ندوة في بلدة بريقع 6-1-2023

بدعوة من ديوانية ابي الفضل في بريقع  أقيمت ندوة بمناسبة الذكرى الثالثة للشهيدين الحاج قاسم سليماني والحاج ابو مهدي المهندس استهلت بآيات من الذكر الحكيم للقارئ  محمود سكيني

 ثم مجلس عزاء حسيني للمقرئ حسن مزنر , ثم كلمة للشيخ احمد مراد من وحي المناسبة وقصيدة شعرية للشيخ علي الجرمقي بعدها بدأ الشيخ دعموش ندوته بقوله:

نحن نعتقد بالامامة ونعتقد بأن الامام المعصوم هو الذي يحدد الأحكام والتكاليف والمسؤوليات والوظائف العملية اتجاه مختلف القضايا التي تواجهها في حياتنا,هم الذين يحددون التكاليف أياً كانت… أحكام وتكاليف هي على نوعيين أساسيين:

 النوع الأول: -التكاليف الثابتة التشريعية التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان والأوضاع والظروف السياسية والإجتماعية والاقتصادية وإنما تبقى ثابتة الى يوم القيامة(العبادات،الصلاة،الزكاة،الصوم،الخُمس..) او التكاليف المتعلقة بالمعاملات بالبيع والتجارة،الربى،الطلاق،الزواج،المضاربة المشاركة،كل ما هنالك من أحكام تتعلق بمعاملات بالإنسان مع الآخرين.. الحلال والحرام الذي يحدده الولي المعصوم،والامام بالمعنى الخاص هذا النوع من التكاليف هو ثابت لا يتغير لأن حلال محمد(ص) هو حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة،هذا نوع من أنواع التكاليف

 

