كلمة في مسيرة العاشر في مشغرة 29-7-2023

لفت نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش، إلى أنّ "قمة الاستكبار والطغيان ورأس الافساد في العالم، هي الولايات المتحدة الاميركية ومعها "إسرائيل"، اللتان تنشران الحروب والفتن والدمار في المنطقة،

 وتحاولان اليوم استضعاف لبنان لابتزازه وفرض إرادتهما عليه في الاستحقاقات المختلفة".

وأضاف خلال كلمة له في المسيرة العاشورائية في بلدة مشغرة في البقاع الغربي: "نقول لكل الذين يراهنون على الولايات المتحدة الاميركية لتأتي بالحل للأزمة ويستقوون بها على المقاومة: "أنتم مخطئون وواهمون، لن تنفعكم أميركا في لبنان، وتعلّموا من تجاربكم السابقة ولا تراهنوا عليها، فأميركا هي صاحبة اليد الطولى في كل المآسي والأزمات والمعاناة التي يعاني منها اللبنانيون، فكيف تكون المنقذ!".
 
وأكد "التزامنا خيار المقاومة ومواصلة طريقها، فالعدو بفعل معادلات المقاومة، لم يعد يستطيع أن يفعل شيئًا في لبنان، لأنّه يخشى رد فعل المقاومة، ويعرف أنّها لن تسكت على أيّ عدوان"، مشددًا على أن "كلّ التجارب أثبتت أن المقاومة وأن خيار هيهات منا الذلة هو الخيار الصحيح في مواجهة "اسرائيل" والاستكبار، وهو الخيار الذي يحقق نتائج وانجازات وانتصارات، وهو الخيار القادر على حماية البلد والحفاظ على سيادته واستقلاله".

 

نص الكلمة

السادة العلماء إخواني أخواتي جميعا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعظم الله أجوركم بمصابكم بإمامكم سيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين "عليه السلام".

 نتوجه في هذا الموقف بالعزاء لأصحاب العزاء: لرسول الله محمد "صلى الله عليه وآله" ولأمير المؤمنين علي"عليه السلام" ولسيدة نساء العالمين فاطمة "عليها السلام" وللحسن المجتبى "عليه السلام" وللتسعة المعصومين من ذرية الحسين "عليهم السلام"؛

ونتقدم بالعزاء لحفيد الحسين صاحب العصر والزمان الإمام المهدي "عجّل الله فرجه الشريف" ولنائبه ولي أمر المسلمين الإمام القائد السيد علي الخامنئي "دام ظله" ولكل المسلمين ولكل محبي أهل البيت "عليهم السلام"؛

كربلاء بكل ما احتشد فيها من قيم  هي طريقنا الى المهدي لاننا في كربلاء نتعلم كيف نكون جزءا من حركة الامام المهدي ونهضته وثورته العالمية وكيف نكون شركاء معه في اكمال المشروع الالهي وتحقيق اهداف الانبياء والرسل والاولياء والشهداء .

 ولاننا نتعلم من كربلاء كيف نلبي نداء المهدي كما لبى اصحاب ابي عبدالله نداء الحسين، فنكون من أَنْصَارِه وَأَعْوَانِهِ، وَالذَّابِّينَ عَنْهُ، وَالْمُسَارِعِينَ إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ، وَالمُمْتَثِلينَ لأَوَامِرِه، وَالْمُحَامِينَ عَنْهُ، وَالسَّابِقِينَ إِلَى إِرَادَتِهِ، وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ، تماما كما كان اصحاب ابي عبدالله الحسين بالنسبة للحسين .

ان العلاقة بين ثورة الحسين في كربلاء وبين حركة المهدي هي علاقة رسالة وايمان وقيم وجهاد وثأر، فحركة امامنا المهدي في آخر الزمان هي امتداد لحركة الحسين في كربلاء

وسيأتي الامام الحجة )ع(حفيد الامام الحسين ع  الذي يعيش كربلاء ومأساتها وفاجعتها كل يوم وعلى امتداد حياته في غيبته الكبرى، سيأتي المهدي الذي يخاطب جده سيد الشهداء قائلاً: "لأندبنك صباحاً ومساءً ولأبكين عليك بدل الدموع دماً"، سيأتي ومعه اصحابه وانصاره وشعارهم "يا لثارات الحسين" يلبون نداء المهدي كما لبى انصار ابي عبدالله الحسين الحسين، ونحن معهم نلبي نداء المهدي "عليه السلام" ونرفع أصواتنا ونقول له بملء حناجرنا: لبيك يا داعي الله, لبيك يا ابن رسول الله, لبيك يا مهدي.

ان ظهور امامنا وولينا أمرنا صاحب العصر والزمان ليس مرهونا بسيطرة الظلم والاستكبار  على العالم، لان الظلم والاستكبار كان موجودا منذ البداية،وسيبقى الى ان يظهر امامنا فيملأها عدلا كما ملئت ظلما ، وقد غاب امامنا بسبب سيطرة الظالمين والطغاة فكيف يكون الظلم والطغيان سببا وشرطا لظهوره؟

 الظهور ليس مرهونا ايضا بالعلامات، فالعلامات تدل على ظهوره وليست سببا في ظهوره.

