الشيخ دعموش يلقي كلمة في ندوة التقريب بين المذاهب التي انعقدت في مر البعثة الايرانية في مكة المكرمة في موسم حج 1424

بسم الله الرحمن الرحيم

إن اخطر ما يواجهه العالم الاسلامي من تحديات في الحاضر والمستقبل هو الحرب الامريكية التي اعلنها بوش على الاسلام وعلى العالم الاسلامي بكل قواه وانتماءاته وتنوعاته المذهبية تحت عناوين مختلفة.

 

من الواضح حتى الآن فيما يتعلق باهداف هذه الحملة او هذه الحرب ما يلي:

اولاً :ان تتمكن الولايات المتحدة الامريكية من بسط واحكام سيطرتها على منطقتنا التي تختزن ثروات وامكانات هائلة وعلى اكثر من صعيد، فالمشروع الامريكي للمنطقة العربية والاسلامية والذي يتخذ من التغيير نحو الديموقراطية شعاراً له،انما هو برنامج مستجد لبسط الهيمنة الامريكية  بشكل مستحكم على البلاد الاسلامية ذات الموقع الجغرافي السياسي الهام والقدرات الاقتصادية المؤثرة كجزء من السعي الامريكي لأدامة السيطرة الاحادية على العالم .

ثانياً: ضرب كل عناصر القوة في منطقتنا لمصلحة  وتعزيز وجود وأمن الكيان الصهيوني على حساب فلسطين،فالمستهدف اليوم هو فلسطين ، وعندما نتحدث عن احتلال العراق فالهدف هو فلسطين من بوابة العراق. وعندما تستهدف سوريا وايران وحركات المقاومة فالهدف هو فلسطين .

لقد عجزت امريكا واسرائيل عن فرض تسوية على الفلسطينيين  ومن خلال انتفاضتهم وصمودهم الاسطوري وضعوا اسرائيل امام تهديد جدي استراتيجي لاول مرة منذ خمسين عاماً،وكل الضغوط على الشعب الفلسطيني عجزت عن فرض خارطة الطريق.

و يبدو ان الأمركيين بعدما وجدوا ان شعب فلسطين باللحم العاري وبالدم وبالرفض الشديد.. لا يمكن ان يلين او يتراجع، وحسم خياره، لجأوا الى خيار تطبيق خارطة طريق على مستوى المنطقة لفرض خارطة الطريق في فلسطين .

ثالثاً : اعادة تشكيل المجتمعات العربية والاسلامية  في ثقافتها وهويتها ووحدتها وعلاقاتها الداخلية بما يؤدي الى تفكيكها عملياً - ثم سياسياً وجغرافياً - الى شظايا صغيرة قوامها التحلق حول الاسرة او القبيلة او العرق او المذهب او ما هو ادنى من ذلك.

إننا في مواجهة التّهديدات هذه نؤكد على ما يلي:

 اولا: نحن بحاجة الى القوى والفصائل والتيارات والنخب الملتقية على فهم الاهداف وتشخيص العدو والوسيلة للمواجهة ،كما نحن بحاجة الى التراحم والمودة والتماسك امام الضغوط والتحديات.

يجب ان نتجاوز مرحلة ان نجلس مع بعضنا ان ننسق ثم خارج دائرة  التنسيق لا يكترث احدنا للاخر ولا لمصير الاخر ولا لما يجري عليه، لا يمكن ان تقوم امة وتصمد في مواجهة التحديات ان لم تكن تحمل روح التراحم والاتحاد فيما بينها.

ثانياً: نحن مدعوون الى احتضان الشعب العراقي ولنعينه ولنكون في خدمته ولنساعده على معالجة جراحه ولنقف الى جانبه في سعيه الى التحرر من الاحتلال ورسم مستقبله السياسي الجديد.

هذا الشعب له تاريخ وله حضارة عريقة،وهو واجه في بداية القرن الماضي اقوى قوة عظمى في العالم وهي بريطانيا في ذلك الحين واستطاع ان يهزمها ، وبالتالي هو شعب يمكن الرهان عليه.

ان اخطر ما يواجه هذا الشعب الان هي مشاريع الفتن التي تملك بريطانيا خبرة عريقة فيها اكثر من غيرها.

نحن في العالم الاسلامي بتياراتنا الاسلامية وبشخصياتنا الاسلامية ومن خلال علاقتنا على الساحة العراقية يجب ان نوظف كل هذه العلاقات لمساعدة الشعب العراقي على تحصين وحدته الوطنية الداخلية وقطع الطريق على اي من مشاريع الفتن التي يمكن ان تحضر او تجهز له.

ثالثاً: الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والحذر من تغييب الاهتمام بجهاد هذا الشعب الصابر والمحتسب مما يزيد من استفراد العدو به واستشراسه عليه توصلاً الى تصفية القضية الفلسطينية بصنع وقائع ميدانية جديدة .

وفي هذا السياق ندعوا الى احياء عمل لجان نصرة الشعب الفلسطيني وتنشيطه والتحرك المتواصل للتعبير عن التضامن مع الجهاد الفلسطيني والمعاناة الفلسطينية في كل بلد وبكل شكل ممكن ،حتى تستعيد  القضية الفلسطينية صدارة الاهتمام العربي والاسلامي على قاعدة ان معركة الامة مع عدوها من اجل استعادة وحدتها وحقوقها انما تحسم في فلسطين.

 واخيراً : ينبغي ان نعمل على تكريس وترسيخ وصيانة ثقافة الجهاد والمقاومة والاستشهاد في الامة،لانها هي المستهدف الاكبر،لو قدر ان تسقط هذه الثقافة او تضيع ستسقط الأمة معها وتضيع.

بهذه الثقافة انتصر لبنان وهزم الصهاينة في لبنان وبهذه الثقافة تستمر الانتفاضة في فلسطين وستنتصر بإذن الله وبهذه الثقافة يمكن ان تواجه الامة كل اخطار الزمن الحاضر والآتي.

بهذه الثقافة تعود المقاومة الاسلامية في لبنان في هذه الأيام ومن جديد لتصنع نصراً جديداً وانجازاً جديداً ليس للبنان وحده وانما للبنان ولكل العرب والمسلمين . حيث ننتظر جميعاً في الايام القليلة المقبلة وينتظر معنا العالم العربي انجاز واحدة من اكبر عمليات تبادل الاسرى في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي يتم من خلاله اطلاق اكثر من 430 اسيراً عربياً بين لبناني وفلسطيني وسوري ومغربي وليبي.

هذا الانجاز الجديد يضاف الى سلسلة الانجازات والانتصارات التي حققتها المقاومة الاسلامية في لبنان طيلة السنوات الماضية .

هذا الانجاز وهذا الانتصار الذي نحن على موعد معه ان شاء الله يثبت من جديد ان المقاومة ليست خياراً لتحرير الارض فقط وانما هي خيار ايضاً لتحرير الأنسان واستعادة الاسرى والمعتقلين وخيار للدفاع عن الأوطان والسيادة والكرامة..

هذا الانتصار ما كان ليتحقق لولا جهاد المجاهدين وتضحياتهم واخلاصهم  وصدقهم وصبرهم ومقاومتهم الجادة والمخلصة.

نسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا لليقين والبصيرة وان يهدينا سبل الصلاح والخير والوحدة والنصر .

والسلام  عليكم ورحمة الله وبركاته