منهج النبي(ص)في إرساء القيم والأخلاق

النبي محمد (ص) كان في سلوكه العام عنواناً ومظهراً للخير والحب والرحمة والطهر والنقاء والصفاء, كان عنواناً للعدل والقسط في حياة الناس, وكان يريد بهذا السلوك أن يغمر الأجواء العامة في المجتمع بالقيم والأخلاق.

خلاصة الخطبة:

شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على أن أعداء الأمة في حالة إنهيار وتقهقر وتراجع, فالولايات المتحدة الأمريكية يتراجع نفوذها في المنطقة, والكيان الصهيوني خائف ومرعوب من تزايد قوة  وقدرة المقاومة الإسلامية في لبنان ومن الهبة الشعبية في داخل فلسطين, والمجتمع الصهيوني يعيش الذعر خوفاً من رد حزب الله المتوقع على عملية اغتيال الشهيد سمير القنطار, والتكفيريون الإرهابيون في حالة تقهقر في أكثر من موقع في سوريا والعراق.

واعتبر: أن تنظيم داعش لم يُمنَ منذ سيطرته على أجزاء من سوريا والعراق بهزائم متتالية كالتي يشهدها الآن.. من الرمادي في العراق مروراً بريف حلب ووصولاً الى بلدة مهين في ريف حمص..

ورأى: أن هذه الهزائم مؤشر على إنهيار قدرة الإرهابيين على البقاء والإستمرار فضلاً عن الهجوم والتوسع, ومن المتوقع أن تتواصل هزائمهم إن شاء الله في الفترة المقبلة, وهذا من شأنه أن يُحسّن من موقع النظام وحلفائه في أية مفاوضات سياسية للأزمة السورية, كما ويساهم في أن لا يكون لهم وجود أو مستقبل في هذه المنطقة.

 

نص الخطبة

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: (ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) البقرة 129

نبارك لكم السنة الميلادية الجديدة ونسأل الله أن يجعلها سنة خير وبركة واستقرار وأمن وسلام على الجميع, كما نبارك لكم مجدداً ذكرى ولادة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله(ص) وحفيده الإمام جعفر الصادق(ع) حيث كانت ولادتهما في السابع عشر من شهر ربيع الأول.

الآية التي تلوتها في بداية الحديث تبين مهمة النبي(ص) ووظيفته والدور الذي يقوم به في حياة الناس.

 المهمة الأولى: هي مهمة التعليم, يعلمهم الكتاب والحكمة والقيم والأخلاق والإستقامة, يدعوهم الى الله سبحانه وتعالى, والى الإلتزام بالقيم الإلهية والأحكام والتشريعات الإلهية, ومهمة التعليم ليست هي المهمة الوحيدة لرسول الله (ص) فهناك مهمة ثانية لرسول الله (ص) هي مهمة التزكية, أن يزكيهم وينقيهم ويطهرهم ويهذب نفوسهم وأرواحهم, ويجعل قلوبهم وأفئدتهم نقية طاهرة شريفة عفيفة, أن لا يكون في داخلهم حقد وسوء وإضمار شر تجاه الآخرين, أن تكون حياتهم حياة تملؤها المحبة والرحمة والرأفة والمودة للآخرين.

 ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى عندما تحدث عن مهام النبي(ص) في الآية قال:(ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم) فأولاً: يعلمهم ويوجههم ويعظهم وثانياً: يزكيهم.

 وهذا معناه أن رسول الله (ص) ليس مجرد معلم يلقي الدروس على الناس ويعلمهم ويوجههم للتحلي بالقيم والاخلاق لينتهي دوره في حدود التعليم والقاء الدروس والمواعظ .. بل إن  مهمة التزكية هي من مهام النبي (ص) أيضاً, أي تطهير الناس وتنقيتهم وتهذيبهم تماماً كما يفعل الطبيب الذي لا يكتفي بأن يقول للمريض افعل كذا ولا تفعل كذا, أو خذ الدواء الفلاني والوصفة الفلانية، وإنما يضعه في مكان خاص في المستشفى, ويوفر له ظروفاً خاصة, ويعطيه ما يلزم, ويغذيه بما يجب, ويمنع عنه ما يضره.

