الامام السجاد (ع) وانعكاس عبادته على سلوكه
- المجموعة: 2015
- 06 تشرين2/نوفمبر 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1341
كانت سياسة الامام زين العابدين (ع) في التعامل مع الناس حتى مع المسيئين والمذنبين هي سياسة الاحترام والمحبة والرحمة واللين والعفو والاحسان والرأفة واللاعنف والاخلاق الطيبة والمعاملة الحسنة, بل إن من مزايا وخصائص مدرسة علي بن الحسين (ع) ومدرسة اهل البيت (ع) هي مقابلة الاساءة بالاحسان والشر بالخير والظلم بالعفو والعدل
خلاصة الخطبة
اعتبر سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن سياسة الاحترام والرحمة واللين والعفو والاحسان واللاعنف والاخلاق الطيبة والمعاملة الحسنة هي السياسة التي تميز بها أئمة أهل البيت (عليهم السلام).. في سلوكهم وتعاملهم مع الناس حتى مع المسيئين وقال:هذه هي أخلاق الاسلام التي ينبغي أن نلتزمها مع كل الفئات والطبقات الاجتماعية, وفي كل المجالات ..
وأشار الى أن النبي(ص) كان يتجنب إراقة الدماء والقتل حتى في مواجهة الأعداء في الحروب والمعارك الطاحنة, وكان يعتبر أن للحرب أخلاقها وضوابطها الشرعية والأخلاقية والانسانية التي لا بد من مراعاتها والالتزام بها, فكان يوصي بعدم التعرض للنساء والاطفال والشيوخ وعدم الاجهاز على الجرحى والمصابين أو النيل من الأسرى .
وتساءل: أين أدعياء الاسلام وخدام الحرمين اليوم من هذه القيم ومن هذا السلوك؟ وهم الذين يرتكبون المجازر في كل يوم بحق الشعب اليمني المظلوم والمستضعف, ويقتلون كل شيء في اليمن وفي غيره, ويرتكبون جرائم بحق الانسانية على مرأى ومسمع العالم كله من دون أن يحرك أحد ساكناً.
وورأى أن هناك تجاهلاً متعمداً وغير مسؤول تمارسه المنظمات الدولية ويمارسه أمين عام الامم المتحدة ازاء الجرائم بحق الانسانية التي يرتكبها بشكل متكرر العدوان الاميركي - السعودي ضد اليمن وشعبه المظلوم.
وطالب: المنظمات الدولية الحقوقية والانسانية بأن ترفع الصوت بوجه العدوان على اليمن وأن تتحمل مسؤوليتها في التحرك الضاغط واتخاذ التدابير لفضح وإدانة النظام السعودي على جرائمه.
وتطرق الى التفجير الذي حصل في بلدة عرسال فاعتبر: أنه أعاد تذكير اللبنانين بواقع احتلال هذه البلدة من قبل الجماعات التكفيرية الارهابية, مؤكداً: أن مسؤولية تحريرها من العصابات التكفيرية وحماية أهلها من الإرهاب تقع على عاتق الدولة والحكومة اللبنانية.
في الخامس والعشرين من شهر محرم من سنة 94 للهجرة, وقد تميز الإمام(ع) بكثرة عبادته لله, فكان (ع) قمة في العبادة والطاعة والإنقطاع الى الله, ولذلك كان الوحيد في تاريخ الاسلام الذي لقب بزين العابدين وسيد الساجدين وبذي الثفنات, فقد لقب بزين العابدين لكثرة عبادته, وبسيد الساجدين لطول سجوده, وبذي الثفنات لكثرة أثار السجود على جبهته, بحيث انه كان يقطعها في كل عام ويحتفظ بها ويوصي بدفنها معه في قبره.
