كلمة في الذكرى الرابعة للشهيد سليماني في مجمع السيدة زينب 2-1-2024

الشيخ دعموش: العدوان على غزة زادنا قناعة وتمسكًا بخيار ‏المقاومة.

أكّد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي ‏دعموش أن "إطالة أمد العدوان لن يمكّن العدو من تحقيق ‏أهدافه‎ ‎في غزة، كما أن التهديدات والضغوط على لبنان لن تغيّر ‏شيئًا من الواقع عند الحدود، ولا من معادلات المقاومة".‏

وفي كلمة له خلال احتفال أقامه حزب الله لمناسبة الذكرى السنوية الرابعة للشهيد ‏قاسم سليماني في مجمع السيدة زينب (ع) في ‏حارة حريك، رأى الشيخ دعموش أن "العدوان على غزة زادنا قناعة وتمسكًا بخيار ‏المقاومة كخيار استراتيجي ندافع به عن بلدنا ومستقبلنا ونحافظ ‏من خلاله على ثرواتنا وسيادتنا على أرضنا"، مضيفًا أن "كل ‏التهديدات أو الضغوط والوفود والوساطات الأميركية والغربية التي ‏تحاول مساعدة العدو وتحقيق أهدافه لن تستطيع أن تفرض على ‏المقاومة واقعًا جديدًا عند الحدود اللبنانية مع فلسطين ‏المحتلة".

وختم سماحته قائلًا: "نحن أصحاب الأرض وسنبقى ندافع عن أرضنا وبلدنا ‏وننتصر لغزة وفلسطين، ولا تستطيع أي قوة في العالم أن تقتلعنا ‏من أرضنا، أو تمنعنا من القيام بواجبنا لحماية بلدنا ونصرة ‏المظلومين في غزة". ‏

نص الكلمة

الشهيد سليماني هو شخصية اعتبرها الامام القائد مدرسة وليس فردا لانها مزجت بين العلم والعمل وجسدت في سلوكها وعملها مختلف القيم والاخلاق الاسلامية ومثلت في وقت واحد سماحة وليونة الاسلام وشدة بأسه
شخصية واجهت العالم المستكبر الممتد من اسرائيل الى امريكا وافشلت خططه واهدافه ومشروعه في المنطقة وارعبت ادواته وعملاءه وساهمت في رسم خريطة جديدة للمنطقة
شخصية طوقت الكيان الصهيوني بزنار من نار وجعلت من حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والمنطقة قوة ترعب الكيان وتهدد وجوده وبقائه
ان قوة هذه الشخصية القيادية نابعة من قوة عقيدته وفكره وايمانه واخلاصه وصدقه وطاعته للامام القائد باعتباره ولي الامر

الصدق والاخلاص على حد تعبير الامام القائد دام ظله هما عنوان وجوهر مدرسة سليماني، الصدق: الذي تتحدث عنه الآية الشريفة: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ (الأحزاب، 23)، و«الإخلاص» الذي تتحدث عنه آيات كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ (الزمر، 11).

هذان العنوانان القرآنيان شكّلا حركة الشهيد سليماني.

لقد عمل الشهيد سليماني في حياته بصدق بكل معنى الكلمة سواء في «الدفاع المقدس»، وفي «قوّة القدس» وفي مختلف الميادين، تحمّل عناء الجهاد في سبيل الأهداف الكبيرة، وبقي وفيّاً للإسلام وللثورة بكل كيانه. بقي وفيّاً للعهد الذي قطعه مع الله ومع الإمام [الخميني]. كان وفيّاً بكل كيانه لشعبه الإيراني وللأمة الإسلامية، وقام بواجباته اتجاه الشعب الإيراني، واتجاه الأمة الإسلامية ومقدساتها لا سيما في فلسطين

وكان في كل ما قام به مخلصا لله ولا يبتغى سوى وجه الله ورضا الله لم يعمل من اجل الحصول على مكاسب او امتيازات شخصية.

الامام القائد يقول كل هذه المكانة والعظمة للشهيد سليماني انما هي بسبب اخلاص هذا الرجل.

كان معرضا عن الدنيا ومناصبها ومواقعها كانت له شهرته وشعبيته الواسعة وكان بامكانه ان يعتلي اعلى المناصب في الجمهورية الاسلامية، ولكنه كان يزهد بكل المناصب والمواقع ويصر على البقاء في خطوط المواجهة الامامية كجندي يدافع عن الاسلام والمقدسات والشعوب المظلومة في مواجهة الاستكبار والاحتلال والعدوان.

في السنوات الاخيرة وامام كل استحقاق انتخابي لرئاسة الجمهورية في ايران كان الكثير من الناس يطلبون منه ان يرشح نفسه للرئاسة فكان يرفض ذلك بشكل قاطع ويقول: انا مرشح للشهادة وليس للرئاسة.

ويطلب من احد المقربين منه ان ينقل عن لسانه لمن يساله لماذا لا يترشح سليماني للرئاسة؟: (ان سليماني جندي وحسب ولا شيء اخر). ثم يقول له هذا الشخص المقرب منه: ماذا لو ان السيد القائد رغب بذلك ؟فاجاب :ان كلفني السيد القائد بذلك فسأذهب اليه وابقى ابكي عنده حتى يعفيني من هذا الامر .

الشهيد الحاج قاسم كان قدوة في العلاقة والارتباط بالولي الفقيه والتقيد والالتزام الدقيق بالتكاليف والتوجيهات والارشادت الصادرة عنه، وهذا الامر كان من ابرز صفاته والسبب الاساسي في نجاحاته وتوفيقاته وانجازاته.

