وفاة النبي(ص) مسموماً

اليوم من أعظم الإساءات لرسول الله (ص) التي تقتله مرة جديدة وتسمه مرة جديدة هو أن يقتل الناس باسم الإسلام، أن تُذبح وتُقطع رؤوس الناس باسم رسول الله(ص).. الذي أبى أن يفعل ذلك حتى لأشد الناس عداوة له..

 

.

.قال الله تعالى:

 [وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين] ـ آل عمران/ 144.

عظم الله أجوركم بمصابنا بشهادة رسول الله (ص) في الثامن والعشرين من شهر صفر، وبالشهداء الذين سقطوا بالأمس في التفجير الآثم في حارة حريك نسأل الله الرحمة لهم والشفاء العاجل والتام للجرحى.

الآية الكريمة التي تلوتها تدل على إمكانية أن يقتل رسول الله (ص) وأن تتعرض شخصيته للاغتيال، فلم يكن رسول الله (ص) في مأمن من القتل أو الاغتيال بالسم أو بغيره..

وقد جرت في التاريخ محاولات كثيرة لقتل رسول الله (ص) والقضاء عليه فأنجاه الله منها..

1 ـ فقد حاول المشركون قتل النبي (ص) في ليلة الهجرة على يد عشرة رجال تم اختيار كل رجل منهم من قبيلة معينة، فأنجاه الله منهم بمبيت علي (ع) على فراشه.. (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد).

2 ـ وحاول يهود بني النضير اغتياله في المدينة ففشلوا..

3 ـ وحاول بعض المنافقين اغتياله ليلة العقبة (بين المدينة والشام) في طريق العودة من تبوك وفشلوا.

4 ـ وجرت محاولات لقتله بالسم من قبل اليهود في خيبر ومن قبل غيرهم في المدينة المنورة.

وهناك نصوص وروايات عديدة تفيد أن رسول الله (ص) قد مات شهيداً بالسم.

1 ـ فقد ورد عن ابن مسعود أنه قال: لأن أحلف تسعاً: أن رسول الله (ص) قتل قتلاً أحب إليَّ من أن أحلف واحدة، وذلك أن الله سبحانه وتعالى اتخذه نبياً وجعله شهيداً. طبقات ابن سعد: 2/201.

2 ـ وعن الإمام الصادق (ع) عن آبائه: أن الإمام الحسن (ع) قال لأهل بيته وهو يخبرهم عن موته: إني أموت بالسم، كما مات رسول الله (ص).

قالوا: ومن يفعل بك ذلك؟ قال: امرأتي جعدة بنت الأشعث ـ المناقب: 3/175.

3 ـ نقل بعض المؤرخين كالشعبي وغيره: أن اليهود سموا رسول الله (ص) وسموا أبا بكر. طبقات ابن سعد: 2/200.

4 ـ وربما مما يؤكد استشهاد رسول الله (ص) بالسم، الروايات التي تقول: ما من نبي أو وصي إلا شهيد.

فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: سم رسول الله (ص) يوم خيبر فتكلم اللحم، فقال: يا رسول الله إني مسموم.. قال فقال النبي (ص) عند موته: اليوم قطعت مطاياي الأكلة التي أكلت بخيبر، وما من نبي أو وصي إلا شهيد. البصائر: 523. المطايا: القوى والأعضاء والأصوب مطاي: الظهر.

5 ـ وعن الإمام الصادق (ع): سمت اليهودية النبي (ص) في ذراع، فأكل النبي (ص) ما شاء الله ثم قال الذراع: يا رسول الله، إني مسمومة فتركها، وما زال ينتقض به سمه حتى مات (ص). البحار: 17/406.

6 ـ إن بعض الروايات تلمح بل تصرح أنه (ص) قد مات مسموماً بفعل بعض المحيطين به ـ البحار: 28/20 و22/516ـ246.

وممن قال من علمائنا الكبار بأن النبي مات مسموماً. الشيخ الطوسي والشيخ المفيد وغيرهما.

إن كل هذه النصوص وغيرها ترجح أن يكون النبي (ص) قد استشهد متأثراً بسم دسه إليه البعض.

والنصوص تشير إلى أن محاولة دس السم إلى النبي (ص) قد تعددت وجرت أكثر من مرة، وربما يكون قد شارك فيها أكثر من طرف وفي مقدمهم اليهود الذين وترهم رسول الله (ص) وألحق بهم الهزيمة في أكثر من موقع ولا سيما في واقعة بني قينقاع وواقعة بني النضير وفي خيبر وغيرها..

اليوم من أعظم الإساءات لرسول الله (ص) التي تقتله مرة جديدة وتسمه مرة جديدة هو أن يقتل الناس باسم الإسلام، أن تُذبح وتُقطع رؤوس الناس باسم رسول الله(ص).. الذي أبى أن يفعل ذلك حتى لأشد الناس عداوة له..

