الشيخ دعموش في المحاضرة الأسبوعية 1-12-2014: من يخالف التكاليف ولا يلتزم بها عاقبته الضعف أمام الأعداء.

من خصال المؤمنين الرساليين الالتزام بالتكاليف والقرارات والمسؤوليات التي يحددها الولي والتعبد بها من دون تردد أو سؤال عن فلسفتها والغاية منها.. تماماً كالتعبد بالواجبات والفرائض الإلهية العبادية وغيرها..

وعاقبة الالتزام بالتكاليف والتقيد بها أمور:

الأول: النصر، فإن الله ينصر من يلتزم بواجباته ويتحمل مسؤولياته ويؤيده ويسدده ويعينه على مواجهة الأعداء والتحديات. يقول تعالى: [إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم].

الثاني: العزة والرفعة والتمكين في الأرض يقول تعالى: )وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم( [الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة...].

الثالث: الوحدة والقوة، فإن امتثال الأوامر الصادرة عن الولي والالتزام بها باعتباره رأس الأمة وأساس وحدتها وقوتها, وضمان عدم ضياعها وتشتتها, يجعل الأمة موحدة نحو هدف واحد ومسار واحد وغاية واحدة هي ما يحدده الولي, وتصبح الأمة موحدة في كلمتها وفي صفوفها وفي أهدافها وغاياتها.

فالأمة التي تلتزم مسؤولياتها وتنصاع لأوامر وتوجيهات قائدها وولي أمرها الذي هو أدرى بمصالحها تصبح أمة موحدة وقوية في إطار الولاية فلا تتشتت ولا تنساق وراء أهوائها ونزواتها.

وفي المقابل فإن من يخالف التكاليف ولا يلتزم بها، أو يتراخى أمامها، ويتهاون فيها ولا يبالي بها، فإن عاقبته الضعف والوهن والعجز والمذلة, لأن النتيجة الحتمية للمخالفة هي الشعور بالذل والهوان والخوف والضعف أمام الأعداء, وهذا ما حصل مع جنود طالوت الذين خالفوا أوامره وتمردوا على قراره القاضي بعدم الشرب من النهر الذي ابتلاهم الله به، فشربوا ولم ينصاعوا لقراره , حيث إنهم شعروا بالضعف والوهن والعجز عندما رأوا جنود جالوت وقالوا: [لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده] بينما الشريحة التي التزمت قرار طالوت ولم تشرب شعرت بالقوة [ قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين, ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين].

وعلى هذا الأساس، فإن القوة الروحية يستمدها الإنسان من الطاعة والالتزام بالأوامر الإلهية والتفاعل معها، وبالمقابل فإن المعصية لله ومخالفة الأوامر الإلهية لا تجني سوى الخيبة والخزي والمذلة والخوف والوهن, ولذلك يقول الإمام زين العابدين (ع) في الدعاء:

(إلهي ألبستني الخطايا ثوب مذلتي، وجللني التباعد منك لباس مسكنتي، وأمات قلبي عظيم جنايتي).

فالخطايا والآثام تكسب الإنسان المذلة، والبعد عن الله والتمرد عليه يصيب الإنسان بالعجز والمسكنة، وارتكاب المحرمات والجنايات يميت قلب الإنسان وإذا مات قلب الإنسان مات فيه كل شيء..

إضافة إلى ذلك فإن عاقبة المعصية ونتيجتها الحتمية أيضاً هي أن الإنسان العاصي يصبح خائفاً من كل شيء على عكس الإنسان المطيع الذي يخاف منه كل شيء.

يقول الإمام الصادق (ع):

(من أخرجه الله من ذلّ المعاصي إلى عزّ التقوى أغناه الله بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء).

إذن المعصية والمخالفة تصنع بالإنسان كل هذا.. بينما الطاعة تمنح الإنسان شرفاً، والعبادة تكسب الإنسان عزة ورفعة. ولذلك يقول الإمام زين العابدين في مورد آخر: (فإن الشريف من شرفته طاعتك والعزيز من أعزته عبادتك).

 

                                                               والحمد لله رب العالمين