كلمة القيت في المؤتمر الخامس لمندوبي التكفل في الخارج في مدينة مشهد المشرفة.

                          بسم الله الرحمن الرحيم 

اولا: اتوجه بالشكر الكبير للاخوة الاعزاء في مؤسسة الشهيد في لبنان على اتاحة هذه الفرصة لنا وللاخوة والاخوات مندوبي التكفل في الخارج للقاء هنا في هذه الأرض المشرفة بجوار ثامن أئمة أهل البيت (ص) بجوار الإمام علي بن موسى الرضا(ص) بغية التداول في شؤون العمل الإسلامي لمصلحة عوائل الشهداء وابنائهم.

       كما نتوجه بالشكر الجزيل للاخوة الاعزاء في مؤسسة شهيد الثورة الإسلامية في إيران لرعايتها واستضافتها لهذا اللقاء المبارك، وفي مقدمتهم ممثل سماحة الإمام القائد في المؤسسة سماحة الشيخ رحيميان، ونسأل الله سبحانه أن يتقبل منهم ومن الجميع جهودهم وعملهم وإنجازهم وأن يجعله ذخيرة لهم يوم القيامة .

       مما لا شك فيه أن الرسالة التي يحملها الأخوة والأخوات مندوبو التكفل في الخارج هي خدمة جليلة وعظيمة جداً، والعمل فيها من احب الأعمال إلى الله وله أجره وفضله وثوابه، ومكانته عند الله سبحانه.

        فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) من أطعم مؤمناً حتى يشبعه لم يدرِ  أحد من خلق الله ما له من الأجر في الآخرة، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا الله رب العالمين. ومن احب الأعمال إلى الله إشباع جوعة المؤمن وتنفيس كربته وقضاء حاجته.

       بل إن العمل في إطار هذه الرسالة هوعمل جهادي في سبيل الله، لا يختلف ثوابه وفضله عن فضل وثواب المجاهدين كما ورد في الحديث عن رسول الله (ص): من مشى في عون أخيه ومنفعته فله ثواب المجاهدين في سبيل الله.

 وأيضا من يمشي في هذا الطريق فإن الله سبحانه يحميه ويحفظه ويسدده ويشمله برحمته ومغفرته ورعايته والطافه ويقضي له حاجاته.

فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) ان العبد ليمشي في حاجة اخيه المؤمن فيوكل الله عز وجل به ملكين: واحداً عن يمينه وآخر عن شماله يستغفرون له ربه، ويدعون بقضاء حاجته.

هذه هي أهمية هذه الخدمة التي نقوم بها.

وهي بالنسبة إلى عوائل الشهداء وأيتام الشهداء مسؤولية وتكليف وواجب.

لأننا إذا كنا ننعم اليوم في لبنان وفي إيران بهذا القدر من الحرية والعزة والكرامة فبفضل الله أولاً، وبركة دماء الشهداء والتضحيات التي قدمها عوائل الشهداء والأسرى والجرحى.

ولولا جهد هذه الفئة التي حملت الهم والمسؤولية وقاتلت وجاهدت لما وصلنا إلى هنا، ولما وصلت المقاومة إلى هذا المستوى من القوة، بحيث أن الإسرائيلي بات يخشاها، ويحسب الف حساب قبل ارتكاب اية حماقة.

في السابق لم يكن لبنان بنظر الإسرائليين يعني أي شيء. وكان موشي دايان يقول في معرض كلامه عن مكامن الخطر العسكرية من الدول المحيطة بالكيان الصهيوني: إن لبنان لا يشكل أي خطر، وإذا احتاج الأمر إلى تدابير نبعث له الفرقة الموسيقية في الجيش الإسرائيلي، كناية عن تسخيفه للقدرة العسكرية للشعب اللبناني وللجيش اللبناني.

ما أريد أن أقوله: أن لبنان دخل في الحسابات الإسرائيلية مع بداية المقاومة وقوافل الشهداء والاستشهاديين.

