المقالات
كلمة في احتفال النصر والتحرير في بر الياس 22-5-2024
- المجموعة: نشاطات ولقاءات
- 22 أيار 2024
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1764
الشيخ دعموش من بر الياس: المقاومة لن تحيد عن نهجها وستبقى في قلب المعركة.
لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، نظمت جمعية قولنا والعمل مهرجانًا سياسيًا وشعبيًا حاشدًا في برالياس، وذلك بحضور نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش ورئيس الجمعية الشيخ أحمد القطان والأمين العام لحزب الإتحاد النائب حسن مراد وعضو تكتل لبنان القوي النائب سليم عون، بالإضافة إلى ممثلين عن الأحزاب الوطنية اللبنانية والقوى والفصائل الفلسطينية ولفيف من العلماء ورؤساء بلديات ومخاتير وحشد من فاعليات البقاع والأهالي.
الشيخ دعموش
وفي كلمة له، أكد الشيخ دعموش أن "دخول قوات الاحتلال إلى رفح لن يُغيّر شيئًا من مشهد العجز الإسرائيلي، ولن يعطي العدو صورة النصر التي يبحث عنها ولن ينهي المقاومة، بل سينتقل هذا العدو من فشل إلى فشل، ولن يجني من استمرار عدوانه سوى المزيد من الخسائر وتعميق المأزق الذي يتخبط فيه"، وقال: "ليس أمام العدو سوى الاعتراف بالعجز والرضوخ للأمر الواقع والذهاب نحو الحل السياسي والعودة إلى ورقة الاتفاق التي وافقت عليها حماس ومعها كل فصائل المقاومة".
وشدد سماحته على أن "المقاومة لا زالت حاضرة ومتماسكة وقوية وثابتة وهي تواجه العدو بكل شجاعة وصلابة في رفح وفي جباليا وفي وسط غزة وعلى امتداد القطاع، وتلحق به خسائر كبيرة"، وأضاف: "على العدو أن يعرف أن ما عجز عن تحقيقه خلال 8 أشهر في عز اندفاعة جيشه، وفي عز تأييد أميركا والغرب له، لن يتمكن من تحقيقه اليوم بعدما تبدلت الكثير من تداعيات الحرب".
وأشار إلى "أننا منذ البداية قلنا إن معركتنا في الجنوب هي لمساندة غزة وعدم الاستفراد بها وإشغال العدو والضغط عليه كي يوقف عدوانه وكي لا يتمكن من تحقيق أهدافه، لأنه إذا تمكن من غزة سيتفرغ للبنان وينفذ تهديداته ضده وسيكون بلدنا هو الحلقة التالية بعد غزة، لذلك انخرطنا في هذه المعركة لأنه لا يمكن فصل لبنان عما يجري في غزة".
كما أكد الشيخ دعموش أن "من يريد أن يحمي لبنان من العدو الصهيوني، عليه أن يكون جزءًا من هذه المعركة وأن يدافع عن القضية المركزية للأمة وهي قضية فلسطين والمقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين"، وتابع أن "العدو وحلفاؤه يريدون أن يعزلوا لبنان عما يجري في فلسطين ليستفردوا بالشعب الفلسطيني، ونحن لسنا ممن يتخلى عن القضية الفلسطينية وعن واجبه الديني والإنساني والأخلاقي والقومي تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني".
ورأى أن "الشهيدين العزيزين والكبيرين رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران آية الله السيد ابراهيم رئيسي ووزير الخارجية الدكتور أميرعبد اللهيان ورفاقهما ممن ارتقوا في حادثة الطائرة المفجعة، هما ممن قدموا خدمات جليلة للمقاومة في فلسطين وفي لبنان وفي كل المنطقة، وكانت لهما مواقف جريئة وشجاعة في كل المؤتمرات والمحافل والمنابر الدولية، نصرة لغزة ولبنان والقضية الفلسطينية"، وقال: "لا شك أننا بفقدهما فقدنا سندًا كبيرًا ومؤثرًا في نصرة قضايانا في هذه المنطقة، لكن عزاءنا وعوضنا هو بوجود آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) والشعب الإيراني القوي والصابر والصامد المتمسك بقضايا أمتنا الذي لا يمكن أن يحيد عن هذا النهج الإسلامي والإنساني الأصيل مهما كانت الاثمان والمصاعب والتضحيات".
