الشيخ دعموش في المحاضرة الأسبوعية: المفسدون والتكفيريون لا مكان لهم بيننا ولا يجوز أن نصنع لهم بيئة حاضنة في مجتمعنا.

تابع سماحة الشيخ علي دعموش في المحاضرة الأسبوعية بتاريخ 28/4/2014م الحديث عن أصناف الناس الذين لا يحبهم الله فذكر منهم المفسدين. وقال: إن الله صرح بعدم محبته للمفسدين في آيتين في القرآن الكريم الأولى: الآية 64 من سورة المائدة حينما تحدث عن دور اليهود التخريبي

 فقال تعالى: [وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيراً منهم ما أُنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين].

الثانية: الآية 77 من سورة القصص حينما وجه الإنسان نحو الاستقامة والاحسان ونهاه عن طلب الفساد فقال تعالى: [وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين].

واعتبر : أن الله سبحانه لا يحب المفسدين ليس لأنه لا تعجبه أنسابهم وأحسابهم وأشكالهم وذواتهم بل لأنه لا تعجبه أفعالهم وأعمالهم وأخلاقهم وما يصدر عنهم من الفساد والإفساد والمنكر، فهو لا يحبهم لأنه لا يحب الفساد الذي يصدر منهم.. وقد أشار الله سبحانه إلى عدم محبته للفساد بقوله تعالى: [ وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد] البقرة / 205.

والفساد هو نقيض الإصلاح والمفسدون يتحركون دائماً في مقابل المصلحين..

والمصلحون من الأنبياء والرسل والأولياء والشهداء والصالحون على مرّ التاريخ كانوا يساهمون في إعمار الأرض وإصلاحها وهداية الناس وإحياء القيم الأخلاقية والإنسانية، وكان المفسدون طوال التاريخ أيضاً في مواجهة حركة الأنبياء والمرسلين يعملون على الإفساد في الأرض وإضلال الناس وإشاعة المنكرات ويمارسون الفساد والإفساد بكل اشكاله ومظاهره .

يقول تعالى: [ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها] ـ الاعراف 65.

ولعل من أبرز صور وأشكال الإفساد في الأرض: الإفساد الديني والأخلاقي والاجتماعي والسياسي والأمني وغيره.

أما الإفساد الديني: فيتمثل بالشرك بالله والكفر بالله والدعوة إلى طاعة غير الله، وإبعاد الناس عن دين الله ، وإفساد عقولهم بالشبهات والانحرافات العقيدية والفكرية، من أجل إضلالهم وإضعاف إيمانهم وارتباطهم بالله ورسوله والقرآن، ونشر البدع وإدخال أفكار في الدين هي ليست منه.

 وقد مارس المفسدون وغيرهم هذا الدور الإفسادي في الدين في كل المراحل التي دعى فيها أنبياء الله الناس إلى الهداية ودين الله، واليوم تحاول الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وأدواتهم غزو عقول المسلمين بالثقافات والأفكار الضالة ودفع بعض أدواتهم كالتكفيريين إلى ممارسات تسيء إلى الإسلام وتشوه صورته النقية..

وأما الإفساد الأخلاقي: فيتمثل بنشر المنكرات في المجتمع وإشاعة الفاحشة والدعوة إليها من خلال تسهيل الدعارة وترويج المخدرات وإفساد الشباب والفتيات أخلاقياً وسلوكياً.

وأما الإفساد الاجتماعي والسياسي: فيتمثل بتخريب علاقات أفراد المجتمع فيما بينهم، ومحاولة إشغال الفتنة بين الناس ، والسعي لإيجاد الفرقة خصوصاً بين أتباع المذاهب الإسلامية ولا سيما بين السنّة والشيعة ، من أجل شرذمة المسلمين وإضعافهم واستهلاك قدراتهم وطاقاتهم في الصراعات الداخلية، لتسهيل السيطرة على بلادهم بعد تدميرها وتخريبها وتفتيتها ، وجعلها دولاً متناحرة متقاتلة لتبقى إسرائيل قوية في هذه المنطقة.

وأما الإفساد الأمني: فيتمثل في ترويع الناس وإخافتهم وإرهاب الآمنين وإشهار السلاح عليهم، وزعزعة الأمن وضرب الاستقرار، وقتل الناس الأبرياء، ونشر الخراب والدمار والفوضى في المجتمع .. كل هذا إفساد في الأرض، وهذا ما تمارسه الجماعات التكفيرية حيث تفجر وتقتل المسلمين الأبرياء حتى وهم في دور العبادة من دون أن تراعي حرمة لمسلم ولا لمقدس ولا لشيخ أو امرأة أو طفل...

وقد قال رسول الله (ص) : (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً) فكيف بمن يقتل المسلمين وفي ذلك يقول رسول الله (ص): ( لزوال الدنيا أهون عليَّ من قتل مسلم ).

إن ما يفعله التكفيريون من قتل وتدمير وتفجير وتخريب في دول هذه المنطقة وبحق الأبرياء هو من أبرز مظاهر الإفساد في الأرض.

وقد توعد الله المفسدين بالجزاء العادل والعقاب الصارم فقال تعالى: [إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتَّلوا أو يصلّبوا أو تقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم] ـ المائدة/ 33.

وهذا يعني أن المفسدين والتكفيريين لا مكان لهم بيننا ولا يجوز أن نصنع لهم بيئة حاضنة في مجتمعنا ومنطقتنا، لا ينبغي لأحد أن يمكّنهم من أن يبقوا بيننا بل يجب أن ينفوا ويطردوا من بلادنا ومنطقتنا ، لكي نجنب بلادنا المزيد من الإفساد والقتل والخراب والتدمير والفوضى، ولكي يأمن الناس على حياتهم ومستقبلهم.

 

والحمد لله رب العالمين