كلمة في أربعين العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى في عيتا الجبل 8-12-2019

رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، الشيخ علي دعموش، أن تصريحات وزير الخارجية الامريكي الاخيرة، والتي اعتبر فيها الحراك الشعبي في لبنان فرصة للضغط على حزب الله وإضعافه وإخراجه من المعادلة،

 تؤكد ان الإدارة  الامريكية وبمساعدة أدواتها في الداخل ركبت موجة الحراك الشعبي، واستغلت الشارع وأوجاع الناس، واستخدمت كل أشكال الضغط المالي والاقتصادي والسياسي والإعلامي في محاولة منها لتمرير مشروعها في لبنان، وتحقيق مجموعة أهداف سياسية، أهمها كسر المعادلة السياسية التي أنتجتها الانتخابات النيابية، وإخراج حزب الله وحلفائه من الحكومة، وفرض تركيبة حكومية يهيمن عليها الأمريكي، تأخذ على عاتقها إقرار وتنفيذ عناوين وأولويات سياسية تصب في مصلحة أميركا وإسرائيل، ولا تخدم مصلحة لبنان كترسيم الحدود وفق الشروط الأمريكية والإسرائيلية واستخراج النفط لمصلحة الشركات الأمريكية، وتوطين الفلسطينيين، وصولا الى عزل المقاومة وتجريد لبنان من أحد أهم عناصر قوته لمصلحة الكيان الصهيوني.

كلام الشيخ دعموش جاء خلال الاحتفال التأبيني الذي أقامه حزب الله والحوزات العلمية لسماحة آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى لمناسبة ذكرى مرور أربعين يوماً على رحيله، وذلك في حسينية بلدة عيتا الجبل الجنوبية، بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من الأهالي.

 ولفت الشيخ دعموش الى أن المحاولات الامريكية لفرض أهدافها في لبنان لم تنجح، لأنها اصطدمت بصلابة وثبات فخامة رئيس الجمهورية، وتجاوز حزب الله للأفخاخ والمطبات التي نصبت له والتي كان يراد له أن يقع فيها، ورفضنا الحاسم للمطالب السياسية الامريكية، وتحلي أهلنا وجمهورنا بالوعي والحكمة والصبر والثبات وعدم انجرارهم نحو الفوضى وتمسكهم بالسلم الأهلي.

وأشار الشيخ دعموش إلى أن خطورة الوضع اللبناني والخوف من الانهيار الشامل الذي ليس في مصلحة الغرب، جعل الاطراف الداخلية والخارجية التي ركبت موجة الحراك عاجزة عن تحقيق أهدافها وفرض شروطها، لذلك عادت وأبدت مرونة في الموضوع الحكومي.

ونبه الشيخ دعموش إلى أن عجز الأمريكي عن تحقيق أهدافه لا يعني ان المشروع الأمريكي قد انتهى، فسواء تشكلت حكومة أو لم تتشكل، فإن المشروع الامريكي لم ينته، فنحن بفعل الوعي والصبر والحكمة والحرص على البلد، منعناهم من الوصول إلى أهدافهم التي كانوا ينوون تحقيقها، ولكنهم سيستمرون بالضغط علينا سياسيًا واقتصاديًا وماليًا وإعلاميا، وسيحاولون كلما سنحت لهم الفرصة استدراجنا الى الفتنة والفوضى لإسقاطنا وإضعافنا وتشويه صورتنا، ولذلك يجب أن نبقى متيقظين ومتنبهين وحاضرين، لأننا معنيون بإحباط هذا المشروع وإفشاله ومواجهته سياسيًا وإعلاميا وشعبيا من خلال التحلي بالوعي والبصيرة والصبر والثبات، ومن خلال التمسك بوحدتنا الداخلية وبالسلم الأهلي وعدم الانجرار الى الفوضى والفتنة، فنحن حريصون على بلدنا وامن واستقرار بلدنا، وأي فتنة داخلية او حرب أهلية هي في مصلحة اميركا وإسرائيل. 

