الصفحة الرئيسية
مكانة القيم الاخلاقية والسلوكية في الاسلام
- 21 شباط/فبراير 2014
- الزيارات: 3544
الأمور الاعتقادية والمسائل العبادية تستهدف القيم الأخلاقية، وقيمتها الحقيقية هي أن تتجسد في العمل الصالح وأفعال الخير وأن تنعكس آثارها في أخلاق الإنسان وأعماله وممارساته وسلوكه الشخصي والاجتماعي.
خلاصة الخطبة
الشيخ دعموش: المطلوب قيام توجه وطني شامل لمواجهة الإرهاب لأن الجميع في دائرة الأستهداف.
شدد سماحة الشيخ علي دعموش امام مجمع السيدة زينب(ع) في حارة حريك خلال خطبة الجمعة على أهمية ومكانة القيم الاخلاقية والسلوكية في الدين وفي حياة المؤمنين معتبراً: أن القران الكريم والسنّة النبوية الشريفة وهما المصدر الأساسي لفهم الدين ومعرفة قيمه وأحكامه أعطيا للبعد الأخلاقي والسلوكي فيهما مقام الأولوية وموقع الصدارة.
وقال: الأخلاق ليست قضية ثانوية أو كمالية تدخل في نطاق المستحبات كما ينظر إليها المتدين التقليدي، بل هي الغاية والهدف والمقصد النهائي من الدين.
ولذلك جعل القرآن الكريم مهمة تزكية النفس الإنسانية في مقدمة وظائف الأنبياء، حيث قال تعالى: [هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم]. الجمعة/2.
كما أن رسول الله (ص) جعل الهدف من بعثته إتمام مكارم الأخلاق (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
وأشار: الى أن الأمور الاعتقادية والمسائل العبادية تستهدف القيم الأخلاقية، وقيمتها الحقيقية هي أن تتجسد في العمل الصالح وأفعال الخير وأن تنعكس آثارها في أخلاق الإنسان وأعماله وممارساته وسلوكه الشخصي والاجتماعي، فإذا لم تنعكس على أخلاق الإنسان وتصرفاته وطريقة تعامله مع الآخرين، فلا قيمة لها، بل هي إيمان مزيف واعتقاد ضعيف وممارسة شكلية للدين.
ولفت الشيخ دعموش: الى أن بعض المتدينين يراعي بدقة أحكام الطهارة والصلاة، وقد لا يصلي إلا في المسجد، بل قد لا يترك صلاة الليل، ولكنه يتساهل في مراعاة حقوق الناس في محيطه العائلي والاجتماعي، فيظلم زوجته ويظلم جيرانه، ويغش الناس ويحتال عليهم، ويأخذ ما ليس له فيه حق، يستولي على النصيب الأكبر من الإرث بغير حق، ويعادي أرحامه ،ويؤذي جيرانه وأبناء مجتمعه..
وقال: البعض يحرص على أن تكون هيئته هيئة متدين، لكن قلبه قاسي، سيء الخلق في التعاطي مع الناس، سيء المعاملة، يواجه الناس بألفاظ نابية، يسب ،يشتم، يلعن، يطلق لسانه في الكلام على الناس، يغضب بسرعة، يكون انفعالياً دائماً فيقع في أخطاء كثيرة.
وأضاف: ان البعض ممن هو محسوب على شريحة المتدينين يقيم علاقات وصداقات مشبوهة خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، فيتواصل مع فتيات وحتى مع نساء محصنات متزوجات بعنوان إنشاء صداقة (مجرد صداقة وتواصل بريء؟!) أو بالعكس نساء يتواصلن مع رجال أو شباب بالفايس بوك والواتس آب وغيرها فيقعون بالحرام وفي الحد الأدنى يدمرون حياتهم الزوجية والأسرية ويتسببون بالأذى لأزواجهم.. مؤكداً: أن هناك نسبة غير قليلة من حالات الطلاق في مجتمعاتنا تحصل بسبب ذلك.
