علوم أئمة أهل البيت (ع)

عن الإمام الصادق (ع): والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي، فيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن، قال الله عز وجل: [ونزلنا عليك الكتاب تبياناً  لكل شيء] ـ النحل/ 91.وفي حديث آخر عنه (ع): وعندنا والله علم الكتاب كله.

قال تعالى: [ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير] ـ فاطر/ 32.

ويقول تعالى: [الذين اتيناهم الكتاب يتلون حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون] ـ البقرة/ 121.

ويقول تعالى: [ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب] ـ الرعد/ 43.

نعزي صاحب العصر والزمان وولي أمر المسلمين وعموم المؤمنين والمسلمين بوفاة عقيلة بني هاشم الحوراء زينب بنت علي (ع) الذي تصادف ذكرى وفاتها في الخامس عشر من شهر رجب.

من أشهَر ألقاب وأوصاف هذه السيدة الجليلة لقب (العالمة) وقد وصفها بذلك ابن أخيها الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) عندما قال مخاطباً إياها : أنت بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة.

وأنا شرحت في إحدى الخطب السابقة معنى هذه الكلمة وما هو المقصود منها وقلت: إنها عالمة بالله وآياته وقضائه وقدره ومواضع ابتلائه بفطرتها الصافية وعقلها الراجح وتدبرها في آيات الله من غير أن يعلمها أحد من الناس، ويحتمل ان يكون المقصود أنها قد بلغت مراتب عالية جعلتها أهلاً ليقذف الله العلم والمعرفة في قلبها وعقلها إما  بواسطة الإلهام أو بواسطة الملك المحدث ، كما هو الحال بالنسبة إلى سلمان الفارسي وغيره من الأخيار الذين كانوا يتلقون الالهامات الالهية او تحدثهم الملائكة.

وأياً كان المعنى فإن هذه الكلمة تكشف عن علم غزير ومعرفة واسعة كانت تملكها السيدة زينب (ع) لأنها من أهل ذلك البيت (ع) الذين وهبهم الله علوماً ومعارف واسعة ومتنوعة وفي مختلف المجالات.

وسأستعرض في هذه الخطبة باختصار نماذج من علوم أهل البيت (ع) بعد أن تحدثت في الخطبة الماضية عن مصادر علومهم ومعارفهم.

لقد تعددت العلوم التي وهبها الله لأهل البيت (ع) منها :

أولاً: العلم بالقرآن الكريم وبكل ما اشتمل عليه من مضامين ومن أحكام وتشريعات ومبادىء وقيم  .

فإن في القرآن الكريم آيات محكمة وآيات متشابهة ، وله ظاهر وباطن ، وفيه ناسخ ومنسوخ ، ولآياته وسوره أسباب نزول وغير ذلك .. وأهل البيت (ع) هم العالمون بمحكمه ومتشابهه وظاهره وباطنه وناسخه ومنسوخه وتفسيره وأحكامه وتشريعاته وبكل معانيه العميقة.

ففي الآيات والروايات أنهم (ع) يعلمون علم القرآن كله.

فإن قوله تعالى: [ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا] يدل دلالة واضحة على أن الله اصطفى عباداً من بين الناس وأورثهم علم الكتاب وهؤلاء هم الأئمة (ع) كما دلت الروايات.

وقوله تعالى:[الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته] فالذين (آتيناهم الكتاب) هم الأئمة (ع).

وكذلك قوله تعالى: [قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب] فإن من عنده علم الكتاب كله هم الأئمة (ع).

وعن الإمام الصادق (ع): والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي، فيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن، قال الله عز وجل: [ونزلنا عليك الكتاب تبياناً  لكل شيء] ـ النحل/ 91.

وفي حديث آخر عنه (ع): وعندنا والله علم الكتاب كله.

وسئل الإمام الباقر (ع) عن قوله تعالى: [قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب] قال: إيانا عنى، وعليٌ أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد ا لنبي (ص).

ثانياً: العلم بالكتب السماوية التي أنزلها الله على أنبيائه ورسله ، أي بالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها، ففي الحديث عن الإمام الباقر (ع) قال: قال علي (ع): والله لا يسألني أهل التوراة ولا أهل الإنجيل ولا أهل الزبور ولا أهل الفرقان إلا فرقت بين أهل كل كتاب بحكم ما في كتابهم.

