الصفحة الرئيسية

الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 3-5-2024: التمادي في العدوان على لبنان لن يُعوّض عجز الاحتلال عن تحقيق أهدافه.

أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أن "العدو الصهيوني لا يزال في مأزق كبير وكلّ المؤشرات تدلّ على أنه خسر الحرب وأن عليه أن يتنازل ليتمكّن من إبرام صفقة واستعادة الأسرى،" مشيرًا الى أن "هناك العديد من الأصوات السياسية والعسكرية والأمنية داخل الكيان بدأت تتحدّث بوضوح عن أن العدو فشل في غزة ولبنان".


وفي خطبة الجمعة اليوم في مجمع السيدة زينب (ع) في الضاحية الجنوبية لبيروت، قال سماحته إن "العدو لم يتمكّن من تحقيق أيّ من أهدافه، فهو في لبنان لم يستطع أن يغيّر من موقف حزب الله المساند لغزة، ولم يتمكّن من أن يحمي مستوطنيه".

وأضاف "المقاومة أدخلت العدو في حرب استنزاف مستمرة وهو يعترف بأنه في مأزق استراتيجي، وهو على مدى سبعة أشهر من العدوان، لم يتمكّن من تغيير الواقع، وإعادة 70 ألف مستوطن إلى منازلهم بل بات يتحدث عن أن الشمال أصبح تحت رحمة حزب الله، وأن الإنجاز الكبير لحزب الله هو إبعاد مستوطني الشمال إلى أماكن أخرى".

وتابع "الي ما تُحقّقه المقاومة من إنجازات على جبهة لبنان هو أكبر بكثير ممّا يعترف به العدو، والضغوط التي تمارس على لبنان كي تتوقّف المقاومة هو دليل على مدى تأثير هذه الجبهة على العدو".
وختم الشيخ دعموش "التمادي في العدوان على لبنان لن يُغيّر المعادلات التي كرّستها المقاومة لحماية بلدنا وأهلنا ولن يُعيد المستوطنين إلى المستوطنات في الشمال، ولن يُعوّض عجز العدو وفشله في تحقيق أهدافه، ولن يُثنينا عن الاستمرار في مساندة غزة حتى وقف العدوان".

نص الخطبة

نعزيكم ونعزي صاحب العصر والزمن(عج) بشهادة جده الامام الصادق(ع) التي كانت في الخامس والعشرين من شهر شوال ، كما ونبارك للعمال عيدهم الذي صادف في أول أيار.

هذا التزامن في هاتين المناسبتين يدفعنا للحديث عن أهمية وقيمة العمل ومكانة العمال لدى الإمام الصادق(ع).

فالامام(ع) كما اهتمّ بنشر العلوم والمعارف الاسلامية، إهتم ايضا بتوجيه الناس وحثهم على العمل والإنتاج والسعي لتحصيل الرزق، وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي على المستوى الفردي وعلى مستوى المجتمع والوطن ، فقد أراد الامام(ع) ان يكون الفرد المؤمن أكثر الناس حرصا على العمل والإنتاج وتحصيل الرزق، وأراد ان يكون مجتمع المؤمنين اكثر من غيره مجتمعا غنيا ومتقدما على المستوى الاقتصادي والمعيشي.

فقد روي أنه (ع) قال: «سَلُوا اللهَ الْغِنى فِي الدُّنْيَا وَالْعَافِيَةَ، وَفِي الْآخِرَةِ الْمَغْفِرَةَ وَالْجَنَّةَ.

فالإمام لا يريدنا ان نعيش الفقر والعوز والحاجة، بل يريدنا ان نكون أغنياء، وان نطلب من الله الغنى في الدنيا، وهذا يعني أنه يريدنا أن نسعى في هذه الدنيا للغنى من خلال العمل والإنتاج والكسب الحلال.
وعنه(ع) : لَا خَيْرَ فِي مَنْ لَا يُحِبُّ جَمْعَ الْمَالِ مِنْ حَلَالٍ يَكُفُّ بِهِ وَجْهَهُ، وَيَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ، وَيَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ.

