المقالات
الإمام الصادق (ع) فضله ووصاياه
- المجموعة: 2013
- 30 آب/أغسطس 2013
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2588
احتلت شخصية الإمام الصادق (ع) موقعاً متقدماً ومكانة علمية مرموقة في الواقع الإسلامي، فقد ملأ هذا الواقع علماً ومعرفة وفكراً ووعياً, نظراً لتنوع العلوم والمعارف التي كان ينشرها من خلال الجامعة الإسلامية الكبرى التي ثبّت دعائمها في تلك المرحلة.
خلاصة الخطبة
الشيخ دعموش: مسؤولية الشعوب رفض العدوان والوقوف ضد الحرب على سوريا
أشار سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة:الى أن الولايات المتحدة وحلفاؤها يحاولون إقناع الرأي العام بأن الضربة العسكرية لسوريا هي ضربة عقابية للنظام لاستخدامه السلاح الكيميائي, وأنهم يريدون القيام بذلك من أجل إنقاذ المدنيين في سوريا.
وتساءل: لماذا لم نرى هذه الحمية تجاه الشعب الفلسطيني والأطفال في فلسطين الذين يقتلون على أيدي الإسرائيليين بأعصاب باردة؟ ولم نرى هذه الحماسة في الدفاع عن المدنيين عندما كان صدام حليفكم واستخدم السلاح الكيميائي في حربه ضد إيران وأودى بحياة الآلاف من الضحايا؟.
ونبّه: الى أن هذا الخداع والنفاق يجب أن لا ينطلي على شعوب هذه المنطقة ولا على شعوب العالم.
ولفت: الى أن المطلوب أمريكياً اليوم ضرب سوريا وإدخالها في نفس منظومة الدول التي يجب تفكيكها وتدميرها في هذه المنطقة من أجل أن تبقى إسرائيل قوية.
واعتبر: أن الضربة التي تُحضّر لسوريا يجب أن تكون حافزاً للشعوب العربية والإسلامية لوعي حقيقة ما يجري في هذا البلد, وأن ما يجري ليس ثورةً وإنما مؤامرة يراد منها تخريب هذا البلد وتدمير قدراته ليكون بلداً ضعيفاً في جوار إسرائيل.
وقال: ما يُحضّر لسوريا يجب أن يدفع الشعوب لإعلان عدائها ورفضها لسياسات الهيمنة والاستعمار الجديد والتدخل في شؤون هذه المنطقة.
وأكد: أن مسؤولية الشعوب, وخصوصاً شعوب هذه المنطقة, هي رفض العدوان والوقوف ضد الحرب على سوريا التي يمكن أن تترتب عليها نتائج خطيرة تصيب المنطقة وتصيب العالم.
نص الخطبة
نعزي الأمة بشهادة الإمام الصادق (ع) الذي استشهد في الخامس والعشرين من شهر شوال سنة 148هـ متأثر بسم دسه إليه المنصور العباسي عن طريق عامله على المدينة المنورة محمد بن سليمان, ودفن في البقيع إلى جانب أبيه الباقر وجده زين العابدين وعمه الإمام الحسن (عليهم السلام).
لقد احتلت شخصية الإمام الصادق (ع) موقعاً متقدماً ومكانة علمية مرموقة في الواقع الإسلامي، فقد ملأ هذا الواقع علماً ومعرفة وفكراً ووعياً, نظراً لتنوع العلوم والمعارف التي كان ينشرها من خلال الجامعة الإسلامية الكبرى التي ثبّت دعائمها في تلك المرحلة.
وقد شهد بفضله وموقعه ومكانته الفقهية والعلمية الكثير من العلماء والمفكرين وبعض أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم.
وعندما ندرس الكلمات التي قالها هؤلاء وغيرهم من المعاصرين للإمام ممن اختلفت اتجاهاتهم المذهبية واتجاهاتهم الفكرية, فإننا نجد عظمة هذا الإمام تتمثل في تمكنه من أن يأخذ بعقول هؤلاء وقلوبهم ووجدانهم ومواقفهم منه.
يقول مالك بن أنس إمام المذهب المالكي: اختلفت إليه ـ إي للإمام الصادق (ع) ـ زماناً كنت لا أراه إلا على إحدى ثلاث خصال: اما مصلٍ واما صائم واما يقرأ القرآن، وما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علماً وعبادة وورعاً.
وهذا التصريح نقله الذين أرخو لشخصية الإمام مالك بن أنس.