وختم سماحته بالقول: "أننا سنواصل هذا النهج، نهج المقاومة، ولن نحيد عنه، والمقاومة في لبنان ستبقى في قلب هذه المعركة إسنادًا لغزة وهي تُطوّر أدائها وعملياتها كمًّا ونوعًا بما يتناسب مع الظروف والتطورات القائمة، وتفرض المُعادلات في الميدان، ولن نفكك بين هذه الجبهة وجبهة غزة"، مؤكدًا أن "لا حل للجبهة اللبنانية قبل وقف الحرب في غزة، وكلّ الضغوط الداخلية والخارجية والتهويل والتهديد بالحرب الشاملة على لبنان لن يعطي نتيجة، فنحن لا نخشى التهديد ولا نسقط أمام التهويل، ومستعدون لكل الاحتمالات، وسندافع عن بلدنا بكل عزم وقوة واقتدار، وسننتصر بإذن الله في هذه المواجهة كما انتصرنا في كل المواجهات السابقة".
الشيخ القطان
بدوره، أشار الشيخ القطان إلى أن "الشباب في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وكل المحور أخذوا على أنفسهم عهدًا بأن لا يرجعوا إلا منتصرين أو شهداء في سبيل الله"، وقال: "لقد نظر كل العالم للشباب العظماء في فلسطين الذين يلقنون وإلى الآن هذا العدو درسًا لن ينساه أبدا، فلم يعد هناك أي كلام بأن "إسرائيل" لا تقهر وهي التي تمتلك أقوى وأقدر جيش في المنطقة"، وأضاف: "لقد أثبتوا أن هؤلاء الشرذمة لن تقوم لهم قائمة في غزة وفي كل فلسطين وأن فلسطين وبهؤلاء المجاهدين المقاومين ستعود كل فلسطين من البحر إلى النهر".
ورأى الشيخ القطان أن "ما نراه في لبنان من مساندة لأهلنا وإخواننا في غزة ليس غريبًا عن حزب الله في لبنان، وليس غريبا عن كل القوى الوطنية المقاومة التي تساند غزة من جنوب لبنان"، وأسف "لتشكيك البعض في لبنان بقوة وقدرة المقاومة، والذي لا زال إلى الآن لا يريد أن يعترف بقوة لبنان ومعادلة الشعب والجيش والمقاومة، هذه المعادلة التي حررت عام 2000 وانتصرت عام 2006 وهذه المعادلة التي حمت لبنان من داعش والنصرة ومن كل الأخطار التي تهددت هذا البلد".
ولفت إلى أن "ما أصاب الجمهورية الإسلامية في إيران من مصاب فقد أصابنا جميعًا وأصاب كل أحرار العالم وكل من لديه إنسانية"، وتابع: لا بد من استحضار المواقف المشرفة لإيران مع المقاومة في لبنان ودعمها المطلق للمقاومة في فلسطين".
مراد
من جهته، اعتبر النائب مراد أن "ال25 من أيار/مايو هو يوم انتصار إرادة المقاومة وأهلها على أعتى قوة عرفتها البشرية، ويوم تغيير التوازنات إيجابيًّا في المنطقة، وتجسيد مفهوم الدولة وكل معاني الوحدة الوطنية"، مؤكدًا "أننا لن نتنازل عن شبر واحد من أرضنا العربية المحتلة، وسنقاتل في سبيل الحفاظ على وحدة قوى المقاومة لاسترجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر والقرى السبع".
وشدّد على "موقفه الثابت من دعم المقاومة في فلسطين واليمن وسورية والعراق"، وقال إن "فلسطين حق مقدس لن يموت أو يمحى أو يسقط مع مرور الزمن"، لافتًا إلى أن "المقاومة الفلسطينية تدافع عن كل قضايا الأمة المحقة بوجه كل طغاة العالم رغم كل الضغوط والعقوبات".
وتابع مراد: "في الوقت الذي نخوض فيه الملاحم نسمع في الأفق من يتحدث عن الصفقات أو يروح للتسويات المذلة أو يرسم سيناريو لغزة ما بعد الحرب، ولكن عبثًا يحاولون وسيفشل المخطط في غزة، ولن نسمح بأن تنكب فلسطين مرتين وإننا تعلمنا من دروس الماضي"، ورأى أن "خيار المقاومة هو الحل الوحيد لاستعادة الحقوق التاريخية، فما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة".
