الصفحة الرئيسية
أحبار اليهود وقصص قربان تأكله النار و"ليكلّمنا الله"..!!(53)
- 18 تشرين1/أكتوير 2013
- الزيارات: 3497
اليهود في مواجهة الإسلام (2)- (53)
ذكرنا في المقال السابق إن اليهود كانت لديهم محاولاتٌ متعددة للقضاء على الإسلام وإنهم اتبعوا أساليبَ متنوعة لمواجهة المدِّ الإسلامي في عهد النبي (ص)، حيث ذكرنا من تلك الأساليب اسلوبَ بثِّ الشكوك في الإسلام وتشكيكِ ضُعفاءِ الإيمان بعقيدتهم وإسلامهم بغيةَ إضلالهم وارتدادهم عن دينهم، وفي هذا المقال نذكر بعضاً من ممارساتهم العدوانيةِ والإرهابية في مواجهة الإسلام والمسلمين.
من تلك الممارسات والاساليب: طرحُ الأسئلةِ التعجيزية على النبي (ص) بهدف تعجيزه وإفشالِ دعوته، فكان أحبارُ اليهود يوجهون أسئلةً تعجيزيةً حتى إذا ما عجز النبيُ عن الإجابة يُوحُون للناس بعدم صدقه في ادعائه للنبوة. فقد طلبوا (في البداية) أن يأتيَهُمُ النبيُ (ص) بقربان تأكُلُهُ النار كما يستفاد من قوله تعالى في القران الكريم: {الذين قالوا إن اللهَ عَهِدَ إلينا ألا نُؤمنَ لرسولٍ حتى يأتِيَنَا بقربانٍ تأكُلُهُ النار} آل عمران/183. ثم طلبوا من النبي (ص) (بعد ذلك) أن يأتيهم بكتاب من السماء خاصٍّ بهم وقد تحدث القران الكريم عن ذلك بقوله تعالى {يسألك أهلُ الكتاب أن تُنَزِّلَ عليهمْ كتاباً من السماء فقد سألوا موسى أكبرَ من ذلك فقالوا أرنا اللهَ جهرةً} 153/النساء.
وقالوا للنبي (ص) أيضاً: يا محمد إن كنت رسولاً من الله كما تقول، فقل لله فليُكَلِمْنَا حتى نسمعَ كلامَه، فأنزل اللهُ في ذلك قولَه تعالى: {وقال الذين لا يعلمون لولا يُكَلِمُنَا اللهُ أو تأتِيََنَا آيةٌ كذلك قال الذين من قبلهم مثلَ قولهم تشابهتْ قلوبُهُمْ قد بيَّنَّا الآياتِ لقوم يوقنون} البقرة/118 كان هذا هو الأسلوبُ الأول الذي اتبعه اليهودُ في مواجهة الدعوة الإسلامية.
أما الأسلوب الثاني: فكان الضغطَ الاقتصاديَ على المسلمين، فقد قام اليهود بمؤامرة تهدف إلى إبعاد المسلمين عن دينهم وذلك بمقاطعتهم اقتصادياً وامتناعِهِم عن دفع ما يجب عليهم دفعُهُ من ديونٍ وأماناتٍ لمن اعتنق الإسلام، مدعين أن ما كان لهم من حق إنما كان لهم قبل الإسلام، وأن دخولهم في هذا الدين قد أبطل حقهم فيه وإلى ذلك يشير القرآن الكريم بقوله تعالى: {ومن أهل الكتاب من إن تأْمَنْهُ بقِنطار يُؤَدِّهِ إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يُؤَدِّهِ إليك إلا ما دمتَ عليه قائماً، ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذبَ وهم يعلمون} آل عمران/75.
ويذكر المفسرون: أن رجالاً من أهل الجاهلية باعوا يهوداً بضاعةً ثم أسلموا، ولما طلبوا من هؤلاء اليهود دفعَ الثمن، قالوا: ليس علينا أمانةٌ ولا قضاءَ عندنا لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه، وادعَوْا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم في التوراة {ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}.كما في الآية المتقدمة.
