رجب شهر الاستغفار والمناسبات الخالدة

الاستغفار المطلوب في هذا الشهر المبارك ليس مجرد أن يقول الإنسان استغفر الله لقلقة لسان لأنه اعتاد على هذا القول بشكل عفوي عند كل خطأ أو ذنب أو قبيح يرتكبه كما يفعل الكثيرون منا.. بل الاستغفار الحقيقي المطلوب هو برنامج عمل: يبدأ بالندم على الماضي ولا ينتهي بإبراء الذمة من الحقوق المتوجبة عليها تجاه الآخرين.

 

خلاصة الخطبة

شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة التي جاءت تحت عنوان (رجب شهر الاستغفار والمناسبات الخالدة) على انالاستغفار المطلوب في هذا الشهر المبارك ليس مجرد أن يقول الإنسان استغفر الله لقلقة لسان لأنه اعتاد على هذا القول بشكل عفوي عند كل خطأ أو ذنب أو قبيح يرتكبه كما يفعل الكثيرون منا.. بل الاستغفار الحقيقي المطلوب هو برنامج عمل: يبدأ بالندم على الماضي ولا ينتهي بإبراء الذمة من الحقوق المتوجبة عليها تجاه الآخرين.

وقال: الاستغفار سبب للرزق والرخاء المعيشي والاقتصادي ، ونزول المطر والخير من السماء ، وسبب للإنجاب وكثرة الأولاد والأموال والخيرات والبركات والنعم الكثيرة التي يغدقها الله على الناس.

يقول تعالى: [فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا] ـ نوح/ 10.

كما أن الاستغفار الحقيقي هو سبب للأمان من العذاب وسبب للسلام والاستقرار في حياة الناس، فقد كان للناس في عهد رسول الله (ص) امانان من العذاب، أمان برسول الله وأمان بالاستغفار ، لكن عندما انتقل النبي (ص) إلى الرفيق الأعلى فُقد الأمان الأول ولم يبق سوى الأمان الثاني وهو الاستغفار.

وتطرق الشيخ دعموش الى جانب من سيرة الإمام الباقر (ع) فقال: كان (ع) يعتبر أن السعي من أجل تحصيل الرزق ولقمة العيش عبادة ، والعمل بكد من أجل الكفاف والاستغناء عن الناس طاعة لله ، كبقية العبادات والطاعات.

ولذلك كان الإمام (ع) يعمل بنفسه  ويسعى  لطلب الرزق بذاته برغم سنه وبدانته ومقامه (ع) ولم يستنكف حتى عن ابسط الأعمال حيث كان يعمل فيما يبدو بالأرض.

وأضاف:ان العمل وبذل الجهد في سبيل تحصيل الرزق ، والاتكال على النفس، والاستغناء عن الناس وعدم الاتكال عليهم في سد الحاجات.. ليس من طلب الدنيا.

فعندما يسعى الإنسان من أجل تحسين أوضاعه وأوضاع اسرته المادية والمعيشية فيعمل ويكد ويسعى فليس ذلك من طلب الدنيا والتعلق بزخارف الدنيا، وإنما ذلك في مفهوم الإسلام والقرآن وسلوك الإمام الباقر (ع) عبادة وطاعة من طاعات الله، وإذا مات الإنسان وهو على هذه الحال مات في طاعة الله.

والخوف كل الخوف هو أن يموت الإنسان وقد تخلى عن مسؤولياته تجاه عياله وأسرته، أن يموت وهو في معصية الله..هذا ما ينبغي أن يخافه الإنسان.

وفي الجانب السياسي أكد: أن السباق اليوم هو بين انتخاب رئيس يتوافق عليه اللبنانيون وبين الفراغ، لأنه في حال عدم التوافق ليس هناك من أحد قادر على أن يأتي برئيس بمعزل عن الفريق الآخر.

