كلمة عاشورائية في بنت جبيل 13-8-2021

أشار نائب رئيس المجلس التنفيذي فيحزب اللهالشيخعلي دعموشخلال المجلس العاشورائي الذي ينظمه حزب الله في بلدة بنت جبيل الى ان "الهدف من الحملة الاعلامية المأجورة على حزب الله هذه الايام هو التأثير على بيئة المقاومة وضرب ثقة الناس بها.

 مشددا: على ان شعبنا الذي اعطى دماءه وصبر وتحمل على مدى كل العقود الماضية الى جانب المقاومة لا يمكن ان يتأثر بهذا المستوى من التجني عليها او يستسلم لما يريده العدو".

وأكد ان "الذين يرمون باحقادهم على المقاومة وحزب الله لن يحصلوا سوى على نتيجة واحدة هي الفشل والاحباط والخيبة كما في كل محاولاتهم السابقة ولن تتأثر المقاومة ولا شعب المقاومة بالاتهامات والمواقف التي تساق ضدها، كما لن يغير ذلك في مسارها ومواقفها".

وفي اشارة الىالوضع الماليوالمعيشي قال: "كان الناس ينتظرون اجراءات تخفف من معاناة الناس وآلامهم لا ان تزيد في معاناتهم"، مشددا على ان "اجراء حاكممصرف لبنانب​رفع الدعمعنالمحروقاتهو اجراء خاطىء ومستبد وخطير يزيد من معاناة الناس ويضاف الى جملة الاجراءات والسياسات المالية والاقتصادية الخاطئة التي اوصلت البلد الى ماوصل اليه"، معتبرا ان "الحاكم يتحمل كامل المسؤولية عن التداعيات التي يمكن ان تنجم عن هذا الإجراء خصوصا انه يأتي قبل طرح اية بدائل او خطط تراعي متطلبات الناس وحاجاتهم.

نص الخطاب:

صناعة الامل

في القران الكريم الكثير من الآيات التي تدعو إلى التفاؤل والأمل والفرج، وان المحن والابتلاءات والازمات والمشاكل والظروف الصعبة على المستوى الاجتماعي او المعيشي او المالي  او الامني التي يواجهها الناس في بعض المراحل ليست امرا ثابتا ولا قدرا دائما بل هناك دائماً فرصةٌ للتغيير وتبدل الظروف نحو الافضل وهناك فرصة دائما لننتقل من واقع سيء الى واقع احسن إن احسنا العمل.

 هناك دائما فرصة لنقوى ويضعف الآخرون؛ لأنّ لله سُنناً في هذا الكون، فالله لم يجعل هناك ضعفاً خالداً ولا قوّةً خالدةً، فالاوضاع المأزومة اليوم قد تنفرج غدا والظروف الصعبة اليوم قد تنقلب غدا الى ظروف افضل والابواب المسدودة والموصدة اليوم قد تفتح غدا، والضعيف اليومَ قد يكون قوّياً غداً، والقويُّ اليومَ قد يصبح ضعيفاً غداً.

 ولذلك على الانسان ان لا يياس ويستسلم للواقع او للظروف التي تحيط به بل عليه ان يعيش التفاؤل والامل بالفرج، والامل بتبدل الاحوال والظروف، وان الله انطلاقا من رحمته ولطفه ورافته بعباده لا يمكن ان يتركهم عرضة للشدة والضيق وللضغوط والتحديات والازمات او عرضة لتلقي الافتراءات والاتهامات والتحريض والتشويه والتشويش والحصار والعقوبات .

يجب ان يحسن الانسان ظنه بالله وان يثق به وان يلجا اليه في الشدائد وان يعيش الامل برحمة الله وبقدرة الله الذي بيده الخير  وبيده النصر وهو على كل شيء قدير .

الأمل هو العنصر الذي أودعه الله في الإنسان وفي فطرة الانسان ، ليعيش عمره في هذه الحياة متفائلاً، ليعيش امكانية تغير وتبدّل الظروف القاسية والصعبة المحيطة به ، فعندما تكون هناك ظروف قاسيةٌ تحيط به، يأمل أن تتبدّل وتتغير نحو الاحسن.

من يعيش الأمل بالفرج يتطلع دائما الى المستقبل ويستشرف المستقبل في كل اموره في حاجاته وحركته وأهدافه وتطلعاته ومسيرة حياته. بينما من يعيش الياس والاحباط ووالوهن والضعف فانه عندما يمر في ظروف صعبة وقاسية، فإنّه يتصوّر أنّ لا أمل له بالانفراج من الشدة والضّيق الذي يحيط بحياته ويستسلم للواقع.

 وهذا ما نقرأه في القران عندما يتحدث مثلا عن الصراع الذي يخوضه المؤمنون ضد القوى الكافرة أو المستكبرة، فنجده سبحانه وتعالى يقول: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران/ 139-140).

 

فالله يخاطب المؤمنين الذين منيوا بنكسة في احد واحاط بهم الاعداء من كل جانب يخاطبهم ويقول لهم ايا المؤمنون لا تغتمّوا ولا تحزنوا ولا تضعفوا، فالجرح الذي اصابكم اليوم قد يصيب العدو غدا والمشاكل والعقبات والازمات والفقر والجوع ومؤامرات العدو وحصاره وعقوباته لن تبقى على هذه الحالة، بل تتبدل وتتغير (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) .