لذلك فإن لهؤلاء ديناً كبيراً علينا, ايضاً إذا كان انتصار الثورة الإسلامية في إيران وانتصار المقاومة الإسلامية في لبنان قد اعز الأمة أمام العالم وخاصة شيعة أهل البيت (ع) ونقلهم من مرحلة إلى مرحلة، من مرحلة الضعف والإحباط والموت إلى مرحلة القوة والنهوض والحياة. فينبغي أن نؤدي الواجب تجاه الشهداء الذين صنعوا لنا كل ذلك المجد، وهذا الواجب هو حفظ عوائل وأيتام الشهداء، والسعي من اجل تأمين كل مستلزمات الرعاية والاحتضان لهم.

وها انتم بحمد الله تعملون في هذا الاتجاه، ولكن ونحن نتحرك في هذا الطريق يجب أن نتحلى وبالدرجة الأولى بروح إيمانية عالية، وبالصدق والإخلاص والتوكل على الله، لأن هذا هو اساس التوفيق والتسديد لتحقيق اهدافنا والوصول إلى ما نريده، وبدون هذا الأساس لا يمكن أن نصل إلى ما نريد الوصول إليه.

المقاومة الاسلامية في لبنان وشهداؤها ومجاهدوها لم يحققوا كل تلك الإنجازات إلا لأنهم كانوا يتحلون بروحية إيمانية وجهادية عالية وبصدق وأخلاص كبيرين.

البعض قد يظن أن القتال هو الذي اوصل إلى النصر.. لا ..

إخلاص المجاهدين وصدقهم هو الذي أوصل إلى النصر وإلى كل هذه التوفيقات.

العامل الاساسي للنصر الإلهي التاريخي الذي حصل في لبنان هو ما ذكره أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في إحدى كلماته، عندما كان يقول:

الحرب سجال، فيوم لنا من عدونا ويوم لعدونا منا حتى إذا رأى الله صدقنا انزل علينا النصر وبعدونا الكبت.

هذه الحرب السجال هي التي قادنا إليها الإمام الخميني (قده) منذ البداية وكنا نعرف أننا في حرب سجال وسنقتل فيها ونقتل،وسنغلب فيها ونغلب، وسنهزم حيناً وننتصر حينا آخر، وسنخاف فيها ويخاف فيها عدونا.

 كنا نعرف أن هذه هي الحرب، ولكننا كنا نعرف النتيجة وكنا نراها بأم العين في وجوه شهدائنا وفي عيون أيتام الشهداء، وفي جموع امهات الشهداء، وابتسامات اباء الشهداء، وفي عزم المجاهدين وإرادتهم، كنا نرى النصر الذي رآه الناس جميعاً في لبنان.

ليس القتال هو الذي صنع النصر ، القتال والجهاد كانا دليلاً وشاهداُ منا أمام ربنا على صدقنا.

الشهداء/ الجرحى/ الأسرى/ الصبر/ المشقة/ تحمل عوائل الشهداء وصبرهم/ التضحيات الكبيرة التي قدمت في هذا الطريق، كل هذا كان إثباتا وشاهدا على صدقنا مع الله وعنده، وصدقنا هو الذي انزل النصر واستعجله واعطاه هذا العمق وهذا الحجم وهذه القوة وهذه الاندفاعة.

لقد اثبت المجاهدون والعاملون في هذه المسيرة انهم صادقون ومخلصون وأوفياء، هذه المقاومة الصادقة المخلصة، ميزتها وخصوصيتها منذ البداية ومنذ اليوم الأول لانطلاقتها إنها كانت مقاومة لله، وقتالها لله، ودموعها ودماؤها وسعادتها والمها وفرحها وحزنها وتضحياتها لله وفي سبيل الله.

المجاهدون فيها والقادة، لم يكن احد منهم يفكر بدنيا أو بمنصب أو بمكاسب، كانوا يفكرون بالله.

