كلمة خلال حفل توزيع جوائز مسابقة ليتفقهوا التي نظمتها وحدة الأنشطة الثقافية في مجمع السيدة زينب 28-12-2017

بداية نتوجه بالشكر والتبريك لكل الذين اشتركوا في هذه المسابقة التي تساهم في معرفة احكام الله والتفقه في الدين كما نشكر كل الوحدات والمؤسسات التي شجعت العاملين فيها على المشاركة في هذه المسابقة ونشكر جمعية اغلمعارف ووحدة الأنشطة الثقافية المركزية والعاملين فيها على تنظيم هذه المسلبقة المفيدة .

 يتزامن حفل توزيع جوائز هذه المسابقة مع الذكرى العطرة لولادة الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت (ع) وهو الإمام الحسن العسكري الذي كانت وولادته في 8 شهر ربيع الثاني سنة 242هـ  وكانت شهادته في 8 ربيع الاول سنة 242 هـ وبذلك يكون قد استشهد وهو ابن ثمان وعشرين سنة، وبالرغم من قصر عمره الشريف الا انه كان حافلا بالعطاء والجهاد والمواقف الكبيرة والأدوار الرسالية العظيمة.

لقد قام الإمام (ع) بأدوار ساهمت في الحفاظ على الإسلام ومفاهيمه, ويمكن تلخيص هذه الأدوار بخمسة  أدوار بارزة و أساسية هي:

أولاً: تعريف خواص الشيعة على الإمام من بعده والنص عليه فقد كانت السلطات تترقب ولادة الامام المهدي(ع) لإغتياله والقضاء عليه, لأنهم كانوا قد سمعوا بأنه سيقضي على الطغاة والمستكبرين والظالمين، ولذلك فإن الإمام العسكري(ع) كان دوره التعريف بالإمام ولكن بحذر لكي لا يتم تعريضه للخطر, ولذا فان الإمام (ع) لم يعلن عن ولادته ولم يعرفه إلا للخواص من أصحابه وشيعته.  

 

ثانياً: التأكيد على الصبر وانتظار الفرج.

ثالثاً: التحذير من الشك والضعف في الإيمان واليقين بلإمام المهدي (ع) نتيجة طول الغيبة والإنتظار

 

رابعاً: التمهيد العملي لغيبة الإمام من خلال تنصيب الوكلاء والممثلين وربط الناس بهم, ليعتادوا على التواصل غير المباشر بالإمام المعصوم(ع) تمهيداً لغيبة الإمام والتواصل معه عبر السفراء والوكلاء.

 

خامساً: ربط الناس بالفقهاء في مرحلة الغيبة والرجوع إليهم لمعرفة الأحكام والتشريعات ولحل المشكلات.

فعنه (ع): فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعًا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه.

وبهذا النص وجب على عموم المؤمنين العودة في أحكام دينهم الى المرجع الأعلم العارف التقي العادل الزاهد ليقلدوه ويأخذوا عنه أحكام الدين.

أما رسالته ووصيته إلى شيعة: فقد شدد الإمام العسكري (ع) كآبائه وأجداده(ع) على أن يكون شيعتهم وأتباعهم النموذج الأمثل والأسوة في الإيمان والالتزام والتقوى والورع والطاعة لله في السر والعلن، وأن يكونوا القدوة الحسنة في الأخلاق والسلوك والتعامل الحسن مع الآخرين, والترفع عن مساوئ الأخلاق, عن السب والشتم واللعن والفحش وقول الزور وغير ذلك.

وحرص أئمتنا (ع) على أن يكون شيعتهم أيضاً على مستوى من العلم والمعرفة والوعي والبصيرة بما يدور حولهم  وبالظروف والأوضاع المحيطة بهم.

يقول الإمام (ع) في وصيته لِشِيعَتِهِ :

 أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَ الْوَرَعِ فِي دِينِكُمْ ، وَ الِاجْتِهَادِ لِلَّهِ ، وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ، وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكُمْ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ ، وَ طُولِ السُّجُودِ ، وَ حُسْنِ الْجِوَارِ ؛ فَبِهَذَا جَاءَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله ، صَلُّوا فِي عَشَائِرِهِمْ ، وَ اشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ ، وَ عُودُوا مَرْضَاهُمْ ، وَ أَدُّوا حُقُوقَهُمْ ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ إِذَا وَرِعَ فِي دِينِهِ ، وَ صَدَقَ فِي حَدِيثِهِ ، وَ أَدَّى الْأَمَانَةَ ، وَ حَسُنَ خُلُقُهُ مَعَ النَّاسِ قِيلَ هَذَا شِيعِيٌّ فَيَسُرُّنِي ذَلِكَ .

 اتَّقُوا اللَّهَ ، وَ كُونُوا زَيْناً ، وَ لَا تَكُونُوا شَيْناً ، جَرُّوا إِلَيْنَا كُلَّ مَوَدَّةٍ ، وَ ادْفَعُوا عَنَّا كُلَّ قَبِيحٍ ؛ فَإِنَّهُ مَا قِيلَ فِينَا مِنْ حُسْنٍ فَنَحْنُ أَهْلُهُ ، وَ مَا قِيلَ فِينَا مِنْ سُوءٍ فَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ ؛ لَنَا حَقٌّ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَ تَطْهِيرٌ مِنَ اللَّهِ ، لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ غَيْرُنَا ، إِلَّا كَذَّابٌ ، أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ ، وَ ذِكْرَ الْمَوْتِ ، وَ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ ، وَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ، احْفَظُوا مَا وَصَّيْتُكُمْ بِهِ ، وَ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَام‏ .