وشدد الشيخ دعموش على أنه وبالرغم من تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في البلد، إلاّ أنه لا تزال هناك فرص لتدارك هذا الوضع، من خلال تشكيل حكومة فاعلة توحي بالثقة وتبادر الى اتخاذ قرارات واجراءات ملائمة وحاسمة توقف الانحدار وتمنع من الانهيار، ولذلك لا بد من حسم اسم رئيس الحكومة في الاستشارات النيابية التي دعا إليها فخامة الرئيس غدا وفق ما تم التفاهم عليه بين الاطراف السياسية الأساسية، بعيداً عن المكائد السياسية والتلاعب بمصير البلد، فالبلد لم يعد يحتمل إضاعة المزيد من الوقت ولا حرق أسماء مرشحين لرئاسة الحكومة ولا مناورات سياسية، وعليه، يجب ان يرتقي اللبنانيون الى مستوى المسؤولية الوطنية في هذه الظروف العصيبة والحساسة التي نمر فيها، من أجل إنقاذ البلد ومنع الانهيار الشامل.

 

نص الكلمة

 قال الله عز وجل في كتابه المجيد: بسم الله الرحمن الرحيم)وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا.(

 في هذه المناسبة، أود في البداية أن أتوجه مجددا بالتعزية وبمشاعر المواساة إلى عائلة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى ، إلى العائلة الكريمة والعزيزة والشريفة، وإلى السادة العلماء والإخوة والأخوات الذين عرفوه وعايشوه وعملوا معه عن قرب وفقدوه في ساعة الرحيل.

طبعاً نحن أمام مناسبة كبيرة ومؤلمة ومحزنة جدا بالنسبة إلينا

إن خسارتنا وألمنا بفقد هذا العالم الجليل، والباحث والمحقق الكبير، والمعلم والمربي لجيل كبير من العلماء وطلاب العلم، هو ألم كبير وخسارة كبيرة، والإخوة جميعاً يشاركوننا هذا الاحساس، الإخوة العلماء، لا سيما الذين احتضنهم السيد جعفر وواكبهم في قم المشرفة وفي لبنان، وأيضا الإخوة الذين عملوا معه والمجاهدون والمقاومون الذين كانوا يترددون اليه والذين عرفوا سماحة السيد عن قرب، هؤلاء جميعا  شعروا بالخسارة والألم، وفقدوا بفقده العالم المتواضع والاستاذ المربي والحاضن والراعي الذي كان يتودد للجميع ويعطف على الجميع ويتواضع للجميع.

 من واجبنا ومن حق سماحة السيد جعفر علينا  أن نقدم شهادة حق وإنصاف بين يدي روحه الطاهرة، وان نتحدث عن بعض ميزاته، وان كنا نجزم ان كل ما نقوله او يقوله العلماء والإخوة بحق سماحة اية الله السيد جعفر، هو دون حقه، لأنه بالتأكيد هو فوق ما أقول وفوق ما قيل عنه، وهذه هي الحقيقة

في هذه الفرصة أنا أريد أن أدخل إلى سماحة السيد الفقيد العزيز والحبيب الغالي من زاويتين، اريد أن أقدّمه كأسوة وقدوة ونموذج من زاويتين: من الزاوية العلمية، ومن الزاوية الاخلاقية والسلوكية، لاننا نحتاجه في هذين الجانبين ، نحتاج ان نتمثله ونتشبه به ونجسد ما جسده في هاتين الزاويتين.

هنا نحن لا نتحدث عن العناوين، والأسماء، والصفات والألقاب، وإنما نتحدث عن الشخص المجسّد للعناوين وللصفات والأسماء والألقاب.

في الجانب الاول وفي الزاوية الاولى: نحن أمام السيد جعفر العالم المجتهد المتبحر،  صاحب الرأي، وصاحب الفكر، يبدع، ويفكر، ويناقش، ويحاور، وينتج العلم والمعرفة والفكر، طلب العلم طويلاً وحتى آخر لحظات حياته. وهو قدوة لنا في ذلك كله، وهو أسوة لنا كباحث عن العلم ومحقق كبير، يبحث عن الحقيقة بلا كلل ولا ملل ولا تعب، ويحقّق ويكتب ويؤلف وينشر ويحدّث في هذا الجانب وفي ذاك الجانب، يبحث عن الحقيقة ويقول الحق، صيانة للدين والعقيدة، من دون ان تأخذه في الله لومة لائم، لا ينفعل إلا بالحق ولا يغضب الا  للحق ،ولا يمنعه من قول الحق أي اعتبار مهما كان .