وعنه(ع) في حديث ثالث : لا تَدَعْ طَلَبَ الرِّزقِ مِن حِلِّهِ، فإنّهُ أعوَنُ لَك على دِينِكَ، واعقِلْ راحِلَتَكَ وتَوَكَّلْ.

فلا ينبغي للإنسان أن يضيع أيّ فرصة للعمل وللكسب الحلال اياً كان نوع العمل، فالبعض عندما يُعرض عليه عمل صغير او عمل براتب قليل، او عمل لا يلبي طموحه، يرفض ويستنكف ولا يرضى بما يعرض عليه من أعمال او وظائف بسيطة، لكنه يرضى لنفسه مع الأسف بأن يتسول ويمد يده للناس او يستدين ويقع تحت اعباء الديون.

الامام(ع) يقول لا تدع اي فرصة عمل شريف حلال تتاح لك، لانها تعينك على دينك، وتحفظ لك دينك، وتغنيك عن ان تلجأ إلى الطرق الحرام لكي تحصل على المال كالسرقة واو اخذ ما ليس لك في حق، او تحصيل المال عن طريق اللتلاعب والاحتيال .. بل عليك عندما تتاح لك فرصة عمل ان تبادر وتصمم على العمل وان تتوكل على الله وان تقبل باي عمل شريف يغنيك عن مد يدك للناس طالما ليس لديك خيارات آخرى. وهذا معنى قوله(ع): (فإنّهُ أعوَنُ لَك على دِينِكَ، واعقِلْ راحِلَتَكَ وتَوَكَّلْ).

البعض يحب ان يعمل ويحصل على المال لكن ليس باي عمل، بل يريد عملا سهلا هينا لانه لا يريد ان يتعب ويبذل جهدا مع انه بصحة جيدة وقوي البدن وقادر على تحمل التعب والجهد والمشقة.

البعض لا تعجبه الاعمال الحرة والتجارة، اوالعمل في الزراعة او الصناعة، بل يريد وظيفة وإذا لم يجد وظيفية، يبقى عاطلًا عن العمل، وعبأ على غيره، مع انه يملك قوة وصحة جيدة.

البعض يكون قادرا على زيادة إنتاجه ودخله ولكنّه يتقاعس ويتكاسل عن بذل الجهد وتحمّل التعب، ويكتفي بمستوى محدود من الدخل لانه يحب الراحة
وقد حذر الإمام الصادق(ع) من الخضوع للكسل والتقاعس عن العمل لزيادة الانتاج، في العديد من الاحاديث الواردة عنه، فقال(ع) : عَدُوُّ اَلْعَمَلِ اَلْكَسَلُ.

فمن استسلم للكسل لا يعمل، وإذا عمل يختلق المبرّرات لترك عمله، أو التهاون في أدائه، فيكون فاشلًا في عمله.

وفي حديث اخر : مَنْ كَسِلَ عَمَّا يُصْلِحُ بِهِ أَمْرَ مَعِيشَتِهِ فَلَيْسَ فِيهِ خَيْرٌ لِأَمْرِ دُنْيَاهُ.

وقال الإمام موسى الكاظم (ع): قَالَ أَبِي - يعني الصادق(ع)- لِبَعْضِ وُلْدِهِ‌: إِيَّاكَ وَالْكَسَلَ وَالضَّجَرَ، فَإِنَّهُمَا يَمْنَعَانِكَ مِنْ حَظِّكَ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

فالانسان الذي يتكاسل ويضجر بسرعة مثلا من العمل لانه متعب، لن يكون محظوظا ولا موفقا لا في الدنيا ولا في الآخرة.

إنّ على الإنسان أن يربّي نفسه وأبناءه على الفاعلية والنشاط والحيوية والانتاج، ويزرع في نفوسهم حبّ العمل، والاعتماد على النفس وعدم الكسل والخلود للراحة والترفيه ومضيعة الوقت على الامور الفارغة ، على الانسان ان يبث الوعي لدى ابنائه وان يعرفهم بأنّ نتيجة الكسل هو الفشل في الدنيا والآخرة.

