آثار الخلافات الزوجية (8)
- المجموعة: الحديث الرمضاني 1438 هـ
- 08 حزيران/يونيو 2017
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2925
الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني 8-6-2017: للخلافات الزوجيَّة آثارٌ سلبيّة مدمّرةً على الأسرة.
للخلافات الزوجيَّة آثارٌ ونتائج وتداعيات وانعكاسات سلبيّة جدّاً على الأسرة، قد تكون أحياناً خطيرةً ومدمّرةً، ومن هذه الآثار:
1. الطلاق:الطلاق من أخطر وأكبر المشاكل الناتجة عن فشل العلاقة الزوجيَّة. وهو من الأمور المكروهة في الشرع .
عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: "ما من شيء أبغض إلى الله عزّ وجلّ من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة. يعني بالطلاق.
عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إن الله عزّ وجلّ يحب البيت الذي فيه العرس ويبغض البيت الذي فيه الطلاق، وما من شيء أبغض إلى الله عزّ وجلّ من الطلاق.
وفي آخر عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ): " تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش "
وللطلاق مفاسد كثيرة، منها: أن البعض ونتيجة التجربة الأولى الفاشلة يُعرض عن الزواج وتصبح لديه عقد نفسية من هذا الموضوع، ومنها: أنّه يمكن أن يصبح سبباً لضياع الأولاد على المستوى النفسيّ والمعنويّ والاجتماعيّ. ومنها: انه غالبا ما تحرم النساء المطلقات من الحصول على الزوج المؤهل والكفوء مرة أخرى،وكذلك الرجل، وقد يضطر هؤلاء إلى الزواج رغم عدم قناعاتهم، مما يؤدي إلى فقدان السعادة والراحة إلى الأبد. خصوصا مع وجود أطفال من الزواج الأول.
ومع الأسف فإن الطلاق ينتشر في لبنان بنسب مخيف، يُقال إنّ نسبة الطلاق في مجتمعنا اللبناني بين الزيجات الجديدة قد بلغت الـ 75٪ في الآونة الأخيرة.ويُقال ان هذه النسبة ترتفع في بعض الفصول وتنخفض في بعضها الآخر تبعاً للأوضاع الإقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالمصاريف الأسرية!!
وتفشي ظاهرة الطلاق في لبنان تعود إلى عوامل عديدة بحسب بعض الخبراء وبعض الدراسات منها:
-التحرر المنفلت في وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة.
-العوامل الإقتصادية التي تلعب دوراً كبيراً في الحد من الزواج وفي الخلاص منه في آن معاً.
-التفلت الديني أو من قيم الدين وتعاليمه وهذا السبب هو الأهم لأنه يدفع بقوة نحو ظاهرة الإقدام على الطلاق.
2. العنف الأسري:فالخلافات الحادّة بين الزوجين غالباً ما تكون سبباً لبروز ما يُسمّى بالعنف الأسري، الذي يظهر من خلال استخدام العنف، والاعتداء بالضرب او بالصفع او بالركلاو ما شابه ، خصوصاً على الزوجة. وقد يصل الأمر في بعض الأحيان ليطال الأطفال أيضاً، حيث إنّ بعض الأزواج قد يُظهر توتّره من شريكه عبر ضرب أطفاله والتعامل بقسوة معهم.
وهذا عمل محرم لأن الإسلام حرم الضرب ولم يجزه الإ في حالات استثنائية جدداً جدداً بل الإسلام فرض الدية في حال ترك الضرب اثراً ولو صغيرا في جسم الانسان.
فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم: "إنّي لأتعجّب ممّن يضرب امرأته وهو بالضرب أولى منها".
وعن الإمام علي عليه السلام في ما أوصى به ابنه الحسن عليه السلام: "ولا يَكُنْ أهْلُكَ أشْقَى النّاس بك".