واعتبر الشيخ دعموش : ان هذه الممارسات تحصل بنسبة كبيرة حتى في وسط المتدينين وهي بعيدة كل البعد عن أخلاق الدين وقيم الدين والسلوك الديني والإيماني.
مؤكداً: ان الدين هو استقامة، وأمانة، وصدق، وعفة، ورحمة، وعدل، وإنصاف، وتواضع، وتسامح، وكل هذه القيم الأخلاقية.
وقال: الأخلاق هي وسيلة من وسائل التقرُّب إلى الله، ونيل الثواب والأجر والفضل والكرامة عند الله، تماماً كما هي العبادات والمستحبات وسيلة للتقرب إلى الله ونيل رضاه.
والمؤمنون يقبلون ويتنافسون على القيام بالعبادات والفرائض والنوافل وسائر المستحبات لمعرفتهم بفضل هذه الأعمال وعظيم أجرها وثوابها، لكن لا ينبغي تجاهل أهمية القيم الأخلاقية والسلوكية وفضل وثواب وأجر التحلي بها وتربية النفس عليها..
بل ربما يكون لبعض الصفات الأخلاقية والسلوكيات الأخلاقية أرجحية على بعض العبادات.
وفي الجانب السياسي من الخطبة لفت الشيخ دعموش: الى ان مشكلة الذين يفجرون أنفسهم بالسيارات المفخخة ويقتلون الأبرياء ليست في أنهم لا يصلون ولا يصومون ولا يعبدون الله.. ربما كثير منهم يفعل ذلك ويقرأ القرآن وقد تبدو عليه هيئة المتدين.. ولكن صلاته وعباداته لم تمنعه من ارتكاب الجرائم وسفك الدماء ولم تؤثر في أخلاقه وسلوكه.. فهوقد يصلي لكنه مجرم، فاقد للرحمة، عديم الأخلاق والضمير والإنسانية، فأي قيمة بعد ذلك لصلاته وعبادته؟.
وأكد أن التفجير الآثم في منطقة بئر حسن استهدف كل لبنان وقتل من السنة والشيعة والدروزوغيرهم ولم يفرق بين طائفة وطائفة ولا بين منطقة ومنطقة..
وقال: المطلوب قيام توجه وطني شامل لمواجهة الإرهاب لأن الجميع في دائرة الأستهداف..والمطلوب أيضاً أن تكون مكافحة الإرهاب أولوية وفي صلب البيان الوزاري للحكومة، وان تقوم بترجمة هذه الأولوية على الأرض بقيام الأجهزة الأمنية المعنية بالإجراءات اللازمة وفي مقدمها إلقاء القبض على الجماعات الإرهابية والرؤوس الإرهابية التي تتخذ من بعض المناطق اللبنانية بؤراً لها.
نص الخطبة:
[يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون] ـ الحج / 77.
يركز المتدينون التقليديون في مجتمعاتنا غالباً على ثلاثة جوانب من الدين:
الأول: الجانب العقائدي أي صحة ومتانة المعتقدات الدينية.
الثاني: الجانب العبادي وإحياء الشعائر الدينية.
الثالث: الجانب المتعلق بالشكل والهيئة والمظهر الديني.
أما الجانب الأخلاقي والسلوكي من الدين أو جانب المعاملات من الدين فالاهتمام به من قبل المتدينين غالباً ما يكون ضعيفاً.
فالمتدين في الجانب الأول يفخر ويعتز بمعتقداته الدينية بإيمانه بالله وانتمائه إلى هذا الدين وإلى هذا المذهب، ويحرص على أن يكون إيمانه بالله وبالتوحيد والنبوة والآخرة وسائر أصول الدين إيماناً راسخاً وقوياً ومتيناً، يحرص أن تكون لديه حصانة عقيدية لا تستطيع الشبهات اختراقها.
كذلك المتدين التقليدي يحرص في الجانب الثاني على أداء عباداته من صلاة وصوم وحج بدقة إلى حد انك ترى البعض مصاب بالوسوسة. فمن شدة حرصه على أن تكون عباداته صحيحة يصاب بالوسواس في طهارته، في غسله، في وضوئه، في صلاته وهكذا...