بل اننا نجد في القران تأكيد على ان الفرج يواكب الضيق وحالات الشدة حيث يقول تعالى (ان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا) دائما اذا كانت هناك ابواب مقفلة في وجه الانسان هناك افاق للحل والمعالجة، ودائما مسار الازمات والمشاكل وانسداد الافق يرافقه مسار للفرج والخروج من الازمات . فالله سبحانه وتعالى  يريدنا ويحثّنا أن نعيش على أمل أن ننتظر الخير والفرج ويعدنا الخير والفرج، وإن كان يبتلينا ونحن في طريق الوصول إلى الخير والفرج بانواع البلاء، يقول تعالى  (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق/ 7). ويقول فيايةاخرى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (الطلاق/ 2-3).

أحياناً يَغلق الله سبحانه وتعالى أمامنا باباً لكي يفتح لنا باباً آخر أفضل منه، ولكن مُعظم الناس يضيع تركيزه، ووقته، وطاقته في النظر إلى الباب الذي أغلق، بدلاً من باب الأمل الذي انفتح أمامه على مصراعيه،

ولذلك نجد في الاحاديث ما يدل ايضا على ان مسار الازمات يواكبه مسار الفرج وفتح الابواب للحلول والخروج من الضيق والازمات.

 في دعاء الامام المهدي(ع):«يا مَنْ إذا تَضايَقَتِ الأُمورُ فَتَحَ لها (لنا) باباً لمْ تَذْهَبْ إلَيْهِ الأوهامُ، فَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْتَحْ لأُموري المُتَضايِقةِ باباً لمْ يَذْهَبْ إليْهِ وَهْمٌ يا أرحَمَ الرَّاحِمين».

 الذي يتتبع سيرة النبي(ص) خلال كل مراحل الدعوة، يدرك أن الأمل والتفاؤل كان بمثابة الوقود الذي زوّد الله به نبيه، كلما اشتد عليه أمر، أو صعبت عليه محنة كانت تتنزل  عليه الآيات التي تدعو إلى الأمل في مستقبل أفضل للإسلام والمسلمين، وتبشر بتبدل الأحوال إلى الأحسن؛ ففي بعض الروايات لما نزلت هذه الآية {فإن مع العسر يسرا} قال(ص): «أبشروا أتاكم اليسر، لن يغلب عسر يسرين»،

في رواية اخرى: خرج النبي(ص) يوما مسرورا فرحا وهو يضحك، وهو يقول: «لن يغلب عسر يسرين، لن يغلب عسر يسرين» {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}.

 وفي مكة نزل قول الله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}(القمر:45)، بينما كان المسلمون قلة مستضعفة يتخطفها الناس.

وفي مكة نزل قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} (الحجر،:2)؛ فمهما يحصل في الدنيا، فسيأتي اليوم الذي سيندم فيه الكفار، ويتمنون لو كانوا مع هذه القلة المستضعفة.

ايات اخرى كانت تشد من عزيمة المسلمين، وترفع من معنوياتهم ، وتدعو إلى التفاؤل والأمل بالرغم من الاضطهاد والمقاطعة والتنكيل والحصار والعقوبات والمعاناة  والانتكاسات التي كانت تصيبهم في بعض المراحل، فبعد هزيمة أحد: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (آل عمران،:12).

لذلك لا بد ان يبقى لنا امل بالفرج والنصر والتغلب على التحديات والمشاكل والتوصل الى حل للازمات مهما كبرت ومهما تعاظمت ، فلا ينبغي ان يكون هناك مكان للياس في صفوفنا وفي مسيرتن.

القران يساوي بين اليأس والكفر: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف/ 87).  فالمؤمن لا ييأس؛ لأنّه يعيش بفضل الله ورحمته وقدرته سبحانه وتعالى. التفاؤل والأمل لا بد أن يصحبه العمل والانتاج والسعي الحثيث والتخطيط الدقيق، والا اصبح تواكلا.

مع كل الظروف الصعبة التي تحيط بوطننا وبلدنا هذا لا يدعونا الى اليأس بل الى ألأمل بحسن الظن بالله أولا والثقة بقيادتنا ثانيا، وأولي الأمر منا وأن نعمل كجسد واحد وفريق واحد للتغلب على كل الصعاب.

إذا كنت فقيرا فلا تيأس بل خطط لتخرج من الفقر بالعمل بالعلم بالاقتصاد وعدم الاسراف واتبذير  .

إذا كنت مريضا لا تيأس وثق بالله واسلك سبل العلاج.

إذا كنت في ضيق بسبب الصعوبات المعيشية والمالية وبسبب كثرة الازمات، لا تيأس وأدع الله أن يكشف الهم والغم وان ياتي بالفرج، قال تعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر} وقال تعالى: {وذا نون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له فنجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين}.

 نحن وانتم في المقاومة كم واجهنا من صعوبات وتحديات وتهديدات وحروب وتجاوزناها وخرجنا منتصرين.في 93 و96 و2006ثم بعد ذلك فتن وتحريض وافتهامات وافتراءات وحصار امريكي وعقوبات وتفجيرات وعدوان التكفيريين لكن كل ذلك فشل وخرجنا منتصرين ومرفوعي الرؤوس.