3.المشاكل الاجتماعية:فالأسرة التي تعاني من خلافات، ستعاني الكثير من المشاكل الاجتماعية مع محيطها وخاصّة في امرين أساسيّتين:
أ- مشاكل مع الأقارب: فغالباً ما تنسحب هذه المشاكل من داخل البيت إلى المحيط العائلي ليطال أقرباء كلٍّ من الزوجين أيضاً. فالمشاكل الزوجية غالباً ما تكون أرضية خصبة لتدخّلات الأهل والأقارب القريبين والبعيدين، وهذا ما يؤدّي إلى تعقيد الأمور وزيادة الطين بلّة.
ب- مشاكل في العمل: فالتوتّر العائلي سوف ينعكس على نفسية الإنسان، خصوصاً أوقات العمل التي يكون فيها الإنسان بأمسّ الحاجة إلى الصفاء والتركيز. وبطبيعة الحال، فإنّ مثل هذه البيئة المسبوقة بالقلق والتشنّج الفكريّ والنفسيّ لن تكون محيطاً يساعد على الإبداع والعطاء والإنتاج.
وقد حثّت الروايات الشريفة كثيراً على الصبر عند وقوع الخلاف؛ قولاً كان أم فعلاً.
روي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنّه قال: "من احتمل من امرأته ولو كلمة واحدة، أعتق الله رقبته من النار، وأوجب له الجنّة".
التزيّن والتجمل: منالأمور المهمّة التي تفيد في تقوية العلقة العاطفية بين الزوجين، هو أن يقوم كلّ منهما بالتزيّن والتجمّل للآخر، وأن يبتعد عن كلّ ما ينفرّ الطرف الأخر على مستوى الشكل والمظهر
فهناك العديد من النسوة اللائي انحرفن عن جادة العفّة؛ بسبب إهمال أزواجهنّ لهذا الجانب الحسّاس من الحياة. فعن الإمام الكاظم عليه السلام: "إنَّ التهيئة ممّا يزيد من عفّة النساء، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهنّ التهيئة
كما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام توصية للرجل بتوفير الزينة لزوجته حتى لو اقتصر الأمر على قلادة. يقول عليه السلام: "لا ينبغي للمرأة أن تعطِّل نفسها؛ ولو أن تعلّق في عنقها قلادة".
مراعاة إمكانيات الشريك:
قال تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)
على كلّ من الزوجين أن يرفق بالآخر ويداريه؛ فلا يكلّف أحدهما الآخر ما لا طاقة له به على كلا المستويين المادّي والمعنوي.
على الزوجة أن تراعي إمكانيات الزوج في النفقة وغيرها، بأن تراعي ظروفه المعيشية وامكاناته المادية فلا تكون متتطلبة بحيث تكلّف الزوج ما لا يقدر عليه من أمر نفقة وحاجيات مختلفة، فإنّ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال في هذا الصدد: أيّما امرأة أدخلت على زوجها في أمر النفقة وكلّفته ما لا يطيق، لا يقبل الله منها صرفاً ولا عدلاً إلّا أن تتوب وترجع وتطلب منه طاقته.
وكذلك الحال بالنسبة للزَّوج، عليه أن يراعي إمكانات زوجته النفسية والجسدية والعاطفية؛ لأنّ الله لا يكلِّف نفساً إلا طاقتها وإمكاناتها؛ فقد تكون الزوجةمريضة أحيانا وتحتاج الى الراحة ولا تكون قادرة على القيام ببعض الأمور فعلى الزوج أن يُقَدِّر ظروفها في المرض والعافية، والقوّة والضعف، والليل والنهار، وشغلها وفراغها، وغير ذلك؛ لأنّها قوانين الخِلْقَة؛ وكلّ إنسان له مزاجه، وله تداعياته النفسية، وله كرهه وحبّه، وانزعاجه ورضاه، وقلقه وطمأنينته.
هذه بعض الاسس والمقومات للحياة الزوجية الناجحة، ولا نخفي سرّاً إذا قلنا بأن تطبيق هذه المفاهيم يحتاج إلى إرادةٍ صلبة، ومقدار كبير من التنسيق والتفاهم على إنجاح العلاقة الزوجية، وإلا فلا يمكن لأيّ من الطرفين أن يقوم بمسؤولياته وأن يؤدّي واجباته بالشكل الملائم.