تراه أيضاً يهتم بالمشاركة في الشعائر الدينية والمذهبية، ولا يفوّت مناسبة دينية ولا مجلساً دينياً، أو احتفالاً، أو مجلس عزاء، إلا ويحضره ويشارك فيه.
كذلك ترى المتدين أيضاً يهتم في الجانب الثالث بأن يكون مظهره مظهر المتدين، فهو يحرص أن تكون لديه لحية شرعية، وأن تكون ملابسه محتشمة، ويحافظ على بعض المستحبات فيحمل مسبحة، ويلبس أكثر من خاتم، ويتختم باليمين ويلبس العقيق وما شاكل ذلك.
لكن هذا المتدين نفسه في الجانب الأخلاقي والسلوكي قد لا تراه حريصاً على المعاملة الحسنة مع الناس مع أهل بيته، مع زوجته وأولاده، مع والديه، مع جيرانه وأبناء مجتمعه..
يراعي بدقة أحكام الطهارة والصلاة، وقد لا يصلي إلا في المسجد، بل قد يصلي صلاة الليل، ولكنه يتساهل في مراعاة حقوق الناس في محيطه العائلي والاجتماعي، يظلم زوجته يظلم جيرانه، يغش الناس ويحتال عليهم، يأخذ ما ليس له فيه حق، يستولي على النصيب الأكبر من الإرث بغير حق، يعادي أرحامه، أو يؤذي جيرانه.
بعض المتدينين يصرف جهداً ووقتاً في المشاركة في المناسبات والاحتفالات الدينية وفي مجالس العزاء ولكنه يبخل حتى بالقليل من جهده ووقته في الأعمال الخيرية وفي تقديم الخدمات الاجتماعية.
البعض ينفق الكثير من ماله في رحلات الحج والعمرة وزيارة العتبات المقدسة لكنه لا يتفقد أحوال الفقراء والمساكين ولا يساعد الأيتام والمحتاجين.
البعض يحرص على أن تكون هيئته ومظهره وشكله شكل المتدين، لحية ومسبحة وخواتم، هيئته هيئة متدين، لكن قلبه قاسي، سيء الخلق في التعاطي مع الناس، سيء المعاملة، يواجه الناس بألفاظ نابية، يسب ،يشتم، يلعن، يطلق لسانه في الكلام على الناس، يغضب بسرعة، يكون انفعالياً دائماً فيقع في أخطاء كثيرة.
البعض هيئته هيئة متدين ومحسوب على المتدينين ولكنه يقيم علاقات وصداقات مشبوهة خصوصاً اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة. هناك فيمن يحسب على شريحة المتدينين من يتواصل مع فتيات وحتى مع نساء محصنات متزوجات بعنوان إنشاء صداقة (مجرد صداقة وتواصل بريء؟!) أو بالعكس نساء يتواصلن مع رجال أو شباب بالفايس بوك والواتس آب وغيرها فيقعون بالحرام وفي الحد الأدنى يدمرون حياتهم الزوجية والأسرية ويتسببون بالأذى لأزواجهم.. واليوم هناك نسبة غير قليلة من حالات الطلاق في مجتمعاتنا تحصل بسبب ذلك.
هذه الأمور تحصل بنسبة كبيرة حتى في وسط المتدينين وهي بعيدة كل البعد عن أخلاق الدين وقيم الدين والسلوك الديني والإيماني.
عندما نعود إلى القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة وهما المصدر الأساسي لفهم الدين ومعرفة قيمه وأحكامه سنجد أن للبعد الأخلاقي والسلوكي فيهما مقام الأولوية وموقع الصدارة.
فالأخلاق ليست قضية ثانوية أو كمالية تدخل في نطاق المستحبات كما ينظر إليها المتدين التقليدي، بل هي الغاية والهدف والمقصد النهائي من الدين.
ولذلك القرآن الكريم جعل مهمة تزكية النفس الإنسانية في مقدمة وظائف الأنبياء.