اليوم التفجيرات المتنقلة في العراق وباكستان وسوريا ومصر وفي المناطق اللبنانية وآخرها بالأمس في حارة حريك هي إعلان حرب على الناس الأبرياء وإعلان حرب على لبنان.. من قبل مجموعات تدعي الإسلام والدين والانتماء المزيف إلى رسول الله (ص).

هذه التفجيرات أمر لا يقره عقل ولا دين وهي تشويه للإسلام ولصورة رسول الله (ص) وتشويه لمفهوم الجهاد. لقد تم تحويل الجهاد عند هؤلاء التكفيريين إلى مفهوم عصابات للجريمة والقتل والاغتيالات..

اليوم يجب أن يعي الناس خطورة هذا الفكر الوهابي التفكيري الذي يستبيح دماء الناس ولا يراعي حرمة لا لدماء ولا لأعراض ولا لمقدسات.

هذا فكر دخيل على الإسلام يحاول أن يزج بالأمة في مستنقعات الفتنة ويفرض عليها الخوف والقلق والرعب وعدم الاستقرار.

أيها الجاهلون أيها الحاقدون هذه ليست طريق الجنة هذه طريق جهنم فالله تعالى يقول:[ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً]. النساء/ 93.

المطلوب من جميع علماء المسلمين وبالخصوص من علماء أهل السنة أن يظهروا سلبيات هذا الفكر التكفيري، وأنه ليس له علاقة لا بإسلام محمد ولا بإسلام الخلفاء الراشدين، المطلوب تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام..

والمطلوب من عامة الناس وبالخصوص من البيئة التي تحتضن الجماعات التكفيرية أن ترفضهم وأن تلفظهم من أوساطها وأن لا تمكنهم...

اليوم بات لبنان بفعل التحريض المذهبي والتعبئة المذهبية والاتهامات العشوائية والاحتضان غير المسبوق للجماعات التكفيرية بات لبنان ليس ساحة للإرهاب التكفيري فقط بل منتجاً للانتحاريين الذين يقودون السيارات المفخخة ليفجروها بأبناء بلدهم.

وقد أفادت بعض المعلومات قبل ساعات احتمال أن يكون الانتحاري الذي فجر نفسه بالأمس لبنانياً...

لذلك التفجير الإرهابي في الضاحية بالأمس هو نتاج خطاب التحريض المذهبي الذي سمعناه من فريق 14 آذار بعد  اغتيال الوزير شطح.

الاتهامات غير المسؤولة التي أطلقها 14 آذار والتبريرات التي نسمعها للتفجيرات التي تحصل في الضاحية.. هي التي تساهم بشكل مباشر في تشجيع الجاهلين والحاقدين والتكفيريين لقيادة السيارات المفخخة وتفجيرها وتفجير أنفسهم بالناس الأبرياء..

لذلك فريق 14 آذار الذي هو الوجه الآخر للتكفيريين يجب أن يتحمل مسؤولية مباشرة عما يجري..

لا يكفي أن ننظر إلى هوية من فجر بل يجب أن ننظر أيضاً إلى من حرض وعبء واحتضن ودعم ووفر المناخ المساعد لهؤلاء على القتل وارتكاب المجازر..

الدول التي تدعم وتساند وتمد هؤلاء بالسلاح والمال أيضاً تتحمل المسؤولية عن قتل الناس وتدمير لبنان وإلحاق لبنان بالفوضى التي تعم المنطقة.

اليوم الخروج من هذه الأزمة لا يكون بتشكيل حكومة حيادية لأن حكومة من هذا النوع ستزيد من الانقسام ومن الأزمة وستكون حكومة مشكلة وأزمة. مع العلم أنه ليس هناك إمكانية أصلاً لتشكيل حكومة حيادية في لبنان لأن كل ما يقال عن تشكيل حكومة حيادية هو خداع لأنه ليس هناك من محايدين في لبنان وفريق 14 آذار هم من كان يقول ذلك في السابق فما عدا مما بدا..

إن تشكيل حكومة من هذا النوع مع العلم المسبق أنها لن تنال الثقة هو عمل كيدي لا يليق بمن يتحمل مسؤولية تشكيلها.. يجب وضع الكيد السياسي جانباً والتوجه نحو مصلحة البلد والمصلحة الوطنية..ومصلحة اللبنانيين ولبنان اليوم تقتضي تشكيل حكومة سياسية جامعة تضم القوى السياسية الأساسية في البلد تكون قادرة على  حماية لبنان ومواجهة الأخطار والإرهاب الذي يواجهه بلدنا.

 

والحمد لله رب العالمين