الشيخ دعموش في المحاضرة الأسبوعية 2/6/2014 : علاقة المؤمن باخوانه المؤمنين ينبغي أن تكون على أساس الرحمة واللين والتواضع.

شدد سماحة الشيخ علي دعموش في المحاضرة الأسبوعية 2/6/2014 : على أن صفة الرحمة ينبغي أن تكون هي الصفة اللازمة للمؤمن في تعامله مع الآخرين وأن هذه الصفة إنما يستمدها المؤمن من صفتي الرحمن الرحيم اللتين هما من صفات الخالق سبحانه وتعالى

باعتبار أن المؤمن يتخلق بأخلاق الله سبحانه، فيحاول أن يقترب من صفاته وأخلاقه سبحانه ليكون رحماناً ورحيماً بالمؤمنين.

وقال: إن المؤمن عندما يكون رحيماً وشفيقاً بالمؤمنين فإن الله سبحانه سيرحمه كما أن المؤمنين سيرحمونه ويتعاملون معه بنفس الرحمة والشفقة والرأفة ولذلك فإن من أراد أن تشمله الرحمة الإلهية عليه أن يرحم المؤمنين.

يقول علي (ع): (ارحم من دونك يرحمك من فوقك، وقس سهوه بسهوك، ومعصيته لك بمعصيتك لربك ،وفقره إلى رحمتك بفقرك إلى رحمة ربك).

فالإنسان عندما يرحم من دونه من أولاده أو زوجته أو عامله أو خادمه أو غيره من الناس , ويتعامل معهم باللين ويحتضنهم ويحيطهم برعايته وحنانه فإن الله وكل من هو فوقه سيرحمه ويتعامل معه بشفقة ورأفة .

وعندما يخطىء أحد بحقك ويسهو ويسيء إليك فتذكر أنك قد تخطئ أيضا بحق الآخرين وتسهو وتسيء إليهم ، فلا تنفعل ولا تغضب ولا  تصدر منك ردة فعل غير مناسبة، لا تبادله الخطأ بخطأ مماثل ولا الإساءة بإساءة مماثلة، بل تذكر إنك قد تخطئ وتسيء أيضاً وكما انك لا تحب أن يعاملك الآخرون بقسوة وشدة على إساءتك لهم فلا تعامل من أساء إليك أو أخطأ بحقك بنفس الأسلوب، بل عامله بالعفو والرحمة والتسامح لأنه لا أحد معصوم عن الخطأ والزلل.

وإذا عصى أحد لك أمراً وتمرد عليك فتذكر معصيتك لربك وتمردك عليه فاعفو واصفح كما تحب أن يغفر الله لك معصيتك ويعفو عنك، وتذكر أن حاجة من أساء إليك إلى رحمتك كحاجتك إلى رحمة ربك عندما تسيء إليه.

فقد روي أن رجلاً قال للنبي (ص): أحب أن يرحمني ربي، فقال النبي (ص): ارحم نفسك وارحم خلق الله يرحمك الله.

وفي المقابل من لا يرحم المؤمنين فإن الله يسلب الرحمة الإلهية عنه.

فعن النبي (ص): من لم يَرحم لا يُرحم.

وعنه(ص): من لا يرحم من في الارض لا يرحمه من في السماء.

وكنموذج للتعاطي برحمة مع الناس وخاصة مع المسيئين ممن هم دونك ما جسّده مالك الأشتر صاحب أمير المؤمنين (ع) وقائد جيشه وأبرز رجاله الذين امتازوا بالشجاعة والشدة في مواجهة الطغاة والظالمين.. فقد سخر منه أحد الجاهلين ذات مرة وهو يمر في السوق فرماه ببندقة مستخفاً به، فمضى مالك ولم يلتفت إليه، وقيل للرجل: ويلك أتدري من رميت؟ فقال: لا، فقيل له: هذا مالك الأشتر صاحب أمير المؤمنين (ع) فارتعد الرجل ومضى إليه ليعتذر منه، فرآه وقد دخل المسجد وهو قائم يصلي، فلما انتهى من صلاته انكب الرجل على قدميه يقبلهما، وقال له: اعتذر إليك مما صنعت, فقال مالك: لا بأس عليك فوالله ما دخلت المسجد إلا لأستغفر لك.

هذا المستوى من الرحمة والتسامح هو الذي يجب أن يحكم علاقاتنا فيما بيننا.

إن علاقة المؤمن باخوانه المؤمنين ينبغي أن تكون على أساس الرحمة واللين والتواضع والعفو والتسامح وتجاوز الأخطاء والإساءات، لا الجفاء والقسوة والشدة والغلظة، والفظاظة والخشونة.. وهذا ما أكد عليه النبي (ص) وأئمة أهل البيت (ع) في كثير من الأحاديث والنصوص الواردة عنهم.

وثمة حقوق للمؤمنين على بعضهم ينبغي مراعاتها والالتفات إليها والقيام بها وإلا خرج المؤمن من ولاية الله وطاعته.

وهذه الحقوق هي ما ذكرها الإمام الصادق (ع) للمعلى بن خنيس عندما سأله: ما حق المؤمن على المؤمن؟ فقال (ع): إني عليك شفيق أخاف أن تعلم ولا تعمل، وتضيّع ولا تحفظ, فقال المعلى: لا حول ولا قوة إلا بالله!

فقال الإمام (ع): للمؤمن على المؤمن سبع حقوق واجبات ليس منها حق إلا واجب على أخيه، إن ضيّع منها حقاً أخرج من ولاية الله وطاعته ولم يكن له فيها نصيب:

أيسر حق منها: أن تحب له ما تحب لنفسك وأن تكره له ما تكره لنفسك.

والثاني: أن تعينه بنفسك، ومالك، ولسانك، ويدك، ورجلك.

والثالث: أن تتّبع رضاه، وتجتنب سخطه، وتطيع أمره.

والرابع: أن تكون عينه ودليله ومرآته.

والخامس: أن لا تشبع ويجوع, وتروى ويظمأ، وتلبس ويعرى.

والسادس: إن كان لك خادم وليس له خادم ولك امرأة تقوم عليك، وليس له امرأة تقوم عليه، أن تبعث خادمك يغسل ثيابه ويصنع طعامه، ويمهد فراشه.

والسابع: أن تبرّ قسمه، وتعود مريضه، وتشهد جنازته، وإن كانت له حاجة فبادر إليها مبادرة، ولا تكلّفه أن يسألك، فإذا فعلت ذلك وصلت بولايتك ولايته وولايته بولايتك.

والحمد لله رب العالمين