كلمة القيت في ندوة حول الديمقراطية في إيطاليا في مدينة ساحلية قرب روما.

الديمقراطية في الإسلام

       ثمة غموض وإبهام حول الديمقراطية، فنحن عندما نريد أن نقارب بين الدين والديمقراطية. نجد ان الديمقراطية بسبب تزامن طرحها مع الليبرالية والعلمانية اعطيت لها نفس معاني العلمانية التي تتعارض مع الدين.

       في حين أن الديمقراطية بالمعنى الادق هي طريق الوصول إلى نظام سياسي،وإرادة الناس هي التي تحدد اسلوب الحكم بمعزل عن منظومة القيم الروحية والاخلاقية التي يتبناها النظام.      

الديمقراطية هي مجموعة ممارسات ووسائل لصناعة القرار السياسي تتم بطريقة مشاركة الناس.

       والنظام الديمقراطي هو الذي يعطي الحق لكل المواطنين بدون استثناء في ممارسة العمل السياسي ليمنع أي شخص أو فئة أو جهة من احتكار السلطة والاستئثار بها.

النظرة الإسلامية للديمقراطية:

       فالديمقراطية هي اسلوب وطريقة لتنظيم الحياة السياسية في المجتمع المدني.

-                    بدل أن تكون السلطة بيد طبقة معينة، فالديمقراطية تفتح الآفاق لمشاركة الناس جميعا بدون تفرقة على اساس عرقي أو مذهبي او اجتماعي أو تفرقة على اساس الجنس وتعطي حق الترشح والتصويت.

-                    بدلا من أن تتمركز السلطة في مؤسسة واحدة، النظام الديمقراطي يحاول تشتيت السلطة بين العديد من المؤسسات ويفصل بين السلطات.

-                     وفوق ذلك يجعل النظام الديمقراطي الحاكمين تحت مراقبة ودستورية وجماهيرية للحيلوولة دون استخدام السلطة بشكل سيء لأغراض شخصية أو فئوية أو طائفية أو بصورة تتعارض مع المصلحة العامة.

-                    وفوق ذلك يجعل النظام الديمقراطي الحاكمين تحت مراقبة دستورية وجماهيرية للحيلولة دون استخدام السلطة بشكل سيء لأغراض شخصية أو فئوية أو طائفية أو بصورة تتعارض مع المصلحة العامة.

-                    فالديمقراطية اسلوب حكم ولا تتعلق بنظرة النظام السياسي إلى الحياة والأخلاق والإنسان والكون والهدف الاسمى للإنسان، وما دامت الديمقراطية طريقة حكم ومجموعة إجراءات لتنظيم الحياة السياسية على اساس مشاركة الناس أو الأغلبية، فليس في الإسلام تشريع معتبر يمكن ان تستند إليه لمعارضة الوسائل الناجحة لخدمة الناس.

لقد فرض الإسلام قيودا اخلاقية ومبدئية على الفرد والمجتمع، ولم يفرض قيودا على استعمال الطرق والوسائل المختلفة التي لا تتعارض مع تلك القيم ولا تتجاوز المبادئ الإلهية. والديمقراطية بالشكل المطروح لا تدعو الى تجاوز ما يؤمن به الإنسان ويقتنع به, فالإسلام لا يعارض الاساليب التي يعتمدها البشر لتنظيم حياتهم، المسلمون في الماضي اعتمدوا أساليب الحضارتين الفارسية والرومانية في تنظيم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلدان التي فتحوها انذاك.

اسلوب النظام الإداري الذي اتبعه الخليفة عمر بن الخطاب في بلاد فارس بعد الفتح يختلف عن الاساليب التي كانت معتمدة في زمن النبي محمد (ص)

في الوقت الحاضر نجد الدول الإسلامية اقتبست العديد من الاساليب المعتمدة في الغرب لتنظيم الحياة السياسية والاجتماعية، تجربة الاحزاب السياسية وتشكيلاتها الإدارية والتنظيمية. نحن نستفيد من النتاج الإيجابي والثقافي .

التجربة الإسلامية:

مشورة النبي للناس:

قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله).

-                    علي (ع): من استشار الناس شاركها في عقولها.

النبي استشار الناس في قضايا اساسية ومصيرية في محطات كثيرة:

استشارهم في بدر واحد

وفي غزوة الخندق والأحزاب

في التخطيط لهجرة النبي (ص) الى المدينة اخذ البيعة من الانصار، وبعد سنة أخذ منهم البيعة ثانية ليكونوا مقتنعين بالدفاع عن التكوين السياسي الجديد ولكي يكون ثمة استقرار للنظام السياسي وأن يكون النظام نابعا من قناعة الناس، فلم تقم دولة الإسلام إلا بعد أن تم ذلك العقد الاجتماعي بين الرسول وبين عامة المسلمين في المدينة.

في الحديبية أخذ البيعة منهم، قبل إجراء الصلح، ليأخذ الثقة في المواقف الكبيرة التي سيقدم عليها.

البيعة كانت تأخذ من الرجال والنساء ومن كل طبقات المجتمع، فقد كانت المرأة تتمتع بكامل حقوقها السياسية في ذلك الزمن، والغرب لم يعط حق مشاركة المرأة في التصويت إلا في القرن العشرين، في اميركا اعطي حق التصويت للمرأة سنة 1920 وفي إيطاليا قبل 60 سنة وفي فرنسا عام 1945، وفي سويسرا سنة 1971.

علي(ع) أخذ برأي المقاتلين في الصلح مع معاوية.

الرسول أراد أن يعلم الأمة وأن يسن للحكام والقادة أن يأخذوا برأي الأمة في القضايا الكبيرة .

(والذين استجابوا لربهم واقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون).

ولأجل استقرار النظام السياسي يقتضي الأخذ برأي الأكثرية.