كذلك يذكرُ المفسرون حادثةً أخرى في إطار الحصار الاقتصادي حيث رفضَ اليهودُ أن يُقرضوا المسلمين مالاً في بداية إقامتهم في المدينة حيث كان المسلمون في ضائقةٍ ماديةٍ شديدة، وقد أجاب اليهودُ رسولَ الله حينما طلب منهم القرض، أجابوه بقولهم: أَحتَاجَ ربُكُم أن نُمِدَّه؟ فنزَلَ قولُهُ تعالى: {لقد سمع الله قولَ الذين قالوا إن اللهَ فقيرٌ ونحن أغنياء سنكتبُ ما قالوا} آل عمران/181. هذا هو الإسلوب الثاني.
الأسلوب الثالث: الذي اتبعه اليهودُ في مواجهة الاسلام هو تحريضُ أعداء الإسلام ومساعدتُهُم بكل الوسائل والإمكانات من أجل قتال المسلمين وإسقاطِ دعوة الإسلام، فمن ذلك مثلاً تحريضُهُم لقريش ضد النبي (ص) حيث ذهب جمع من اليهود إلى مكة بعد حرب بدرٍ وحرضوا المشركين على قتال المسلمين والأخذ بالثأر ولم يخرجوا من مكة حتى أقنعوا المشركين بذلك وأجمعوا أمرهم على حرب النبي (ص) فكانت معركةُ أحد فيما بعد.
واليهود هم أولُ من انطلق لدعوة الأحزاب والقبائل العربية ضد المسلمين في غزوة الخندق، وبعد أن أجمعَ الأحزابُ على غزو النبي والمسلمين في المدينة قام اليهود بإمدادهم بالمال والسلاح وبكل أسباب القوة...
الأسلوبُ الرابع: تآمرُهُم على حياة النبي (ص) ومحاولتُهُمُ القضاءَ عليه، ومن أمثلة ذلك ما ذكره المؤرخون: من أن رسول الله (ص) ذهب إلى يهود بني النضير ليستعين بهم في ديةِ قتيلين من بني عامرٍ كان قد قتلهما أحدُ أتباعه وهو عمرو بنُ أمية الضُّميري ليدفعَها إلى أهلهما بمُوجِبِ العهدِ الذي بينه وبينهم. وبينما رسول الله (ص) جالس إلى جنب جدارٍ من بيوتهم خلا اليهود بعضُهُم ببعضٍ وهمّوا بالغدر بالنبي (ص) بإلقاء صخرةٍ عليه من فوق أحدِ البيوت، فعلم النبيُ (ص) بذلك فقام لتوه راجعاً إلى المدينة ولحق به أصحابُهُ الذين كانوا معه.
وقد حاول اليهودُ في مواقف أُخرى قتل النبي (ص) أو دسَّ السّمِ له...فقد ذكر المؤرخون أن امرأة يهوديةً مدفوعةً من قومها دست السُّمَ في شاة وأهدت الشاةَ إلى رسول الله (ص) بغيةَ قتله (ص) فاكتشف النبيُ (ص) هذه المؤامرة ، واستدعى المرأة حيث اعترفت أمامَ النبي (ص) بأنها إنما فعلت ذلك بإيعاز من اليهود كما يذكر ابن هشام في سيرته، ج3/353.
الأسلوب الخامس: من مؤامرات اليهود على الإسلام إثارةُ الفتن بين فئات المسلمين واستغلالُ الأحقاد الدفينةِ التي كانت بين قبيلتي الأوس والخزرج قبل الإسلام وإثارتُها وتحريكُها من جديد، ونذكرُ هنا على سبيل المثال قضيةَ شاسِ بنِ قيس فقد مر هذا الرجل – وكان يهودياً شديدَ العِدَاء للمسلمين – مرَّ على جماعة من الأوس والخزرج المسلمين بعد أن نزعَ الإسلامُ ما في قلوبهم من أحقادٍ وضغائن. فغاظه ما رأى من ألفتهم ووحدتهم فأخذ يُذكرُهُم بأحداث الماضي المشحون بالعَدَاوة فيما بينهم وينشدُهُم بعضَ ما قيل من الشعر في حروبهم من أجل إثارة الأحقاد القديمة في نفوسهم، فحرك وجدانهم وأثار عصبيتهم حتى ثاروا وتنادوا بالسلاح وتواعدوا أن يجتمعوا في منطقةٍ معينة لتصفية الحسابات، وكادتْ الحربُ أن تقعَ بينهم لولا تدخلُ النبي (ص) الذي بمجرد ان بلغه ذلك خرجَ إليهم ووعظهم فأدركوا أنها نزغةٌ من الشيطان ومؤامرةٌ من عدوّهم فبكوا وتعانقوا وانصرفوا مع رسول الله (ص).