 من وظيفة النبي(ص) تكريس وارساء القيم والاخلاق الإسلامية والسلوك الحسن في المجتمع بحيث تصبح هذه القيم والاخلاق جزءًا من حياتهم, كان(ص) يجسد تلك القيم والاخلاق في سلوكه ويغمر أجواء الحياة بتلك الاخلاق والقيم ، بحيث تصبح القيم والاخلاق أمراً شائعاً بين الناس وفي المجتمع .

لقد سار النبي (ص) طيلة ثلاثة وعشرين سنة على هذا المنهج, وخصوصاً في السنوات العشرة التي كان فيها في المدينة, والتي أسس فيها الحكومة الاسلامية وكوّن فيها المجتمع الاسلامي, وكان المطلوب أن يُرسي ويرسخ في ذلك المجتمع القيم والأخلاق الإسلامية, وأن يشيع الصفات الحسنة بين الناس, ليس عن طريق التعليم والتوجيه والمواعظ فقط , وإنما أيضاً عن طريق العمل والسلوك, وتجسيد وترسيخ تلك الأخلاق والقيم بالعمل والسلوك, فهو(ص) كما كان يعلم الناس التواضع كان يمارس التواضع بنفسه مع الناس, مع الكبار والصغار والناس العاديين, وكما كان يُعلّم الناس العفو والصفح وتجاوز الإساءات والأخطاء كان يفعل ذلك بنفسه مع المسيئين والأعداء فيعفو ويصفح ويتجاوز عن الإساءات.

وهناك شواهد وأمثلة كثيرة في سيرة النبي(ص) ومواقفه وحياته تدل على هذا المنهج الذي استطاع من خلاله(ص) إرساء القيم في المجتمع.

فالمجتمع العربي الجاهلي كانت تسود فيه الأحقاد والعداوات والعصبيات القبلية والعائلية والحروب, وكان الناس يسيئون لبعضهم البعض ويضمرون السوء لبعضهم البعض.

الناس عموماً والشعوب بشكل عام لها عصبياتها وقومياتها وأمراضها وأحقادها وعدواتها ومصالحها وما شاكل ذلك من الأمور التي تسود في حياة الناس وحياة الشعوب وتجعل سلوك الناس سلوكاً غير سليم والأجواء العامة أجواءً غير سليمة.

كيف تجعل الأجواء في المجتمع  أجواء سليمة؟ كيف تفشي حسن الظن في المجتمع بدل إساءة الظن, والمحبة بدل العداوة؟ كيف تجعل المجتمع مجتمعاً متحاباً ومتراصاً ومتعاطفاً ومتعاوناً بدل أن يكون متنافراً تكثر فيه النزاعات والخلافات والعدوات؟.

كان لرسول الله (ص) ما عدا توصياته وتوجيهاته أساليبه التي استخدمها للقضاء على العداوات والأحقاد وإشاعة المحبة والوئام بين الناس خصوصاً أن العرب الجاهليين كما قلنا كانت بينهم أحقاد وعداوات وعصبيات , وكان على النبي (ص) ان يقضي على هذه الأشياء ويجعل المحبة في قلوبهمم تجاه بعضهم البعض.

في رواية عن النبي (ص) يقول فيها: لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئاً أحب أن اخرج إليكم وأنا سليم الصدر .

كانوا يأتون إلى النبي (ص) ويتحدثون ضد بعضهم البعض ويتناولون بعضهم البعض ويشتكون على بعضهم البعض وقد يكون الكلام صحيحاً وقد لا يكون صحيحاً .

فقال النبي (ص) : لا أحد يحدثني بشئ عن أصحابي ، أي لا تنقلوا إليّ عيوب الآخرين  وسلبياتهم وثغراتهم فأنا أرغب أن أظهر بين الناس وأكون في وسط الناس وبين أصحابي أرغب أن أكون سليم الصدر, ليس في صدري سوء ظن وسوابق عن هذا الشخص وذاك الشخص ، أريد أن أكون نقي الصدر والقلب ، طاهر الصدر والقلب من هذه الناحية, وبالتالي يريد النبي(ص) أن يعلم الناس أن يكفوا عن إساءة الظن بالآخرين وإشاعة عيوب الآخرين وثغراتهم في المجتمع, وأن يكفوا عن إشاعة الأحقاد والعدوات والخلافات بين الناس من خلال نقل الإساءة والعيوب.