وتوجّه بالعزاء إلى الجمهورية الإسلامية في إيران باستشهاد رئيسها إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية الدكتور حسين أمير عبداللهيان والوفد المرافق لهما، آملًا أن "تخرج إيران من الأزمة أكثر قوة وصلابة".
عون
وفي كلمة له، لفت عون إلى أن "أهمية هذا الإنتصار تجاوزت حدود لبنان، فهذا الإنجاز نقل لبنان والمنطقة بأسرها من زمن الى آخر، من زمن الإستسلام الكامل لمشيئة "إسرائيل" إلى زمن كسر إرادتها، ومن زمن عنجهيتها إلى زمن مرمغة أنفها في التراب، ومن زمن الرضوخ إلى زمن الرفض، ومن زمن الضعف الى زمن القوة، وما تشهده غزّة اليوم خير دليل على ذلك"، مؤكدًا أن "هذا الإنتصار كسر مقولتين لطالما رددهما واقتنع بهما الأقربون والأبعدون على حدٍ سواء: "قوة لبنان في ضعفه"، و"الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر".. أثبت هذا الإنتصار أن قوة لبنان في قوته، وأن الإرادة الحرة أقوى من أي سلاح. كما أظهر أن الجيش الإسرائيلي، الذي كان يعتبر قوة لا تُقهر، يمكن دحره وهزيمته عندما تتوفر الإرادة الصلبة والإيمان بالحق".
وذكر أن "هذا الإنتصار كان درسًا لنا وللأجيال القادمة ولكل العالم: أن لا مستحيل أمام الإرادة الصلبة، وأن القوة الحقيقية ليست في العتاد والسلاح، بل في العقل والثقة بالنفس والإيمان بعدالة القضية".
نص كلمة الشيخ دعموش
من البقاع الأبي والمقاوم، ومن هذه البلدة الطيبة المقاومة ، الوفية، بعلمائها ووجهائها ونخبها وناسها الطيبين، نقف لنحتفل بإنتصار وطني وتاريخي كبير ما كان ليتحقق لولا تكامل المقاومة والجيش والشعب، ولولا التضحيات الجسيمة التي قدمها هؤلاء من اجل تحرير جزء عزيز وكبير من وطننا من الاحتلال الاسرائيلي ، فهذا الانتصار لم يأت بالمجان ولم يأت نتيجة اعتصامات او احتجاجات أو تدخل دولي، وإنما جاء حصيلة سنوات طوال من المقاومة والتضحيات والشهادة والجراح والاسر والصبر والتحمل والتهجير والسهر والتعب والخ ..والأثمان التي قُدمت لصنع هذا الانتصار كانت أثمانا عالية وغالية جدا، لقد قدمنا أغلى وأعز ما عندنا في هذه المقاومة حتى كان هذا الانتصار.
لذلك يجب أن نحافظ عليه وأن نتمسك به وأن نصونه وان نحييه لتتعرف الاجيال على هذه التجربة، وليس كما يسعى البعض أن يُفرطوا به أو أن يضعوه في دائرة النسيان، لأنه نتصار يبنى عليه.، وقد اسس لمعادلات وكسر الجيش الذي لا يقهر وقضى على المشروع الصهيوني الكبير في المنطقة.
الإنتصار الذي تحقق في 25 أيار عام 2000 في لبنان هو بالدرجة الأول انتصار لمنطق المقاومة، وفكر المقاومة وثقافة المقاومة، التي كانت تقف خلف بندقيّة المقاومة.
لقد قامت المقاومة الاسلامية للإحتلال الإسرائيلي في لبنان على أسس واضحة ومشرقة :على الإلتزام الديني والإيماني، والإلتزام الوطني، والسلوك الأخلاقي المتميّز للمجاهدين، وعلى الإخلاص في العمل للهدف المباشر وهو التحرير، وإعطاء الأولوية المطلقة للمقاومة ، والدراسة والتخطيط والعمل المحكم بعيدا عن العشوائيّة والفوضى والإنفعال ، وعلى الجديّة والمثابرة والصبر ، الإستعداد الدائم للتضحية في سبيل الله بالنفس والدم والولد والمال، وتجنب الصراعات الداخليّة.
