"كان رسول الله (ص) أول ما بُعث يصوم حتى يقال لا يفطر"..!(74)

صوم رسول الله (ص)- (74)

السلام عليك يا اشرف خلق الله يا رسول اللهالصوم من العبادات المؤكدة في الإسلام، وقد ورد أنه جُنةٌ من النار، وزكاةُ الأبدان، وبه يدخل العبدُ الجنة، وأن نومَ الصائم عبادة، ونفسَه تسبيح، وعملَه مقبول، ودعاءَه مستجاب، ورائحةَ فمه عند الله تعالى أطيبُ من رائحة المسك، وتدعو له الملائكةُ حتى يُفْطِر، وله فرحتان: فرحةٌ عند الإفطار وفرحةٌ حين يلقى الله تعالى.

 

فعن رسول الله (ص) : الصائم في عبادة وإن كان على فراشه ما لم يغتب مسلماً. وقال (ص) : قال الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به.

وعنه (ص) أيضاً: نوم الصائم عبادة، ونفسُهُ تسبيح. ونظراً للأهمية البالغة التي يحتلها الصومُ في الإسلام، فإن رسول الله (ص) كان شديدَ التعلق به لكونه من الوسائل الأساسية للتقرب إلى الله ونيل رضوانه.

فإنه فضلاً عن أدائه فرض الصيام في شهر رمضان كان يُكثر من الصيام المستحب: فقد كان يصوم كلَ يوم فترةً من الزمن. ثم صام يوماً وأفطر يوماً ما شاءَ اللهُ من عمره، ثم صام شعبان والأيامَ البيض من كل شهر، أي أيامَ ثلاثةَ عشرَ وأربعةَ عشرَ وخمسةَ عشر من كل شهر. وكان يلتزم صيامَ شهر شعبان كلِهِ، وأولِ خميس وأوسطِ أربعاء، وآخرِ خميسٍ من كل شهر.

فعن الإمام الصادق (ع) : كان رسول الله (ص) أولَ ما بُعثَ يصومُ حتى يقال: لا يُفْطِر، ويُفطِرُ حتى يقال لا يصوم، ثم صام يوماً وأفطر يوماً – أي يوماً بعد يوم – ثم صام الإثنين والخميسَ من كل أسبوع، ثم ترك ذلك وصام ثلاثةَ أيام في الشهر: الخميسَ في أول الشهر، والأربعاءَ في وسط الشهر، والخميسَ في آخر الشهر. الوسائل/4 ص309.

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال: صام رسول الله (ص) الدهر كلَه ما شاء الله، أي كان يصوم كلَ يوم فترة من الزمن ثم ترك ذلك وصام صيام داودَ (ع) يوماً لله ويوماً له ما شاءَ الله، ثم ترك ذلك فصام الإثنين والخميسَ ما شاءَ الله، ثم ترك ذلك وصام البيض – الأيامَ البيض – ثلاثةَ أيام من كل شهر. (الوسائل/ج4 ص321).

وكان (ص) يصوم شهر شعبان كلَه، وكان يصله بصوم شهر رمضان ولا يفرق بينهما بإفطار قط. فعن أسامة بن زيد قال: لم يكن رسول الله (ص) يصوم من شهرٍ ما يصومه من شعبان، فقلت: يا رسول الله، لم أركَ تصومُ من شهرٍ ما تصوم من شعبان! فقال (ص): ذاك شهر – أي شعبان – تغفلُ الناسُ عنه بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفع فيه الأعمالُ إلى رب العالمين، فأُحِبُ أن يُرفعَ عملي وأنا صائم. (الوفا بأحوال المصطفى/ج2 ص516).

السلام عليك يا اشرف خلق الله يا رسول اللهوعن علي (ع) قال: كان رسول الله (ص) يصوم شعبان وشهرَ رمضان يَصلُهُما ويقول لهما: شهرا الله، وهما كفارة لما قبلهما وما بعدهما من الذنوب. (تيسير المطالب/ص273).

وقد ورد في بعض الأحاديث: أن النبي (ص) كان إذا دخل شهرُ رمضان تغير لونُهُ، وكثُرتْ صلاتُهُ، وابتهلَ بالدعاء.
وعن الإمام الصادق (ع) قال: كان رسول الله (ص) إذا دخل العشرُ الأواخر – يعني من شهر رمضان – شدَّ المئزر، واجتنب النساء، وأحيى الليل، وتفرغ للعبادة (الكافي/ج4 ص155)

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في حديث عن اعتكاف رسول الله (ص) في أواخر شهر رمضان قال (ع): فلم يزل – يعني النبي (ص) – يعتكف في العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله. (البحار/ج94 ص7).وروي في بعض الأحاديث: أن رسول الله (ص) كان إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير، وأعطى كل سائل. (من لا يحضره الفقيه/ج2 ص61).

ولأجل هذه السيرةِ العطرة فيما يتعلق بالصيام وتأسياً برسول الله (ص) فقد ذكر الفقهاء أن من المستحبات المؤكدة صومَ ثلاثةِ أيام من كل شهر هي أولُ خميس وآخرُ خميس وأولُ أربعاء في وسط الشهر، لأنه ورد في الحديث أن رسول الله قُبض على صوم شعبان وشهرِ رمضان وثلاثةِ أيام في كل شهر هي أولُ خميس وأوسطُ أربعاء وآخرُ خميس من كل شهر. 

وما ذكر الفقهاء أنه يستحب صيامُ تمامِ شهر رجب وتمامِ شهر شعبان وغيرِ ذلك من الأيام التي كان رسولُ الله (ص) يداومُ على صيامها تقرباً إلى الله ورغبة في ثوابه ونيل رضوانه.

الشيخ علي دعموش