هل تعرف كيف كان رسول الله (ص) يعيش يومه؟!(76)

الرسول أعظم الناس خلقا خلق رسول الله - (76)

إمتاز رسولُ الله (ص) بخُلُقٍ إنساني رفيع وسلوكٍ فردي وشخصي مميز مما جعله في موقع متقدم يملك فيه عقول الناس وقلوبَهم ويكسب محبتهم ومودتهم. فعن أنس بن مالك قال: "كان رسول الله أحسنَ الناس خُلُقا"ً.

 

وسئلت إحدى زوجاته عن خلقه (ص) فقالت: كان خلقه القرآن. ووصف أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) أخلاقَ رسول الله (ص) وسلوكَه فقال: "كان أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدقَ الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينَهم عريكة، وأكرمَهم عشرة، ومن رآه بديهة هابه، ومن خالطه فعَرفَهُ أحبه، لم أر مثله قبله ولا بعده".

وقال الديلمي في كتابه (إرشاد القلوب): كان (ص) لا يمنعُهُ الحياءُ أن يحمل حاجته من السوق إلى أهله، ويسلمُ على من استقبله – أي من التقى به – من غني وفقير وكبير وصغير، ولا يَحقِرُ ما دُعي إليه ولو إلى حَشَفِ التمر، وكان خفيفَ المؤونة، كريمَ الطبيعة، جميلَ المعاشرة، طلقَ الوجه، بساماً من غير ضحك، ومحزوناً من غير عُبُوس، متواضعاً من غير مذلة، جواداً من غير إسراف، رقيقَ القلب رحيماً بكل مسلم، ولم يتجشأ من شبع قط، ولم يمد يده إلى طمع قط.
وقال العلماء في أخلاقه الفردية: كان النبي (ص) أسخى الناس، لا يثبُتُ عنده دينار ولا درهم، فإنْ فَضَلَ ولم يجد من يعطيه ودخل الليل لم يأوِ إلى منزله حتى ينفقَه إلى من يحتاجُ إليه.   

وكان (ص) لا يأخذ مما آتاه الله إلا قوت طعامه فقط، وكان يجلس على الأرض وينام عليها ويأكل عليها، وكان يَخصِفُ النعل ويُرقّعُ الثوب، ويفتح الباب، ويحلب الشاة، ويعقل البعير فيحلبُها، ويطحن مع الخادم إذا أعيا وتعب.

وكان أبعدَ الناس غضباً وأسرعَهم رضاً، وكان أصبر الناس على أوزار الناس وأخطائهم وعيوبهم وسلبياتهم فلم يكن ينفعل إذا أساء أحدُهُم إليه بكلمة أو فعل أو موقف، ولم يكن سبّاباً ولا فحاشاً ولا لعاناً، كما ورد في الحديث، وكان أكثرُ طعامه التمر والماء وروي أنه كان لا يأكل وحده ما أمكنه ذلك.

وكان إذا أكل سمى، وكان يأكل بثلاث أصابع ومما يليه، ولا يتناول من بين يدي غيرِهِ، وكان يُؤتىَ بالطعام فيشرع بالأكل قبل القوم ثم يشرعون بعده وذلك لكي لا يستحي أحد من تناول الطعام إذا هو كف عنه.

هل تعرف كيف كان رسول (ص) يعيش يومه؟! وما ذم رسول الله (ص) طعاماً قط، وكان إذا أعجبه الطعام أكله وإذا كرهه تركه، بل في بعض الروايات: كان يأكل ما حضر، ولا يَردُّ ما وجدْ، وما رُؤيَ يأكل متكئاً قط.وكان إذا فرغ من طعامه لَعَقَ أصابعه التي أكل بها، وكان (ص) يغسل يديه من الطعام حتى ينقِّيَهُما.

وكان لا يلبس ثوبين، ويلبس الغليظ من القطن والكتان، وإذا لبس ثياباً جديدة أعطى ثيابه القديمة للفقراء والمساكين.وكان يجالس الفقراء ويأكل مع المساكين ويناولُهُم بيده، ولم يكن يميز نفسه عن عبيده وإمائه بمأكل ولا ملبس، وكان يركب ما أمكنه من فرس أو بغلة أو حمار.    وأما نظافته وأناقة مظهره، فقد كان رسول الله (ص) شديدَ الاهتمام بالطهارة والنظافة فلم يكن يماثلُهُ أحدٌ في نظافة جسمه وملابسه وطيبِ رائحته.    فقد كان يغتسل في أغلب الأيام معتبراً ذلك جزءاً من العبادات، وكان يداوم على الوضوء ليبقى على طهارة  طيلة الوقت حتى ورد عن بعض أصحابه أنه قال: ما رأيت أوضأ من رسول الله (ص).

وكان يغسل شعر رأسه بماء السدر، ويمشطُهُ، ويدهنُهُ بزيت البنفسج ويعطِّرُ جسده وملابسَه بالمسك، وكان يُعرفُ في الليلة الظلماء قبل أن يُرى بالطيب ورائحة العطر الجميلة فيقال: هذا النبي.وعن الإمام الباقر (ع) قال: كان (ص) لا يمر في طريق فيمر فيه أحد بعد يومين أو ثلاثة إلا عُرِفَ أنه قد مرَّ فيه لطيب عَرْفِهِ (أي رائحته).

وعن الإمام الصادق (ع): كان رسول الله (ص) ينفق على الطيب أكثرَ مما ينفق على الطعام. وكان لا يُعرض عليه طيبٌ إلا تطيب به، وقد ورد عن أنس بنِ مالك أنه قال: صحبت رسول الله (ص) عشرَ سنين وشممت العطر كلَّه، فلم أشمَّ نكهةً أطيبَ من نكهة رسول الله (ص).

وكان ينظف أسنانه بالمسواك عدة مرات في اليوم ولا سيما ليلاً قبل النوم وعندما يستيقظ صباحاً.وكان يغسل يديه وفمَه قبل تناول الطعام وبعده، متجنباً أكل الخضر كريهةِ الرائحة، وكان شديدَ العناية بمظهره وهندامه، فقد روي أنه كان يتجمَّل لأصحابه فضلاً عن تجمله لأهله وزوجاته.

إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.. الرسول الأعظموكان يوصي أصحابه وأتباعَه بأن يلتزموا نظافة أبدانهم وملابسِهم وأن يعتنوا بمظهرهمِ الخارجي. فعن الإمام الباقر (ع) قال: أحتُبِسَ الوحيُ على النبي (ص) فقيل: احتُبس عنك الوحيُ يا رسول الله؟ فقال (ص): وكيف لا يُحتبس عني الوحي وأنتم لا تقلمون أظفاركم ولا تنقُّون روائحكم.

وذات يوم رأته إحدى زوجاته وهو ينظر في ركوة فيها ماء في حجرتها، ويسوي فيها شعره إذ لم يكن لديه مرآةٌ لينظر فيها وهو خارجٌ إلى أصحابه فقالت له: بأبي أنت وأمي تتمرَّا في الركوة وتسوي غُرتك وأنت رسولُ الله وخيرُ خلقه؟!. فقال (ص): إن الله يحب من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيأ لهم، ويتجمل.

هذا جزء من سيرة رسول الله(ص) الشخصية وسلوكِهِ الفردي نتلمَّسُ بعض مفرداته من أجل أن نتأسى برسول الله(ص) ونقتدي به في أخلاقه وسلوكه لأن الله تعالى يقول: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة".

الشيخ علي دعموش