الشيخ دعموش يلقي كلمة في ندوة التقريب والصحوة المنعقدة في مقر البعثة الإيرانية في مكة المكرمة 4/ذو الحجة 1432

       بعد مضي عدة أشهر على انطلاق الثورات العربية، ومن خلال تواصلنا ولقاءاتنا والمعلومات التي نملكها،تأكدت لنا الرؤيا التي كنا ولا زلنا نحملها عن هذه الثورات وهي: إن ما جرى في بعض البلدان العربية هو حراك شعبي وطني حقيقي، وإن ما بدأ في تونس ومصر وبلدان عربية أخرى، هو نتيجة إرادة شعبية ووطنية، وصحوة إسلامية عارمة اجتاحت شعوب هذه المنطقة وأدت إلى هذا التحول الكبير الذي جعل الأعداء يصابون بالإحباط ويشعرون باليأس والهزيمة.

 

       إن شعبية هذه الثورات هي أهم عنصر في تشكيل هويتها، جماهير الشعب والنخبة الشعبية هم أصحاب هذه الثورات والأمناء عليها بل ه ممن صنع شعاراتها ووضع اهدافها وفضح اعداءها وهم اليوم من يرسم مستقبلها ويدفع بها إلى الأمام.

       لقد كنا في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين أولاً أمام ثورات شعبية ووطنية حقيقية شارك فيها المسلمون والمسيحيون وشاركت فيها تيارات إسلامية وعلمانية ووطنية وقومية وفكرية متنوعة، وحضرت في ساحاتها كل فئات الشعب من الصغار والكبار،والنساء والرجال والشيوخ، والعلماء، والمثقفين والنخب والعمال والفلاحين، ولكن العنصر الأهم والأقوى في هذا الحضور هو عنصر الشباب.

وثانيا: نحن امام ثورات هي من صنع إرادة هذه الشعوب وتصميمها وعزمها، فهي التي تتظاهر وهي التي قدمت الشهداءوالجرحى وهي التي تقرر ماذا تريد وماذا تفعل وإلى أين تريد أن تصل، وأي نظام تقبل وأي صيغة حل تتبنى وهي صاحبة القرار والشعار والأهداف.

       وكل الاتهامات بالتبعية للخارج سقطت أمام عظيم إرادة هذه الشعوب وشبابها الشجعان، فلم يكن  ما جرى مشروعا امريكيا أو غربيا، وباستثناء النظام السوري فإن بقية الأنظمة التي شهدت وتشهد حراكا شعبيا هي انظمة تابعة لأمريكا، ولا يمكن أن تسقط اميركا انظمة خاضعة لها.

بل على العكس من ذلك فإن الغرب بقيادة الولايات المتحدة بذل كل جهده ومارس كل الأساليب الملتوية على حد تعبير الإمام القائد دام ظله لحماية هذه الأنظمة ولحماية الحكام المستبدين ولم يكف عن دعمهم إلا حينما يأس وفقد الأمل، وعند ذلك دخل الامريكيون على خط الثورات من اجل تقليل خسائرهم في المنطقة وتحسين صورتهم في العالم العربي.

       ولذلك فان أحد أهم المخاطر التي تواجهها هذه الثورات هي المحاولات الامريكية الخارجية لصرف هذه الثورات عن اهدافها وعن مسارها الطبيعي، ولا نتوقع أن تستسلم الإدارة الامريكية بسهولة أمام سقوط انظمة خاضعة لها.. هم سيحاولون أن تتولى الأمور في هذه  الدول عناصر لديها التزامات أمام الاميريكي والغرب.

       الولايات المتحدة الامريكية تسعى بعد السقوط الاضطراري للحكام الخاضعين لها أن تحافظ على أصل النظام وتركب له رأسا آخر يتبع لها ويلتزم معها من اجل أن تواصل هيمنتها وسيطرتها على هذه البلدان  

       ولذلك يجب أن تنتبه شعوب العالم العربي إلى أن الإدارة الاميركية ليست صديقة للشعوب العربية.

       يجب أن تنتبه شعوب العالم العربي إلى أن هناك محاولة لإعادة إحياء مشروع الشرق الأوسط الجديد بعد فشله، والتهديد هنا أن الشرق الأوسط الجديد: يقوم على إعادة تقسيم المنطقة إلى دول على أساس طائفي وعرقي، وجعلها دولا متصارعة ، لتبقى إسرائيل الدولة القوية المقتدرة.

       وهذا التهديد هو للجميع للمسلمين والمسيحيين ولكل دول وشعوب المنطقة. كما أن أحد مكونات المشروع الاميركي في منطقتنا هوتخريب العلاقات بين الدول إسلامية، وتوفير الأجواء وتغذية الفتنة، وفرض عقوبات الدول الممانعة بسبب رفضها التماشي مع المشروع الاميريكي

       ولذلك فإننا ندعو إلى تقارب وتحالف أصحاب الديانات جميعا السنة والشيعة، المسلمين والمسيحيين وغيرهم لمواجهة تهديد المشروع الاميركي ولمواجهة محاولات الفتنة.

       إننا رغم كل اجواء القلق التي تعيشها منطقتنا، فإن تقييمنا أن الأمور في المنطقة ذاهبة إلى مصلحة الشعوب ومصلحة الدول الممانعة ومصلحة المقاومة،وسنشهد المزيد من الخسارة للمشروع الاميركي، والمستقبل واعد، ونحن نملك في لبنان من عناصر القوة ما يمكننا من مواجهة كل التطورات.

 والحمد لله رب العالمين.