الشيخ دعموش في المحاضرة الاسبوعية:الاسلام نهى عن الإسراف في القتل ورفض منطق الثأر العشوائي خارج الأطر القضائية الشرعية.

لفت سماحة الشيخ علي دعموش خلال المحاضرة الأسبوعية بتاريخ 21/4/2014 إلى أن القرآن عدًّ المسرفين من جملة الأصناف الذين لا يحبهم الله ، حيث ذكر في آيتين أنه لا يحب المسرفين:

الأولى: الآية 114 من سورة الأنعام: ( وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أكله والزيتون والرمان متشابهاً كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين).

الثانية: الآية 31 من سورة الأعراف [يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين].

لافتاً : إلى أن الإسراف هو تجاوز حد الاعتدال أو الحد المشروع في استعمال النعم.

وقال: إن الله أراد من الناس أن يتعاملوا مع النعم الإلهية بتوازن وفي إطار الحد المشروع والمعقول والمعتدل الذي لا يبدد النعم أو يهدرها فيما لا فائدة منه، أو يتجاوز ما شرعه الله فيها.

 وأضاف: ان الهداية نعمة من الله وكذلك الطاعة فضلاً عن سائر النعم المباحة، والإسراف قد يكون بفعل الشرك والكفر بما أنزل الله ورفض نعمة الهداية وتكذيب  الأنبياء والرسل، وقد يكون برفض نعمة الطاعة والاستغراق في المحرمات والمعاصي ، وقد يكون بالخروج عن حد الاعتدال في فعل الامور المباحة والجائزة. اما الإسراف في الشرك والكفر فهو التمادي في رفض آيات الله وتكذيب الرسل وما جاءوا به ، والتمادي في الطغيان والتمرد على الله ورفض الهداية من عند الله. يقول تعالى: [وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى] ـ طه 177.

وقوله تعالى: [إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب].

وقد ذكر القرآن نماذج عديدة عن المسرفين في الطغيان والاستكبار حتى لا يبقى الحديث عنهم نظرياً، منهم فرعون [وإن فرعون لعال في الأرض وانه لمن المسرفين]. ومنهم قوم لوط وقوم صالح وبنو إسرائيل وكفار قريش وغيرهم.

وأما المسرفون في المعاصي والشهوات واتباع الأهواء فهم الذين يصرون على ارتكاب الذنوب والمعاصي والاستغراق في شهواتهم من دون العودة إلى الله والتوبة وتطهير النفس من السيئات ، وحتى هؤلاء قد منحهم الله فرصة أن يعودوا ويتوبوا ولا ييأسوا ولا يفقدوا الأمل من رحمة الله [قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم].

وأما المسرفون فيما أباحه الله فهم الذين يستعملون النعم المباحة بما يتجاوز حد الاعتدال ويستخدمونها بما يفوق حاجاتهم الطبيعية كالإسراف في الطعام والشراب واللباس والأثاث والماء والكهرباء وغير ذلك مما نقع فيه كثيراً في حياتنا الفردية والاجتماعية.

فنحن نشهد في مجتمعاتنا الكثير من حالات الإسراف في الحفلات والأعراس والولائم وموائد الإفطار وغير ذلك ،والبعض ممن أنعم الله عليهم بنعمة المال يضع على موائده أصناف الطعام والشراب بما يزيد عن الحاجة بأضعاف مما يتسبب بهدر أكثر من نصف الطعام والشراب وتعريضه للتلف.. وهذا إسراف وفعل من أفعال المسرفين.

وفي اللباس ترى بعضنا يكدس البدلات والفساتين والأحذية والملابس في خزانته بما يفوق حاجته بكثير، مما يؤدي في كثير من الحالات بعد فترة من الزمن إلى عدم ملائمة هذه الملابس لأجسادهم ورميها في القمامة.

ويقع الإسراف في اثاث المنزل عندما يغير البعض كل سنة أثاث منزله بسبب تغيير الموديلات وغير ذلك.

بل يقع الإسراف حتى في الماء والكهرباء عندما نسيء استخدام هذه النعم بما يؤدي إلى هدر الماء والإسراف في استعمال الكهرباء زيادة عن الحاجة.

ولذلك يقول تعالى: [والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً].

فعندم يريد ان ينفق الانسان على حاجاته فلينفق باعتدال وعلى قدر الحاجة فلا يسرف ولا يقتر بل يتبع الطريق الوسط بينهما ، لأن الإسراف يكون بتجاوز الحد في الإنفاق وصرف الأموال، والاقتار يكون بالتقصير عما لا بد منه من الإنفاق، والقوام هو الوسط بين الإسراف والتقتير، وهو ما يجب أن نفعله ونراعيه.

وأشار الشيخ دعموش: إلى أن الإسراف قد يكون في القتل وذلك عندما يتمادى الناس في قتل غير القاتل، كأن يقتلوا من أقرباء القاتل أو من عائلته أو من أصحابه، كما يحصل في بعض مجتمعاتنا العشائرية حيث يقوم البعض بالثأر للمقتول خارج الحدود المشروعة، فيقابل الجريمة بجريمة أبشع منها وذلك عندما يُقدم ولي الدم على قتل غير القاتل أو عندما يقتل مقابل الواحد الاثنين أو الثلاثة.

وقد نهى الله عن الإسراف في القتل، ورفض منطق الثأر العشوائي خارج الأطر القضائية الشرعية فقال تعالى: [ومن قُتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً].

والحمد لله رب العالمين