وإذا قرأنا تصريح الإمام أبي حنيفة إمام المذهب الحنفي فإننا نجد أنه يقول: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور العباسي بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من المسائل الشداد ـ أي الصعبة ـ لتفحمه ويظهر عجزه أمام الناس، فهيئت له أربعين مسألة، ثم بعث إليّ أبو جعفر المنصور وهو الخليفة الثاني من خلفاء بني العباس وهو بالحيرة، فأتيته فدخلت عليه وجعفر بن محمد جالس عن يمينه، فلما أبصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر بن محمد الصادق ما لم يدخلني لأبي جعفر المنصور، فسلمت عليه وأومأ إليَّ، فجلست فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة، فقال جعفر الصادق: نعم، قد أتانا ثم التفت إليّ المنصور وقال: يا أبا حنيفة ألقِ على أبي عبد الله مسائلك، فجعلت أُلقي عليه فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا, فربما تابعهم ـ أي وافقهم ـ وربما خالفنا جميعاً حتى أتيت على الأربعين مسألة, ثم قال أبو حنيفة وهو يشير إلى الإمام الصادق (ع): أليس روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.
فكأنما كان يريد أن يقول إن الإمام الصادق (ع) يملك معرفة فقهية واسعة بحيث يعرف كل الآراء الفقهية المطروحة في زمنه, بحيث يستطيع أن يواجه هذا الرأي وذاك الرأي بالحجة والدليل والبرهان لتأكيد رأيه.
ونحن عندما نقرأ مثل هذه التصريحات والتي تعددت على لسان الكثيرين، فليس لأجل أن نستزيد في تعظيمه، فإن إمامته هي سر عظمته لأنها تمثل اللطف الإلهي به ورعاية الله له باعتباره الحجة على عباده وليس في ذلك زيادة لمستزيد، ولكن هذه التصريحات والشهادات تكشف عن مدى التأثير العميق الذي استطاع الإمام الصادق (ع) أن يؤثره في عقول هؤلاء، وكيف أنه استطاع بالرغم من اختلاف الناس حول إمامته أن يفرض فضله وعظمته وعلمه على العلماء والمفكرين.. الأمر الذي دفع الإمام إلى أن يقوم بدور واسع على المستوى العلمي والفكري وأن يربي جيلاً كبيراً من العلماء من خلال جامعته الإسلامية الكبرى.
يقول أحد المؤرخين دخلت مسجد الكوفة فإذا فيه 900 شيخ وأستاذ كل يقول حدثني جعفر بن محمد الصادق..
وأما ما ينبغي أن تكون عليه صورة الإنسان المنتسب لخط أهل البيت (ع) في المجتمع وعلاقته مع الناس، فقد ورد عن أبي أسامة قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: عليك بتقوى الله, والورع, والاجتهاد, وصدق الحديث, وأداء الأمانة، وحسن الخلق، وحسن الجوار، وكونوا دعاة بغير ألسنتكم، وكونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً (أي عاراً) علينا.
وعنه (ع) أنه قال: كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والاجتهاد (أي الاجتهاد في العمل بطاعة الله) والصلاة والخير فإن ذلك داعية (أي يكون عملكم الحسن داعياً للناس للدخول فيما أنتم فيه من ولاية أهل البيت "ع").
ويقول أحد الرواة وهو أبو الربيع الشامي: دخلت على أبي عبد الله الصادق (ع) والبيت غاص فيه: الخراساني والشامي ومن أهل الآفاق، فلم أجد موقعاً أقعد فيه, فجلس أبو عبد الله وكان متكئاً ثم قال: يا شيعة آل محمد ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يحسن صبحة من صحبه, ومخالقة من خالقه، ومرافقة من رافقه، يا شيعة آل محمد اتقوا الله ما استطعتم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكان يقول(ع) لمن يلتقيه: خف الله كأنك تراه, وإن كنت لا تراه فإن يراك, وأن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين إليك.
هذا هو الإمام الصادق (ع) في بعض كلماته، إننا عندما نقف مع هذا الإمام العظيم في ذكرى مولده, ومع هذه القيم الكبرى التي تتصل بسلوكنا وبعملنا وبأسلوب التعامل مع الآخرين, فحري بنا أن نلتزم بها, لأن ذلك هو معنى أن نلتزم بهم وبخطهم ونهجهم.
