ملامح من الأخلاق السياسية للنبي(ص)
- المجموعة: 2017
- 08 كانون1/ديسمبر 2017
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2493
رُويَ عن علي (ع) في حديث له عن سيرة النبي (ص) في الحرب أنه قال: كان إذا حضرَ البأس، وأحجمَ أصحابُهُ، ودُعيتْ نَزَال(أي تنازلوا للحرب) قدَّمَ – يعني النبيُ (ص) – أهلَ بيته فوقىَ بهم أصحابَهُ حرَّ السيوف والأسنة، فقُتلَ عبيدةُ يومَ بدر، وحمزةُ يومَ أُحد، وجعفرٌ يومَ مؤتة..
خلاصة الخطبة
اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن القدس هي قضية اسلامية بامتياز وتتعرض بعد القرار الامريكي لخطر حقيقي لتهويدها وتزوير تاريخها وسلخ هويتها.
وقال: القرار هو عدوان على الأمتين العربية والإسلامية، واهانة لمشاعر مئات ملايين المسلمين والمسيحيين، وإستفزاز مُتعمّد لكثير من الدول والقوى والجهات في العالم، وهو لن يمر اذا وقف العرب والمسلمون وقفة قوية وجادة في مواجهته واتخذوا إجراءات عملية وحقيقية ورادعة تردع ترامب عن المضي بقراره .
وأضاف: المطلوب اليوم من الدول العربية والاسلامية التي ستجتمع في اطار الجامعة العربية في القاهرة او فيإطار منظمة التعاون الاسلامي في اسطنبول اتخاذ قرارات حقيقية بعزل الكيان الصهيوني وقطع العلاقات معه ومنع التواصل والتطبيع مع اسرائيل من قبل أي دولة عربية او اسلامية، والتصدي لأي دول أخرى تعترف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب، وإشعار الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط والحرج وأن ما اقدمت عليه هو أمر خاطىء وخطير بل هو خطيئة كبرى بحق القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وإجبارهاعلى العودة عن قرارها.
ولفت الى أن الرئيس الأمريكي قد يعتقد أنّ الإعتراضات والإحتجاجات على قراره لن تتجاوز حُدود الغضب الشعبي والتظاهرات والإعتصامات المُتفرّقة هنا وهناك لفترة قصيرة ثم يصبح القرار أمرا واقعا بسبب الخلافات والإنقسامات العربيّة والإسلامية واوضاعها وأزماتها وانشغالاتها الداخلية وارتهانها للدول الكبرى ولذلك يجب إفشال هذا الرهان وهذا الإعتقاد ويجب أن تثبت الدول العربية والاسلامية ولو لمرة واحدة ومن خلال إجراءات عملية أنها جادة في رفض القرار، كما يجب ايصال رسالة قوية لاسرائيل ولأميركا بأن هذه الدول وكل الشعوب العربية والاسلامية لن تقبل بتهويد القدس ولن تتخلى عن مقدساتها ولا عن اعتبار ان القدس عاصمة أبدية لفلسطين ، وأن فلسطين والقدس لن تكون وحيدة خصوصا بعدما أثبت القرار الأمريكي فشل مسار التسوية وصوابية خيار المقاومة، التي يجب أن تتحول بعد القرار الأمريكي الى خيار لكل الأمة بكل دولها وانظمتها وقواها وشعوبها لأنها وحدها القادرة على تحرير الأرض واستعادة القدس والمقدسات.
نص الخطبة
يقول الله تعالى عن نبيه الأعظم محمد(ص): (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)
مجددا نبارك لجميع المسلمين أجواء ولادة نبي الرحمة رسول الله محمد بن عبد الله(ص) وولادة حفيده الامام جعفر الصادق(ع).
لقد قلنا في الخطبة الماضية، ان عظمة الأخلاق النبوية لم تقتصر على الجانب الشخصي والاجتماعي من حياة رسول الله(ص)، لأنه كما كانت اخلاقه عظيمة في جانبها الفردي والاجتماعي، فقد كانت أيضاً عظيمة في جانبها السياسي وفي تعاطيه السياسي كقائدٍ وكرجل دولة وصاحب سلطة، وفي السيرة النبوية ملامح كثيرة تتعلق بسلوكهِ القيادي وأخلاقهِ السياسية استعرضنا بعضها في الخطبة الماضية ونستكمل استعراض بعضها باختصار في هذه الخطبة.
في النقطةُ الأولى قلنا إن النبي(ص) كان قمة في العدلُ والتدبير وحسن ادارة الشؤون، وكان مرجعا للناس حتى في الجاهلية يرجعون اليه في حل مشكلاتهم وأزماتهم نظرا لحسن تدبيره وصوابية رأيه وقوة حكمته.والنقطةُ الثانية: هي حمايته للقانون واعتباره القانون فوق الجميع وحرصُه على تطبيق التشريع وإجراء الحدود الإلهية، وانه لم يكن يحابي في ذلك أحدا او يجامل أحدا.والنقطةُ الثالثة: الالتزامُ بالعهود والمواثيق التي أبرمها مع أعدائه، وتقيده الكامل بها وببنودها.