النوع الثاني: هو التكاليف والمسؤوليات المتحركة التي تتغير بتغير الاوضاع والظروف،التكاليف الذي يحددها الولي المعصوم من موقع قيادته لهذه الأمة وإدارته لشؤونها(هي أحكام متغيرة بظروفها المختلفة التي تطرأ بالحياة)،فمثلاً وجوب مقاومة المحتل هذا حكم ولائي،الإمام يحدده من موقع قيادته للأمة،ليست فتوة تشريعية أو حكم ثابت الى يوم القيامة،مقاومة الاحتلال هو حكم ولائي،الأحكام الولائية وبالتالي هذا النوع من الأحكام يحدده الولي على ضوء من الظروف التي تطرأ في حياتنا العامة. وجوب مقاومة الاحتلال،حُرمة التطبيع مع العدو الغاصب،فرض الضرائب في الدولة الإسلامية على بعض السلع مثلاً او ما شابه ذلك..حُرمة قطع الأشجار اذا ما الولي رأى أن هناك مصلحة… هذه أحكام تتبدل بتبدل الظروف والأوضاع هي أحكام متحركة ومتغيرة لأن الإمام يحددها بحسب تشخيصه للمصالح والمفاسد،هو الذي يشخص أين تكمن مصلحة الأمة في الصُلح أو التطبيع مع العدو أو تكمن مصلحة الأمة في المواجهة والقتال والمقاومة،لا أحد يحدد تكاليف هذا النوع سوى الولي الذي يقود هذه الأمة وهو حريص على حاضرها ومستقبلها وهو معني بمواجهة التحديات وإدارة شؤون هذه الأمة وعزتها وكرامتها وحريتها. هذان النوعان من التكاليف في زمن الإمام المعصوم،الامام هو الذي يحدد هذين النوعين لذلك نجد أن من التكاليف النبي (ص) كان هو الذي يُشرع الأحكام بوحي من الله سبحانه وتعالى فيبني للأمة الحلال والحرام الى يوم القيامة،وهو الذي كان يقود الأمة ويحدد لها تكاليفها ومسؤولياتها اتجاه مختلف التحديات والأحداث التي كانت تقع في مسار الدعوة الإسلامية،لذلك نجد أن النبي(ص) هو الذي كان يحدد الأحكام المتعلقة بالصلاة والصوم والعبادات والمعاملات…كان يحدد للأمة تكاليفها,  بشكل كبير التحديات التي كانت تواجهها في تلك المرحلة. مثلاً: بمكة المكرمة المسلمون يواجهون أشكال من التعذيب والترهيب والاضطهاد والحصار..وكان بعضهم بحب أن يواجه بمواجهة مسلحة في القتال… هؤلاء المشركين كانوا يلاحقون المسلمين بأشكال التعذيب والإساءة الى حد القتل لكن النبي(ص) حدد تكليف الأمة في تلك المرحلة بالصبر والثبات على العقيدة،بعدم المواجهة لهؤلاء المشركين. شَخْصَ أن مصلحة المسلمين في تلك المرحلة في ظروف من نوع الظروف التي كان يعيشها المسلمون صدر الإسلام في مكة قبل الهجرة تقتضي هذه المصلحة ان يكون التكليف بعدم مواجهة المشركين بطريقة مُسلحة. وبعد ذلك هو الهجرة الى المدينة المنورة كان التكليف بحسب تشخيص النبي لمصلحة الأمة هو القتال والجهاد ” ….اذن  للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير” بدأت المواجهات وخضع النبي ومعه المسلمون للحروب والمعارك الكبيرة في بدر وأُحد والخندق وغيرها … هذا النوع من التكليف كان النبي هو الذي يحدد وليس المسلمين حسب مزاجهم يحددون التكليف. في عصر الأئمة باعتبارات أن الأئمة المعصومين هم الذين يحددون أيضاً هذين النوعين من التكاليف بعد النبي،وكانوا يبينون أحكام الله الثابتة ومسؤولياتها اتجاه التحديات التي كانت تواجهها مثلا في زمن الإمام علي ع بعد وفاة النبي ص واغتصاب الخلافة من امير المؤمنين عليه السلام قال الإمام : لأسلمن ما سلمت امور المسلمين ولم يكن فيها جور الا علي خاصة . يعني تكليف الأمة في ذلك الوقت كان هو عدم المواجهة والصبر . بعد ذلك عندما تولى امير المؤمنين عليه السلام القيادة والإمامة الفعلية صار تكليف الأمة مواجهة اولئك المتمردين  على الشرعية الإسلامية التي كان يمثلها الأئمة قد يعتقد ان هناك تناقض , فهناك امام ساعة يسكت ,ساعة يقاتل , ساعة امام يصالح معاوية الذي قاتله الإمام علي و الإمام الحسين يعمل عمل استشهادي مع ابن الرجل الذي قاتلة الإمام علي . ثم يأتي الإمام الباقر والصادق يأمرا ان تلتزم الناس بيوتها ,  هنا التكليف يتغير من مرحلة الى مرحلة , هنا الحكم يتغير بحسب تغير الأوضاع السياسية لأن الصلح ليس حكما ثابت الى يوم القيامة ولا القتال حكم ثابت الى يوم القيامة وانما هناك مرحلة تقتضي فيها مصلحة الأمة ان يقاتل المسلمون ويواجهوا مواجهة مسلحة وفي مرحلة تكون المصلحة ان يصالحوا ,. في مرحلة ثالثة ربما يكون من مصلحة الأمة ان يجلسوا في بيوتهم , وان يترقبوا الأحداث انتظارا لفرصة او مرحلة اخرى مغايرة تكون فيها مصلحة الأمة القتال والمواجهة,..

 

الإمام الصادق نهى الناس عن الخروج والمشاركة في بعض الثورات لمواجهة الحكم الأموي ولاحقا الحكم العباسي , وهذا لا يعني ان الثورة حرام  الى يوم القيامة وان الحكم ثابت بل لإن الإمام شخص انه قد لا يكون هناك مصلحة في ان يخرج هؤلاء المؤمنون اتباع الأئمة , اما لإن هذه الثورات لا تنسجم اهدافها مع اهداف الإسلام , او لأن ليس هناك من افق , لهذه الثورات في تتحقيق انجازات وانتصارات وتغيير في الأمر الواقع , اذا هنا يختلف التكليف باختلاف الظروف في الزمان والمكان.