الشهيد سليماني هو من الأشخاص الذين تقوم مدرسته على الإلتزام بهذه الولاية والتقيد بالتكاليف والتوجيهات والإرشادات التي تصدر عنها, كان الشهيد يعتقد اعتقادا جازما بولاية الإمام الخميني وولاية الإمام القائد ويعتبر العمل بأقوالهما وتوجيهاتهما تكليفا شرعيا قاطعا لا يمكن ان يوجد اي خلل في الإلتزام والتقيد من قبله …

العلاقة التي كانت تربط سليماني بالإمام القائد لم تكن علاقة عابرة او سطحية بل علاقة متينة ووثيقة ،كانت علاقة محبة ومودة،وعلاقة تقيد والتزام بما كان يحدده الولي له من مسؤوليات وتكاليف ووجوده في العراق وفي سوريا كان التزاما بالتكليف

الشهيد سليماني هو رجل الميدان وقائد الميدان الحاضر بشكل دائم بين المجاهدين والمقاومين في المحاور وفي الخطوط الأمامية، وفي السواتر الترابية الامامية.

كان الحاج قاسم قائدا لا يعرف معنى للهزيمة ولا تركعه الاحداث ولا يعرف معنى للتعب او الخوف او الرهبة. بل كان وجوده يرهب الاعداء ويحبط معنوياتهم

يقول السيّد مسعود البارزاني: «كانت داعش قد وصلت إلى مشارف أربيل، وكان الخوف من أن تحتلّ المدينة قريبًا. بعد هجوم داعش اتّصلت بالأمريكان، بالأتراك، بالبريطانيّين، بالفرنسيّين، وحتّى بالسعوديّة؛ فكان جواب رؤساء هذه الدول، إنّهم الآن لا يستطيعون تقديم أيّ مساعدة... فاتّصلت على الفور بالحاج قاسم سليماني وشرحت له الأوضاع بالدقّة. قال لي الحاج قاسم: سأكون غدًا بعد صلاة الصبح في أربيل. قلت له: إلى الغد تكون الفرصة قد فاتت؛ تعال الآن. قال الحاج: كاك [أخ] مسعود، فلتحافظوا على المدينة الليلة فقط. في صباح اليوم التالي كان الحاج قاسم في مطار أربيل. فذهبت لاستقباله. كان قد جاء برفقة 50 عنصرًا من قوّاته الخاصّة. فذهبوا على الفور إلى مناطق الاشتباكات وأعادوا تنظيم قوات «البيشمركة»، وفي ظرف عدّة ساعات انقلبت الأمور لمصلحتنا. فيما بعد أسرنا قائدًا من داعش وسألناه، ماذا حصل حتّى انسحبتم وقد كنتم على مشارف أربيل؟ أجاب: أخبرنا عناصرنا النفوذيّون في أربيل بأنّ قاسم سليماني في أربيل؛ فانهارت معنويّات عناصرنا وانسحبنا».



اليوم الشهيد سليماني بهذه الشخصية التي تحمل كل هذه الصفات والخصائص والمزايا الدينية والروحية والاخلاقية والانسانية والجهادية أصبح نموذجًا وقدوة للشباب على طريق القدس ولكل المجاهدين والقادة الجهاديين الكبار وتحول الى رمز يجسد الايمان والصدق والاخلاص والتواضع والمحبة والثقة بالذات والشجاعة والصمود والانتصار وروح الامل

علاقة الشهيد سليماني مع المقاومة في لبنان وفلسطين ، كانت نموذجية، كان سندا حقيقيا لهذه المقاومة، دعمها بالفكر والموقف والمال والسلاح، كان يحمل كل آلامها واوجاعها وآمالها وكل طلباتها وحاجاتها، ويتابعها في الجمهورية الإسلامية، ويقوم بتأمينها .

الشهيد سليماني كان العامل الاساسي في تطور وتراكم وتعاظم قدرات المقاومة وشريكا كاملا في انجازاتها وانتصاراتها في لبنان وفي فلسطين وفي العراق وعلى امتداد المنطقة.

اليوم وبعد تسعين يوما من القتال فشل العدو بشكل كبير ولم يتمكن من حسم المعركة ولا من تحقيق اهدافه لا في غزة ولا في لبنان وها هي الويته تخرج من غزة ليتلافي المزيد من الخسائر في الياته وجنوده وهو يراهن على إطالة أمد الحرب في غزة وعلى التهديدات والضغوط في لبنان ولكن هذا الرهان خاسر لأن إطالة أمد العدوان لن يمكن العدو من تحقيق أهدافهفي غزة والتهديدات والضغوط على لبنان لن تغيّر شيئاً من الواقع على الحدود ولا من معادلات المقاومة التي صنعتها المقاومة في لبنان.

إطالة أمد العدوان ستكون له نتيجة واحدة هي المزيد من الفشل والعجز وتعميق المأزق الاسرائيلي وزيادة الخسائر في صفوف جنود وآلياته، ولن يحصد في النهاية سوى الخيبة والهزيمة.

العدوان على غزة زادنا قناعة وتمسكا بخيار المقاومة وسلاحها كخيار ندافع به عن بلدنا ومستقبلنا ونحافظ من خلاله على ثرواتنا وسيادتنا على ارضنا وكل التهديدات او الضغوط والوفود والوساطات الامريكية والغربية التي تحاول مساعدة العدو وتحقيق اهدافه لن تستطيع أن تفرض على المقاومة واقعا جديدا على الحدود فنحن اصحاب الارض وسنبقى ندافع عن ارضنا وبلدنا وننتصر لغزة وفلسطين ولا تستطيع اي قوة في العالم ان تقتلعنا من ارضنا او تمعنا من القيام بواجبنا لحماية بلدنا ونصرة المظلومين في غزة.