سلوك رسول الله (ص) هذا في الوسط العام يساعد ويساهم في أن يشعر المسلمون ان من الضروري ان يتعامل الأفراد فيما بينهم من دون سوء ظن ومن دون إتهام لبعضهم البعض ومن دون كشف لعيوب بعضهم البعض, وأن يتعاملوا بحسن الظن.. لا تنظروا إلى الجانب السلبي، وانما انظروا إلى الجانب الايجابي, لا تنظروا لعيوب الناس ولكن انظروا إلى أعمالهم الصالحة والطيبة, انظروا الى الحسنات والإيجابيات, احسنوا الظن ببعضكم.

كان النبي(ص) يسلك هذا السلوك لكي يرسخ هذه القيم وهذه الأخلاق وهذا السلوك بين الناس.

كان المسلمون يتحدثون لدى رسول الله (ص)ببعض الأمور همساً وبشكل سري لا يسمعه الآخرون, أو ما يشبه النجوى الخفية فنزل قوله تعالى : (يا ايها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالاثم والعدوان ومعصيت الرسول، وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا  الله الذي إليه تحشرون).

فالآية نهت الناس عن التحدث همساً ونجوى في إذن الرسول (ص) لأن ذلك يخلق جواً من سوء الظن ويشيع انطباعات سلبية لا يريدها الله سبحانه في المجتمع.

الله اراد للمجتمع أن يكون بعيداً عن الأحقاد والبغضاء والتهم وسوء الظن ورمي الناس بعيوبهم وسيئاتهم  .

النبي (ص) كان في سلوكه العام عنواناً ومظهراً للخير والحب والرحمة والطهر والنقاء والصفاء, كان عنواناً للعدل والقسط في حياة الناس, وكان يريد بهذا السلوك أن يغمر الأجواء العامة في المجتمع بالقيم والأخلاق.

واليوم لكي يكون مجتمعنا مجتمعاً متعاوناً وقوياً في مواجهة التحديات لا بد أن يكون محصناً بمثل هذه القيم والأخلاق, وأن يسلك هذا المنهج الذي سلكه رسول الله (ص) في إرساء وترسيخ القيم الأخلاقية والإنسانية بشكل دائم وثابت في المجتمع، وأن يغمر الأجواء بالمحبة والمودة وحب الخير للناس بدل الأحقاد والعداوات .

اليوم أعداء الأمة في حالة إنهيار وتقهقر وتراجع, فالولايات المتحدة الأمريكية يتراجع نفوذها في المنطقة, والكيان الصهيوني خائف ومرعوب من تزايد قوة  وقدرة المقاومة الإسلامية في لبنان ومن الهبة الشعبية في داخل فلسطين, والمجتمع الصهيوني بشكل عام  يعيش الذعر خوفاً من رد حزب الله المتوقع على عملية اغتيال الشهيد سمير القنطار,والتكفيريون الإرهابيون في حالة تقهقر في أكثر من موقع في سوريا والعراق.

تنظيم داعش لم يُمنَ منذ سيطرته على أجزاء من سوريا والعراق بهزائم متتالية كالتي يشهدها الآن.. من الرمادي في العراق مروراً بريف حلب ووصولاً الى بلدة مهين في ريف حمص في سوريا..

هذه الهزائم مؤشر على إنهيار قدرة الإرهابيين على البقاء والإستمرار فضلاً عن الهجوم والتوسع, ومن المتوقع أن تتواصل هزائمهم إن شاء الله في الفترة المقبلة, وهذا من شأنه أن يُحسّن من موقع النظام وحلفائه في أية مفاوضات سياسية للأزمة السورية, كما ويساهم في أن لا يكون لهم وجود أو مستقبل في هذه المنطقة.

                                                               والحمد لله رب العالمين