من شروط الظهور

 نباركُ للمسلمين جميعاً ذكرى ولادة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أنصاره وأعوانه ومن الذين يمهدون لظهوره وقدومه .

         إن أحد أهم الشروط الأساسية لظهور الإمام (عجل الله تعالى فرجه) هو وجود العدد الكافي من الأنصار المخلصين الذين خاضوا بامتياز جملةً من الاختبارات العملية على المستوى الروحي والأخلاقي والجهادي والطاعة لولي أمرهم.

         ومن دون تحقق هذا الشرط من الناحية الموضوعية فإنه من غير الممكن تحقق الظهور والخروج . لأن علاقة هذا الشرط بالظهور هي علاقة لزومية واقعية وعلاقة عليّة وسببية ، ويمكن توضيح هذه الفكرة بملاحظة المقدمات التالية :

     أولاً : من الواضح بحسب النصوص الصحيحة والمتواترة أن الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف مدّخر من قبل الله سبحانه وتعالى لأداء مهمة إلهية كبرى ، متعددة الجوانب ، عظيمة الأهداف ، هي مهمة تغيير العالم  تغييراً شاملاً ، وتطهير الأرض من كل ألوان الشرك والضلال ، والقضاء على كل مظاهر الظلم والانحطاط وتطوير الإنسانية تطويراً مادياً كبيراً  لم يسبق له مثيل ، وإقامة نظام عالمي جديد على أساس عقيدة التوحيد ،ومفاهيم وتشريعات الإسلام ، وبالتالي يقوم على أساس العدل والأمن والسلام الشامل في العالم كله .

     ثانياً : من الواضح جداً أن الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ، لا يقود بمفرده عملية التغيير هذه وبمعزلٍ عن أي شيء آخر ، فهو لا يغزو العالم لوحده ولا يقاتل بمفرده .

     ثالثاً : من المعلوم أيضاً أن الإمام لا يحقق تلك الإنجازات الكبرى عن طريق المعجزة ، وإنما إنجاز وتحقيق هذه المهمات سيكون بالأسباب العادية ووفقاً لسنن الله تعالى في الكون والحياة .

     وإذا كان الإمام لا يحقق تلك المهمات بمفرده ولا يصل إلى أهدافه بالطرق الإعجازية ، فإن معنى ذلك أن الإمام يحتاج في تطبيق العدل الشامل وتحقيق الأهداف الكبرى ، إلى عدد كافٍ من الجنود والأنصار والمؤازرين يكونون على درجة عالية من التقوى والمعرفة والإخلاص والشجاعة والتضحية في سبيل الله  .

      والصفات الأساسية التي يجب أن يتصف بها هؤلاء الأنصار إضافة إلى ذلك :

1 -  الوعي والشعور الحقيقي بأهمية وعدالة الأهداف التي يسعى إليها الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف والمشروع الذي يسعى إلى تطبيقه 

2 الاستعداد الشامل والكامل للتضحية في سبيل تلك الأهداف .

فقد وصف الإمام الصادق عليه السلام أصحاب الإمام وأنصاره بقوله :

     " رجال كأن قلوبهم زبر الحديد ، لا يشوبها شك في ذات الله ، أشد من الجمر ، لو حملوا على الجبال لأزالوها ، لا يقصدون براية بلدة إلا خربوها ، يتمسحون بسرج الإمام (ع) يطلبون بذلك البركة . ويحفّون به يقونه بأنفسهم في الحروب ويكفونه ما يريد . فيهم رجال لا ينامون الليل لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل ، يبيتون قياماً على أطرافهم ويصبحون على خيولهم ، رهبان بالليل ليوث بالنهار .

    هم أطوع له من الأمة لسيدها . كالمصابيح ، كأن قلوبهم القناديل . وهم من خشية الله مشفقون ، يدعون بالشهادة ، ويتمنّون أن يقتلوا في سبيل الله . شعارهم : يا لثارات الحسين (ع) . إذا ساروا  سار الرعب أمامهم مسيرة شهر . بهم ينصر الله إمام الحق

   

     وحتى يستطيع الواحد منا أن يصل إلى هذا المستوى ، فإن عليه :

أولاً: تركيز الإيمان والإخلاص بشكل أعمق في حياتنا .

ثانياً: تغذية النفس بالثقافة الإسلامية الواعية التي تحث الإنسان وتجند كل مشاعره وأحاسيسه باتجاه البذل والتضحية والعطاء

ثالثا: أن نثبت جدارتنا وقدرتنا على التضحية في سبيل الأهداف الإسلامية العليا ، من خلال الممارسة العملية  في ساحات العمل والجهاد .

 رابعا : أن نربي أنفسنا على الطاعة والانقياد الكامل لأوامر وتوجيهات ولي أمر المسلمين باعتباره وكيلاً حقيقياً عن الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف في قيادة الأمة  .

 

                                                                            والحمد لله رب العالمين