أما النقطةُ الرابعة: فهي الالتزامُ بمبدأ احترام الآخرين، وهو المبدأ الأخلاقي الذي اتبعه النبي (ص) مع زعماء العالم الذين لم يكونوا على دينه، ففي الرسائل التي بعث بها الرسولُ الأعظمُ (ص) إلى زعماء العالم آنذاك نجد أنه (ص) برُغْم تصلبه وتشدده في ذات الله، قد طبق مبدأ الاحترامِ مع هؤلاء، وذلك عندما خاطب كسرى بعظيم فارس وقيصر بعظيم الروم، وذلك من أجل أن يكشف لهم أن الإسلام هو الدينُ الذي جمع كلَّ المبادىء السامية والقيمِ الإنسانية والأخلاقية.
النقطة الخامسة: بُعْدُ النظر الذي كان يمتلكُهُ النبيُ (ص)، فالدارسُ لسيرة النبي (ص) يرى أن الله تعالى أعطاه من بُعْدِ النظرِ ما لم يعط غيرَه، لقد رأينا بُعدَ نظره يومَ وضعتْ قريشٌ الشروط لصلح الحديبية، فقد رأى بعضُ أصحابه في هذه الشروط إجحافاً بحق المسلمين، ورأى فيها رسولُ الله (ص) بما آتاه اللهُ من بُعدِ النظر النصرَ والعزةَ والرفعةَ للمسلمين، ورأى أن قريشاً بوضعها هذه الشروط إنما تحفر قبرَهَا بيدها وتكتبُ دمارَ أطروحتها بقلمها.
ورأينا بُعدَ نظره (ص) أيضاً في احتوائه وتسامحه مع عبدِ الله بنِ أُبي زعيمِ المنافقين عندما حاول مساعدة بني قينقاع وبني النضير وعندما حاول إثارةَ الفتنة بين المهاجرين والأنصار في غزوة بني المصطلق. إذ لم يقبل عرضاً لقتله كان قد عرضه بعضُ أصحابه عليه ، رفض النبي(ص) قتله وبقي يتألفُهُ ويستوعبُهُ حتى انكشف نفاقُ عبدِ الله بنِ أُبيٍّ لكل الناس، وظهرتْ عدَاوتُهُ للإسلام والمسلمين، فكان قومُهُ بعد ذلك إذا أساءَ أو ارتكب مخالفةً هم الذين يعاتبونَهُ ويعنفونَه، وعندها قال رسول الله (ص) لعمر بنِ الخطاب: كيف ترى يا عمر؟ أما والله لو قتلتُهُ يومَ قلتَ لي أُقتله، لارتعدتْ له أُنُفٌ لو أمرتُهَا اليومَ بقتله لقتلته، فقال عمر: قد والله علمتُ أن أمر رسولِ الله أعظمُ بركةً من أمري.
النقطةُ السادسة: إن النبي (ص) كان يقدِّمُ أهلَ بيته وأقرباءَه في الحروب إلى ساحة القتال قبل أن يقدّمَ أصحابَه الآخرين. ففي معركة بدر قدّمَ حمزةَ وعلياً وعبيدةَ بنَ الحارث للمبارزة وأمرهم بالخروج إلى ساحة القتال وهم جميعُهُم من أهل بيته وأقربائه، وقد أرجع ثلاثةً من أصحابه من الأنصار كانوا قد برزوا للقتال قبلهم.
وقد رُويَ عن علي (ع) في حديث له عن سيرة النبي (ص) في الحرب أنه قال: كان إذا حضرَ البأس، وأحجمَ أصحابُهُ، ودُعيتْ نَزَال(أي تنازلوا للحرب) قدَّمَ – يعني النبيُ (ص) – أهلَ بيته فوقىَ بهم أصحابَهُ حرَّ السيوف والأسنة، فقُتلَ عبيدةُ يومَ بدر، وحمزةُ يومَ أُحد، وجعفرٌ يومَ مؤتة..