ثالثاً: العلم باسم الله الأعظم، فعن الإمام الحسن العسكري (ع): اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، كان عند آصف حرف واحد فتكلم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ ، فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان، ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفة عين، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً، وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب.

رابعاً: العلم بالغيب، فإن الأئمة (ع) يعلمون الغيب بإذن من الله فيما لو أرادوا ذلك بمعنى أنهم يدعون الله أن يظهر الغيب لهم فيظهره لهم.

والعلم بالغيب في الأصل محصور بالله سبحانه فلا يطلع على الغيب بشكل مباشر إلا الله سبحانه وتعالى ، يقول سبحانه: [وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو] ولكن يظهر من آيات أخرى أن الله يطلع على غيبه من ارتضاهم الله، يقول تعالى [عالم الغيب لا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً].

فالأئمة من دون أن يعلمهم الله الغيب لا يعلمون الغيب ، لكن لو أرادوا أن يعلموا الغيب ودعوا الله بذلك لأظهره لهم وأعلمهم به.

ففي الحديث عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن الإمام يعلم الغيب؟ قال: لا، ولكن إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك.

وإذا كان الأئمة من أهل البيت (ع) يعلمون علم الكتاب كله ظاهره وباطنه وأحكامه وتشريعاته ومعارفه كلها، ويعلمون مضامين الكتب السماوية ، واسم الله الأعظم، وعلم الغيب إذا أرادوا ذلك، فهذا يعني أن على المسلمين أن يأخذوا عنهم أمور دينهم ويتبعونهم، لأنهم الأمناء على دين الله وأعلم الناس بأحكامه وتشريعاته وبما جاء به رسول الله (ص) من عند الله سبحانه.

لقد قلنا سابقاً ـ وليس من موقع الرجم بالغيب ـ لن يستطيع المتربصون بسوريا والمنطقة أن يغيروا شيئاً من المعادلات القائمة ولن يستطيعو أن ينقلوا سوريا من موقع الى موقع اخر، وأن هناك دولا وقوى لا تسمح بنكبة جديدة في سوريا شبيهة بنكبة فلسطين .. لكن البعض أصر على الرهانات الخاطئة.

اليوم بدأت الرهانات التي بُنيت على تغييرات إقليمية في سوريا أو في العراق بدأت تنهار وبدأ بعض اللاعبين بالاستدارة والانعطافة السياسية بعد فشل تلك الرهانات ، وبين ليلة وضحاها دعا وزير الخارجية السعودي نظيره الإيراني لزيارة السعودية..

وقد شكلت هذه الدعوة علامة فارقة في الأجواء السياسية السائدة.

إن هذا التوجه السعودي الجديد تجاه إيران بعد تمنع امتدّ لسنوات يأتي في سياق ما تشهده المنطقة من تطورات في أكثر من ملف ساخن:

أولاً: يأتي بعد بدء صياغة نص الاتفاق النهائي حول الملف النووي الإيراني بين إيران والدول الكبرى.

ثانياً: يأتي في ظل الوضع السوري الميداني الذي يميل لمصلحة النظام وحلفائه، خصوصاً بعد فشل وهزيمة الجماعات المسلحة في منطقة القلمون وفي حمص وتطهير هذه المناطق منهم، ومحاصرتهم في منطقة كسب ومنعهم من الوصول إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

ثالثاً: نتائج الانتخابات التشريعية في العراق والتقدم الكبير لرئيس الوزراء نوري المالكي.

إن دعوة السعودية لإيران للتفاوض تعتبر مؤشراً أولياً على وجود توجه سعودي لترتيب العلاقة بين البلدين من أجل تقليل الخسائر التي منيت بها السعودية في المنطقة والحصول على مكاسب سياسية في أكثر من ملف لكن يجب ان لا نفرط في التفائل ونراقب مسار الامور بين البلدين ونعتقد ان التقارب بين إيران والسعودية يساهم في التقارب المذهبي والوحدة الاسلامية خصوصا بين السنة والشيعة ويساعد على معالجة الكثير من أزمات العالم الاسلامي الذي يراد له ان يخضع لسيطرة امريكا واسرائيل وهو ما لا يجوز ان يحصل في اي وقت .

                                                                          والحمد لله رب العالمين