الشيخ دعموش في المحاضرة الأسبوعية 19/5/2014م : على المؤمن عندما يشعر بالتكبر أن يبادر إلى معالجة ذلك لئلا يقع في الحرام ويتسبب في إهانة الناس.

لفت سماحة الشيخ علي دعموش في المحاضرة الأسبوعية 19/5/2014م إلى أن القرآن الكريم صرح بعدم محبة الله لمن كان مختالاً فخوراً في العديد من الآيات:1 ـ ففي الآية 36 من سورة النساء يقول تعالى: [واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً

 

 وبذي القربى والجار الجنب والجار بالجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً].

2 ـ وفي الآية 22 من سورة الحديد: [لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور].

3 ـ وفي الآية 18 من سورة لقمان: [ولا تصعّر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور].

وقال: نحن أمام كلمتين ومفهومين: مختال، وفخور، فما هو المقصود بهما؟

المختال: من الخيلاء وهو الكبر والتكبر تقول: اختال فهو ذو خيلاء اي ذو كبر، والتعبير بالمختال عن المتكبر قد يكون باعتبار أن المتكبر يتخيل ويتوهم انه أفضل من الناس وأحسن من الناس وفوق الآخرين.

والكبر والتكبر هو التعالي على الآخرين بأن يرى الإنسان نفسه أفضل وأعظم من الآخرين، بحيث يشعر بانتفاخ شخصيته إلى الحد الذي لا يعود يعبّر الآخرين..

ومصدر التكبر والدافع له والباعث عليه هو العجب بالنفس والغرور بالنفس، فإذا أُعجب الإنسان بنفسه ، بجماله أو بعلمه أو بماله أو بموقعه أو بمكانته الاجتماعية أو بشيء يتعلق به، استعظم نفسه واعتبرها فوق الغير.

والتكبر آفة أخلاقية وسلوكية كبيرة تحجز الإنسان وتمنعه عن التواضع وضبط النفس وقبول النصح .. وهو من جهة أخرى صفة تدفع بالمتكبر إلى ممارسة بعض الأعمال أو إطلاق بعض الأقوال والمواقف التي توجب تحقير الآخرين والازدراء بهم وإهانتهم والنيل من كرامتهم..

فالمتكبر عندما يشعر بانتفاخ شخصيته والتعالي على الآخرين يدفعه ذلك إلى الترفع عن معاشرة الناس ومجالستهم وحتى التسليم عليهم، لأنه ينتظر من الآخرين أن يسلموا عليه ، بل قد يدفعه ذلك إلى عدم الالتفات إلى الآخرين أثناء مخاطبتهم والحوار معهم، والتقدم عليهم في المحافل والمجالس ، ورفض النصح والتوجيه والإرشاد أو النقد والتنبيه منهم ، لأنه يرى نفسه أنه فوق أن يوجه إليه فلان أو فلان النصح أو النقد أو ما إلى ذلك.

على الإنسان المؤمن عندما يشعر بالتكبر أن يبادر إلى معالجة ذلك فوراً لئلا يقع في الحرام ويتسبب في إهانة الناس وأذيتهم..

وعلاج الكبر يكون بالتواضع لله وسائر الناس والتحلي بأخلاق وسلوك ومزايا وصفات المتواضعين والتي في مقدمها: قبول النصح والنقد من الآخرين، وتقديم من هم بمستواه على نفسه في المجالس والمحافل والمناسبات الاجتماعية، ومعاشرة ومجالسة حتى من هو دونه في المال أو الجاه أو المسؤولية أو المكانة الاجتماعية ، وعدم الاستنكاف عن الانخراط في حياة اجتماعية مع البسطاء والناس العاديين تحكمها القيم والضوابط الأخلاقية والإنسانية.

وأما الفخور: فهو من الفخر وهو المباهاة والتفاخر بالمال أو الجاه أو النسب أو العلم أو ما شاكل ذلك..

والمفاخرة قد تكون محرمة وقد لا تكون محرمة، لأنه قد يتفاخر الإنسان بفضائله بطريقة توجب الانتقاص من الآخرين ونفي الفضيلة عنهم والحط من كرامتهم، كما لو تفاخر الإنسان بماله وانتقص ممن لا مال له، أو تفاخر بنسبه أو موقعه واحتقر من لا موقع له أو حطّ من كرامة من لا نسب له.. فإن هذا النوع من المفاخرة محرم لأنه يؤدي إلى إهانة الآخرين واحتقارهم..

أما إذا لم تستلزم المفاخرة الانتقاص من الآخرين ولم تمس كرامة الآخرين، وإنما أراد من المفاخرة إثبات فضائل لنفسه من دون التعريض بأحد أو المساس بكرامة أحد فإنه لا حرمة لهذا النوع من المفاخرة من الناحية الشرعية، إلا أنه من الناحية الأخلاقية على الإنسان أن يبتعد حتى عن هذا النوع من المفاخرة لأنها ليست من سمات المؤمن.

روي عن أحد أصحاب الإمام الرضا (ع) واسمه أحمد البزنطي قال: قلت للإمام (ع): يا ابن رسول الله أشتهي أن تدعوني إلى دارك في أوقات تعلم أنه لا مفسدة لنا من الدخول عليكم من أيدي الأعداء، قال: ثم (إنه) بعث إليّ مركوباً في آخر يوم فخرجت وصلّيت معه العشائين، وقعد يملي عليّ العلوم ابتداء وأسأله فيجيبني إلى أن مضى كثير من الليل، ثم قال للغلام: هات الثياب التي أنام فيها لينام أحمد البزنطي فيها قال: فخطر ببالي: ليس في الدنيا من هو أحسن حالاً مني، بعث الإمام مركوبه إليّ وجاء وقعد إليّ ثم أمر لي بهذا الإكرام، وكان قد اتكأ على يديه لينهض فجلس وقال: يا أحمد لا تفخر على أصحابك بذلك، فإن صعصعة بن صوحان مرض فعاده أمير المؤمنين (ع) وأكرمه ووضع يده على جبهته، وجعل يلاطفه، فلما أراد النهوض قال: يا صعصعة لا تفخر على إخوانك بما فعلت، فإني إنما فعلت جميع ذلك لأنه كان تكليفاً لي".

 إن أهل البيت (ع) كانوا يتعاملون مع أصحابهم وأتباعهم بأخلاقهم العالية وآدابهم الرفيعة التي هي أخلاق رسول الله (ص) وأخلاق الإسلام، فإذا أكرموا أحداً أو تعاملوا مع أحد باحترام وتقدير فإنما يتعاملون بذلك من موقع أخلاقهم المحمدية الأصيلة فلا ينبغي للانسان الذي يكون موضع تكريم وتقدير عزيز او وجيه او زعيم او صاحب شأن ومقام ان يصيبه الغرور ويتفاخر بذلك على الاخرين لان التفاخر كما الخيلاء يجعلنا في عداد من لا يحبهم الله ونحن نريد ان نكون في عداد من يحبهم الله ويرضى عنهم ، والله يحب المتواضعين.

والحمد لله رب العالمين