الثبات في مواجهة المصائب

في مرحلة المواجهة والقتال في كربلاء تجلت روحية الصبر والصمود والثبات والتصميم على المواجهة والعزم على القتال في شخصية الإمام الحسين (ع) وأصحابه وأهل بيته.

خلاصة الخطبة

شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على أن أهلنا الشرفاء والأوفياء في لبنان كانوا على الدوام من أهل الصبر والثبات لم تضعفهم الأحداث ولم تكسرهم المصائب, لم تستطع كل مكائد العدو وأحقاده وحروبه وإرهابه وإجرامه وتفجيراته وأحزمته الناسفة أن تنال من إرادتهم وعزيمتهم وإيمانهم والتزامهم خيار المقاومة.

وقال: لقد خرج أهلنا من حرب 33 يوماً مرفوعي الرؤوس منتصرين..خرجوا من تلك الحرب الوحشية التي لم يشهد لبنان مثيلاً لها في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي أكثر صلابة وقوة وإرادة وتصميماً على المضي في طريق المقاومة وأكثر استعداداً للعطاء والتضحية، بالرغم من الدمار والقتل والإرهاب والوحشية التي مارسها العدو.

وأضاف: لقد أراد العدو خلال حرب تموز معاقبتكم لأنكم احتضنتم المقاومة ودعمتم المقاومة وصنعتم هذه المقاومة, كان يريد أن يبعدكم عن المقاومة وأن يألب الرأي العام اللبناني وجمهور المقاومة ضد المقاومة, ولكن كانت المفاجأة انكم وقفتم لتعبروا عن عظيم وعيكم وإيمانكم وعزيمتكم والتفافكم حول المقاومة.واليوم في مواجهة أدوات إسرائيل وفي مواجهة التكفيريين الإرهابيين نقف نفس الموقف, لأن المطلوب هو معاقبة الناس على احتضانها للمقاومة وإبعادكم عن المقاومة.

واعتبر:أن جمهور المقاومة وشعب المقاومة بما يملك وبما يختزن من وعي وثقافة وحكمة وإيمان وإرادة وصبر سيواجه التحديات والأخطار الجديدة...

وتوجه الى الذين فجروا بالأمس في برج البراجنة وقال:عليهم أن يعلموا أنهم لن ينالوا من معنويات هذا الشعب ولا من عزيمته وإرادته وخياراته. هؤلاء الوحوش إنما يتصرفون من موقع إحباطهم وهزيمتهم وفشلهم وفشل مشروعهم في أكثر من موقع.. هؤلاء ينطلقون من أحقادهم، وهم الذين لم يطلقوا رصاصة واحدة في كل تاريخهم على إسرائيل.. يأتون اليوم ليفجروا أحقادهم في الأبرياء من الناس. إسرائيل لم تستطع أن تنال من عزيمة وإرادة وصبر هذا الشعب أنتم أيها التكفيريون أيها الإرهابيون ايتها الوحوش أعجز من أن تنالوا من عزيمته أو تكسروا إرادته.

 

وأضاف: التفجيرات التي قمتم بها قبل سنتين في الضاحية والمجازر التي ارتكبتموها بحق أهلنا في الضاحية لم توصلكم الى نتيجة ولم تثنينا عن القيام بواجبنا في التصدي لإرهابكم, ولم تثني شعبنا عن احتضان المقاومة ومجاهديها الذين يقاتلونكم في سوريا. واليوم لا التفجير في برج البراجنة ولا كل التفجيرات يمكن أن توصلكم إلى نتيجة، أو تنقذكم من الفشل, أو تعوض عن هزائمكم المتتالية في القلمون والزبداني وحلب وغيرها، لن تستطيعوا بأعمالكم الوحشية وبإجرامكم وقتلكم للأبرياء أن تغيروا المعادلات والتوازنات لا في الداخل اللبناني ولا على المستوى الإقليمي.

ورأى: أن ما جرى بالأمس يدل على أننا في الطريق الصحيح, وسيزيد من عزمنا وتصميمنا على مواصلة هذا الطريق, ويجب أن يكون على المستوى الوطني حافزاً للمزيد من التماسك الوطني والتعاطي بجدية وبمسؤولية عالية ومن قبل الجميع مع الخطر التكفيري الإرهابي الذي يستهدف الجميع ويستهدف كل لبنان.

