بصيرة من نفسي ويقين من ربي.
وبدون هذا الوعي وهذا اليقين وهذا الوضوح في الرؤية وفي فهم القضية التي يقاتل الانسان من أجلها لا قيمة للشهادة.
هناك من الناس من يبذل دمه ويضحي بنفسه من دون أن تعود هذه التضحية عليه بفائدة, ومن دون أن تخرجه هذه التضحية من دائرة الأهواء والباطل, ومن دون أن تدخله في دائرة الهدى والحق, لأنها ليست نابعة من الوعي واليقين والوضوح, وانما هي نابعة من الأهواء, حيث يزين الشيطان للإنسان أعمالهم ويخدعه ويريه الحق باطلاً والباطل حقاً, ويسلبه الرؤية والبصيرة, فيتصور الإنسان أنه من أصحاب المبادىء وأن القضية التي يضحي من أجلها محقة.. بينما هي في الواقع ليست كذلك, وهذا ما أشار اليه القرآن في بعض آياته: ( قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا)الكهف 103-104
من ضحايا انعدام الرؤية والبصيرة واليقين في التاريخ الخوارج, وفي الحاضر التكفيريون, هؤلاء وأولئك يلتزمون بالحلال والحرام والاحكام, لكن بدون وعي ولا يقين, ولانه لا يقين لهم باحكام الله يسفكون الدماء المحرمة ويرتكبون الجرائم من دون ورع ولا تقوى، يتورعون عن أن يأخذ أحدهم ثمرة سقطت من نخلة ولا يتورعون عن قتل النساء والأطفال والتفجير بالأبرياء كما حصل ويحصل في كثير من دول المنطقة..
وشهداؤنا كما جسدوا مستوى رفيعاً من الوعي واليقين فانهم جسدوا أيضاً قمة في العطاء والتضحية, وهذه هي النقطة الثانية في القدوة التي مثلها شهداؤنا.وليس بعد هذه القمة قمة, فإن الجود بالنفس هو أقصى غاية الجود.
شهداؤنا بذلوا في سبيل الله كل ما يملكون بلا تردد ومن غير حساب, إنطلاقاً من وعيهم وبصيرتهم ويقينهم بعدالة القضية وبالحق وبسلامة الطريق, ومن يعطي ويبذل بلا حدود ومن غير حساب فهو جدير بأن يرزقه الله كل ما يتمنى من رحمته بلا حدود ومن غير حساب .
جواب السؤال-4
الصورة الكربلائية التي جسدها الشهيد محمد هادي نصرالله ابن قائد المقاومة سماحة الامين العام السيد حسن نصرالله انه إبن القائد الذي جاهد وقاتل بين يدي أبيه وتحت لوائه وخاض بكل شجاعة المعركة ضد الصهاينة حتى الرمق الأخير وسقط شهيدا، ثم وقف والده في الخطاب الذي نعاه فيه بكل صلابة وشموخ ليخاطب ربه (ارضيت يا رب؟ خذ حتى ترضى) هذا هو جوهر المشهد الكربلائي الذي جسده الشهيد هادي .
والشهيد هادي هو الشهيد الشاب الذي اتخذ عليا الأكبر قدوة له وتخلى عن كل شيء وخرج بملىء ارادته في طريق المقاومة وبكامل اختياره وأبى الا ان يشارك في عمليات المقاومة، وشارك في عملية الجبل الرفيع وسقط شهيدا بعد مواجهة مع العدو
لم يكن والده هو الذي دفعه للجهاد والمشاركة في عمل المقاومة، تماما كما لم يكن الحسين هو الذي دفع ولده علي الأكبر للشهادة ، بل هو من اختار هذا الطريق، كان بامكان الشهيد هادي ان يعيش مكرما كونه ابن الامين العام وان يبني حاضره ومستقبله على أكمل وجه ولكنه لم يفعل ذلك بل خرج ليصنع كربلائه الخاصة وليكون نموذجا وقدوة لكل الشباب في الجهاد والحماسة وعشق الشهادة في سبيل الله. وقد لفتني مقطع من وصيته وهو يكمل المشهد حيث يقول فيه: إنني - وبعون الله - مجاهد من مجاهدي المقاومة الإسلامية. التحقت بالمقاومة بهدف التحرير والدفاع عن دين الله تعالى، فاخترت عملي هناك، حيث الجبال العالية - جبال مليتا وصافي وعقماتا واللويزة، أبتغي الدفاع عن رايتي وولائي، عن نهجي وعن أمتي، لأبيد عدو الله وعدوي، جرثومة الفساد الكيان الصهيوني، راجياً الله تعالى أن يرزقني الشهادة في سبيله.
جواب السؤال-5
بكلمة مختصرة الرسالة التي تقدمها شهادة الشهيد هادي للعالم وللأجيال هي ما قاله سماحة الامين العام مخاطبا العدو يوم شهادة ولده:" نحن لسنا حركة أو مقاومة يريد قادتها أن يعيشوا حياتهم الخاصة ويقاتلوكم بأبناء الاوفياء والاتباع والانصار الصادقين الطيبين من عموم الناس، شهادة الشهيد هادي هي عنوان اننا في حزب الله لا نوفر أولادنا للمستقبل، نفخر بأولادنا عندما يذهبون الى الخطوط الامامية ونرفع رؤوسنا باولادنا عندما يسقطون شهداء".
وأضاف سماحته:" أقول لهذا العدو عليه أن يفهم رسالة شهادة السيد هادي وإخوانه الشهداء على وجهها الحقيقي، إننا في حزب الله، في كل المواقع، رجالاً ونساءً وأطفالاً، مصممون على متابعة طريق السيد عباس والشيخ راغب والإمام الخميني (قده) وعلى مواصلة درب الجهاد مهما كانت التحديات والاخطار والتضحيات، هذا عهد وهذا قسم وهذه بيعة لا عودة عنها على الاطلاق، هذه رسالة استشهاد هؤلاء الشهداء الطيبين ".