وقد انعكست عبادته وروحانيته على أخلاقه وسلوكه وتصرفاته وطريقة تعاطيه مع الناس ورعاية حقوقهم , فكان قمة في الأخلاق والرحمة والتواضع واحترام الناس , لأنه في مدرسة اهل البيت التي تلتزم تعاليم القرآن وقيم الاسلام لا قيمة للعبادات التي يؤديها الانسان سواء كانت صلاة او صوماً او حجاً او زكاة او جهاداً إذا لم تنعكس ايجاباً وتظهر في سلوك الانسان واخلاقه وعلاقاته الاجتماعية واسلوب تعامله مع الناس ورعاية حقوق الناس,فاحترام مشاعر الناس وعدم الاساءة اليهم والتعامل معهم بأخلاق الاسلام ورعاية حقوقهم المادية والمعنوية، لا يقل أهمية عند الله تعالى من تلك العبادات والشعائر الدينية، بل يظهر من بعض الروايات أولوية حقوق الناس وأنها مقدمة على حقوق الله, كما في الحديث عن الإمام علي (ع): جعل الله سبحانه حقوق عباده مقدمة على حقوقه، فمن قام بحقوق عباد الله كان ذلك مؤدياً إلى القيام بحقوق الله.
فالمتدين الذي يهتم باداء الفرائض ويحرص على ضبط أحكام وضوئه وصلاته، عليه أن يكون أكثر اهتماماً وحرصاً على ضبط أسلوب تعامله وعلاقته مع الناس. فقد قيل لرسول الله : إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها. فقال(ص): هي في النار.
في نظر الاسلام ليس هناك شيء أسوأ من أن يعتدي الانسان على حقوق الآخرين، او يؤذيهم في انفسهم او في أشياءهم او يسيء اليهم مادياً ومعنوياً،او يظلمهم, لأن الله تعالى قد يغفر للانسان اذا ما قصّر أو أخطأ تجاه ربه شرط أن لايشرك به ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء) ولكنه تعالى لا يتساهل ولا يغفر للانسان تقصيره وخطأه وإساءاته للآخرين.
يقول الامام علي : من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده.
ويصنّف الامام(ع) أنواع الظلم الى ثلاثة اصناف ويعتبر أن ظلم الناس هو الظلم الأخطر والأسوء بعد الشرك بالله تعالى يقول (ع):
(ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب، فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله.. وأما الظلم الذي يغفر، فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضاً).
فظلم الناس بعضهم لبعض من الظلم الذي لا يترك يوم القيامة بل يحاسب عليه الانسان.
فمثلا الحاق الاذى بممتلكات الآخرين او أخذ أموالهم بغير حق أو الاحتيال عليهم أو غشهم من الظلم الذي لا يترك.
وكذلك الاساءة الى اي انسان بكلمة أو بحركة او بسلوك او بتصرف معين،كأن يجرح مشاعره أو يهين كرامته، أو يشوه سمعته، كل ذلك يعتبر ظلماً لا يترك ويحاسب عليه الانسان يوم القيامة.
فقد ورد أن رجلاً ثرياً جاء الى رسول الله ، وكان يلبس ثياباً أنيقة، فجلس الى رسول الله ، ثم جاء رجل فقير ثيابه رثّة قديمة، فجلس الى جانب الثري، فقام الثري بحركة لفتت انتباه النبي ، حيث لمّ ثيابه وابتعد عنه حتى لا تلامس ثيابه ثياب ذلك الفقير.
فقال النبي(ص):أخفت أن يمسك من فقره شيء؟.
قال: لا.
قال (ص):فخفت أن يصيبه من غناك شيء؟.
قال: لا.
قال (ص): فخفت ان يوسّخ ثيابك؟.
قال: لا.
قال(ص):فما حملك على ماصنعت؟.
فاعترف الرجل الثري بخطأه واعتذر من الفقير وعرض عليه أن يعطيه نصف امواله، لكن الفقير رفض ان يأخذ منه شيئاً قائلاً: أخاف أن يدخلني ما دخلك.
وكان سعــد بن معاذ صحابياً جليلاً مجاهداً في سبيل الله شارك في العديد من المعارك مع النبي(ص) حتى اصيب بجرح في احدى المعارك واستشهد بعد فترة من المعاناة والألم، وقد امتدحه النبي (ص) حين عاده في مرضه قائلاً:
(اللهم إن سعداً قد جاهد في سبيلك، وصدق رسولك، وقضى الذي عليه، فتقّبل روحه بخير ما تقبلت به روحاً( وعند وفاته شارك الرسول في تشييعه ودفنه ونزل في قبره حين أصابته ضمّة في القبر وعندما سئل(ص) عن سبب اصابته بضغطة القبر بالرغم من مكانته وجهاده قال (ص): إنه كان في خلقه مع أهله سوء.
