الشيخ دعموش في المحاضرة الإسبوعية 26-1-2015: المجاهدون لا يغفلون عن قرآءة القرآن مهما كانت انشغالاتهم.

يقول أمير المؤمنين (ع) في حديث عن صفات المجاهدين التعبويين " قرأوا القرآن فأحكموه ". وفي حديث آخر :" الذين تلوا القرآن فأحكموه ".من خصال المجاهدين الاساسية علاقتهم وارتباطهم المميز بالقرآن، قراءة وتدبراً وعملاً .

 فالمجاهدون لا يغفلون عن قرآءة القرآن مهما كانت انشغالاتهم ، هم يتعاهدون القرآن بالقراءة ويأنسون بتلاوة آياته.

بعض الناس قد لا يبالون بالقراءة .. يغفلون عنها.. تصرفهم مشاغلهم واعمالهم وطلبهم للدنيا وملذاتها عن قراءة القرآن, البعض قد لا يقرأ القرآن إلا في الشهر مرة أو في الشهرين أو في السنة, البعض لا يفتح القرآن إلا في المواسم كشهر رمضان أو في الفواتح عند التعزية بميت أو ما شاكل ذلك.. بينما المجاهدون على خلاف ذلك يقرأونه ويتلونه باستمرار وفي كل يوم وأحياناً صباحاً ومساءاً ويأنسون بقرائته .

وعندما يقرأون القرآن لا يقرأونه قراءة سطحية، وانما يقرأون القرآن بوعي وتدبر وتأمل في معانيه ومضامينه، يقرأ ويفهم ما يقرأ ، يفهم قيمه واحكامه وتشريعاته, وليس كما يقرأ البعض لقلقة لسان من دون فهم لما يقرأ, البعض همه ان يختم القرآن كيفما كان أو أن يقرأ أكبر عدد من آياته، حتى ولو لم يفهم معاني كلماته وآياته .. وهذه قراءة لا قيمة لها.. لأن قيمة القراءة هي في التدّبر والتمّعن والتأمل وفهم الآيات والكلمات مقدمة للعمل بتعاليم القرآن والتّحلي باخلاقه والأخذ بقيمه.

وعندما يفهم الانسان معاني القرآن واخلاقه واحكامه فإن عليه ان يبادر إلى العمل بما يأمر به وينهى عنه, وعليه ان يجعل القرآن برنامجه العملي في الحياة، وهذا ما يفعله المجاهدون الذين يطبقون احكام وتعاليم القرآن في كل مجالات حياتهم .

لا يصح ان نقرأ القرآن وندرك ما يريد منا، ثم نعمل على خلاف ذلك كما يفعل البعض.

البعض يقرأ آيات الغيبة، وان المغتاب كمن يأكل لحم أخيه ميتاً، ولكنه في مقام العمل لا يكف عن الحديث عن عيوب الناس وسلبياتهم و فضحهم .

البعض يقرأ ما توعد الله عليه الكاذبين , ومع ذلك يتمادى في كذبه واحتياله على الناس وهكذا..

ولذلك يُنقل عن الشيخ بهجت (قده )  انه قال: نحن في احياء ليلة القدر نضع القرآن فوق رؤوسنا, وفي مقام العمل نضع آيات الحجاب والغيبة والكذب والاحسان إلى الوالدين تحت أقدامنا ! القرآن هو كتاب تربية الانبياء (ع) والبرنامج القرآني هو البرنامج الأخير الذي وضع بين ايدينا لتربية الانسان القرآني، جامع كمالات كل الانبياء أولي العزم.

ولأن المجاهدين يقرأون القرآن بتدبر ويعملون به فقد أحكموه، لأن معنى إحكامه في كلام أمير المؤمنين(ع)  (قرأوا القرآن فأحكموه ) يعني انهم تدبروا آياته وفهموا معانيه وجسدوها في أعمالهم وممارساتهم في الحياة .

وهذه القراءة الواعية للقرآن من جهة, وذلك العشق للجهاد والشهادة من جهة أخرى الذي تحدثنا عنه في الإسبوع الماضي على أنه صفة أساسية من صفات المجاهدين, يجعل شخصية المجاهد متوازنة .. فهي في الوقت الذي تبادر إلى الجهاد وتعشق الشهادة وتبدي استعدادها وجهوزيتها للقتال في سبيل الله تتعلق بالقرآن وتأنس به، ولا تضيع حقه لا في مقام القراءة والتدبر ولا في مقام العمل.

 

والحمدالله رب العالمين