ويجب أن نعترف أمام ما أنجزه سماحة السيد من تأليفات موسوعية في مجال السيرة والفكر الإسلامي ، وأمام ما قام به وما أنجزه على مستوى البحث التاريخي، والموسوعات التي كتبها وقدّمها عن سيرة النبي(ص) والأئمة الأطهار(ع)، والجهد الذي بذله في هذا المجال، يجب أن نعترف أنه جُهدٌ غير مسبوق في التاريخ الإسلامي، ولا نظير له في تاريخ علمائنا ومحققينا طوال التاريخ، وهذه ميزة خاصة لسماحة السيد جعفر رضوان الله تعالى عليه.

وانا اعتقد وكثير من العلماء يشاركونني هذا الاعتقاد ان السيد جعفر ليس له نظير في واقعنا المعاصر، كباحث عميق وكمحقق كبير في التاريخ وفي قضايا الفكر الاسلامي، استطاع ان ينجز كل هذا النتاج الفكري والعلمي الكبير ،وهو بالتأكيد سيترك فراغا هائلا على هذا الصعيد.ولكن يبقى الأمل بأن يأتي من العلماء من يُكمل هذا العمل الموسوعي الاستثنائي خصوصا حول بقية أئمتنا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وأيضا السيد جعفر هو العالم الذي لم يكتفِ بأن يبحث في العلم ويحقق ويكتب، بل كان ايضا معلما ومربيا، يدرس العلم ويحتضن طلاب العلم، ويتابع أمورهم وشؤونهم .

 منذ البداية كانت خيارات سماحة السيد رعاية طلاب العلم وتربية العلماء والباحثين، منذ أن كان في الحوزة العلمية في قم المقدسة، وكل الذين ذهبوا لطلب العلم في قم المشرفة بعد انتصار الثورة الاسلامية كان لسماحة السيد الفضل الأكبر في مواكبتهم ورعايتهم واحتضانهم وتربيتهم وتوجيههم، كان يعاملهم وانا واحد منهم بأبوة قل نظيرها، وكنا نشعر عندما نكون في بيته الذي كان مفتوحا لكل الطلاب والعلماء وكأننا في بيتنا وبين أهلنا، يربي فينا حب العلم والبحث وتحصيل المعرفة، ويهتم بشؤوننا كطلاب للعلم، لصينع من كل واحد منا الإنسان العالم والباحث والمحقق، وقد اسس المنتدى اللبناني منذ البدايات لهذه الغاية ولهذا الهدف.

عندما عاد إلى لبنان أيضاً كانت هذه أولويته،مواصلة البحث والتحقيق وتربية العلماء والباحثين من خلال الحوزة التي اسسها في بيروت وهنا في عيتا ومن خلال المركز الاسلامي للدراسات، مع أنه طبعا كانت آفاق العمل مفتوحة أمام سماحة السيد في كل المجالات في ايران وفي لبنان ، لكنه اختار هذا المجال وأنجز فيه وملأ فراغا كبيرا وعظيما فيه.

السيد جعفر كان ممن طلب العلم لله، وعلّم لله عز وجل، وحقق لله وكتب لله وألّف لله،وعمل لله، ومن تعلم لله وعمل لله وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيماً.

نحن أمام نموذج العالم العامِل الجاد الدؤوب المبدع، صاحب الهمّة العالية، الذي لا يقعده لا تعب ولا كلل ولا ملل ولا مرض. في الأشهر الأخيرة من مرضه، كان يواصل البحث والتحقيق والتأليف وحتى الأيام الأخيرة قبل ان يتعب جسده، وكان الكثيرون يستغربون من هذه الهمة العالية.ومن هذه المثابرة على متابعة التحقيق والتأليف والعطاء والإنتاج المستمر .

وهذا ما نحتاج إليه نحن الذين نتعب ونكل ونمل وتحيط بنا أحياناً الهموم والمشكلات والتحديات

نحن بحاجة إلى القدوة في العزم والإرادة والمثابرة، في الهمة العالية، في الجدية، في الفعالية وفي مواصلة تحمل المسؤولية والانتاج.