فلا بد ان يكون الانسان حذرا في تعامله مع الآخرين، ولا بد أن نكون حذرين في تعاملنا حتى عوائلنا وأزواجنا وأبنائنا، فاننا محاسبون امام الله تعالى عن تصرفاتنا مع الناس، ولن تغني عنا صلاتنا ولا عباداتنا اذا ما قصرنا او تجاوزنا وتعدينا على حقوق الآخرين او أسأنا اليهم أو وجهنا إليهم الإهانات.
وقد كانت سياسة الامام زين العابدين (ع) في التعامل مع الناس حتى مع المسيئين والمذنبين هي سياسة الاحترام والمحبة والرحمة واللين والعفو والاحسان والرأفة واللاعنف والاخلاق الطيبة والمعاملة الحسنة, بل إن من مزايا وخصائص مدرسة علي بن الحسين (ع) ومدرسة اهل البيت (ع) هي مقابلة الاساءة بالاحسان والشر بالخير والظلم بالعفو والعدل, وهذا ما تكشفه سيرة ومواقف الامام زين العابدين (ع) في الكثير من الوقائع.
فقد روي ان الإمام (ع) كان جالسا ذات مرة مع بعض أصحابه فشتمه رجل سيء، فلم يكلمه الإمام (ع) بسوء، فلما انصرف قال (ع) لجلسائه: «لقد سمعتم ما قال هذا الرجل وأنا أحب أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا مني ردي عليه».
قال: فقالوا له نفعل، ولقد كنا نحب أن يقول له ويقول.
فأخذ (ع) نعليه ومشى وهو يقول: ((والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)).
قالوا: فعلمنا أنه لا يقول له شيئاً.
قال: فخرج (ع) حتى أتى منزل الرجل فقال: قولوا له هذا علي بن الحسين».
قال: فخرج الرجل إلينا متوثباً للشر وهو لا يشك أنه إنما جاء مكافئاً له على بعض ما كان منه.
فقال له الإمام (ع): يا أخي إنك كنت قد وقفت عليّ آنفاً فقلت وقلت، فإن كنت قلت ما فيّ فاستغفر الله منه، وإن كنت قلت ما ليس فيّ فغفر الله لك.
قال: فقبل الرجل بين عينيه وقال: بل قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحق به.
هذه هي مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)..وهذه هي أخلاق الاسلام التي ينبغي أن نلتزمها مع كل الفئات والطبقات الاجتماعية, وفي كل المجالات حتى في الحروب.
النبي(ص) كان يتجنب اراقة الدماء والقتل حتى في مواجهة الأعداء في الحروب والمعارك الطاحنة, وكان يعتبر أن للحرب أخلاقها وضوابطها الشرعية والأخلاقية والانسانية التي لا بد من مراعاتها والالتزام بها, فكان يوصي بعدم التعرض للنساء والاطفال والشيوخ وعدم الاجهاز على الجرحى والمصابين أو النيل من الأسرى .
أين ادعياء الاسلام وخدام الحرمين اليوم من هذه القيم ومن هذا السلوك؟ وهم الذين يرتكبون المجاز في كل يوم بحق الشعب اليمني المظلوم والمستضعف, ويقتلون كل شيء في اليمن وفي غيره, ويرتكبون جرائم بحق الانسانية على مرأى ومسمع العالم من دون أن يحرك أحد ساكناً.
أين الضمير العالمي ؟ أين أدعياء حقوق الانسان والحرية والسلام في العالم؟
هناك تجاهل متعمد وغير مسؤول تمارسه المنظمات الدولية ويمارسه أمين عام الامم المتحدة ازاء الجرائم بحق الانسانية التي يرتكبها بشكل متكرر العدوان الاميركي - السعودي ضد اليمن وشعبه المظلوم.
المنظمات الدولية الحقوقية والانسانية، مطالبة بأن ترفع الصوت بوجه هذا العدوان, وعليها تقع مسؤولية التحرك الضاغط واتخاذ التدابير لفضح وادانة النظام السعودي على جرائمه.
اما بالنسبة الى التفجير الذي حصل بالأمس في بلدة عرسال فقد أعاد تذكير اللبنانين بواقع احتلال هذه البلدة من قبل الجماعات الارهابية التكفيرية, الأمر الذي يرتب على الدولة مسؤولية تحريرها من العصابات التكفيرية وحماية أهلها من الإرهاب.
والحمد لله رب العالمين