الانسان المؤمن يجب ان يقتدي بالانبياء والاولياء والائمة الاطهار عليهم السلام جميعا، ويتخذهم قدوة له ليس في الايمان والعبادة والطاعة لله فقط، بل في العمل والكدح والإنتاج والسعي لتحصيل الرزق، وإعمار الأرض، وبناء الحياة وتطويرها، فالأنبياء والأئمة(ع) إلى جانب إيمانهم وعبادتهم كانوا يجتهدون في الكدح والعمل، ليكونوا قدوة واسوة لنا في ذلك كما هم اسوة وقدوة لناغ في الايمان والعبادة والطاعة والاعمال الصالحة.

فعن الإمام الصادق(ع) انه قال: لَا تَكْسَلُوا فِي طَلَبِ مَعَايِشِكُمْ فَإِنَّ آبَاءَنَا كَانُوا يَرْكُضُونَ فِيهَا وَيَطْلُبُونَهَا.

وقال(ع) : كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَخْرُجُ فِي الْهَاجِرَةِ فِي الْحَاجَةِ قَدْ كُفِيَهَا يُرِيدُ أَنْ يَرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى يُتْعِبُ نَفْسَهُ فِي طَلَبِ الْحَلَالِ».

الإمام الصادق(ع) كان حريصاً على أن يعمل بنفسه في أكثر من مجال ليكون في مواطن رضا الله، وليحقق العز الذي يترفّع من خلاله عما في أيدي الناس، قال أبو عمر الشيباني: رأيت أبا عبد الله الصادق(ع) وبيده مسحاة يعمل في حائط له والعرق يتصبب، فقلت: جُعلت فداك أعطني أُكفِك، فقال لي: إنّي أحبّ أن يتأذّى الرجل بِحرِّ الشمس في طلب المعيشة).

وكان يقول(ع): إِنِّي لَأَعْمَلُ فِي بَعْضِ ضِيَاعِي حَتّى أَعْرَقَ، وَإِنَّ لِي‌ مَنْ يَكْفِينِي لِيَعْلَمَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنِّي أَطْلُبُ الرِّزْقَ الْحَلَالَ.

وايضا على الانسان ان لا يتقاعد عن العمل، فما دام قادرًا على العمل عليه ألّا يتوقف ، وان لا يستهلك ما ادخره من مال من دون انتاج جديد .

لا ينبغي للانسان ان يكون من شريحة المتقاعدين طالما انه قادر على العمل والانتاج والانجاز، فإذا كنت لست بحاجة لمزيد من المال، اعتمادًا على مدّخراتك وعلى راتبك التقاعدي، فإنّ المجتمع والحياة والمسيرة بحاجة إلى مزيد من الطاقات والقدرات والفاعلية والإنتاج.

فقد سأل الامام الصادق(ع) احد اصحابه : أَيَّ شَيْ‌ءٍ تُعَالِجُ؟» قال: مَا أُعَالِجُ الْيَوْمَ شَيْئًا. فَقَالَ: كَذَلِكَ تَذْهَبُ أَمْوَالُكُمْ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ. يعني عاتبه بشدة ، فهو لم يعاتبه ويشتدّ عليه في الكلام لأنه قصّر في واجباته الدينية أو ارتكب معصية أو خطأً، بل لأنه بقي عاطلًا عن العمل، معتمدًا على ما لديه من مال، لانه ان بقي كذلك ستنتهي امواله وتنفد.

وسأل(ع) عن احد اصحابه، فقيل له: انه قَدْ تَرَكَ التِّجَارَةَ، فَقَالَ (ع) : هذا عَمَلُ الشَّيْطَانِ ، قالها ثلاثا.

ورُوِيَ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ أَنَّهُ قَالَ‌ رَآنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصادق(ع) وَقَدْ تَأَخَّرْتُ عَنِ السُّوقِ فَقَالَ لِي: اغْدُ إِلَى عِزِّكَ‌.