هؤلاء الذين قدموا اولادهم وانفسهم واهليهم واخوتهم وصبروا وتحملوا كانوا يرون الله ويطمعون برضوانه ورضاه وبتوفيقه ونصره.

ولذلك كانت المقاومة الإسلامية في لبنان من ابرز المصاديق التاريخية ومن ابرز المصاديق المعاصرة لقوله تعالى: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم.

يقول سماحة الإمام القائد دام ظله وهو يتحدث عن المقاومة الإسلامية في لبنان " من ناحية الشكل المقاومة الإسلامية لا تختلف عن اشكال المقاومة التي ظهرت في مواجهة الاحتلالات المتعددة والمتنوعة أي لا تختلف في التشكيلات والتكتيكات والسلاح وغير ذلك.

 أما في الجوهر أو في الماهية فهي تختلف لأنها حركة قتال في عين الله وفي سبيل الله،هكذا يعبر السيد القائد.

وعندما يحصل القتال بهذا التصميم وبهذه الخلفية فالله هو الذي يوفق ويسدد ويتكفل ويحمي ويدافع ويحفظ المقاومة.

وهذا معنى قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا.

من هنا ما يجب ان نصونه ونحافظ عليه، هو إيماننا وصدقنا واخلاصنا وأنه كما أن المطلوب السعي لرعاية ابناء الشهداء اجتماعيا وماديا، المطلوب ايضا ان نحيط عملنا بخلفية إيمانية وروحية ودينية حتى نصل إلى اهدافنا على هذا المستوى. هذا بالدرجة الأولى.

وبالدرجة الثانية: المطلوب هو بذل المزيد من الجهد والمثابرة والحرص والحكمة والدقة في العمل. فالتهور غير صحيح بل غير جائز، والحماس الزائد غير مطلوب خصوصا في ظل الأجواء والظروف المحيطة بدول الاغتراب.

لقد قلت في المؤتمر السابق أننا ما دمنا نعمل في خدمة هذه المسيرة وشهدائها وعوائل شهدائها، فيجب أن نضع في اعتباراتنا اننا قد نكون في دائرة الاستهداف والرصد والمواكبة والمتابعة من قبل الأجهزة الأمنية والاستخبارتية الاميركية وغيرها، لأن المطلوب من قبل دوائر الاستكبار تجفيف كل مصادر ومنابع التمويل والدعم لهذه المسيرة.

ولا تزال هناك محاولات جادة للحد من نفوذ وتأثير حزب الله في الشعوب العربية والإسلامية وغيرها والكشف عن مصادره المالية، وبالتالي تجفيف هذه المصادر.

كما ان هناك محاولات لاستدراج اخواننا والحصول منهم على معلومات عن مؤسسات حزب الله الإنسانية والخيرية ومصادر تمويلها بهدف القضاء على هذه المصادر.

هذا الواقع يضعنا أمام مسؤولية ضبط حركتنا والتعاطي بدقة وحكمة في إدارة هذا الملف من موقع الحرص على سلامة العمل وحمايته واستمراره وتطويره.

لذلك من اجل حماية عملنا واستمراره وعدم تعرضه لنكسات واهتزازات ومن اجل الوصول إلى الاهداف المرسومة من دون عوائق ومشكلات.

ومن اجل حماية مصالح المندوبين والعاملين في الخارج وحماية المتكفلين والمساهمين وعدم تعريض مصالحهم للمخاطر. نعيد في هذا اللقاء المبارك التأكيد مجددا على السياسات والضوابط العامة التي ينبغي أن تحكم حركتنا وعملنا في الخارج والتي اطلقناها في المؤتمر السابق وتبناها المؤتمر وجعلها جزءا من توصياته.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا في هذا المؤتمر للوصول إلى نتائج مفيدة تساهم في تطوير هذا العمل المبارك وحمايته لمصلحة عوائل الشهداء وايتام الشهداء. وقل اعملوا قسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.

والحمد لله رب العالمين