 الظهور مرهون بمدى استعداد الامة لنصرته، ومرتبط بنا، بالناس بالبيئة بالجمهور بالاجيال وبمدى جهوزيتها واستعدادها للجهاد وللمواجهة والتضحية بين يديه .

الظهور مرتبط بتوفر العدد الكافي من الموطئين والممهدين الذين يعدون المجتمعات الانسانية ايمانيا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا وجهاديا  ويهيئون لامامهم امكانات النصر واسباب النصر على كل صعيد.

 الظهور مرتبط بتوفر العدد الكافي من الانصار والاعوان الذين يؤمنون بالعدالة ويطلبون العدالة ويقيمون العدالة ويتحملون تبعات اقامة العدالة في الارض ومن دون هذه الاعداد وهذا الاستعداد لا يمكن للظهور ان يتحقق لان الامام لا يقود حركة التغيير في العالم بمفرده بل لا بد له  من جنود واعوان وانصار وقادة كبار وامكانات كبيرة .

 

وصحيح ان حركة الامام المهدي حركة مسددة من الله وان الله يواكبها بالتوفيق والرعاية والتسديد الا ان الامام لا يحقق انجازاته الكبرى على مستوى العالم بالمعجزة واوالاسباب الخارقة للطبيعة فالتسديد شيء والمعجزة شيء اخر وانما يحققها بالاسباب العادية الطبيعية ووفق السنن التي وضعها الله في الكون والحياة تماما كما فعل رسول الله(ص). 

ولذلك عندما نعود الى الروايات نجدها تتحدث عن جيلين يواكبان حركة الامام ونهضته العالمية الشاملة: جيل الموطئين وجيل الانصار .

وهذان الجيلان لهما مواصفات وخصائص مشتركة ايمانية واخلاقية وسياسية ونفسية وجهادية  .

من ابرز صفاتهم الايمان الراسخ واليقين والعلم والوعي والبصيرة والارادة والعزم والقوة والشجاعة والصلابة وطاعة الولي واداء التكليف وتحدي الاستكبار والطغاة والقوى الكبرى والتمرد عليهم وعشق الشهادة تماما كما كان اصحاب الحسين وانصار الحسين . 

هؤلاء لهم قلوب كالحديد لا تزلهم الرياح العواصف ، ولا يملون من الحرب، ولا يجبنون، وعلى الله يتوكلون، والعاقبة للمتقين.

هؤلاء قلوبهم ملئها الايمان واليقين ا يشوبها شك في ذات الله أشد من الحجر، لو حملوا على الجبال لأزالوها، لا يقصدون براياتهم بلدة إلا خربوها، كأن على خيولهم العقبان يتمسحون بسرج الإمام عليه السلام يطلبون بذلك البركة، ويحفون به يقونه بأنفسهم في الحروب، ويكفونه ما يريد.

فيهم رجال لا ينامون الليل، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل، يبيتون قياما على أطرافهم، ويصبحون على خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، هم أطوع له من الأمة لسيدها، كالمصابيح كأن قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون يدعون بالشهادة، ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله شعارهميا لثارات الحسين، إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر يمشون إلى المولى إرسالا، بهم ينصر الله إمام الحق.

هذه هي صفات الاجيال التي تواكب حركة الامام المهدي وظهور الامام وتكون شريكة في تحقيق اهدافه وانجازاته وانتصارته.

وهذه الاجيال تتربى على هذه الصفات في مدرسة كربلاء  لان كربلاء هي التي تعلمنا اداء التكليف وطاعة الولي والصدق والاخلاص والايثار  والارادة والعزم ونصرة الحق والشجاعة والصلابة والقوة والصبر والثبات والتحمل تحمل الحصار والعقوبات، وهي التي تعلمنا مواجهة الظلم والغيان والاستكبار ومواجهة الاتهامض والتحريد والتهديد والتهويل.

كربلاء تعلمنا ان لا ننهار امام كثرة العدو وقوة سلاحه وقوة ارهابه وقوة اعلامه

كربلاء هي التي تصنع الاجيال التي تستطيع ان تمهد الارض والمجتمعات الانسانية لصاحب العصر والزمان، وهي  التي تصنع الاجيال التي ستكون ناصرة لللامام والتي ستعين الامام  في اقامة العدل والامن والسلام في العالم .

الامام المهدي بحاجة الى رجال رجال ليست من نوعية اؤلئك الذين بعثوا الى الحسين "أن أقبل يا ابن بنت رسول الله فان لك في الكوفة جند مجندة ثم خذلوه وقتلوه، وانما الى رجال من نوعية أصحاب الحسين الذين قالوا لامامهم وولي أمرهم في ليلة العاشر من محرم: " أنحن نخليك هكذا وننصرف عنك وقد أحاط بك الأعداء؟ ...لا والله يا ابن رسول الله لا نفارقك أبداً " .

