الشيخ دعموش في المحاضرة الإسبوعية 19-1-2015: الشهادة بالنسبة للمجاهدين هي غاية المنى وخير الختام.

يتحدث امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) في نهج البلاغة عن صفات وخصائص المجاهديين التعبويين فيعتبر ان من أولى صفاتهم، عشق الجهاد والشهادة فيقول(ع): "دُعوا للجهاد فأجابوا، وهيجوا إلى الجهاد فولهوا وله اللقاح إلى أولادها".

فالتعبويون حين يدعون للجهاد ويسمعون نداءه يلبون ويستجيبون بشوق ولهفة ووله. لا يترددون ، ولا يتخاذلون او يتثاقلون، بل إن بعضهم يتنافس مع أقرانه وأمثاله على السبق أولاً والالتحاق سريعاً، وكلمة " هُيجوا إلى الجهاد فولهوا " إشارة الى عشقهم للجهاد والشهادة.

وعندما يستجيبون لداعي الجهاد بهذا الشوق والعشق فانهم لا ينطلقون في ذلك من موقع العاطفة أو الحماسة أو الاندفاع الآني أو المصلحي أو النفعي ، وإنما ينطلقون من موقع الوعي والمعرفة والبصيرة، ومن موقع انهم يعرفون أهمية الجهاد ومقام الشهادة, وعظمة المجاهدين والشهداء ومنزلتهم ومكانتهم عند الله سبحانه وتعالى .

وعندما نتحدث عن مجاهدين يندفعون بشوق للجهاد ويعشقون الشهادة فاننا لا نتحدث عن شيء مجهول بالنسبة لنا ليس له مصاديق ونماذج في حياتنا، وانما نتحدث عن شيء نعرفه ونعرف مصاديقه ونماذجه في مسيرتنا. ألم يتسابق الكثيرون من أفراد وكوادر وقادة هذه المسيرة ليكونوا في المحاور الامامية للمقاومة في مواجهة الصهاينة وفي مواجهة التكفيريين؟ نحن وأنتم نعرف الكثير من المجاهدين الذين كانوا يتسابقون ليكونوا في عداد المجاهدين الذين ينطلقون إلى الخطوط الامامية مع العدو وكانوا ممن " هُيجوا إلى الجهاد فولهوا " ، والبعض كان يتوسل لدى مسؤوليه من أجل ان يمنحه فرصة المشاركة في العمليات أو ليكون في عداد المجموعة التي تنفذ هذه العملية او تلك, وهناك أشخاص كانوا يبكون أمام آبائهم وامهاتهم من اجل السماح لهم بالمشاركة في المقاومة او في الدفاع المقدس, ونحن نعرف الكثير من هذه النماذج في هذه المسيرة ممن عشق الشهادة وتمناها وسعى اليها واندفع نحوها كاندفاعة ذلك الصحابي الذي كان بيده تمرات يأكلها في أحد، وقد احتدم أوار المعركة فنظر إليها وقال: لا يفصلني عن الجنة سوى هذه التمرات، فرماها من يده وشهر سيفه وانخرط في القتال حتى نال شرف الشهادة.

ولذلك الشهادة بالنسبة إلى أفراد التعبئة وكوادر هذه المسيرة هي غاية المنى وخير الختام ووسام إلهي يتمناه كل واحد منهم, ألم يكن كل واحد من الشهداء الذين سقطوا بالامس في القنيطرة السورية يعشق الشهادة ويتمناها ويسعى اليها؟ ولذلك هم ربحوا وأكرمهم الله بهذا الوسام.

ثم يقول أمير المؤمنين (ع): " وسلبوا السيوف اغمادها، وأخذوا بأطراف الأرض زحفاً زحفاً، وصفاً صفاً، بعض هلك، وبعض نجا، لا يبشرون بالاحياء، ولا يُعزون عن الموتى".

المجاهدون وعشاق الشهادة دائماً يكونون في حالة استعداد وجهوزية كاملة لتلبية النداء وخوض المعركة، ويدهم دائماً على الزناد، متوثبون، وقد سلبوا السيوف أغمادها ، فلا تعرف سيوفهم اغمادها وانما تبقى دائماً مشهورة وجاهزة للقتال والنزال.

وعندما ينخرط المجاهدون في القتال فانهم يأخذون بأطراف الأرض، ثابتون، مبادرون، متراصون، فمنهم من يقضي نحبه وينال شرف الشهادة، ومنهم من ينتظر ويبقى حياً, إلا أن من يبقى حياً منهم لا يعود مسروراً ومستبشراً وفرحاً بعودته سالماً، لأن العودة سالماً من دون نيل شرف الشهادة ليس بشارة أو سبباً للسرور والفرح بالنسبة إليه فهو عاشق للشهادة وكان يتمنى ان يعود شهيداً لا حياً، هي قد تكون سبباً للفرح لدى غير المجاهدين ، أما المجاهدون عشاق الشهادة فلا يسرون عندما يعودون سالمين من المعركة..

أما عوائل الشهداء فانهم عندما يسقط شهيدهم لا يُعزون به لأنهم يفتخرون بشهادته، فهم يتقبلون التبريكات بشهادته بدل التعزية, وهذا ما نشاهده في كل عوائل شهدائنا .. الذين يفتخرون بشهدائهم ويعتزون بهم ويعتبرونهم الفائزون الحقيقيون.

                                                            والحمد لله رب العالمين