يقول تعالى: [هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم]. الجمعة/2.
ويقول تعالى: [كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم]. البقرة/ 151. رسول الله (ص) يجعل الهدف من بعثته إتمام مكارم الأخلاق (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
الأمور الاعتقادية، الإيمان بالله وباليوم الآخر، قيمته أن يتجسّد في العمل الصالح وفي أخلاق الإنسان وسلوكه فإذا لم ينعكس على أخلاق الإنسان وتصرفاته وأعماله وسلوكه الشخصي والاجتماعي وطريقة تعامله مع الآخرين، فلا قيمة له، بل هو إيمان مزيف واعتقاد ضعيف.
ولذلك فإن الآيات التي تتحدث عن الإيمان دائماً تقرن الإيمان بالعمل الصالح للتدليل على أن الإيمان الذي لا يتجسد في العمل الصالح، لا قيمة له.
[من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم]. البقرة/ 62.
[والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات]. العصر.
إلى جانب المعتقدات فإن العبادات أيضاً تستهدف القيم الأخلاقية، فإن الهدف من بعض العبادات أن تنعكس آثارها في أخلاق الإنسان وأعماله وممارساته وسلوكه وحياته.
يقول تعالى: [وأقِم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر]. العنكبوت/ 45. فالصلاة إن لم تنهى عن الفحشاء والمنكر لا قيمة لها.
شخص يصلي لكنه كذاب، يصلي لكنه محتال، يصلي لكنه يراوغ، يصوم ويحج ويزور ولكنه يأخذ ما ليس له بأساليب احتيالية، هذا لا قيمة لصلاته وصومه وحجه.
المتدين وصاحب الدين ليس هو الذي يصلي ويصوم ويحج ويقوم بالعبادات فقط، صاحب الدين والمتدين هو: الصادق الذي يصلي، الأمين الذي يصلي، العادل الذي يصلي، الرحيم الذي يصلي، المتواضع الذي يصلي وهكذا..
حين تتحدث السيدة الزهراء (ع) عن علل وحِكَمِ بعض العبادات نراها تركِّز على الأهداف والغايات الأخلاقية للعبادات، فتقول (ع):
(فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم من الكبر، والزكاة تزكية للنفس، والصيام تثبياً للإخلاص..). فالغاية من الصلاة التخلّض من الكبر، والهدف من الزكاة تزكية النفس الإنسانية، والمقصد من الصيام هو تثبيت الإخلاص... إذن الهدف من هذه العبادات تعزيز وتأكيد هذه القيم الأخلاقية في ممارسات الإنسان وسلوكه.
كذلك عندما وقف جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه أمام ملك الحبشة أكد له أن النبي (ص) إنما دعى إلى التمسك بالقيم الأخلاقية والفضائل الإنسانية قبل أن يدعو إلى بعض العبادات قال رضوان الله عليه: (كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف.. فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه، من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة..).
فالدين هو استقامة، وأمانة، وصدق، وعفة، ورحمة، وعدل، وإنصاف، وتواضع، وتواصل، وكل هذه القيم الأخلاقية.
والأخلاق هي وسيلة من وسائل التقرُّب إلى الله، ونيل الثواب والأجر والفضل والكرامة عند الله، تماماً كما هي العبادات والمستحبات وسيلة للتقرب إلى الله ونيل رضاه.
المؤمنون يقبلون ويتنافسون على القيام بالعبادات والفرائض والنوافل وسائر المستحبات لمعرفتهم بفضل هذه الأعمال وعظيم أجرها وثوابها، لكن لا ينبغي تجاهل أهمية القيم الأخلاقية والسلوكية وفضل وثواب وأجر التحلي بها وتربية النفس عليها..
بل ربما يكون لبعض الصفات الأخلاقية والسلوكيات الأخلاقية أرجحية على بعض العبادات.
فعن رسول الله (ص): (من حسن خلقه بلّغه الله درجة الصائم القائم).
وعنه (ص): (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وإنه لضعيف العبادة).