ومن نوعية سعيد بن عبد الله الحنفي الذي قال للحسين : "لا والله يا ابن رسول الله لا نخليك أبداً حتى يعلم الله أنّا قد حفظنا وصية رسول الله فيك, والله لو علمت أني أقتل فيك ثم أحيى ثم أحرق حياً ثم أذرى في الهواء يفعل ذلك بي سبعين مرة ما تركتك يا حسين".

المهدي لا يأتي ليصنع كربلاء تنتهي بشهادة الامام واصحابه بل ليصنع انجازا يكمل به المشروع الالهي على الارض ويحقق اهداف الانبياء والاولياء والشهداء، يأتي ليظهر الاسلام على الدين كله حتى لا تبقى ارض الا وينادى فيها بشهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله.   

نحن هنا على خطى الحسين وانتظارا لحفيده الامام المهدي نقول لكل المعتدين ولكل المستكبرين, نقول لاسرائيل التي تهددنا وتطمع في ثرواتنا وللادارة الامريكية التي تحاصرنا وتجوعنا وتشن علينا حرباً اقتصادية ومالية وتراهن على ضغف إرادتنا وعزمنا وتصميمنا لنتراجع ونتخلى عن المقاومة نقول لهم: نحن عشاق الحسين وزينب عليهما السلام, نحن المطئون للمهدي نحن أبناء أولئك الرجال وتلك النسوة, نحن إخوة أولئك الفتية الذين وقفوا جميعاً في اليوم العاشر أمام تلك الحشود المعادية بكل قوة وشجاعة وقالوا مع الحسين كلمته للتاريخ:" ألا وأن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة".

إننا في مسيرة العاشر من محرم ومن هذه البلدة الطيبة المجاهدة التي عشقت الحسين "عليه السلام" وقدمت الشهداء على طريق الحسين وعلى طريق المقاومة نؤكّد على ان قمة الإستكبار والطغيان ورأس الإفساد والإرهاب في العالم هي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل اللذان ينشران الحروب والفتن والدمار في المنطقة ويحاولان اليوم استضعاف لبنان لابتزازه وفرض ارادتهما عليه في الاستحقاقات المختلفة . 

نقول للذين يرهنون على الولايات المتحدة الأمريكية لتأتي بالحل ويستقوون بها على المقاومة انتم مخطئون وواهمون لن تنفعكم اميركا في لبنان وتعلموا من تجاربكم السابق ولا تراهنوا عليها ، فاميركا هي صاحبة اليد الطولى في كل المآسي والأزمات التي يعاني منها اللبنانيون، فكيف تكون المنقذ وصاحب الحل .

 

في مسيرة العاشر نجدد التزامنا بخيار المقاومة ومواصلة طريقها ، فالعدو بفعل معادلات المقاومة لم يعد يستطيع ان يفعل شيئا في لبنان ،لانه يخشى ردة فعل المقاومة ويعرف انها لن تسكت على اي عدوان.

لقد أثبتت كل التجارب أن المقاومة أن خيار "هيهات منا الذلة" هو الخيار الصحيح في المواجهة مع اسرائيل والاستكبار، وهو الخيار الذي يحقق نتائج وإنجازات وإنتصارات، وهو الخيار القادر اليوم على حماية البلد والحفاظ على سيادته واستقلاله .

في مسيرة العاشر نجدداستنكارنا لسماح بعض الدول الغربية بتدنيس القرآن وحرقه، ونعلن اننا لا يمكن ان نسكت على هذه الجريمة البشعة والمشينة وانما سنزداد تمسكا ياقرآن وقيمه وسنجميه بارواحنا ودمائنا ونقول بملىء حناجرنا: لبيك يا قرآن.

في يومك يا أبا عبد الله نعدك رجالاً ونساءاً وشيباً وشباباً بأننا سنبقى معك ، كنا معك في نهجك وطريقك وجهادك على مدى العقود الماضية، ولا زلنا معك، وسنبقى معك.

سنبقى معك وعلى نهجك نواجه كل عدوان وطغيان, ولن نقبل بالهوان ولن نتراجع إلى الوراء سوف تبقى عيوننا مشدودة إلى الأمام نلبي نداءك عبر التاريخ ونقول (لبيك يا حسين).

في اليوم العاشر نجدد الميثاق والعهد بأن نبقى على نهج المقاومة والشهداء نتمسك بها  وبنهجهم ونتمسك بسلاح المقاومة ونحميها ونحمي سلاحها،لنمهد الارض لقدوم امامنا ولنعده وعد الصادقين باننا سنفديه بارواحنا واموالنا وفلذات اكبادنا ونلبي نداءه (لبيك يامهدي) .

نجدد العهد والبيعة بأن يبقى نداؤنا على إمتداد الزمان والمكان وفي مواجهة كل التحديات والضعوط والمؤامرات والحاقدين والموتورين(لبيك يا قران، لبيك يا حسين، لبيك يا مهدي).