ومن المعلوم أن النبي (ص) حين يبدأُ الحربَ بأهل بيته فإنه يكون بذلك قد أثبت بالفعل لا بالقول فقط لكل أصحابه: أنه ليس فقط لا يريد أن يجعلَهُم وسيلةً للوصول إلى أهدافه، ويدفعَ بهم الخطر عن نفسه وأقربائِه، وإنما ثمةَ هدفٍ أسمى لا بد من أن يساهم الجميعُ في العمل من أجله وفي سبيله وهو شريكٌ لهم في كل شيء في السراء والضراء والشدةِ والرخاء، وهو يضحّي ويقدّمُ في سبيل تلك الأهداف التضحيات قبل أن يطلبَ ذلك من غيره، بل يحاول أن يدفع عن غيره ولو بأهل بيته ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
وذلك هو ما يجب أن يكون المثلُ الأعلى لكل صاحب هدف وقضية، ولكل قائد وسياسي، فإن عليه أن يقدّمَ هو أولاً التضحيات ويبادر هو أولا للعطاء ويبذل هو جهده وامكاناته قبل ان يطلب ذلك من الآخرين فإذا احتاج إلى مساعدة الآخرين، فإن طلبه منهم حينئذ يكون مبرراً، ويراه كلُ أحد أنه صادقٌ ومحقٌ في طلبه ذاك، وليس للقائد أو المسؤول أبداً أن يجلس في برجه العاجي، ثم يصدر أوامره للآخرين، من دون أن يرى نفسه مسؤولاً عن العمل والمبادرة والتحرك في اتجاه الهدف ، ليس للمسؤول ان يكتفي بالكلام واطلاق المواقف وإصدار الأوامر، فإن الكلام لا يكفي في تحقيق الأهداف ولا يقدم ولا يؤخر ولن يكون له الأثر المطلوب في التحرك نحو الهدف، مهما كان ذلك الهدف مقدساً وسامياً.
نحن بحاجة الى قيادات سياسية لا توفر أبنائها للمستقبل وتدفع بابناء الآخرين لتقديم التضحيات كما يفعل الملوك والأمراء والرؤساء والزعماء غالبا نحن بحاجة الى قيادات عربية واسلامية تكون على استعداد لتقديم التضحيات دفاعا عن الاسلام والمقدسات الاسلامية.
اليوم القدس هي قضية اسلامية بامتياز وتتعرض بعد القرار الامريكي لخطر حقيقي لتهويدها وتزوير تاريخها وسلخ هويتها.
القرار هو عدوان على الأمتين العربية والإسلامية واهانة لمشاعر مئات ملايين المسلمين والمسيحيين وإستفزاز مُتعمّد لكثير من الدول والقوى والجهات في العالم، وهو لن يمر اذا وقف العرب والمسلمون وقفة قوية وجادة في مواجهته واتخذوا إجراءات عملية وحقيقية لردع ترامب عن المضي بقراره .
اليوم المطلوب من الدول العربية والاسلامية التي ستجتمع في اطار الجامعة العربية في القاهرة او فيإطار منظمة التعاون الاسلامي في اسطنبول اتخاذ قرارات حقيقية بعزل الكيان الصهيوني وقطع العلاقات معه ومنع التواصل والتطبيع مع اسرائيل من قبل أي دولة عربية او اسلامية والتصدي لأي دول أخرى تعترف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب ، وإشعار الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط والحرج وان ما اقدمت عليه هو أمر خاطىء وخطير بل هو خطيئة كبرى بحق القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وإجبارهاعلى العودة عن قرارها.
الرئيس الأمريكي قد يعتقد أنّ الإعتراضات والإحتجاجات على قراره لن تتجاوز حُدود الغضب الشعبي والتظاهرات والإعتصامات المُتفرّقة هنا وهناك لفترة قصيرة ثم يصبح القرار أمرا واقعا وهو يراهن في ذلك على الخلافات والإنقسامات العربيّة والإسلامية ، وعلى حاجة الفلسطينيّين والدول العربيّة والعديد من الدول الإسلاميّة إلىالولايات المتحدة الأميركيّة وعدم قُدرة هؤلاء على إعتراض قراراتأميركا ، نعم قد يكون لدى الإمريكي رهان من هذا النوع بسبب اوضاع الدول العربية والاسلامية وأزماتها وانشغالاتها الداخلية وارتهانها للدول الكبرى التي تجعلها اعجز من ان تقف بوجه اميركا وقراراتها ولذلك يجب إفشال هذا الرهان وهذا الإعتقاد ويجب أن تثبت الدول العربية والاسلامية ولو لمرة واحدة ومن خلال إجراءات عملية أنها جادة في رفض القرار، كما يجب ايصال رسالة قوية لاسرائيل ولأميركا بأن هذه الدول وكل الشعوب العربية والاسلامية لن تقبل بتهويد القدس ولن تتخلى عن مقدساتها ولا عن اعتبار ان القدس عاصمة أبدية لفلسطين ، وأن فلسطين والقدس لن تكون وحيدة خصوصا بعدما أثبت القرار الأمريكي فشل مسار التسوية وصوابية خيار المقاومة، التي يجب أن تتحول بعد القرار الأمريكي الى خيار لكل الأمة بكل دولها وانظمتها وقواها وشعوبها لأنها وحدها القادرة على تحرير الأرض واستعادة القدس والمقدسات.
والحمد لله رب العالمين