ولكن يبقى الأساس في هذ التجربة هو الإنسان، الإنسان المؤمن بالله، المحب لوطنه وشعبه وأمّته والذي يتمنّى لهم الخير والحرية والكرامة والمجد والعزّة والإنتصار فيصنع لهم كل ذلك بدمه الزاكي، الإنسان المعتمد على الله والواثق بتأييده ونصره، والمستعد دوما للتضحية، وهنا تكمن قوتنا ومن هنا كان الإنتصار.
قيمة الانتصار الذي حصل في أيار العام 2000 أنه انجاز صافي للمقاومة، حيث استطاعت المقاومة بجهادها وتضحياتها وصدقها واخلاصها لبلدها وأهلها ومثابرتها وجديتها وارادة مجاهديها واحتضان شعبها أن تفرض على العدو الانسحاب من أرضنا بدون قيد ولا شرط، وبدون ضمانات وبدون مكاسب ، وهذا يحصل لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي, فمصر مثلاً لم تتتمكن من استعادة أرضها المحتلة الا من خلال اتفاق كمب ديفد المذل، الذي قيد مصر وانتقص من سيادتها على أراضيها.
انتصار أيار أثبت أن بالإمكان الحاق الهزيمة بالعدو واستعادت الارض والحقوق والمقدسات بالمقاومة ..
أهم نتيجة نستخلصها دائماً، منذ 25 أيار 2000، واليوم نؤكد عليها، أننا يمكن أن ننتصر بالمقاومة، وقد انتصرنا في أكثر من موقع وفي اكثر من مواجهة، وأن العدو ـ مهما كان جباراً ومقتدراً ويملك أقوى الأسلحة وأقوى الجيوش ـ يمكن أن يُهزم أمام إرادتنا، وقد هُزم في أكثر من موقع وفي اكثر من مواجهة في 93 و96 و2000 و2006.
فبل انتصار ايار كان الاعتقاد السائد في العالم وفي العالم العربي ولدى القوى والشعوب العربية أن المقاومة قد تستطيع أن تضر بالعدو وتوقع الخسائر, لكنها لا تستطيع أن تنجز عملية تحرير, ولا يمكن أن تستعيد أرضا محتلة! قد تستطيع أن تقتل جنوداً وضباطاً اسرائيليين, وأن تقتحم مواقع العدو وتزرع العبوات وتفجر مواقع العدو, ولكنها لا تستطيع أن تهزم العدو! ولكن انتصار أيار أثبت العكس, وأن المقاومة يمكن أن تحرر الارض, ويمكن أن تهزم العدو.
قبل الانتصار في 2000 كانت ثقافة الاحباط واليأس والهزيمة هي الثقافة الغالبة في الأمة, أما بعد 25 أيار فقد أصبحت الثقافة الغالبة في الأمة هي ثقافة الانتصار .
هذا التحول في المنظومة الفكرية والثقافية للأمة صنعه انتصار أيار.
اليوم، في عيد المقاومة والتحرير وذكرى الإنتصار تبقى هذه التجربة بمثابة الأمل الذي يعطينا القوة لمواصلة المقاومة حتى التحرير الكامل واستعادت الحقوق.
هذا الأمل يتجدد اليوم في فلسطين يتجدد مع طوفان الاقصى الذي زلزل الكيان الصهيوني واذله وهشم صورته وادخله في معركة استنزاف حقيقية وفي مأزق كبير.
اليوم بعد ثمانية اشهر من العدوان على غزة بات العديد من الاسرائيليين من سياسيين وعسكريين واعلاميين يتحدثون عن ان اسرائيل في مأزق حقيقي، وان تحقيق الاهداف المعلنة للحرب مطلب غير واقعي، وان اصرار نتنياهو على مواصلة الحرب يجرنا إلى الهاوية.
