لقاء حول الجانب الروحي في الشخصية مع معاهد سيدة نساء العالمين 11-3-2022

نص المداخلة في اللقاء الاخلاقي التخصصي العلمي الذي نظمته معاهد سيدة نساء العالمين(ع)الثقافية في حزب الله تحت عنوان: الجانب الروحي في شخصية المؤمن والارتباط بالله.
 
(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً* إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً* إِنَّ نَاشِئَةَ اللّيلِ هِيَ أَشَدُّ وَطئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً* إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً* وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً )1- 8 المزمل.
من المعلوم ان الجانب الروحي هو عنصر اساسي في بناء الشخصية المؤمنة بحيث أن شخصية الانسان المؤمن لا تكتمل من دون هذا الجانب ومن دون العمل على تربية النفس تربية ايمانية وروحية، ومن دون الاجتهاد في بناء علاقة صحيحة وقوية وعميقة مع الله.
ونقصد بالجانب الروحي في الشخصية: الصلة الداخلية للمؤمن باللّه تعالى، والانشداد النفسي والقلبي والعاطفي والوجداني نحو الله تعالى، هذا الانشداد الذي ينشأ من الايمان والحب والاخلاص لله ، ومن الخوف من الله ورجاء ثوابه وعفوه ورحمته ومن التواضع لله والخضوع له والزهد بالدنيا.. 
كل هذه المعاني يتشكل منها الجانب الروحي في شخصية الانسان.
المضمون الداخلي المرتبط باللّه تعالى الذي هو الجانب الروحي من الشخصية ، يشكل الاساس الذي يبني الشخصية المؤمنة هو الذي يدفعها نحو العبادة، نحو الصلاة والصيام والقيام والذكر والنوافل.. كما ان العبادة والصلاة والصوم والذكر تؤثر في الانسان فتزيد في الايمان، والحب، والاخلاص، والخوف، والرجاء. وكلما متن الانسان علاقته بالله وارتباطه به وزاد حبه وإخلاصه له وشعر بانشداد نفسي وقلبي وعاطفي نحوه، كلما اندفع نحو عبادته ونحو تحسين أخلاقه وتعامله مع الناس كما يريد الله، وكلما كان عبادا ومصليا ومطيعا لله كلما كان تعلقه وإيمانه وحبه واخلاصه لله قويا ومتيناً ومتماسكاً.
يعني ان علاقة الجانب الروحي والمضمون الداخلي المرتبط باللّه سبحانه وتعالى بالعبادة الخارجية من صلاة وصيام واذكار وبالاخلاق الاجتماعية والسلوك هي علاقة تفاعل وتأثير متبادل حيث يؤثر المضمون الداخلي للانسان المؤمن في عمله فيتجسد الايمان بالله بالعبادة بالصلاة والصيام وقيام الليل وذكر الله ً، وتؤثر العبادة فتعمق في الايمان والحب، والاخلاص لله، والخوف منه، والرجاء.
المطلوب من الانسان المؤمن ان يبني هذه العلاقة الداخلية باللّه، وينميها، ويقويها، ويحصنها، ويحفاظ عليها.
وهذا ما أكد عليه الإسلام تأكيدا كبيرا وأراد من الإنسان أن يلاحق نفسه باستمرار من أجل تعميق ارتباطه وإيمانه بالله، وأن يتوجه نحو عبادته وطاعته بما يعزز من إيمانه وحبه وإخلاصه له، لكن ليس الى الحد الذي ينصرف الانسان الى هذا الجانب ويعتزل الحياة ولا يراعي الجوانب الأخرى التي هي جزء اساسي من الدين أيضاً وجزء مكمل للشخصية الاسلامية.
هناك تصوران كلاهما خاطىء:
الاول: هو ان البعض يتصور بأن الشخصية المؤمنة هي الشخصية التي تعمل على تعزيز وتنمية الجانب الروحي وتقوية العلاقة بالله والتوجه نحو العبادة فقط، فتعتزل الحياة الدنيا والحياة الاجتماعية والسياسية والجهادية، وهذا تصور خاطىء وناقص يخالف تماما التصور الاسلامي الصحيح .
 التربية الروحية والاعداد الروحي وتقوية الجانب الايماني والعبادي هو جزء من الدين أكد عليه الاسلام، وهو احد مكونات الشخصية الاسلامية
 وليس كل مكوناتها فهناك مكونات وجوانب اخرى للشخصية الاسلامية لا بد من الاهتمام بها .. فالشخصية الاسلامية هي الشخصية التي تتعبد لله وتقوي علاقتها بالله، وايضا هي الشخصية التي تفهم الاسلام وتتحسس آلام المسلمين وتدافع عنهم وتتحمل مسؤولياتها الاجتماعية والسياسية والجهادية.. هي الشخصية العالمة المتفقهة الخلوقة، التي يشير لها الناس بالخلق الحسن، وطيب المعاملة، ولين العريكة .. الشخصية التي تفهم الاسلام وتعيه وتجسده في الفكر والروح والسلوك الشخصي والتعامل مع الناس وتتحمل مسؤولياتها تجاه مختلف قضايا الامة تتحمل مسؤولياتها في مواجهة المستكبرين والظالمين والمحتلين وتقاوم وتواجه ولا تقف على الحياد .
