العمل عبادة وجهاد
- المجموعة: 2015
- 01 أيار 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 957
الإسلام يعتبر العمل الدنيوي بكل أشكاله ومجالاته وأنواعه, سواء كان جهداً بدنياً جسدياً, أو جهداً فكرياً, أو كان استثماراً للأموال في مجالات تجارية, أو لتشغيل الباطلين عن العمل, أو كان استغلالاً للثروات الطبيعية التي سخرها الله للناس،
خلاصة الخطبة:
أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على أن من واجب الدولة والحكومة والكتل النيابية والقوى السياسية إنصاف العمال والموظفين في مطاليبهم المعيشية والاجتماعية المحقة, وفي مقدمة ذلك إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي تنصف شريحة كبيرة من اللبنانيين, والتي باتت تشكل مطلباً شعبياً ووطنياً, وضمانة للاستقرار الاجتماعي وللاستقرار النقدي والاقتصادي في لبنان.
واعتبر: أن تعزيز الأمن والاستقرار هو حق للمواطنين على الدولة في كل المناطق اللبنانية, في الشمال والبقاع والضواحي, ويجب تمكين القوى الأمنية وفي مقدمها الجيش الوطني وإعطائه الدعم الكامل وتغطيته بالقرار السياسي الحازم, لكي يقوم بمهامه في في فرض الأمن وتفكيك الخلايا والشبكات التكفيرية والإرهابية التي تتخذ من بعض الزوايا في لبنان مكاناً لها.
وأشار: الى أن الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية التي رحب بها أهل الضاحية ورحبت بها القوى السياسية لا سيما حزب الله وحركة أمل, هي واجب من واجبات الدولة الذي ينبغي أن تؤديه بشكل دائم ومستمر وليس بشكل موسمي أو مرحلي أو آني, من أجل حفظ النظام العام وضبط المخالفات ولجم من يتسبب بالفوضى ويرتكب الجرائم.
وقال: يجب أن تستعيد الدولة ثقة المواطنين بها, لأن المواطنين في الضاحية فقدوا ثقتهم بالدولة بعدما تعاطت الدولة مع مناطقهم لفترات طويلة بتراخي وإهمال وعدم مسؤولية, وقد اعتاد المواطنون ان تحضر الدولة في أول أيام الخطط الأمنية ثم سرعان ما تعود للإهمال والتراخي والغياب من جديد لتعود الأمور كما كانت من قبل.
وشدد: على ضرورة استمرار الخطة الأمنية ومتابعتها, وعلى ضرورة أن يعي المواطنون مسؤولياتهم تجاهها, وأن يلتزموا بالقوانين, ويتقيدوا بأنظمة السير وبكل الأنظمة المرعية الإجراء, لأن ذلك يساهم بالتأكيد في منع الفوضى وإقرار النظام العام ونجاح الخطة في تحقيق أهدافها.
نص الخطبة
قال تعالى: [هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور]. الملك/ 15.
نبارك لصاحب العصر والزمان ولولي أمر المسلمين وللمحبين والموالين وعموم المسلمين ذكرى ولادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) في الثالث عشر من شهر رجب, ونهنىء العمال والموظفين والعاملين بعيدهم في الأول من أيار.
بين علي(ع) والعمل علاقة وثيقة, فعلي(ع) كان عاملاً ومنتجاً, كان يعمل- كما في بعض الروايات- في الأرض والزراعة في بستان له, ويعيش من رزقه وكسبه.
والإسلام يعتبر العمل الدنيوي بكل أشكاله ومجالاته وأنواعه, سواء كان جهداً بدنياً جسدياً, أو جهداً فكرياً, أو كان استثماراً للأموال في مجالات تجارية, أو لتشغيل الباطلين عن العمل, أو كان استغلالاً للثروات الطبيعية التي سخرها الله للناس، أو كان تعليماً أو عملاً في مصنع أو متجر أو أرض أو في أي موقع من مواقع العمل.. يعتبره فريضة وعبادة وجهاداً بشرط أن يكون في الحلال.
والعامل في أي حقل من حقول العمل.. سواء كان معلماً أو أستاذاً أو مهندساً أو طبيباً أو موظفاً أو أدارياً أو عسكرياً أو مزارعاً أو تاجراً أو صاحب محل أو مصلحة أو أو.. فإن له أجر العمل وثوابه وفضله وقيمته عند الله.
فقد روي عن رسول الله (ص) أنه قال: طلب الحلال فريضة بعد الفريضة.
وعنه (ص) في حديث آخر: العبادة سبعون جزءاً أفضلها طلب الحلال.
فعندما يطلب الانسان الحلال ويحافظ على حدود الله في عمله, فلا يغش ولا يخون ولايحتال عليهم ولا يأخذ ما ليس لك به حق, ولا يأكل أموال الناس بالباطل، فهو كمن يصلي ويعبد الله من الصباح إلى المساء, بل كمن يجاهد في سبيل الله.
