كلمة القيت في ندوة اهل البيت (ع) في مقر البعثة الإيرانية في مكة المكرمة خلال موسم الحج

 بسم الله الرحمن الرحيم (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد) مع علي (ع) نقف مع رجل إلهي كبير لنتعلم منه كيف يكون إخلاصنا لله ونتعلم منه كيف يكون إخلاصنا للحق، ونتعلم منه كيف يكون جهادنا في سبيل الله، ولنتعلم من علي (ع) كيف نكون العاملين الصادقين في كل ما حملنا الله مسؤوليته في الحياة.

       إن سر علي بن ابي طالب (ع) أنه أولاً الإنسان الذي جمع في شخصيته كل القيم الإنسانية، فكان في منتهى الكمال البشري والإنساني.

وثانياً: انه الإنسان الذي عاش الإسلام بكل وجوده وفي جميع مجالات حياته، في حياته الفردية والاجتماعية والسياسية، فكان إنسانا ربانيا عاش مع الله ومع الحق ولم يكن حاضرا في أية لحظة تاريخية للمهادنة أو المساومة على حساب الإسلام ومفاهيمه واحكامه أوعلى حساب الأمة.

وهو الإنسان الذي ولد في بيت الله واستشهد في بيت الله وكانت حياته كلها إخلاصا وصدقا ووفاء مع الله وجهادا وعطاء وتضحية في سبيله.

وعلى خط علي (ع) ونهجه نهج الجهاد والمقاومة ونهج الصدق مع الله والاخلاص له، والتوكل عليه انطلقت المقاومة الإسلامية في لبنان سنة 1982 بعد الاجتياح الصهيوني للبنان وعاصمته بيروت لتؤكد من جديد مقولة علي (ع) وخطه ولتثبت من جديد أن الجهاد  هو درع الله الحصينة وجنته الواقية وأنه خيار الأحرار والشرفاء وخاصة أولياء الله وانه الطريق الوحيد للتحرير والحرية والنصر والعز في الدنيا والآخرة.

إن العامل الاساسي لهذا النصر الإلهي التاريخي الكبير هو ما ذكره أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في إحدى كلماته عندما يقول: (الحرب سجال فيوم لنا  من عدونا ويوم لعدونا منا حتى إذا رأى الله صدقنا انزل علينا النصر وبعدونا الكبت).

هذه الحرب السجال هي التي قادنا إليها الإمام منذ البداية، وكنا نعرف أننا في حرب سجال، وسنقتل فيها ونقتل، وسنغلب فيها ونغلب وسنهزم فيها وننتصر، وستقصف فيها بيوتنا ونقصف بيوت اعدائنا، وسنخاف فيها ويخافون فيها.

كنا نعرف أن هذه هي الحرب، ولكننا كنا نعرف النتيجة وكنا نراها بأم العين في وجوه شهدانا وفي عيون ايتام الشهداء، وفي دموع الشهداء وابتسامات اباء الشهداء وفي عزم المجاهدين وإرادتهم، كنا نرى النصر الذي رآه الناس جميعا اليوم في لبنان.

ليس القتال هو الذي صنع النصر، القتال كان دليلا وشاهدا منا أمام ربنا على صدقنا، وصدقنا هو الذي انزل النصر واستعجله واعطاه هذا العمق وهذا الحجم وهذه القوة وهذه الاندفاعة.

لقد اثبت المجاهدون والمقاومون في لبنان أنهم صادقون ومخلصون وأوفياء. هذه المقاومة الصادقة المخلصة ميزتها وخصوصيتها منذ البداية ومنذ اليوم الأول كانت مقاومة لله وقتالها ودموعها  ودماؤها وسعادتها وألمها وفرحها وحزنها وتضحياتها لله.

المجاهدون فيها والقادة لم يكن أحد منهم يفكر بدنيا أو بمنصب أو بمكاسب كانوا يفكرون بالله.

هؤلاء الذين قدموا اولادهم وانفسهم واهليهم واخوتهم وصبروا وتحملوا كانوا يرون الله ويطمعون برضاه ورضوانه وبتوفيقه وبنصره،ولذلك كانت المقاومة الإسلامية في لبنان من ابرز المصاديق التاريخية ومن ابرز المصاديق المعاصرة لقوله تعالى: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم) نحن لم نتوقع أن يتحقق هذا النصر بهذه السرعة ووفي الله بوعده إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم، وللمرحلة المقبلة،نقول قول الله تعالى (وإن ينصركم الله فلا غالب لكم).

لقد اسس المجاهدون مقاومة لله وضعت أمامها هدفا جديا ولم تساوم وجعلته الأولوية كان كل شيء في خدمة المقاومة أمينها العام في خدمة المقاومة، العلماء في خدمة المقاومة، البطولات والشجاعة في خدمة المقاومة. العمل السياسي في خدمة المقاومة، التنظيم في خدمة المقاومة، المال في خدمة المقاومة، الإعلام في خدمة المقاومة، والمقاومة ليست في خدمة العمل السياسي وليست في خدمة الاشخاص وليست في خدمة المال، المقاومة في خدمة الله من اجل تحقيق النصر هذه هي المقاومة التي صنعت نصرا في لبنان.

والحمد لله رب العالمين.