البعض كان يقول له سيدنا أنت تتعب نفسك، الآن اهتم بصحتك اهتم بعافيتك. هو كان يعتبر أن كل لحظة من عمره يجب أن تبذل في طاعة الله وطاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخدمة دين الله، وخدمة عباد الله سبحانه وتعالى.

هذا الجانب هو جانب مميز في شخصية هذا العالم الكبير، وهو كان يعتبر ان تكليفه ودوره أن يصرف كل وقته وجهده في هذا المجال المهم ليملأ فراغاً كبيراً في هذه الجبهة.

الجانب الثاني او الزاوية الثانية من شخصية سماحة السيد جعفر، هي شخصية العالم المتواضع، الصادق المخلص، الزاهد في الدنيا، المعرض عن زخارفها وزبارجها وعناوينها وأشكالها ومصالحها وطموحاتها الضيقة، العامل فيها لآخرته، كان يرجو رحمة الله ورضى الله ويتطلع إلى ذلك العالم الاخروي، ويستعد له، لم تكن المواقع والمقامات والتشريفات والالقاب تعني له شيئا على الاطلاق.

وأيضا السيد جعفر من العلماء الذين كانوا يعملون بدون طلب امتيازات شخصية، وبدون توقعات شخصية.

كان يرفض أن يغير من نمط حياته بالرغم من اننا كنا نصر عليه أحيانا ليفعل ذلك، بما ينسجم مع مقامه ومكانته العلمية والفكرية والاجتماعية، ولكنه كان يأبى ذلك، لأن البرتوكولات لا تعني له شيئا، كان يحب ان يبقى الانسان المتواضع المحب للناس الذي يعطف على الجميع ويتقرب من الجميع ويحمل هموم الجميع وقضاياهم، كجده المصطفى محمد (ص) الذي وصفه أمير المؤمنين(ع) فقال: كان أجود الناس كفّاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمّة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهةً هابه، ومن خالطه فعرفه أحبّه، لم أر مثله قبله ولا بعده .

نحن نحتاج إلى هذا النموذج الذي عايشناه عن قرب وشهدنا سيرته وحياته وسلوكه، ونشهد له بذلك بعد رحيله وبعد وفاته، ونقدمه نموذجاً لنا، وأسوة لنا، ونتّخذه مثالاً وقدوة

نحن بحاجة إلى هذه القدوة وهذه الأسوة لنقدمها لإخواننا وأخواتنا ولأجيالنا أيضاً، كما نقدم قادتنا الآخرين الذين استشهدوا أو الذين توفوا بما لهم من ميزات، وبما لهم من مواصفات خاصة وجليلة.

سماحة السّيد رحمه الله صحيح ان الطابع العام الذي غلب على شخصيّته  وعلى حياته هو هذا الطابع العلمي والإهتمام العلمي والتربوي، لكنه كان موجوداً بقوّة في الأحداث الأساسية والكبرى كان دائماً من مؤيّدي وداعمي المقاومة في المنطقة في مواجهة الكيان الإسرائيلي والمشروع الصّهيوني، وبالأخصّ المقاومة الإسلامية في لبنان ، وحتى آخر لحظةٍ من حياته عبّر عن ذلك في كُتبِه ودروسه ومجالسه التي تحدّث فيها عن المقاومة في لبنان وتجربتها وانجازاتها وانتصاراتها ومجاهديها وشعبها وعبّر عن ذلك ايضا من خلال احتضانه الأبويّ لكثير من مجاهديها..

اليوم المقاومة التي كان سيدنا في كل المراحل سنداً كبيراً لها ولجهادها في لبنان من موقعه الاسلامي والفكري والمعنوي تقف في الخطوط الامامية لتدافع عن لبنان في مواجهة الاستهداف الامريكي الجديد لهذا البلد .