فإذن: الإهتمام بالجانب الروحي والعبادي فقط واعتزال الحياة والانصراف عن قضايا الامة وما تواجهه من تحديات والوقوف على الحياد تجاه هذه القطايا هو سلوك وتوجه خاطىء. وبالتالي هذا التصور هو تصور خاطىء.
التصور الثاني: هو في مقابل التصور الاول، هناك سلوك وتوجه آخر معاكس لهذا التوجه وهو ان البعض يتصور ان العمل السياسي والرسالي والجهادي هو الاساس والمهم في الشخصية المؤمنة وفي الشخصية الرسالية وليس الاساس هو الجانب الروحي والعبادي، فيقلل من قيمة العبادة والنوافل والمستحبات والتضرع والتبتل الى الله.. البعض مثلا يعتبر ان الانخراط في عمل المقاومة والحضور في المحاور والمرابطة في الجبهات والمشاركة في العمليات او المشاركة في الوحدات والمؤسسسات المختلفة التي تخدم المقاومة وتفيد العمل الجهادي هو الاساس يعني ان الجانب الجهادي هو الاساس وليس الجانب  الروحي .. وهذا اتجاه سلوكي خاطىء وخطير لا يقل خطورة عن الاتجاه الأول والتصور الاول، وهذا التصور ناشىء عن غفلة بعض العاملين عن أهمية البناء الروحي، والتوجه الى الله في العمل السياسي والإداري والجهادي، أو ناشىء من غرور بعض العاملين الذين يعملون بالعمل الجهادي وبالمقاومة بأن هذا العمل أعلى قيمة وأعظم أجرا وثوابا من العبادات والصلاة والنوافل وقراءة القرآن والأدعية وغيرها! .
فبعض العاملين قد يتصور ان العمل الإداري والسياسي والجهادي يغني عن البناء الروحي والتربية الروحية والمداومة على ذكر اللّه تعالى والتضرع الى الله، البعض الآخر قد  تلهيهم مشاغل العمل والتنظيم والجهاد والمقاومة عن البناء الداخلي والروحي وما يتطلب من جهد وأعمال وعبادات ورياضات ومداومة على متابعة النفس الآمارة بالسوء وتهذيبها وتزكيتها وتدريبها على الطاعة والالتزام.
حاجة الانسان الذي يعمل في إطار العمل الجهادي والمقاومة الى البناء الداخلي والاعداد الروحي تفوق حاجة الآخرين العاديين.
الشيطان لا يترصد هؤلاء ولا يتربص بهم ولا يبادر الى اغرائهم ووسوستهم كما يبادر الى اغراء ووسوسة اولئك الذين يعملون في صفوف المقاومة ومواجهة الإحتلال والاستكبار وأدواته، ولا يتعرض اولئك للإستهداف المباشر ولمخاطر الإختراق والإنزلاق كما يتعرض العاملون المجاهدون ، ولا تشبه خطورة سقوط واحد من عامة الناس خطورة سقوط انسان يعمل في المقاومة، فإن الانسان المجاهد الذي يعمل في مسيرة متلألئة كمسيرة حزب الله اذا سقط لا يسقط وحده وانما قد يعرض المسيرة كلها للتشويه . 
فالعاملون والمجاهدون بحاجة اكثر من غيرهم الى تعزيز الجانب الروحي وتقوية الايمان والحب والاخلاص لله والتعبد له باستمرار،  ما يحتاجونه هو  أن تبقى روح التوجه إلى الله حاضرة في العمل والسلوك حتى في غمرة الانشغالات والمتابعات التنظيمية والادارية والسياسية والجهادية، وأن لا يصرفنا العمل والجهاد عن تعزيز الارتباط بالله والعبادة له والوقوف بين يديه.
لذلك كان حزب الله حركة ايمانية جهادية والايمان قبل الجهاد لان الايمان هو الذي يدفع نحو الجهاد وتحمل المسؤوليات وهذا الاقتران بين الايمان والجهاد وبين الجانب الروحي والجانب الجهادي اليه القران الكريم. 
فنجد ان القرآن الكريم يؤكد على أهمية البناء الروحي للعاملين بشكل خاص ويربط بين الجهاد وبين التوبة والعبادة والركوع والسجود، يربط بين هذين الجانبين من شخصية المؤمن المجاهد ربطاً دقيقا ومتينا ووثيقاً.