لقد فشل العدو في تحقيق أي مكسب استراتيجي ، وهذا الفشل اصبح واضحا للداخل الاسرائيلي وللعالم، وإعلام العدو يتحدث عن أن هذا الفشل يزداد يوما بعد يوم، ومع ذلك فان نتنياهو يكابر ويصر على مواصلة الحرب، وهو يكذب عندما يقول بانه على بعد خطوة من النصر، والعديد من العسكريين الاسرائيليين السابقين يهزؤون بكلامه ويقولون إن استمرار الحرب بات يشكل خطرا على الكيان وهم يشعرون بالخيبة من نتائج الحرب.
واليوم الدخول الى رفح لن يُغيّر شيئًا من مشهد العجز الإسرائيلي، ولن يعطي العدو صورة النصر التي يبحث عنها ولن ينهي المقاومة، وسينتقل من فشل الى فشل، ولن يجني من استمرار عدوانه سوى المزيد من الخسائر وتعميق المأزق الذي يتخبط فيه، وليس امامه سوى الاعتراف بالعجز والرضوخ للامر الواقع والذهاب نحو الحل السياسي والعودة الى ورقة الاتفاق التي وافقت عليها حماس ومعها كل فصائل المقاومة في غزة.
المقاومة لا زالت حاضرة ومتماسكة وقوية وثابتة وهي تواجه العدو بكل شجاعة وصلابة في رفح وفي جباليا، وعلى امتداد القطاع وتلحق به خسائر كبيرة.
يجب أن يعرف العدو أن ما عجز عن تحقيقه خلال ثمانية أشهر في عز اندفاعة جيشه، وفي عز تأييد أميركا والغرب له، لن يتمكن من تحقيقه اليوم بعدما تبدلت الكثير من تداعيات الحرب، وكل حقائق الميدان تدل على أن الحاق الهزيمة بالمقاومة هو أمر مستحيل لا يمكن أن يحصل، فهذه المقاومة من خلال صمودها وثباتها وعملياتها خصوصا في شمال القطاع أعادت العدو إلى نقطة البداية، وهي تثبت كل يوم أنها قوية ومقتدرة وراسخة وأكثر استعدادًا للمواجهة، وأقرب إلى تحقيق الانتصار، خصوصًا أنها ليست لوحدها، وإنما إلى جانبها محور يمتد من لبنان إلى اليمن يساندها ويرفع من وتيرة وأساليب دعمه لها ويمارس ضغوطا مؤثرة على العدو.
نحن منذ البداية قلنا بان معركتنا هي لمساندة غزة وعدم الاستفراد بها واشغال العدو والضغط عليه كي يوقف عدوانه ولا يتمكن من تحقيق اهدافه، لأنه إذا تمكن من غزة سيتفرغ للبنان وينفذ تهديداته ضد لبنان وسيكون لبنان هو التالي بعد غزة، ولذلك انخرطنا في هذه المعركة لانه لا يمكن فصل لبنان عما يجري في غزة، فلبنان ليس جزيرة معزولة عن محيطها، لبنان في قلب هذه المنطقة ويتأثر بما يجري فيها، وكل التجارب تدل على ذلك، فما يجري في فلسطين منذ احتلالها إلى اليوم كان ولا يزال يؤثر على لبنان ولا يمكن لاحد ان ينكر ذلك إلا من يريد ان يتجاهل حقائق التاريخووقائع التاريخ.
وبالتالي من يريد ان يحمي لبنان من العدو الصهيوني عليه أن يكون جزءا من هذه المعركة وان يدافع عن القضية المركزية للامة وهي قضية فلسطين والمقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين ,والعدو وحلفاؤه هم من يريد ان يعزل لبنان عما يجري في فلسطين ليستفردوا بالشعب الفلسطيني، ونحن لسنا ممن يتخلى عن هذه القضية ، وعن واجبه الديني والانساني والاخلاقي والقومي اتجاه مظلومية الشعب الفلسطيني
الولايات المتحدة الأمريكية ومعها العديد من دول أوروبا والغرب جاؤوا من أقاصى الدنيا ومن وراء البحار ليساندوا الصهاينة في عدوانهم على غزة، فلماذا يحق لهم ان يساندوا العدو المحتل ولا يحق لنا ان ننتصر لمظلومية الشعب الفلسطيني في غزة والضفة ولاصحاب الارض الحقيقيين؟!