                                                          

نص الخطبة

قال تعالى:[يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين آذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون] 153 ـ 157 ـ ( سورة البقرة).

الصبر والثبات والصمود والعزم والشجاعة كلها عناوين ضرورية لمواجهة الضغوط التي يتعرض لها الإنسان في مسيرة حياته، هي عناوين ضرورية للتغلب على المشاكل والمصائب والأحداث التي يواجهها الإنسان في طريق الوصول إلى أهدافه, وبدون الصبر والثبات سواء في المقاومة أو الجهاد أو مواجهة الأزمات والإبتلاءات لا يمكن أن يصل الإنسان إلى الغايات والنتائج التي يرجوها ويتمناها.

فلا بد أن يكون الإنسان صبوراً وقوياً وشجاعاً حتى لا تزلزله المصائب, ولا تضعفه الصعوبات والضغوط، ولا تحبطه المشاكل والابتلاءات والتحديات.. وهذا ما يدعو إليه الإسلام في جميع المراحل والظروف التي يعيشها الإنسان, وخاصة في ظروف الخوف والقلق والفتن والاضطرابات وفي الظروف الصعبة والقاسية المحفوفة بالمخاطر والابتلاءات.

لقد تجلت هذه العناوين بأوضح معانيها في عاشوراء في كل مراحل عاشوراء في مرحلة المواجهة والقتال والمقاومة على أرض كربلاء في اليوم العاشر, وفي رحلة السبي والأسر وما رافقها من آلام ومصاعب وقسوة..

في مرحلة المواجهة والقتال في كربلاء تجلت روحية الصبر والصمود والثبات والتصميم على المواجهة والعزم على القتال في شخصية الإمام الحسين (ع) وأصحابه وأهل بيته.

لقد كان الإمام (ع) منذ اليوم الأول لخروجه وثورته وحتى صبيحة اليوم العاشر من محرّم يشترط فيمن يريد الانضمام إليه والالتحاق به والجهاد بين يديه أن يكون صابراً صامداً موطناً على لقاء الله نفسه (ألا ومن كان باذلاً فينا مهجته موطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحاً إن شاء الله).

ويروى أن الحسين (ع) وقف في بعض المحطات في الطريق إلى كربلاء خطيباً في الناس وقال: أيها الناس من كان منكم يصبر على حد السيف وطعن الأسنَّة فليقم معنا وإلا فلينصرف عنا.

طريق الحسين (ع) وخيار الحسين (ع) محفوف ومصحوب بالحصار والعطش والإرهاق والإهانات والجراحات والموت والأسر والسبي والآلام والمعاناة ومئات المخاوف والأخطار الأخرى.

ولذلك كان الحسين (ع) يشترط لصحبته ومرافقته في نهضته الصبر والثبات والشجاعة والإرادة فيمن يلتحق به حتى يستطيع أن يصمد ويستمر في ميدان المواجهة وحتى يتمكن من مواجهة التحديات والأخطار, فمن لا يملك صبراً أو إرادة, من لا يتحمل المخاطر ولا يثبت في المواجهة, من يضعف وينكسر عند المصيبة, لا يليق به أن يكون من أصحابه وليس أهلاً ليكون في معسكره وجبهته.

واليوم من يريد أن يمشي في طريق كربلاء وفي طريق الحسين, من يريد أن يحمل لواء الحسين ويقاوم ويواجه إسرائيل وأدوات إسرائيل والتكفيريين. فإن طريق المقاومة والمواجهة وطريق الحسين محفوف بالمخاطر والتضحيات, محفوف بالخوف وبالموت والجراح والمتفجرات والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة.

وعلى من يريد أن يمشي في هذا الطريق أن يصبر وأن يتحلى بكل هذه المعاني.. عليه أن لا يخاف ولا يجزع ولا يهاب الأعداء ولا يتزعزع ولا ينهار ولا يضعف ولا يهن لهول المصاب ولعظيم البلاء, عليه أن يعد نفسه لتحمل النوازل بل أن يكون كما كان الحسين (ع) وأصحابه وأهل بيته قمة في الصمود والثبات.