فالامريكي لا يزال تقدم الدليل تلو الدليل على تدخلها السافر في لبنان، واستغلالها للمتظاهرين وأوجاع اللبنانيين وصرخاتهم، من أجل تحقيق أهدافها السياسية،

فتصريحات وزير الخارجية الامريكي الاخيرة، والتي اعتبر فيها الحراك الشعبي في لبنان فرصة للضغط على حزب الله وإضعافه وإخراجه من المعادلة، تؤكد ان الإدارة الامريكية وبمساعدة أدواتها في الداخل ركبت موجة الحراك الشعبي، واستغلت الشارع وأوجاع الناس، واستخدمت كل أشكال الضغط المالي والاقتصادي والسياسي والإعلامي في محاولة منها لتمرير مشروعها في لبنان، وتحقيق مجموعة أهداف سياسية، أهمها كسر المعادلة السياسية التي أنتجتها الانتخابات النيابية، وإخراج حزب الله وحلفائه من الحكومة، وفرض تركيبة حكومية يهيمن عليها الأمريكي، تأخذ على عاتقها إقرار وتنفيذ عناوين وأولويات سياسية تصب في مصلحة أميركا وإسرائيل، ولا تخدم مصلحة لبنان كترسيم الحدود وفق الشروط الأمريكية والإسرائيلية واستخراج النفط لمصلحة الشركات الأمريكية، وتوطين الفلسطينيين، وصولا الى عزل المقاومة وتجريد لبنان من أحد أهم عناصر قوته لمصلحة الكيان الصهيوني.

ولكن المحاولات الامريكية هذه لم تنجح، لأنها اصطدمت بصلابة وثبات فخامة رئيس الجمهورية، وتجاوز حزب الله للأفخاخ والمطبات التي نصبت له والتي كان يراد له أن يقع فيها، ورفضنا الحاسم للمطالب السياسية الامريكية، وتحلي أهلنا وجمهورنا بالوعي والحكمة والصبر والثبات وعدم انجرارهم نحو الفوضى وتمسكهم بالسلم الأهلي.

كما ان خطورة الوضع اللبناني والخوف من الانهيار الشامل الذي ليس في مصلحة الغرب، جعل الاطراف الداخلية والخارجية التي ركبت موجة الحراك عاجزة عن تحقيق أهدافها وفرض شروطها، لذلك عادت وأبدت مرونة في الموضوع الحكومي.

لكن عجز الأمريكي عن تحقيق أهدافه لا يعني ان المشروع الأمريكي قد انتهى، فسواء تشكلت حكومة أو لم تتشكل، فإن المشروع الامريكي لم ينته، فنحن بفعل الوعي والصبر والحكمة والحرص على البلد، منعناهم من الوصول إلى أهدافهم التي كانوا ينوون تحقيقها، ولكنهم سيستمرون بالضغط علينا سياسيًا واقتصاديًا وماليًا وإعلاميا، وسيحاولون كلما سنحت لهم الفرصة استدراجنا الى الفتنة والفوضى لإسقاطنا وإضعافنا وتشويه صورتنا، ولذلك يجب أن نبقى متيقظين ومتنبهين وحاضرين، لأننا معنيون بإحباط هذا المشروع وإفشاله ومواجهته سياسيًا وإعلاميا وشعبيا من خلال التحلي بالوعي والبصيرة والصبر والثبات، ومن خلال التمسك بوحدتنا الداخلية وبالسلم الأهلي وعدم الانجرار الى الفوضى والفتنة، فنحن حريصون على بلدنا وامن واستقرار بلدنا، وأي فتنة داخلية او حرب أهلية هي في مصلحة اميركا وإسرائيل. 

وكما في الجانب السياسي في الجانب الاقتصادي فبالرغم من تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في البلد، إلاّ أنه لا تزال هناك فرص لتدارك هذا الوضع، من خلال تشكيل حكومة فاعلة توحي بالثقة وتبادر الى اتخاذ قرارات واجراءات ملائمة وحاسمة توقف الانحدار وتمنع من الانهيار، ولذلك لا بد من حسم اسم رئيس الحكومة في الاستشارات النيابية التي دعا إليها فخامة الرئيس غدا وفق ما تم التفاهم عليه بين الاطراف السياسية الأساسية، بعيداً عن المكائد السياسية والتلاعب بمصير البلد، فالبلد لم يعد يحتمل إضاعة المزيد من الوقت ولا حرق أسماء مرشحين لرئاسة الحكومة ولا مناورات سياسية، وعليه، يجب ان يرتقي اللبنانيون الى مستوى المسؤولية الوطنية في هذه الظروف العصيبة والحساسة التي نمر فيها، من أجل إنقاذ البلد ومنع الانهيار الشامل.