لماذا يطلب منّا أن نقف على الحياد وان نتجرد من إنسانيتنا ونتفرج على ما يجري من ابادة وتدمير في غزة من دون ان نحرك ساكنا، بينما هم يقدمون كل اشكال الدعم للكيان من اجل الاستمرار في عدوانه الهمجي الظالم على اهل غزة
الذين يستهدفون غزة اليوم ويدمرونها ويقتلون أهلها ونسائها واطفالها جاؤوا إلينا في الـعام 2006 ليدمروا بلدنا ويقتلوا اهلنا ويسحقوا مقاومتنا ، وهم في كل يوم يهددوننا بتدمير بلدنا ويتآمرون علينا، وان سكتنا فهم لن يسكتوا .
إذا كنا نريد أن ندافع عن بلدنا يجب أن نحمي مقاومتنا وسلاحنا وقضايانا وأن نعمل على استعادة حقوقنا وان نكون في قلب هذه المعركة وان نكون في مقدمة من يدافع عن غزة وعن فلسطين لان الدفاع عن فلسطين هو دفاع عن لبنان وعن الوطن العربي والاسلامي وعن مستقبل لبنان ومستقبل الوطن العربي والاسلامي.
هذه هي الحقيقة التي قد نفترق في فهمها عن البعض في لبنان أو في المنطقة، وهذا ليس جديدًا في السياسة اللبنانية، او في السياسات المتبعة لدى بعض الدول العربية والاسلامية، فهناك من يعتبر أن قضية فلسطين ليست أولوية بالنسبة اليه او لا تعنيه، وانها ليست مرتبطة لا بوطنه ولا بمستقبله ، اما نحن فنعتبر ان هذه القضية ترتبط ارتباطا وثيقا وشديدا ببلدنا وبمستقبلنا ولا يمكن التفكيك بين هذه القضية ومستقبل بلدنا ومستقبل بلدان المنطقة.
وهذه الحقيقة هي التي جعلت القضية الفلسطينية أولوية في الجمهورية الإسلامية في إيران منذ قيامها والى اليوم، حيث وقفت بكل وضوح إلى جانب المقاومة في فلسطين، ودفعت اثمانا كبيرة ولا تزال بسبب موقفها من القضية الفلسطينية ودعمها لحركات المقاومة في مواجهة المحتل .
والشهيدان الكبيران رئيس الجمهورية الاسلامية في ايران آية الله السيد ابراهيم رئيسي ووزير الخارجية الدكتور أمير عبداللهيان ورفاقهما ممن ارتقوا في حادثة الطائرة المفجعة، هم من اولئك الذين قدموا خدمات جليلة للمقاومة في فلسطين وفي لبنان وفي كل المنطقة، وكانت لهما مواقف جريئة وشجاعة في كل المؤتمرات والمحافل والمنابر الدولية ، نصرة لغزة ولبنان والقضية الفلسطينية ، ولا شك اننا بفقدهما فقدنا سندا كبيرا ومؤثرا في نصرة قضايانا في هذه المنطقة ولكن عزاؤنا هو بوجود آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) ووجود الشعب الإيراني العزيز القوي والصابر والصامد المتمسك بقضايا امتنا والذي لا يمكن ان يحيد عن ثوابته واستراتجيته في دعم المقاومة وفلسطين، ولا عن هذا النهج الاسلامي والانساني الاصيل مهما كانت الاثمان والمصاعب والتضحيات.
ونحن سنواصل هذا النهج نهج المقاومة ولن نحيد عنه، والمقاومة الاسلامية في لبنان ستبقى في قلب هذه المعركة اسنادا لغزة وهي تُطوّر أدائها وعملياتها كمًّا ونوعًا بما يتناسب مع الظروف والتطورات القائمة، وتكرس حالة الردع، وتفرض المُعادلات في الميدان، ولن نفكك بين هذه الجبهة وجبهة غزة، ولن يكون هناك حل للجبهة اللبنانية قبل وقف الحرب في غزة، وكلّ الضغوط الداخلية والخارجية والتهويل والتهديد بالحرب الشاملة على لبنان لن يعطي نتيجة، فنحن لا نخشى التهديد ومستعدون لكل الاحتمالات وسندافع عن بلدنا بكل عزم وقوة واقتداروسننتصر باذن الله في هذه المواجهة رغم كل الجراح كما انتصرنا في كل المواجهات السابقة. وكل عام وانتم بخير.