فقد عبَّر الحسين عن عظيم صبره في كل المراحل حتى في اللحظة التي فقد فيها أعز أولاده وأصحابه وأهل بيته, فلم يهن ولم ينكسر ولم يتراجع, كان في تلك اللحظة يعود إلى الله وإلى إيمانه ليعبّر عن تسليمه لله ورضاه بقضائه ومشيئته. فقد دعا (ع) لما اشتد به الحال وقال (ع): صبراً على قضائك يا رب لا إله سواك يا غياث المستغيثين , ما لي رب سواك ولا معبود غيرك, صبراً على حكمك يا غياث من لا غياث له.

وكان يعلم أصحابه الصبر ويحثّهم عليه ويقول: صبراً بني الكرام فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة.

وفي رحلة السبي نجد هذه المعاني، الصبر والثبات والقوة والشجاعة والتسليم والرضا بقضاء الله ومشيئته والعنفوان وإرادة التحدي تتجسد في شخصية الإمام زين العابدين (ع) وفي شخصية زينب (ع) وفي كل النسوة المسبيات الحاسرات بالرغم من عظيم المصاب والآلام والجراح وفقد الأحبة.

بالرغم من كل المعاناة معاناة السبي والأسر والقيد والسجن والقهر والبطش والوحشية التي عوملن بها لم تسيطر عليهن الأحزان ولا الآلام ولا الهموم ولا الغموم ولم يشعرن بالانكسار والهزيمة ولا بالاحباط والوهن ولم يستسلمن لهول المصاب..

بل نجد على العكس من ذلك: نجد الصلابة في مواجهة المصائب والدواهي والتحمل للآلام والأحزان، نجد وخصوصاً في زينب (ع) التسليم والرضا والاحتساب والإيمان والتماسك والشجاعة والقوة والعزم والإرادة والعنفوان والعزة وإرادة التحدي تحدي الطاغية يزيد في عقر داره.. فهي تخاطبه بكل شجاعة فتقول:

"أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى أن بنا على الله هواناً وبك على الله كرامة، وأن ذلك لعظم خطرك عنده؟

ولئن جرت عليَّ الدواهي مخاطبتك، اني لأستصغر قدرك وأستعظم تقريعك وأستكثر توبيخك..

اللهم خذ بحقنا وانتقم ممن ظلمنا وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حُماتنا، فوالله ما فريت إلا جلدك ولا حززت إلا لحمك ولتردنَّ على رسول الله (ص) بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته.. فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند وايامك إلا عدد؟! وجمعك إلا بدد؟ يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.

نحن نتعلم من زينب (ع) الشجاعة والعنفوان وأن المصائب مهما كانت كبيرة لن تضعفنا ولن تكسرنا وأن الأعداء مهما كان كيدهم وإجرامهم وجبروتهم عظيماً لن يؤثروا فينا, في عزيمتنا وإرادتنا وإيماننا, لن ينالوا منا قيد أنملة.. لن يدفعونا نحو التراجع, بل إن كيدهم سيزيد من عزيمتنا وإرادتنا وتصميمنا على المضي فيما نحن فيه ما دمنا على الحق.

(إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تُصبكم سيئةٌ يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدُهُم شيئاً إن الله بما يعملون محيط] ـ آل عمران ـ 120.

لقد كنا هنا على الدوام في لبنان وكان أهلنا الشرفاء والأوفياء من أهل الصبر والثبات لم تضعفهم الأحداث ولم تكسرهم المصائب. لم تستطع كل مكائد العدو وأحقاده وحروبه وإرهابه وإجرامه وتفجيراته وأحزمته الناسفة أن تنال من إرادتهم وعزيمتهم وإيمانهم والتزامهم خيار المقاومة.

لقد خرجتم وخرج أهلنا من حرب 33 يوماً مرفوعي الرؤوس منتصرين..

خرجتم وخرج أهلنا من تلك الحرب الوحشية التي لم يشهد لبنان مثيلاً لها في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي أكثر صلابة وقوة وإرادة وتصميماً على المضي في طريق المقاومة وأكثر استعداداً للعطاء والتضحية، بالرغم من الدمار والقتل والإرهاب والوحشية التي مارسها العدو.

