الشيخ دعموش في المحاضرة الاسبوعية 8-9-2014: يمكن للإنسان أن يصل إلى الله وأن ينال الرضوان من الله إذا داوم على فعل الواجبات وترك المحرمات والتزم بموجبات التقوى والطاعة الحقيقية لله سبحانه وتعالى.

شدد سماحة الشيخ علي دعموش في المحاضرة الأسبوعية: على أن هدف الإنسان المؤمن هو مرضاة الله والوصول إلى الرضوان الإلهي.وقال بأن الرضوان الإلهي لا يناله الإنسان إلا إذا حقق موجباته وشروطه

 ومن أهم موجباته:

أولاً: التقوى، وهي ملكة داخلية تدفع الإنسان نحو القيام بواجباته ومسؤولياته وما افترضه الله عليه والابتعاد عن معاصيه وما نهى عنه.

عن أمير المؤمنين (ع): وأوصاكم بالتقوى وجعلها منتهى رضاه وحاجته من خلقه. فالتقوى هي منتهى رضا الله سبحانه وكل ما يحتاجه ويريده من خلقه.

وعنه (ع) أيضاً: هيهات! لا يخدع الله عن جنته ولا تنال مرضاته إلا بطاعته .

فلا بد لمن أراد أن ينال رضا الله من أن يربي في شخصيته صفات المتقين وخصائصهم ويجسدها في سلوكه وعمله.

والتقوى لا تحتاج إلى فلسفة, وهي ليست بالأمر الذي لا يمكن أن يناله الإنسان أو يصعب الحصول عليه, بل إن كل إنسان يستطيع أن يمتلك صفة التقوى ويحولها إلى جزء من شخصيته, سواء كان صغيراً أو كبيراً ,عالماً أو جاهلاً , ذكراً أو أنثى,وجيهاً أو إنساناً عادياً.. كل الطبقات الاجتماعية والفئات العمرية يمكنها بالسعي والعمل والطاعة أن تحصل على ملكة التقوى.

ولكي يحصل الإنسان على التقوى فانه لا يحتاج إلى فعل المستحبات والقيام بالنوافل وإحياء الليل وصيام النهار.. التقوى لا تتوقف على أداء النوافل والمستحبات بحيث إن الإنسان إذا لم يأتِ بصلاة الليل أو ترك النوافل ولم يفعل المستحبات لا يكون تقياً، التقوى تتوقف على القيام بالتكليف الشرعي وترك المعصية.

ولذلك عندما سئل المرحوم آية الله الشيخ بهجت الذي كان على مستوى رفيع من العلم والعرفان عن أقصر الطرق للوصول إلى الله قال ببساطة: القيام بالواجبات وترك المحرمات..

بعض الناس يعتقد بأن الوصول إلى الله وإلى مقامات القرب الإلهي يتطلب من الإنسان أن يجهد نفسه وأن يتفرغ للعبادة، وأن لا يتخلف عن مستحب أو نافلة ,وأن يقوم الليل ويصوم بالنهار.. وهذا فهم خاطئ.. يمكن للإنسان أن يصل إلى الله وأن وأن ينال الرضوان من الله سبحانه وتعالى إذا داوم على فعل الواجبات وترك المحرمات، والتزم بموجبات ومستلزمات التقوى والطاعة الحقيقية لله سبحانه وتعالى..

وأهم موجبات ومستلزمات التقوى السعي والعمل والاجتهاد في الطاعة, فالتقوى التي ينال الإنسان من خلالها رضا الله لا تحصل بدون العمل والسعي وبذل الجهد, التقوى لا تُنال بالمجان وبلا ثمن وبلا سعي وجهد من الإنسان، بل لا بد من العمل والطاعة وهذا ما صرح به القرآن الكريم بقوله تعالى: [وأن ليس للإنسان إلا ما سعى] وقوله تعالى: [فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره].

ثانياً: الاستغفار والتواضع والصدقة، فإن كل هذه الأمور هي من موجبات رضا الله سبحانه فعن الإمام أمير المؤمنين  (ع): ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله: كثرة الاستغفار, وخفض الجانب، وكثرة الصدقة.

ثالثاً: التمرد على النفس والبدن ومخالفتهما وإغضابهما وعدم الانسياق مع أهوائهما وشهواتهما ورغباتهما، لأن من أعطى نفسه ما تشتهيه وأرضاها كيفما كان واستجاب لرغباتها قادته إلى المعصية, والمعصية بدورها تقود إلى غضب الله وسخطه.

فعن أمير المؤمنين (ع): من اسخط بدنه أرضى ربه,ومن لم يسخط بدنه عصى ربه.

وقال لقمان لابنه: يا بني من يرد رضوان الله يسخط نفسه كثيرا,ومن لا يسخط نفسه لا يرضي ربه.

ولذلك لا بد من الانتباه إلى النفس وأهوائها حتى لا يقع الإنسان أسيراً وعبداً لها تسيطر على تصرفاته وممارساته ويصبح الإنسان خاضعاً لها. فإن النفس الإنسانية ترغب بالسوء وتأمر به فإذا لم يكن الإنسان صاحب إرادة قوية فانها تسلك به مسالك المهالك, كما قال الإمام زين العابدين وهو يصف النفس: إلهي إليك أشكو نفساً بالسوء أمّارة، وإلى الخطيئة مبادرة وبمعاصيك مولعة ولسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرة العلل طويلة الأمل إن مسها الشر تجزع وإن مسها الخير تمنع ميّالة إلى اللعب واللهو، مملوءة بالغفلة والسهو تسرع بي إلى الحوبة وتسوفني التوبة.

هذه النفس التي لها هذه المواصفات يمكن أن تسرع بالإنسان إلى الانحراف وتدفعه نحو ممارسة الاحتيال والمراوغة والسرقة والتملص من دفع الحقوق المتوجبة تجاه الآخرين.

بعض الناس يقصر في أداء حقوق الآخرين ويخون الأمانة، ويستخف بحرمات الناس وكراماتهم بحجج واهية وأعذار غير مقبولة كضغط العمل، وكثرة الانشغالات.. وكثرة الأعباء المعيشية وغير ذلك.

هذه النفس يمكن أن تجعل حتى الذين يرتادون المساجد للعبادة يمارسون في المساجد ما يتنافى مع آدابه وحرمته وقدسيته, فيكثرون من مجالس اللهو واللغو والكلام غير النافع في المسجد, أو أنهم يرفعون أصواتهم فيه بما يؤدي إلى التشويش على المصلين وعلى الجماعة القائمة في المسجد وهذه أمور قد تجر إلى الحرام فيما لو آذت المصلين وأثرت على الجماعة.

لذلك كله علينا ان نراقب انفسنا لنعمل على خلاف اهوائها ومشتهياتها إن كنا نطمح لنيل رضوان الله ورحمته .

 

والحمد لله رب العالمين