 تضمنت هذه الوصية وصايا عامة ووصايا خاصة:

أما الوصايا العامة فهي:

1 ـ التقوى.

2 ـ الورع في الدين , أي اجتناب المحرمات والمعاصي.

3 ـ الاجتهاد في طاعة الله, وفي العبادة لله, 4 ـ صدق الحديث.

5 ـ أداء الأمانة للبر والفاجر.

6 ـ طول السجود, فإن أقرب ما يكون العبد إلى الله حال السجود.

7 ـ حسن الجوار, وحسن الجوار ليس كف الأذى عن الجار فقط بل الصبر على الأذى الذي يصدر من الجار أيضاً.

أما الوصايا الخاصة بأتباع أهل البيت والمتعلقة بكيفية تعاملهم مع الذين يختلفون معهم في العقيدة او في الفكر أو في الطائفة او في المذهب او في التوجه السياسي او في غير ذلك فهي:

1 ـ صلّوا في عشائرهم وفي مساجدهم لكي تعبروا عن وحدة هذه الأمة

2 ـ اشهدوا جنائزهم.

3 ـ عودوا مرضاهم.

4 ـ وأدوا حقوقهم, فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل هذا شيعي فيسرني ذلك.

اتصاف الإنسان بهذه العناوين وهو ينتسب إلى أهل البيت(ع) يدخل عليهم السرور.

اتقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً:

من ينتسب إلى مذهب أهل البيت (ع) يكون ممثلاً لهم ولمذهبهم, سواء كان عالماً أو جاهلاً , كبيراً أو صغيراً , رجلاً أو امرأة, فهو يحمل رسالتهم وعليه أن يكون بمستواها وأن يحسن أداءها.. لأن الناس يتعرفون على ذلك من خلال الصورة التي نقدمها نحن, ومن خلال سلوكنا واخلاقنا وطريقة تعاطينا وتعاملنا مع الآخرين.

سلوكنا سيبقى هو السلوك الرسالي المسؤول الذي ربانا عليه أهل البيت(ع) سنبقى نتحمل المسؤولية المسؤولية الرسالية والمسؤولية الوطنية والمسؤولية الجهادية تجاه من يتآمر علينا ويتربص بنا ويحتل ارضنا ويدنس مقدساتنا

اليوم قضية القدس وفلسطين تواجه تحديا جديدا بعد قرار ترامب وقد دخلت في مرحلة جديدة وخطيرة.

اليوم تخلي بعض الأنظمة العربية والإسلامية عن مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية وهرولتها نحو التطبيع، وتواطىء السعودية مع ترامب لتصفية هذه القضية فيما بات يعرف بصفقة القرن هو الذي شجع ترامب على خطوة اعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وهو الذي يشجع اسرائيل اليوم على توسيع عملية الإستيطان واطلاق اسم ترامب على مشروع استيطاني في القدس، وهو الذي جرّء لبيرمان وزير الحرب الاسرائيلي على تقديم مشروع إعدام الأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال، وهو سيجرء العدو على اتخاذ المزيد من الخطوات لانهاء القضية الفلسطينية .

هذا المشروع مشروع لبيرمان هو مشروع جنوني وإجرامي ووحشي ومخالف لكلّ القوانين الدولية ولشرعة حقوق الإنسان،  ويكشف عن العقلية الإرهابية واللانسانية التي يتعامل بها الصهاينة مع الفلسطينيين والعرب، وهو محاولة فاشلة ويائسة لإخضاعالشعب الفلسطيني.

لقد جرت محاولات كثيرة من أسلو الى اليوم لإخضاع الشعب الفلسطيني وفرض التنازلات عليه وجعله يتخلى عن مقاومته وهبته الشعبية المستمرة ضد الاحتلال ودفعه نحو التطبيع مع العدو، ولكنه رفض كل ذلك ولم يخضع لكل هذه المحاولات ولا زال يتمسك بخيار الانتفاضة والمقاومة في مواجهة الإحتلال ويرفض التخلي عن حقه في ارضه وحقه في العودة الى ارضه وحقه في دولة ذات سيادة وحقه في العيش على أرضه بكرامة، ولن يستطيع احد إرغامه على التخلي عن أرضه او التوقيع نيابة عنه، واسرائيل هي كيان  معتدي ومحتل وغاصب ولا حق له لا في القدس ولا في شبر من ارض فلسطين، وقرار ترامب لن يغير من هذه الحقيقة شيئاً، ولن يحول المعتدي المحتل الى صاحب حق مهما طال زمن احتلاله.

 ليس أمام الشعب الفلسطيني لاستعادة أرضه وحقوقه سوى تعزيز الانتفاضة والمقاومة، لأن هذا العدو لا يرتدع الا بالقوة ولا يهزم الا بالمقاومة ، المقاومة هزمته في لبنان في 93 و96 و2000 و2006 وهزمته في فلسطين في غزة ، وهي اليوم قادرة بالارادة والعزم والدعم والمؤازرة والمثابرة والوحدة على الحاق الهزيمة به في القدس وكل فلسطين واستعادة كل الحقوق المهدورة.