 يقول تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَانِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ).
تاملوا كيف يتم هذا الاقتران الرائع بين القتال والجهاد في سبيل اللّه ومبايعة اللّه ورسوله، وبين التوبة والعبادة، والذكر والحمد، والركوع، والسجود.. هذا يوحي بأن على المؤمن المجاهد الشجاع القوي في مواجهة الأعداء أن لا يغفل عن الله والتوجه الى الله وعبادة الله والقيام بالليل واداء النوافل والمستحبات والتضرع الى الله ليبقى الانسان متصلاً بالله.
ويقول تعالى: (مَّحمدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ ).
فهؤلاء الاتباع الاطهار الذين وصفهم اللّه تعالى بأنهم اشداء على الكفار وعلى مستوى عال من الشجاعة والصلابة والقوة والبسالة في ميادين المواجهة.. هم في نفس الوقت على مسوى عال من الايمان والعبادة والخشوع والتضرع بين يدي اللّه تعالى.. ويرتسم على وجوههم أثر السجود، وتملأ قلوبهم المحبة والرحمة والشفقة للمؤمنين  وغايتهم هي الحصول على رضوان الله وفضله.
هذا في القران اما عندما نعود الى سيرة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فنجد ان النبي(ص) كان من اعظم العاملين في سبيل الله لكن  عمله وجهاده لم يشغله عن التوجه الى الله ، فهل هناك من هو أعظم جهادا وعملا وانشغالا من رسول الله(ص) ومع ذلك لم يشغله الجهاد ولا المتابعات والإهتمامات المختلفة ولا العمل السياسي والاداري عن العبادة والتوجه نحو اللّه وهو في خضم اعماله السياسية والجهادية في مكة والمدينة، وهكذا كانت سيرة اهل بيته(ع) أيضا ومن اهتدى بهديهم واتبع نهجهم.
 فقد (كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لا يقوم ولا يجلس الا على ذكر اللّه).(وكان يتضرع عند الدعاء حتى يكاد يسقط رداؤه). و (كان يبكي، حتى يبتل مصلاه من خشية اللّه عز وجل..). و(كان صلى اللّه عليه وآله وسلم يبكي حتى يغشى عليه فقيل له : (أليس قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر) ؟ قال : (أفلا أكون عبداً شكوراً).
 وسار علي(ع) على نهج رسول الله (ص) بالرغم من كثرة جهاده وتضحياته وانجازاته  وانشغالاته، فكان يفرغ بعض الوقت للعبادة وكان عندما يصلي كأنه خشبة ملقاة على الارض لا يتحرك من خشية الله، يقول ابو الدرداء عن علي (ع): رأيته في حائط بني النجار يدعو، ثم انغمر في الدعاء فلم أسمع له حساً وحركة، فقلت : قد غلب عليه النوم لطول السهر، اوقظه لصلاة الفجر فأتيته، فاذا هو كالخشبة الملقاة، فلم يتحرك،فقلت : إنا للّه وإنا إليه راجعون مات واللّه علي بن ابي طالب (ع).
فأتيت منزله مبادراً انعاه اليهم، فقالت فاطمة (ع) : يا أبا الدرداء، ما كان من شأنه وقصته؟ فأخبرتها الخبر فقالت : هي والله يا أبا الدرداء الخشية التي تأخذه من خشية اللّه، ثم أتوه بماء فنضحوا على وجهه فافاق، ونظر الي وانا ابكي، فقال ما بكاؤك يا أبا الدرداء ؟ فقلت : بما أراه تنزله بنفسك يا امير المؤمنين فقال (ع) :«كيف بك اذا رأيتني ادعى الى الحساب، وأيقن اهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني ملائكة غلاظ شداد وزبانية فظاظ، فوقفت بين يدي الملك الجبار واسلمتني الاحباب، ورفضني اهل الدنيا لكنتَ أشدَّ رحمةً بين يدي من لا تخفى عليه خافية».
وروي ان زينب (ع) ما تركت تهجدها للّه تعالى طوال دهرها حتى ليلة الحادي عشر من المحرم. فعن الإمام زين العابدين (ع) قال : (رأيتها تلك الليلة تصلي من جلوس).
وفي حديث آخر عنه (ع) : (ان عمتي مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا الى الشام ما تركت نوافلها الليلية).
وقالت فاطمة بنت الحسين (ع) : (واما عمتي زينب فأنها لم تزل قائمة في تلك الليلة (اي العاشر من المحرم) في محرابها تستغيث الى ربها، فما سكنت لنا عين ولا هدأت لنا رنة).
