الشيخ دعموش في المحاضرة الأسبوعية14-7-2014: القرآن الكريم خصص المجاهدين والمهاجرين في سبيل الله بامتيازات وألطاف وعطاءات لم يمنحها لأحد من المؤمنين العاملين,وأراد لنا أن نتعامل معهم بطريقة خاصة تنسجم مع مكانتهم ودرجتهم ومنزلتهم عنده سبحانه .

للمجاهدين في سبيل الله مكانة خاصة عند الله سبحانه تختلف عن مكانة سائر الناس العاملين ، وذلك لأنهم يقومون بعمل عظيم وهو الجهاد في سبيل الله، فيبذلون أنفسهم ومُهجهم في الدفاع عن الدين والأوطان والمستضعفين،

 ويُبدون استعداداً للعطاء والتضحية بكل سيء في سبيل ذلك.. ولذلك عندما نعود إلى القرآن نجد أن القرآن الكريم خصص المجاهدين والمهاجرين في سبيل الله بامتيازات وألطاف وعطاءات لم يمنحها لأحد من المؤمنين العاملين.

فقد جعل لهم درجة عظيمة عند الله ومن الفائزين في الدنيا والآخرة:

قال تعالى: [الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون , يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم , خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجر عظيم] ـ التوبة / 20 ـ 22.

وجعلهم أولياء لبعضهم البعض, ينصر بعضهم بعضاً ويساند بعضهم بعضاً:

[إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض] ـ الأنفال/ 72.

وهم الصادقون الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه..

[إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون] ـ الحجرات/ 15.

وأفاض عليهم بالرحمة والمغفرة والرزق والعطاء الكريم:

قال تعالى: [إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم] ـ البقرة/ 218.

وقال تعالى: [والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنين حقاً لهم مغفرة ورزق كريم] ـ الأنفال/ 74.

ومنحهم أجراً وثواباً عظيماً:

قال تعالى: [ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراًعظيماً].

وقال تعالى: [فضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً].

ومنحهم هداية خاصة للوصول إلى مقامات القرب لديه تعالى:

قال تعالى: [والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين] ـ العنكبوت/ 69.

والخلاصة: إن الله جعل للمجاهدين أجراً عظيماً ودرجة عظيمة وفضلاً عظيماً ومنحهم الكثير من المزايا والألطاف التي يستحقونها لأنهم تحملوا مسؤولياتهم الجهادية تجاه دينهم وأمتهم.

ولذلك فقد أراد الله لنا أن نتعاطى ونتعامل مع المجاهدين بطريقة خاصة تنسجم مع مكانتهم ودرجتهم ومنزلتهم عنده سبحانه وتعالى، أن نتعامل معهم بأسلوب يختلف عن أسلوب تعاملنا مع سائر الناس، فكيف يكون ذلك؟

أولاً: يجب علينا أن نحفظ المجاهدين في سمعتهم وكرامتهم وشرفهم وأموالهم وأعراضهم , وأن نراعي حرمتهم فلا نؤذيهم في أنفسهم أو في سمعتهم وكرامتهم بأن لا نغتابهم ولا نذكر عيوبهم وسلبياتهم ولا نفضح أسرارهم.. فأذية المؤمن واغتيابه من الكبائر فكيف إذا كان المؤمن مجاهداً ومن الذين يبذلون أنفسهم في سبيل الله.

فعن رسول الله (ص): من اغتاب غازياً أو آذاه أو خلفه في أهله بخلافة سوء نصب له يوم القيامة علم، فيستفرغ حسابه ويركم في النار.

وعنه (ص): اتقوا أذى المجاهدين في سبيل الله، فإن الله يغضب لهم كما يغضب للرسل، ويستجيب لهم كما يستجيب للرسل.

وفي الحديث إشارة هامة إلى درجة ومكانة المجاهدين عند الله حيث نزّلهم منزلة الرسل, بحيث إن الله يغضب لهم وينتقم ممن آذاهم كما يغضب لأنبياءه ورسله.

فمن كان لديه عذر ولم يُوفق للجهاد في سبيل الله وتحمل مسؤولياته في الدفاع عن وطنه وأهله وشعبه، فعلى الأقل ليحفظ المجاهدين وليتجنب آذاهم ولا يسيء إليهم ولا يعيق طريقهم ولا يثبط عزائمهم وإراداتهم , وإلا فسيكون قد عرض نفسه لغضب الله وسخطه.

وثانياً: ينبغي إعانة المجاهدين ودعمهم وتجهيزهم والجهاد بالمال والسلاح والعتاد..

والجهاد بالمال هو طريق من طرق الجهاد فتحه الله لمن لا يستطيع الجهاد بنفسه أو الخدمة في ساحة المعركة، حتى لا يُستثنى أحد من أبناء الأمة من الجهاد في سبيل الله ولا يُحرم أحد من ثواب الجهاد وأجره وفضله.

فمن لم يستطع أن يحضر في ساحات القتال ويجاهد بنفسه فليكن جهاده بماله، فيعين به المجاهدين، ويساهم من خلاله في تجهيزهم وتسليحهم وإمدادهم بأسباب القوة .

فعن رسول الله (ص): من جهز غازياً بسلك أو إبرة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

وقد أثنى الله على المجاهدين بأموالهم كما أثنى على المجاهدين بأنفسهم في الكثير من الآيات، وإن كان قد جعل للمجاهد بنفسه مرتبة ودرجة وفضيلة أسمى وأعلى من مرتبة ودرجة المجاهد بماله حيث قال تعالى: [وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً] ـ النساء/ 95.

وثالثاً: المرابطة في سبيل الله وحماية الجبهات الخلفية والثغور والحدود وحماية ظهر المجاهدين هي من مفردات إعانة المجاهدين وباب آخر من أبواب الجهاد في سبيل الله.

 قال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون] ـ آل عمران/ 200.

وعن رسول الله (ص): رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها.

وعنه (ص): رباط يوم خير من صيام شهر وقيامه.

 

والحمدلله رب العالمين