معتبرا:ان اللبنانيين محكومون بالتوافق على رئيس للجمهورية يملك حيثية سياسية، ويكون سجله نظيفاً، ويعمل على جمع اللبنانيين ويعزز وحدتهم الوطنية، ويحفظ عناصر قوة لبنان ومقاومته.. التي أثبتت خلال كل المراحل السابقة قدرتها على حماية البلد من العدوان الصهيوني وقدرتها على تثبيت معادلة الردع في إطار الصراع مع هذا العدو.

 

نص الخطبة:

هذه الأيام تحتشد فيها العديد من المناسبات الخالدة، من مناسبة دخول وحلول شهر رجب وأشهر النور الثلاثة إلى ذكرى ولادة الإمامين الباقر والهادي (عليهما السلام) في الأول والثاني من شهر رجب إلى عيد العمال في الأول من أيار.

وسأتحدث عن كل مناسبة من هذه المناسبات بكلمات مختصرة.

أولاً: شهر رجب كما أكدت الروايات هو شهر الاستغفار والتوبة والعودة إلى الله كما في الحديث عن النبي (ص): رجب شهر الاستغفار لأمتي، فأكثروا فيه الاستغفار، فإنه غفور رحيم.. فاستكثروا من قول أستغفر الله وأسأله التوبة.

ولكن الاستغفار المطلوب في هذا الشهر المبارك ليس مجرد أن يقول الإنسان استغفر الله لقلقة لسان لأنه اعتاد على هذا القول بشكل عفوي عند كل خطأ أو ذنب أو قبيح يرتكبه كما يفعل الكثيرون منا.. بل الاستغفار الحقيقي المطلوب هو برنامج عمل: يبدأ بالندم على الماضي ولا ينتهي بإبراء الذمة من الحقوق المتوجبة عليها تجاه الآخرين.

وقد  ورد أن شخصاً قال بحضرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) أستغفر الله، فقال له الإمام: ثكلتك أمك، أتدري ما الاستغفار، الاستغفار درجة العليين: وهو اسم واقع على ستة معان:

أولها: الندم على ما مضى.

والثاني: العزم على ترك العود إليه أبداً.

والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة.

والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها.

والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد.

والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله.

والاستغفار سبب للرزق والرخاء المعيشي والاقتصادي ، ونزول المطر والخير من السماء ، وسبب للإنجاب وكثرة الأولاد والأموال والخيرات والبركات والنعم الكثيرة التي يغدقها الله على الناس.

يقول تعالى: [فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا] ـ نوح/ 10.

كما أن الاستغفار الحقيقي هو سبب للأمان من العذاب وسبب للسلام والاستقرار في حياة الناس، فقد كان للناس في عهد رسول الله (ص) امانان من العذاب، أمان برسول الله وأمان بالاستغفار ، لكن عندما انتقل النبي (ص) إلى الرفيق الأعلى فُقد الأمان الأول ولم يبق سوى الأمان الثاني وهو الاستغفار.

 يقول أمير المؤمنين (ع): كان في الأرض أمانان من عذاب الله سبحانه، وقد رفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به، اما الأمان الذي رُفع فهو رسول الله (ص) وأما الأمان الباقي فالاستغفار قال تعالى: [وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون].

أما الإمام الهادي (ع) فهو كما بقية الأئمة الأطهار (ع) تميز بكثرة عبادته واستغفاره وتضرعه إلى الله وخاصة في الخلوات.

فقد قيل للمتوكل: إن في منزله أسلحة وهو يطلب الخلافة، فبعث إليه رجالاً هجموا على داره فوجدوا الإمام في بيته وعليه ثوب من شعر وعلى رأسه الشريف ملحفة من صوف وهو مستقبل القبلة ليس بينه وبين الأرض بساط إلا الرمل والحصى، وهو يترنم بآيات من القرآن الكريم في الوعد والوعيد، فحملوه إليه بألبسته فلما رآه المتوكل عظمه وأجلسه إلى جنبه، فكلمه الإمام فبكى المتوكل بكاءاً طويلاً.. ثم رده إلى منزله مكرماً.