لقد أراد العدو خلال حرب تموز معاقبتكم لأنكم احتضنتم المقاومة ودعمتم المقاومة وصنعتم هذه المقاومة.

كان يريد أن يبعدكم عن المقاومة أن يألب الرأي العام اللبناني وجمهور المقاومة ليخرج ويقف ضد المقاومة. ولكن كانت المفاجأة انكم وقفتم لتعبروا عن عظيم وعيكم وإيمانكم وعزيمتكم والتفافكم.

لقد تعاطى أهل الضاحية والجنوب والبقاع وبقية المناطق بعد العدوان بمسؤولية وعنفوان ومعنويات عالية, وعبروا عن ثقتهم وأملهم ومحبتهم لهذه المقاومة,ولا ننسى مشاهد الناس من رجال ونساء وعوائل الشهداء عندما كانوا يقفون على منازلهم المدمرة ليقدموا كل هذا فداءً للمقاومة.

لقد عجز العالم كله عن أن يأخذ مشهداً خاطئاً واحداً من النازحين أو من الذين دمرت بيوتهم وأرزاقهم أو من عوائل الشهداء.

واليوم في مواجهة أدوات إسرائيل وفي مواجهة التكفيريين نقف نفس الموقف, والمطلوب هو معاقبة الناس على احتضانها للمقاومة وإبعادكم عن المقاومة. اليوم جمهور المقاومة وشعب المقاومة بما يملك وبما يختزن من وعي وثقافة وحكمة وإيمان وإرادة وصبر سيواجه التحديات والأخطار الجديدة...

والذين فجروا بالأمس في برج البراجنة عليهم أن يعلموا أنهم لن ينالوا من معنويات هذا الشعب ولا من عزيمته وإرادته وخياراته. هؤلاء الوحوش إنا يتصرفون من موقع إحباطهم وهزيمتهم وفشلهم وفشل مشروعهم في أكثر من موقع.. هؤلاء ينطلقون من أحقادهم، وهم الذين لم يطلقوا رصاصة واحدة في كل تاريخهم على إسرائيل.. يأتون اليوم ليفجروا أحقادهم في الأبرياء من الناس. إسرائيل لم تستطع أن تنال من عزيمة وإرادة وصبر هذا الشعب أنتم أيها التكفيريون أيها الإرهابيون ايتها الوحوش أعجز من أن تنالوا من عزيمته أو تكسروا إرادته.

التفجيرات التي قمتم بها قبل سنتين في الضاحية والمجازر التي ارتكبتموها بحق أهلنا في الضاحية لم توصلكم الى نتيجة ولم تثنينا عن القيام بواجبنا في التصذي لإرهابكم, ولم تثني شعبنا عن احتضان المقاومة ومجاهديها الذين يقاتلونكم في سوريا.

واليوم لا التفجير في برج البراجنة ولا كل التفجيرات يمكن أن توصلكم إلى نتيجة، أو تنقذكم من الفشل, أو تعوض عن هزائمكم المتتالية في القلمون والزبداني وحلب وغيرها، لن تستطيعوا بأعمالكم الوحشية وبإجرامكم وقتلكم للأبرياء أن تغيروا المعادلات والتوازنات لا في الداخل اللبناني ولا على المستوى الإقليمي.

لن تتمكنوا من أن تنالوا أو تكسروا مظاهر القوة والعزة والاحتضان الشعبي الواسع للمقاومة الذي تجلى في مجالس عاشوراء وفي مسيرات اليوم العاشر من محرم .

ما جرى بالأمس يدل على أننا في الطريق الصحيح, وسيزيد من عزمنا وتصميمنا على مواصلة هذا الطريق, ويجب أن يكون على المستوى الوطني حافزاً للمزيد من التماسك الوطني والتعاطي بجدية وبمسؤولية عالية ومن قبل الجميع مع الخطر التكفيري الإرهابي الذي يستهدف الجميع ويستهدف كل لبنان كما يستهدف المنطقة.

                                                       

 

                                                              والحمد لله رب العالمين