وفي تاريخنا الجهادي وتاريخ مسيرتنا ومقاومتنا نرى الكثير من أمثال هذه المشاهد الرائعة من اقتران الجهاد  والمقاومة في ميادين القتال بالعبادة وتهذيب النفس والابتهال والتضرع الى الله وقيام الليل، نرى الكثير من ذلك في قادتنا وشهدائنا ومجاهدينا..مشاهد سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي وهو يقرأ الدعاء بذلك الصوت الخاشع المتضرع الى الله في المحاور وفي مواقع الجهاد معروفة وكلنا يشاهدها.
من المميزات الأساسية التي امتازت بها هذه المسيرة مسيرة حزب الله ومجاهدوه هو ارتباطهم الوثيق بالله سبحانه وتعالى وأحكامه وتشريعاته وحلاله وحرامه، 
القيم الايمانية والروحية والرسالية كانت على الدوام هي المحرك والحافز والدافع الأساسي الذي يحركهم نحو العمل والعطاء وتقديم التضحيات إلى حد الشهادة والاستشهاد في سبيل الله سبحانه.
نحن بحاجة دائما الى تجديد وتقوية وتنمية هذه العلاقة مع الله حتى لا نسقط امام الشهوات والاهواء والمغريات .
ان تقوية الايمان بالله وتعزيز الروح المعنوية والارتباط بالغيب في شخصية الانسان، في مقابل غلبة الروح المادية والمعايير الدنيوية المادية والشهوات والاهواء لدى الكثير من الناس وفي المجتمع، تحتاج الى جهد ووعي وفهم للأهداف والغايات التي خلق الانسان لأجلها، ولها وسائل خاصة لا بد من الاخذ بها.
ليس المعيار في التفوق الموقع او المسولية او المال او الجاه او القوة او النفوذ والهيمنة فهذه العناوين زائلة غير مستقرة ومؤقتة ومرحلية، وقد تنقلب الى ضدها، فالغني قد يصبح فقيرا والقوي قد يتحول الى ضعيف وصاحب الموقع والسلطة والمسؤوليةقد يفقدها سريعا وهكذا ..
بينما ما عند الله باق ودائم ومستمر وخالد  لا يزول  يقول تعالى: (فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ويقول:(مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
لا بد من تقوية ما يبقى عند الله اي تقوية الجانب الروحي باستمرار، وتقوية الجانب الروحي في شخصيتنا يعتمد على العديد من المفاهيم والوسائل الروحية التي ينبغي الالتفات اليها والقيام بها فاذا اردنا تقوية وتنمية الجانب الروحي وعدم طغيان الشهوات والاهواء والمصالح والطموخات المادية في حياتنا فان علينا:
اولا: ان نعلم بان رضا الله هو الغاية والهدف الذي يجب ان نسعى  للوصول اليه دائما، ﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ﴾الذاريات 56 ، فرضا الله يجب ان يكون هو الأساس في حياتنا لانه هو الذي يجعلك تشعر بالاطمئنان والاستقرار والأمان، اما اذا كان هدفك يتمثل بغير  رضا الله سبحانه وتعالى فان حياتك لا قيمة، ولا معنى لها، هي حياة فارغة  وان كان هنا ما يملأ الانسان به اوقاته فقد سمعنا عن شخصيات وصلت إلى أقصى درجات النجاح فى مجالات مختلفة مشاهير وفنانيين مثل "ديل كارنيج" مؤلف كتاب دع القلق وإبدأ حياتك - وهو من الكتب الأكثر مبيعا في العالم- مات منتحرا لانهم لم يجدوا لحياتهم معنى أو غاية حتى يعيشوا من أجلها، ولم يجدوا قيمة عليا للربط بينها وبين أهدافهم في الحياة . 
ثانيا: التركيز على كل ما يقربنا  الى الله حتى لو كان قليلا ، والالتزام بالعبادات بالصلاة والصوم والدعاء وقراءة القرآن وذكرالله،
وتطوير علاقتنا بالله يوميا من خلال قيام الليل وأداء صلاة الليل ومن خلال الكثير من الاعمال المفيدة وفي مقدمها اكتساب العلم والمعرفة.
ثالثا: اختيار المؤمنين والصالحين كأصحاب ورفقاء، ومجالسة العلماء الأتقياء والتأسي بهم والاستفادة من علومهم واخلاقهم وروحانيتهم فان الكثير من هؤلاء يذكروننا بالله.
رابعا: محاسبة النفس باستمرار وتوجيه النقد اليها وتهذيبها ومعالجة الاخطاء والتوبة الى الله.
وقد وردت في كل هذه العناوين نصوص وروايات كثيرة بينت فضلها وآثارها ونتائجها في التربية الروحية وتقوية الروح المعنوية والارتباط بالله سبحانه وتعالى يمكن الاطلاع عليها من خلال قراءة القرآن والكتب الاسلامية المتنوعة.