فقد روي عن النبي (ص): طلب الحلال جهاد. أو الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله.
ويروى أن رسول الله (ص) كان جالساً بين أصحابه فإذا بشاب قوي الجسم مفتول العضلات يحمل المنجل وهو ذاهب إلى العمل, فالتفت أصحاب النبي (ص) مستنكرين وقالوا: لو أن هذا الشاب يصرف هذه القوة في عبادة الله فيصلي ويصوم ويحج أما كان له أفضل من طلب الدنيا؟ فقال النبي (ص) لهم: إن كان هذا الشاب قد خرج لأبوين عنده يعولهما فقد خرج في سبيل الله, وإن كان خرج ليعود بالمال على نفسه وعياله فقد خرج في سبيل الله، وإن كان قد خرج ليكف ماء وجهه عن الناس فقد خرج في سبيل الله، وإن كان قد خرج ليستعلي بالمال على الناس فقد خرج في سبيل الشيطان.
والإسلام حث على طلب الرزق والسعي من أجل تحصيل المال ولقمة العيش, وأوصى أن يكون لدى الإنسان صنعة وحرفة واختصاص ومهنة يعمل فيها ويعتاش منها ، وذم البطالين والكسالى والتنابل, أو أولئك الذين يقضون أوقاتهم في المقاهي, أو في اللهو أوعلى شرب النرجيلة, أوأنهم لا يعملون لأنه لا عمل يناسب مقامهم أو موقعهم أو يحقق طموحهم, أو لأنهم يستنكفون عن عن القيام ببعض الأعمال العادية أو التي أجرها زهيد ومتواضع وعادي..فبعض الناس قد يتوفر له عملاً معيناً يستغني به عن الناس وعن بذل ماء وجهه للناس, ولكنه لا يعمل به, لأنه يطلب عملاً يكون مردوده كبيراً أو راتبه عظيماً .. ويفضل أن يكون بطالاً وعاطلاً على أن يعمل بعمل لا يناسب مقامه أو طموحه, بينما الإنسان عليه أن يقوم بأي عمل يدر عليه ربحاً أياً كان نوع وصنف العمل, وأن لا يخجل من الأعمال الصغيرة أو المتواضعة ما دامت في الإطار الحلال, والله يحب العمل أياً كان صنفه.
فعن الصادق (ع): أيعجز أحدكم أن يكون مثل النملة، فإن النملة تجرُّ إلى حجرها.
على الانسان أن يكون كالنملة التي تسعى بشكل دائم وراء رزقها, وتجر الحبيبات من أماكن بعيدة الى بيتها لتدخر ذلك وتأكل.
بعض الناس قد يترك العمل ويتفرغ للعبادة، ويعتبر أن العبادة أفضل من العمل!أو أن التطوع في أعمال خيرية وإنسانية أفضل من العمل وطلب الرزق! فيتفرغ للعبادة أو للأعمال الانسانية ويهمل عياله وأولاده, وهذا خطأ, فالله لا يريد للأنسان أن يعرض عن طلب الرزق في الدنيا ليتفرغ للعبادة.
فقد سأل الصادق (ع) عن شخص من أصحابه واسمه عمرو بن مسلم وعما يفعل؟ فقيل له: بأنه ترك التجارة وأقبل على العبادة! فقال:ويحه ـ في مقام تأنيبه ـ أما علم أن تارك الطلب لا يستجاب له ـ أي أن الإنسان الذي يجلس في البيت دون عمل وهو قادر على العمل لا يستجاب دعاؤه ـ إن الله يبغض العبد البطال الذي لا حرفة له.
الانسان العاقل المسؤول يجب ان يبادر إلى العمل، ولا يرضى لنفسه بأن يكون عاطلاً يعتمد على غيره في حاجاته ومعيشته.
بعض الناس يعيشون على الأخذ من الناس, ويجمدون طاقاتهم وإمكاناتهم وكفاءاتهم, في الوقت الذي باستطاعتهم ان يكونوا عناصر منتجة يخدمون أنفسهم ويشاركون في بناء المجتمع.
بعض الناس يعيشون الحاجة بسبب كسلهم وتنبلتهم, أو بسبب أنهم لا يريدون أن يستيقظوا باكراً ويسعون وراء رزقهم, فيضيعون أنفسهم وأسرهم وكأنهم لا يسمعون قول رسول الله (ص): ملعون ملعون من ضيّع من يعول.
فلا يجوز للأنسان ان يضيع أسرته ويدفعها للسؤال من الناس وطلب الحاجة من الناس.