في زمن الغيبة الكبرى عدما لا يكون هناك امام معصوم يقود هذه الأمة الذي يحدد التكليف هو نائب الأمام الولي الذي ينوب عن الإمام عليه السلام , وهنا طبعا الأحكام الثابتة من نوع النوع الأول يحددها مرجع التقليد العالم الحائز على شرائط المرجعية الذي يعود اليه الناس بالتقليد . يعني يكون منه الأحكام الشرعية الثابتة الى يوم القيامة في مختلف المجالات العبادية والمعاملات وما الى ذلك وهذه الأحكام نقرأها في الرسالة العملية للمرجع الذي نقلده , اذاابتلينا بشيء ما ولا نعرف احكام اصلاة اوالصوم او الحج … نعود الى الرسالة ونقرأ فتوى المرجع ونقلده في ذلك , اما الأحكام من النوع الثاني لا مرجع التقليد ليس له علاقة فيها , الولي الفقيه الذي ينوب عن الإمام المعصوم في قيادة الأمة ويتصدى لإدارة شؤونها ويجمع في شخصيته المواصفات التي يجب ان تتوافر في شخصية الولي هو الذي يحدد هذا النوع من التكاليف , هذا النوع من التكاليف في زمن الغيبة الكبرى يحددها  الولي الفقيه  العالم العادل الزاهد الواعي الذي يملك معرفة بالزمان والمكان ويملك وعيا تاريخيا ويتصدى لشؤون الأمة ويواكب الأحداث والتحديات التي تتعرض لها الأمة ويكون حريصا على مكانتها وعزتها والدفاع عنها , هو الذي يحدد هذا النوع من التكاليف , هو الذي يقول لنا اما اعملوا ثورات واما اجلسوا في بيوتكم .. قاتلوا او سالموا , هو الذي يقول لنا اعملوا عمل جهادي او يقول تكليفكم عمل ثقافي , او عمل سياسي

الولي الفقيه هو حصرا  الذي يحدد هذا النوع من التكاليف في زمن الغيبة الكبرى , ليس الزعيم الفلاني ولا القائد الفلاني ولا المسؤول الفلاني مهما كان يمللكمن العلم والفكر والمعرفة , والوعي والدراية والإطلاع على الأحداث والتحديات والأخطار التي تواجه هذه الأمة الولي الفقيه حصرا هو الذي يحدد هذا النوع من التكاليف ويجب المكلفين ان يطيعوه ويلتمزموا ويتقيدوا بالمسؤوليات التي يحددها بشكل كامل وفي ما عدا ذلك هم غير مبرئين للذمة , اما يجب ان يطعوا في هذا الإطار لذلك اليوم من يحدد التكليف بعقيدتنا ومفهومنا ومفوهم الحاج قاسم سليماني هو الجامع للشرائط الإمام السيد علي الخامنائي ,  الشهيد سليماني كان يتقيد بكل التكاليف الذي يحددها الإمام الخميني رضوان الله عليه ومن بعده ما يحدده له الإمام السيد علي الخامنائي دام ظله , طبعا الوصول الى هذا المقام ليس سهلا , وهنا اريد ان اشير حتى نستفيد من هذا اللقاء الى الإمام المعصوم هو من منصوب بالنصب الخاص اي ان الله سبحانه الله وتعالى يختار المعصومين للإمامة والولاية بالإسم , بينما الولي الفقيه يتم اختياره بالنصب العام بمعنى ان الإمام المعصوم يحدد مجموعة من المواصفات ويقول من تنطبق عليه هذه المواصفات فهو الولي الذي ينوب عني في ادارة وقيادة شؤون الأمة ,.. الولي الفقيه منصوب بهذا النحو من النصب والتعيين لكن لا الإمام الخميني عمل حتى يكون وليا على هذه الأمة ولا الإمام الخمنئي خطط ليكون وليا على هذه الأمة , الله اعلم حيث يجعل رسالته , مثلما تنطبق على الأنبياء والأوصيا والأولياء تنطبق ايضا على نوابهم , الله هو الذي يهيئ الأسباب ليكون شخصا كالإمام الخميني وليا لأمر المسلمين , الله هو الذي يهيئ الأسباب ويمهد الطريق امام شخصية كشخصية الإمام الخامنائي ليكون وليا لأمر المسلمين,

الشهيد سليماني هو من الأشخاص الذين تقوم مدرسته على الإلتزام بهذه الولاية والتقيد بالتكاليف والتوجيهات والإرشادات التي تصدر عنها