ويقول (ع) وهو يلفت إلى ضرورة التأمل والنظر في الأمور قبل الإتيان بها خوفاً من عواقبها: (واعلم أن للأمور أواخر فاحذر العواقب، وأن للأمور بغتاتٌ فكن على حذر، وإياك ومرتقى جبلٍ سهل إذا كان المنحدر وعراً).
اليوم قد يكون من السهل على الولايات المتحدة وحلفاؤها أن يأخذوا قراراً بالحرب على سوريا وأن يبدؤوا الحرب، وأن يضحكوا على شعوبهم وشعوب العالم بأن هذه الحرب هي من أجل حماية المدنيين والشعب السوري والدفاع عن حقوق الإنسان.
قد يكون من السهل أن تبدأ الحرب، لكن ما هي عواقب هذه الحرب؟ ما هي تداعياتها والنتائج التي يمكن أن تترتب عليها؟ هل فكرتم في ذلك؟
هل فكرتم كيف ستكون صورة المنطقة من خلال حرب من هذا النوع؟ وما هي المآسي التي يمكن أن تتركها على شعوب هذه المنطقة وبلدان هذه المنطقة؟
الولايات المتحدة وحلفاؤها يحاولون إقناع الرأي العام بأن الضربة العسكرية لسوريا هي ضربة عقابية للنظام لاستخدامه السلاح الكيميائي, وأنهم يريدون القيام بذلك من أجل إنقاذ المدنيين في سوريا.
لماذا لم نرى هذه الحمية تجاه الشعب الفلسطيني والأطفال في فلسطين الذين يقتلون على أيدي الإسرائيليين بأعصاب باردة؟.
لماذا لم نرى هذه الحماسة لدى الغرب ضد الإسرائيليين عندما استعملوا القنابل العنقودية المحرمة دولياً في غزة وغيرها.. والتي تفتك بالإنسان كما يفتك السلاح الكيميائي؟
لم نرى هذه الحماسة في الدفاع عن المدنيين عندما كان صدام حليفكم واستخدم السلاح الكيميائي في حربه ضد إيران وأودى بحياة الآلاف من الضحايا..
هذا الخداع وهذا النفاق يجب أن لا ينطلي على شعوب هذه المنطقة ولا على شعوب هذا العالم, كفاكم خداعاً ونفاقاً..
خلال العقود القليلة الماضية عملت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها على نشر الحروب والفتن في هذه المنطقة, ودخلت إلى المنطقة من خلال أساطيلها وقواعدها تحت عناوين وذرائع كاذبة، وتسببت بالكثير من الويلات لشعوب هذه المنطقة.
أنظروا ماذا حل بأفغانستان؟ وماذا حل بالعراق؟
أمريكا من خلال صناعتها ورعايتها للمجموعات الإرهابية المسلحة في أفغانستان والعراق وغيرهما تسببت بآلاف الضحايا في هذين البلدين.
التفجيرات اليومية التي يشهدها العراق والتي تودي بعشرات الضحايا يومياً تقوم بها مجموعات ترعاها أمريكا لمصالح معينة.
واليوم يريدون ضرب سوريا وإدخالها في نفس منظومة الدول التي يجب تفكيكها وتدميرها في هذه المنطقة من أجل أن تبقى إسرائيل قوية.
الضربة التي تُحضّر لسوريا يجب أن تكون حافزاً للشعوب العربية والإسلامية لوعي حقيقة ما يجري في هذا البلد, وأن ما يجري ليس ثورةً وإنما مؤامرة يراد منها تخريب هذا البلد وتدمير قدراته ليكون بلداً ضعيفاً في جوار إسرائيل.
ما يُحضّر لسوريا يجب أن يدفع الشعوب لإعلان عدائها ورفضها لسياسات الهيمنة والاستعمار الجديد والتدخل في شؤون هذه المنطقة.
العامل الأساس الذي يمكن أن يساهم في ردع هذا العدوان وفي جعل العدو يتراجع عن الضربة إلى جانب عامل القوة ومواجهة التهديد بالتهديد والحرب بالحرب, هو عامل رفض الشعوب الحرة لهذا العدوان, وخروج هذه الشعوب بكل شرائحها وأحزابها وقواها إلى الشارع للتعبير عن رفض العدوان.
هذه هي مسؤولية الشعوب, وخصوصاً شعوب هذه المنطقة, في رفض العدوان وفي الوقوف ضد الحرب على سوريا التي يمكن أن تترتب عليها نتائج خطيرة تصيب المنطقة وتصيب العالم.
والحمد لله رب العالمين