المقالات
الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني اليومي17/7/2014: النبي(ص) يتبع في مواجهة اليهود أسلوب الاغتيالات لرموزهم الذين تآمروا وأعلنوا الحرب على الإسلام .
- المجموعة: الحديث الرمضاني 1435 هـ
- 17 تموز/يوليو 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2513
تعرفنا فيما مضى الى بعض محاولات اليهود وأساليبهم وممارساتهم العدائية التي واجهوا بها الاسلام والمسلمين في عهد النبي(ص) بهد القضاء عليه.ونستطيع أن نقول إن جميعَ محاولات اليهود للقضاء على الإسلام والمسلمين باءت بالفشل بفعل وعي القيادة ووعي المسلمين وجهادهم.
لقد صبر النبي (ص) في البداية على مؤامراتهم وخياناتِهم الكبرى تفادياً لحرب قاسية تجر الويلاتِ على الناس في مقره الجديد في المدينة المنورة، حتى طفحَ الكيلُ وصَعَّدُوا من تحدياتهم وأصبحوا يشكلون خطراً حقيقياً يتهدد وجود الإسلام من الأساس ولا سيما أنهم كانوا يعيشون في قلب المجتمع الإسلامي ويعرفون كلَ مواقعِ الضعفِ والقوةِ فيه .فكان لا بد من التعامل معهم على أساس الحزم والقوة بدلاً من العفو والتسامح والرفق، فليس من المصلحة أن يُتركَ اليهودُ يعيثون في الأرض فساداً، وينقضون العهود ويرتكبون الخيانات،ويسددون الضربات.. بل لا بد من الردّ الحاسم والحازمِ والعادل على كل اعتداء ، ومواجهةِ كلِ تحدٍّ وتآمرٍ وكيدٍ وخيانةٍ.
ويمكننا أن نقول: إن النبي (ص) تعامل معهم بعد أن اتضح نقضُهُم لكل العهود والمواثيق بأسلوبين :
الأول: الاغتيالاتُ المنظمةُ لرموزهم .
الثاني: الحربُ الشاملةُ والمصيريةُ ضدهم.
في الاتجاه الأول: اتبع النبي (ص) مع اليهود المتآمرينَ أسلوبَ الاغتيالاتِ المنظمةِ لرموزهم وبعضِ أفرادهم الذين ظهر كيدُهم وتآمرُهم وأعلنوا الحرب على الإسلام من خلال الجهر بالتحريض على النبي (ص) وهِجائِه، والتعرضِ بالأذى لنساء المسلمين، ومدِّ يدِ العونِ والمساعدة لأعداء الإسلام، والذين كانوا يشكلون خطراً جدياً على صعيد استقرار المنطقة.
فقد قام باغتيال أبي عَفْكٍ اليهودي الذي كان يحرض على إلحاق الأذى برسول الله (ص) ويقولُ فيه الشعر حيث قتله سالمُ بنُ عميرٍ أحدُ أصحاب رسول الله (ص). وقُتلت العصماءُ بنتُ مَروان اليهودية على يد عميرِ بنِ عوفٍ ليلاً حيث كانت تَعيبُ الإسلام والمسلمين. وتُؤنبُ الأنصار على اتباعهم لرسول الله، وتقول الشعر في هجوه، وتحرضُ عليه.
ويذكر المؤرخون: أن عميرَ بنَ عوفٍ عندما أراد اغتيالها جاءها ليلاً فوجدها نائمة بين أولادها وهي ترضع طفلَها، وكان عميرُ ضعيفَ البصر، فجسها بيده فوجد الصبيَ على ثديها يرضع فنحاهُ عنها، ثم وضع سيفه في صدرها حتى أخرجه من ظهرها، ثم ذهب إلى النبي (ص) فقال له النبي (ص) أقتلتَ ابنةَ مَروان؟ قال: نعم، فقال (ص): لا ينتطحُ فيها عنزان، أي لا يعارض فيها معارض.
إن تصرُّفَ عميرٍ الدقيق في قتل العصماء بعد تنحيةِ ولدِها عن صدرها، يؤكدُ أن الإسلام قد ربى أتباعه على أنه ليس ضد الإنسان، وإنما هو ضدُ مواقفهِ وتصرفاته المنحرفة عن الحق والعدل والفطرة، فهو يريدُ فقط أن يقضيَ على مصدر الخطرِ على الحق، وحينما لا يبقى هناك خِيارٌ إلا خِيارَ القضاءِ على مصدر الفتنة والفساد، فإنه يكتفى بالحد الأدنى الذي يتحققُ فيه الهدفُ وهو إقامةُ الحقِ والعدلِ في الحياة.
وأرسل النبيُ (ص) أحدَ أصحابهِ في السنة الثالثة بعد الهجرة على رأس مجموعة أمنية فاغتالت كعبَ بنَ الأشرف أحدَ رموز اليهود الذي كان قد ذهب إلى مكة بعد حرب بدرٍ وحرضَ المشركين من قريش على المسلمين ولم يخرج منها حتى جمع أمرهم على حرب رسول الله، وعندما سأله المشركون: أدينُنا أحبُ إلى الله أم دينُ محمدٍ وأصحابِه؟. أجابهم: بل أنتم أهدى منهم سبيلاً. وكان يهجو النبيَ في شعره، ويتعرضُ بالأذى لنساء المسلمين.
وهكذا تتابعت عملياتُ القتل والاغتيالِ لبعض أفراد اليهود ورموزهم، فاغتيل ابنُ سنينة، وأبو رافع بنُ أبي الحقيق من يهود خيبر وغيرُهُما... لقد كانت هذه العملياتُ بمثابة جزاءٍ عادل وإنذارٍ حازم لكل من ينقضُ عهداً ويتآمر على مصلحة الإسلام والمسلمين العليا، وقد نُظمتْ هذه الاغتيالاتُ ونُفذتْ ببراعة ودقةٍ فائقة وذكاءٍ وعبقرية، فأرعبتْ اليهودَ في المنطقة وأخافتهم، لا سيما بعد قتل كعبِ بنِ الأشرف حتى أنه لم يبقَ في المدينة المنورة ومحيطِِها يهوديٌ إلا وهو خائفٌ على نفسه.
والحمد لله رب العالمين