وأما الإمام الباقر (ع) فقد كان يعتبر أن السعي من أجل تحصيل الرزق ولقمة العيش عبادة ، والعمل بكد من أجل الكفاف والاستغناء عن الناس طاعة لله ، كبقية العبادات والطاعات.

ولذلك كان الإمام (ع) يعمل بنفسه  ويسعى  لطلب الرزق بذاته برغم سنه وبدانته ومقامه (ع) ولم يستنكف حتى عن ابسط الأعمال حيث كان يعمل فيما يبدو بالأرض.

يروي أحد زعماء الصوفية وهو محمد بن المنكدر يقول: خرجت إلى بعض نواحي المدينة المنورة في ساعة حارة، فلقيت محمد بن علي الباقر وكان رجلاً بديناً متكئاً على غلامين له (ويبدو أنه كان يعمل في الأرض) فقلت في نفسي شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا! والله لأعظنه، فدنوت منه فسلمت عليه فرد عليَّ السلام بنفس منقطع، وقد تصبب عرقاً من العمل.

فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا، لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال ماذا كنت تصنع؟ قال: فنحّى الإمام الغلامين عنه وجلس وقال: لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله، أكفُّ بها نفسي عنك وعن الناس، وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله.

يقول هذا الرجل فقلت له: يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني.

إذن العمل وبذل الجهد في سبيل تحصيل الرزق ، والاتكال على النفس، والاستغناء عن الناس وعدم الاتكال عليهم في سد الحاجات.. ليس من طلب الدنيا.

عندما يسعى الإنسان من أجل تحسين أوضاعه وأوضاع اسرته المادية والمعيشية فيعمل ويكد ويسعى فليس ذلك من طلب الدنيا والتعلق بزخارف الدنيا، وإنما ذلك في مفهوم الإسلام والقرآن وسلوك الإمام الباقر (ع) عبادة وطاعة من طاعات الله، وإذا مات الإنسان وهو على هذه الحال مات في طاعة الله.

والخوف كل الخوف هو أن يموت الإنسان وقد تخلى عن مسؤولياته تجاه عياله وأسرته، أن يموت وهو في معصية الله..هذا ما ينبغي أن يخافه الإنسان.

والقرآن الكريم حث المؤمنين على العمل ورفع من قيمة العامل قال تعالى:[هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور].

وفي آية اخرى: [فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون].

وفي آية ثالثة: [وابتغ فيما اتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا].

ومن هذا الموقع كنا ولا زلنا وسنبقى الى جانب العمال والكادحين والموظفين وحقوقهم ومطالبهم المشروعة.

وعلى اي رئيس جديد ان يـأخذ القضايا المطلبية بعين الاعتبار وان يكون الى جانب حقوق العمالسواء كانوا في القطاع العام او الخاص.

وعلى صعيد انتخابات الرئاسة بات واضحاً في ظل المعطيات القائمة أن السباق اليوم هو بين انتخاب رئيس يتوافق عليه اللبنانيون وبين الفراغ، لأنه في حال عدم التوافق ليس هناك من أحد قادر على أن يأتي برئيس بمعزل عن الفريق الآخر.

لذلك اللبنانيون محكومون بالتوافق على رئيس للجمهورية يملك حيثية سياسية، ويكون سجله نظيفاً، ويعمل على جمع اللبنانيين ويعزز وحدتهم الوطنية لا ان يعزز الانقسامات،    ويحفظ عناصر قوة لبنان ومقاومته.. التي أثبتت خلال كل المراحل السابقة قدرتها على حماية البلد من العدوان الصهيوني وقدرتها على تثبيت معادلة الردع في إطار الصراع مع هذا العدو.

والحمد لله رب العالمين