العلاقة التي كانت تربط سليماني بالإمام القائد لم تكن علاقة عابرة او سطحية بل علاقة متينة ووثيقة لم تكن علاقة عابرة بين قائد عام للقوات المسلحة ( الإمام الخامنئي )  وبين قائد لفرقة عسكرية تحت امرة هذا القائد الكبير والعظيم , كانت العلاقة بين هذين الرجلين العظيمين علاقة التزام وتقيد شديد , علاقة الشهيد قاسم بالإمام علاقة تقيد والتزام بما كان يحدده وعلاقة محبة ومودة . كان الشهيد سليماني يحب جميع العلماء وكان له علاقة خاصة بهم وربما لم يمر حقبة زمنية بسيطة الا وكان يقصد فيها قم المقدسة ويزور علماء ومراجع قم الكبار ويتحدث اليهم وهو يعرف جميع العلماء في ايران وفي مختلف دول العالم الإسلامي وبالرغم من الإحترام والتقدير الذي يكنه هذ الرجل لكل العلماء كان يقول في احدى خطاباته : لو كان جميع علماء العالم في جانب وكان السيد القائد في جانب لإخترت بكل اطمئنان جانب الإمام الخامنائي , العلاقة هي علاقة الإنسان الملكف بمن يحدد له التكليف بوليه ولي امره في اخر وصيته خاطب الشهيد سليماني جميع العلماء والمراجع ووصف نفسه بتلك الوصية بالجندي وكانت كلمة جندي من اجمل الأوصاف التي يحبها سليماني لذلك طلب ان يدون على قبره قبر الجندي سليماني  ضمن وصيته . هذه الصفة كان يحبها لأنه كان ينطلق من موقع المتواضع مع العلم انه كان رمزا كبيرا , وقائدا كبيرا وله شعبيته الواسعة وله امتداداته المختلفة . كان يخاطب جميع العلماء والمراجع ويقول الدفاع عن ولاية الفقيه هو الطريق الوحيد لحفظ الأسلام وكان يخاطب علماء السنة والشيعة على السواء ويعتبر الولي الفقيه والإلتزام بأوامره هو تمجيد للقرآن وحفظ للإسلام , كان الشهيد يعتقد اعتقادا جازما بولاية الإمام الخميني وولاية الإمام القائد ويعتبر العمل بأقوالهما  وتوجيهاتمها تكليفا شرعيا قاطعا لا يمكن ان يوجد اي خلل في الإلتزام والتقيد من قبله … كان الحاج قاسم : سماحة القائد في بعض رسائله له : كان القائد يقول علينا الوقوف في وجه اميركا وداعش في مرحلة من المراحل , فكان يقول سليماني : من دون شك هذا تكليف شرعي وعلينا العمل به . كان يعمل في العراق وسوريا بناء على هذا التكليف كل الوقت . كان يعمل ساعات الليل والنهار في هذه المواجهة من اجل القيام بهذا التكليف ولم يكن يتساهل مع احد ,عندما كان يتعرض لولي الفقيه بالرغم انه كان معروفا عنه انه كان شديد المداراة للناس لكن كانت لمداراته حدود , لم يكن يسمح لأحد في مجلسه ان يتناول الولي الفقيه , ولو بكلمة بسيطة.

 

كان يعتبر ولاية الفقيه من الثوابت مواجهة الأستكبار من الثوابت , ما كان مستعدا التنازل ولو لذرة عن خط الولاية.

لذلك جتى عندما يصدر القائد بعض الأوامر على خلاف رغبة هذا الرجل او على خلاف عمله وجهده الذي قام به كان يسلم ويطيع

الحاج قاسم في وصيته كتب : اخواني واخواتي الأعزاء حافظوا على المبادئ المبادئ هي ولاية الفقيه ولا سيما هذا الحكيم  المظلوم .. اجعلوا السيد الخامنئي العزيز اعز عليكم من ارواحكم واعتبروا حرمته من حرمة المقدسات.

نحن نعتقد ان المكانة التي وصل اليها هذا الشهيد ليس في ايران فقط  وانما على امتداد هذه المنطقة,

السيد القائد كان يبادله نفس الحب ونفس التعلق والشوق لرؤياه , في سنة 2014 السيد القائد كتب رسالة للشهيد سليماني بينما كان الأخير في سوريا وكانت المعارك طاحنة مع المنظمات الإرهابية : لا اريد ان اعبر عن مقدار قلقي حول اخطار وجودك في المنطقة لكن عليك ان تعلم اني قلق

فكان جواب سليماني : بسم الله الرحمن الرحيم بعد تقديم فائق الإحترام اقبل يديك المباركتين اولا , لطالما كان رضاكم عنا يبث فينا الروح ويمدنا بالنشاط الروحي والجسدي مع اني لا اجد نفسي جديرا بهذه العبارات الممزوجة بالحب والتي تبعث فينا الشوق للآخرة وتبشر بانتصارات اكبر . اسال الله ضارعا ان يتفضل بقابلية العبودية الحقة لله عزو جل , ثانيا ان روح الرخيصة لا تستحق قلقكم , روحي لروحكم الفداء الف الف مرة..