وعنه (ص): (إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني يوم القيامة أحسنكم خلقاً وأشدكم تواضعاً).
كذلك إذا كان المتدين يخاف من الوقوع في المعاصي والذنوب ويتجنب غضب الله وسخطه، فعليه أن يعلم أن ذلك لا يقتصر على ترك الواجبات العبادية أو ارتكاب الآثام الشخصية، بل إن سوء معاملة الآخرين قريبين كانوا أم بعيدين من أكبرالمعاصي والذنوب، وهذا ما تؤكد عليه بعض الأحاديث:
فعن النبي (ص): (سوء الخلق ذنب لا يغتفر).
وقيل لرسول الله (ص): إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وهي سيئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها. فقال (ص): لا خير فيها هي من أهل النار.
وعن النبي (ص): عند دفن سعد بن معاذ قال: اصابته ضمة (ضغطة القبر)، فسئل النبي (ص) عن ذلك؟ فقال: نعم، إنه كان في خلقه مع أهله سوء.
ضغطة القبر تصيب من كان في خلقه سوء مع أهله فكيف بالذي في خلقه سوء مع مجتمعه ومع الناس يصل إلى حد الإجرام والقتل العبثي وسفك الدماء البريئة..
اليوم مشكلة الذين يفجرون أنفسهم بالسيارات المفخخة ويقتلون الأبرياء ليست في أنهم لا يصلون ولا يصومون ولا يعبدون الله.. ربما كثير منهم يفعل ذلك ويقرأ القرآن وتبدو عليه هيئة المتدين، يرسل لحيته ويحف شاربه.. ولكن صلاته وعباداته لم تمنعه من ارتكاب الجرائم وسفك الدماء ولم تؤثر في أخلاقه وسلوكه..
قد يصلي لكنه مجرم، فاقد للرحمة، عديم الأخلاق والضمير والإنسانية، أي دين هذا وأي صلاة هذه؟!!..
الشخصان اللذان فجرا في بئر حسن (بالقرب من المستشارية الثقافية الإيرانية) قتلا أناساً أبرياء باسم الدين وباسم الحسين بن علي(ع) ، والحسين بريء منهم، وهما ومن يقف ورائهما من قتلة الحسين وأولاد الحسين وأهل بيت الحسين (ع).
الحسين قُتل وقُتل أولاده وأهل بيته وأصحابه على أيدي مجرمين من أمثالكم تماماً كما قتلتم أنتم الأبرياء على مستديرة بئر حسن.
ولعل ميزة هذا التفجير الآثم الوحشي أنه استهدف أكثر من طائفة وأكثر من جهة، فهو قتل من السنة ومن الشيعة ومن الدروز، وعلى المستوى الجغرافي والمناطقي قتل من بيروت والجبل والجنوب والبقاع، وبالتالي هذا الإرهاب لم يفرق بين طائفة وطائفة ولا بين منطقة ومنطقة.. هذه جريمة تستهدف كل الوطن وكل لبنان، ولا تستهدف طائفة معينة أو جهة معينة أو منطقة معينة.
وهذا يفرض قيام توجه وطني شامل لمواجهة الإرهاب لأن الجميع في دائرة الأستهداف..
والحكومة التي تشكلت وضعت في أولويتها مواجهة الإرهاب كما ذكر رئيس الحكومة في بيان التأليف وهذا أمر جيد ومطلوب.. والمطلوب أيضاً أن تكون مكافحة الإرهاب أولوية وفي صلب البيان الوزاري للحكومة، ولكن العبرة بترجمة هذه الأولوية على الأرض وقيام الأجهزة الأمنية المعنية بالإجراءات اللازمة وفي مقدمها إلقاء القبض على الجماعات الإرهابية والرؤوس الإرهابية التي تتخذ من بعض المناطق اللبنانية بؤراً لها، وبذلك يمكن لهذه الحكومة أن تساهم في تحصين الوضع الأمني في البلد وحماية لبنان من الفوضى التي تعم المنطقة.
والحمد لله رب العالمين