بعض الشباب ممن يملك طاقة الشباب وكفاءة الشباب ويمكن أن يكون عنصراً فاعلاً ومنتجاً في المجتمع , نجده يعتمد على أبويه في مصروفه وهو يستطيع العمل والإنتاج..
كيف يرضى الشاب لنفسه أن يكون خاملاً وعبئاً على غيره؟ وكيف يرضى لنفسه أن يأخذ من غيره إحتياجاته ومصاريفه؟
الشباب ينبغي أن يتوجهوا للإستفادة من طاقاتهم في العمل والإنتاج, وأن يعيشوا الإستقلال عن الأهل.
سأل الإمام الصادق(ع) عن رجل من أصحابه فقيل: أصابته الحاجة فقال (ع): فما يصنع اليوم؟ فقيل: في البيت يعبد ربه قال: فمن أين قوته؟ قيل: من عند بعض أخوانه فقال (ع): والله الذي يقوته أشد عبادة منه.
وجاء أحد أصحابه إليه(ع) ايضاً وهو علاء بن كامل وقال للإمام (ع): ادع الله ان يرزقني في دعة- اي وأنا مرتاح ومسترخ من دون عمل وجهد- فأجابه الإمام (ع): لا أدعو لك، أطلب كما أمرك الله.
اذن الله أمرنا بالعمل والسعي وطلب الرزق وتحصيل لقمة العيش الحلال وأثاب على ذلك.
وكل هذا الاهتمام بالعمل إنما هو لأجل أن العمل: يساهم في إشباع الحاجات النفسية لدى الإنسان ويساعده على إثبات ذاته وقدراته, ويقوي كيان الإنسان ويصنع إرادته, ويوفر حاجاته المادية الحياتية, وينشط االحركة الاقتصادية والمالية, ويحافظ على الأمن الاجتماعي, لأن توفير فرص العمل للشباب يؤدي إلى خلق حالة من الأمن الاجتماعي بينما البطالة وعدم قدرة الشباب على الحصول على فرص عمل يؤدي إلى انتشار الجرائم والسرقات والمخدرات والفساد والإرهاب.
إن أحد أهم أسباب إلتحاق بعض الشباب المسلم بالتيارات التكفيرية الإرهابية هو انعدام فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة في العالم العربي والاسلامي , فيلجأ البعض الى المجموعات التكفيرية الارهابية ليحصل على المال.
ولذلك فإن من واجب الدولة توفير فرص عمل للشباب, وتحقيق مطالبهم ليشعروا بأن لهم كرامة في هذا البلد.
من واجب الدولة والحكومة والكتل النيابية والقوى السياسية إنصاف العمال والموظفين في مطالبهم المعيشية والاجتماعية المحقة, وفي مقدمة ذلك إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي تنصف شريحة كبيرة من اللبنانيين, والتي باتت تشكل مطلباً شعبياً وطنياً, وضمانة للاستقرار الاجتماعي وللاستقرار النقدي والاقتصادي في لبنان.
كما أن تعزيزالأمن والاستقرار هو حق للمواطنين على الدولة في كل المناطق اللبنانية, في الشمال والبقاع والضواحي, ويجب تمكين القوى الأمنية وفي مقدمها الجيش الوطني وإعطائه الدعم الكامل وتغطيته بالقرار السياسي الحازم, لكي يقوم بمهامه في في فرض الأمن والاستقرار, وملاحقة وتفكيك الخلايا والشبكات التكفيرية والإرهابية التي تتخذ من بعض الزوايا في لبنان مكاناً لها.
والخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية التي رحب بها أهل الضاحية ورحبت بها القوى السياسية لا سيما حزب الله وحركة أمل, هي واجب من واجبات الدولة الذي ينبغي أن تؤديه بشكل دائم ومستمر وليس بشكل موسمي أو مرحلي أو آني, من أجل حفظ النظام العام وضبط المخالفات ولجم من يتسبب بالفوضى ويرتكب الجرائم.
يجب أن تستعيد الدولة ثقة المواطنين بها, لأن المواطنين في الضاحية فقدوا ثقتهم بالدولة بعدما تعاطت الدولة مع مناطقهم لفترات طويلة بتراخي وإهمال وعدم مسؤولية, وقد اعتاد المواطنون أن تحضر الدولة في أول أيام الخطط الأمنية ثم سرعان ما تعود للإهمال والتراخي والغياب من جديد لتعود الأمور كما كانت من قبل.
على الدولة متابعة الخطة الأمنية والحفاظ على استمرارها, وعلى المواطنين أن يعوا مسؤولياتهم تجاهها, وأن يلتزموا بالقوانين, ويتقيدوا بأنظمة السير وبكل الأنظمة المرعية الإجراء, لأن ذلك يساهم بالتأكيد في منع الفوضى وإقرار النظام العام ونجاح الخطة في تحقيق أهدافها.
الحمد لله رب العالمين