وفي هذه الحادثة نَزَلَ قولُهُ تعالى في القران الكريم: {قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وأنتم شهداءُ وما اللهُ بغافل عما تعملون، يا أيها الذين آمنوا إن تُطيعوا فريقاً من الذين أُوتُوا الكتابََ يردُوكم بعدَ إيمانكم كافرين} آل عمران/99 – 100.
إن هذا الذي فعله شاسُ بنُ قيسٍ اليهودي يفعله أحفادُهُ الصهاينة اليوم في بلاد المسلمين حيث تعمل إسرائيل بكل الوسائل والاساليب في منطقتنا على إثارة الفتنة بين المسلمين وخصوصاً بين السنة والشيعة بغية الاقتتال في ما بينهم، والالتهاء عن عدونا الحقيقي إسرائيل التي تحتل أرضَنَا ومقدساتِنا.
الأسلوبُ السادس: الذي اتبعه اليهودُ في الكيد للإسلام والمسلمين هو مؤامراتُهُم ومحاولاتُهُم المتعدد لإثارة البلبلة وتشويش الأوضاع بإشاعة الأكاذيب وتخويف ضعاف النفوس من المسلمين. فقد ذكر المؤرخون أنه عندما أراد المسلمون اقتحام حصونِ خيبرَ أشاعَ اليهودُ في وسط المدينة أنهم أصحابُ قوةٍ وأنه لا قدرةَ للمسلمين على اقتحام خيبر المدججةِ بالرجال والعتاد. وأَخَذَ اليهودُ المنخدعون بقوتهم يهددون المسلمين بقوة خيبر ويحاولون إظهار التفوقِ العسكري على المسلمين لإشاعة الحرب النفسية وإضعافِ الروح المعنوية للمسلمين فكانوا يرددون على مسامع المسلمين: ما أمنعَ واللهِ خبيرَ منكم ، لو رأيتم خيبرَ وحصونَهَا ورجالَهَا لرَجَعْتم قبل أن تصلوا إليها.. إلى غيرِ ذلك من الأراجيف.
الاسلوبُ السابع : من أساليبهم العدوانية في مواجهة الإسلام والمسلمين: هو تآمرُهُم مع المنافقين على الإسلام ومكرُهُم معهم بالمسلمين، ثم علاقاتُهُم المشبوهةُ مع قريش عدوة الإسلام والمسلمين وتحريضُهُم إياها على حرب النبي (ص).
ومن ممارساتهم أيضاً ضد الإسلام تآمرُهُم لمنع المسلمين من الخروج للحرب والجهاد ففي غزوة تبوك وبينما كان النبيُ (ص) يجهزُ المسلمين للخروج إلى الجهاد اجتمع اليهود في بيت سويلم اليهودي لأجل تثبيطِ الناس وشلِّ إرادتِهِم عن الجهاد والخروجِ مع الرسول (ص) فعَرَفَ النبيُ (ص) بهم فأرسل من أحرق البيتَ عليهم.
الأسلوب الثامن: نقضُهُم أعني (اليهود) للعهود والمواثيق التي أبرموها مع النبي (ص) في المدينة وفي غيرها. فقد عاهدوا النبي (ص) على أن لا يُعِينُوا عليه عدواً فأعانوا الأعداء وأمدوهم بالسلاح والمالِ والقوة، وقد أخبر الله سبحانه عن طبيعتهم الخيانيةِ هذه وعن نقضهم وعدمِ احترامهم للعهود والمواثيق والاتفاقيات في كل مرةٍ يُبرمون فيها عهداً أو ميثاقاً بقوله تعالى: {إن شرَّ الدوابِ عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون، الذين عَاهدتَ منهم ثم ينقُضُون عهدَهُمْ في كل مرةٍ وهم لا يتقون} الأنفال/55 – 56.
الشيخ علي دعموش