فالعمل يوفّر للإنسان أسباب العزّة والقوة في شخصيته وفي دوره الاجتماعي، ويصبح محترما ومقدرا عند الناس، بل ان الذي يعمل لا ينعكس عمله على وضعه المعيشي والاقتصادي والاجتماعي فقط بل على وضعه النفسي ايضا، حيث نجد ان من يعمل يكون منشرحا ومرتاحا نفسيا بينما من لا يعمل يبقى مهموما ومغموما ومحبطا.

اليوم صحيح ان معدلات البطالة في لبنان مرتفعة وقد وصلت الى 30بالمئة حسب بعض الدراسات، وصحيح انه ليس من السهل تحصيل فرص عمل بسبب الاوضاع والظروف المختلفة التي يمر بها البلد، لكن هذا لايعني انه لا توجد فرص عمل بالمطلق ، هناك اعمال كثيرة، لكن على الإنسان أن يمتلك اولا ثقافة العمل ان يحب العمل ان تكون لديه رغبة للعمل والكد وبذل الجهد، هذا مطلوب اولا، لان المشكلة ان البعض لا يرغب في ان يعمل ويريد ان يعيش مرتاحا ويتكل على الاخرين ، وثانيا على الانسان ان ان يرضى باي عمل شريف حتى لو كان متدني الاجر، فالعمل باجر قليل افضل من التسول.

اليوم العمل وتحسين الانتاج وتحسين المعيشة هو جزء من معركة مواجهة الحصار الامريكي للبنان.

الامريكي بحصاره يريد تجويع الناس من خلال منع الاستثمار والتحويلات المالية الى لبنان وعدم المساعدة على الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتج وربط الاقتصاد بالخارج وغير ذلك من السياسات التي لم تنتج سوى المزيد من البطالة وانعدام فرص العمل وهجرة الشباب اللبناني الى الخارج.

الاعتماد على الذات والتوجه نحو الانتاج الوطني والعمل في الصناعة والزراعة وعدم الاعتماد على المساعدات الخارجية تمكن اللبنانيين من كسر الحصار وتجعله بلا جدوى.

اليوم العدو الصهيوني لا يزال في مأزق كبير، وكل المؤشرات تدل على انه خسر الحرب، وان عليه ان يتنازل ليتمكن من ابرام صفقة واستعادة الاسرى ، وهناك العديد من الاصوات السياسية والعسكرية والامنية داخل الكيان الصهيوني بدأت تتحدث بوضوح عن ان العدو فشل في غزة وفشل في لبنان. ولم يتمكن من تحقيق اي من اهدافه، فهو في لبنان لم يستطع ان يغير من موقف حزب الله المساند لغزة ولم يتمكن من ان يحمي مستوطناته.

المقاومة أدخلت العدو في حرف استنزاف مستمرة، وهم يعترفون انهم في مأزق استراتيجي، وانهم على مدى سبعة أشهر من العدوان ، لم يتمكنوا من تغيير الواقع، واعادة 70 ألف مستوطن الى منازلهم، بل باتوا يتحدثون عن ان الشمال اصبح تحت رحمة حزب الله، وان الإنجاز الكبير لحزب الله هو إبعاد مستوطني الشمال الى اماكن اخرى .

اليوم ما تحققه المقاومة من انجازات على جبهة لبنان هو اكبر بكثير مما يعترف به العدو، والضغوط التي تمارس على لبنان كي تتوقف المقاومة هو دليل على مدى تأثير هذه الجبهة على العدو.

والتمادي في العدوان على لبنان لن يغير المعادلات التي كرستها المقاومة لحماية بلدنا واهلنا، ولن يُعيد المستوطنين إلى المستوطنات في الشمال، ولن يُعوّض عجز العدو وفشله في تحقيق أهدافه، ولن يثنينا عن الاستمرار في مساندة غزة حتى وقف العدوان.