الشيخ دعموش في المحاضرة الأسبوعية 8-12-2014: المجاهدون(الربيون) الذين يقاتلون على خط الأنبياء لا يصابون بالضعف أوالوهن أو الاستسلام وإنما يصبرون ويواصلون الطريق بكل ثبات وقوة.

[وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين , وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين] ـ آل عمران/ 146 ـ 147.

الربيون هم المجاهدون الذين وقفوا إلى جانب الأنبياء والرسل وقاتلوا معهم، لأن كل نبي من أنبياء الله واجه أعداءاً وقفوا ضده وضد رسالته، والصراع بين الإيمان والكفر وبين الهدى والضلال هو صراع قديم وجد مع أول نبي في مواجهة أول إمام من أئمة الكفر, واستمر هذا الصراع على امتداد حركة الأنبياء, وسيستمر حتى يتسلم راية التوحيد صاحب العصر والزمان (عج) فيملأ الأرض إيماناً وقسطاً وعدلاً حتى لا تبقى أرض إلا وينادى فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

إذن هذا الصراع لا يزال قائماً ولكن في زمن الأنبياء كان يأخذ شكلاً معيناً وفي هذه المرحلة يأخذ شكلاً آخر وإن كان جوهر الصراع واحداً.

اليوم أمتنا تواجه عدوين: الأول: العدو الصهيوني الذي احتل الأرض والمقدسات والثاني: العدو التكفيري الذي يستبيح دم الأبرياء باسم الاسلام ويقتل ويذبح ويدمر دول المنطقة.

وفي مواجهة هذين العدوين لا بد من وجود شريحة تواجه وتقاتل بإخلاص وصدق وتمنع الأعداء من تحقيق أهدافهم وبالتالي تحمي العباد والبلاد من شرورهم.. وهؤلاء هم الربيون الذين استجابوا لنداء الجهاد وانخرطوا في صفوف التعبئة الجهادية وتحملوا مسؤلياتهم في هذا الصراع مع كل الأنبياء عبر التاريخ.

وهؤلاء الربيون لهم مواصفات وخصائص وميزات.

منها: أنهم عندما يتعرضون للمصائب والآلام والعذابات في طريق الجهاد والمقاومة لا يصابون بالوهن والعجز وإنما يتحملون المصاعب والمشاق مهما كانت قاسية.

ففي ميادين الجهاد والمقاومة يواجه المجاهدون القتل والجرح والكثير من الصعوبات والظروف القاسية، كما أن المجتمع يواجه الكثير من المصائب والعذابات والآلام في ظروف الحرب فيعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، كما يعاني من الخراب وانتشار الأمراض وحالات الفقر والتهجير وفقدان الأحبة, الأمر الذي يؤدي إلى الكثير من المآسي والنتائج السلبية والضغوط النفسية.

ويمكن أن يتحمل الناس هذه الظروف القاسية بحدود معينة، ويصبرون عليها إلى مدة معينة، لكن إذا طالت الحرب وانتقل الناس والمجاهدون من أزمة إلى أزمة ومن مواجهة إلى مواجهة ومن معركة إلى معركة، فإنها قد تضعف الإرادات، ويبدأ الناس بالتأفف من الأوضاع ويشعرون بالتعب والملل وفقدان القدرة على الصمود والثبات في مواجهة العدو، وقد يؤدي ذلك إلى الخضوع والاستسلام للعدو.

لكن القرآن الكريم يصف المجاهدين (الربيون) الذين يقاتلون على خط الأنبياء بأنهم أقوياء في كل الظروف، فمهما كانت الظروف قاسية والأوضاع صعبة , ومهما كان حجم التضحيات التي يقدمونها كبيراً ,والآلام والمصائب التي يواجهونها قاسية, فإنهم لا يصابون بالضعف أو الوهن والعجز أو الاستسلام، وإنما يتحملون كل ذلك ويواصلون الطريق بكل ثبات وقوة.

يقول تعالى:(وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين)

فهؤلاء لم يضعفوا ولم يستسلموا بالرغم من كل ما أصابهم في سبيل الله وفي طريق الجهاد والمقاومة,وانما ثبتوا وصبروا ولذلك فإن الله أحبهم وأحاطهم برعايته ومنحهم هذا الوسام وهو الحب الإلهي الذي لا يُعطى الا للمجاهدين الذين صبروا في المواجهات وثبتوا على طريق الحق بالرغم من قسوة المعركة.

والصفة الثانية للربيون: هي أنهم دائماً يتطلعون الى رحمة الله وعفوه ويطلبون من الله المغفرة لذنوبهم وأخطائهم وهفواتهم , فالمجاهدون ليسوا معصومين , وهم بالرغم من روحيتهم العالية واستبسالهم في سبيل الله الا انهم بشر كبقية البشر قد تصدرمنهم أخطاء وهفوات ويقعون في الحرام والمعصية في لحظة ضعف أو أمام ضغوط الشهوات .. والفرق بين المجاهدين وغيرهم ان المجاهدين عندما يرتكبون سيئة او معصية يعودون الى الله ويطلبون منه العفو والمغفرة لذنوبهم واسرافهم في امرهم. وفي ذلك يقول تعالى: (وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا).

 

والحمد لله رب العالمين