الشيخ دعموش يلقي كلمة في ندوة القدس المنعقدة في مقر البعثة الايرانية في مكة المكرمة في موسم حج 1428-2007م

بسم الله الرحمن الرحيم

فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا.

 

في البداية يجب ان نحدد اننا نتكلم عن القدس التي تعني فلسطين من البحر الى النهر ،القدس تعني كل تراب عربي محتل من مزارع شبعا إلى الجولان السوري إلى آخر مزرعة في فلسطين،والقدس تعني كل شهيد قتلته أيدي الغدر الصهيونية وكل أسير ومعتقل زج به في السجون الاسرائيلية،وكل لاجئ ومشرد من بيته وأرضه،القدس تعني الحرية والسيادة الحقيقية والاستقلال الناجز

ومن هذا الفهم ومن هذا الموقع نحن مدعوون هنا ان نتحمل مسؤولياتنا التاريخية تجاه القدس بكل ما تعنيه وبكل ما ترمز إليه.

أيها الأخوة...

بعد الانتصار الكبير في لبنان من جهة وبعد تعاظم المآسي والمآزق الذي خلفها فريق اوسلوا وانابولس مؤخراً في فلسطين من جهة أخرى،لم نعد بحاجة للكثير من الكلام والاستدلال على ان استراتجية المقاومة هي وحدها القادرة على استعادة القدس والأرض والحقوق ، وأن استراتجية التسوية تؤدي الى نتائج بائسة الى حد تصبح فيه المقاومة إرهاباً بينما القتل والتدمير والتشريد للأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين دفاعا عن النفس.

اليوم نحن نعلم جميعاً ان الخيار الحقيقي لشعبنا الفلسطيني المجاهد هو المقاومة والانتفاضة ومسؤولية جميع الحكومات والشعوب العربية والاسلامية ان تحتضن هذا الشعب وتدعم خياره الجهادي.

لقد الحقت المقاومة في لبنان هزيمة نكراء بالغزاة والصهاينة وبدلت الكثير من المفاهيم والمعادلات، وجاءت الانتفاضة في فلسطين لتعمق المأزق الصهيوني وتظهر المزيد من نقاط ضعف هذا العدو وتكشفه على حقيقته ولتحقق انجازات كبيرة لا وقت لذكرها.

الآن يمكن لهذه الانجازات أن تتراكم وتؤدي الى انتصار حقيقي فيما لو واصلت المقاومة والانتفاضة حركتها وتصاعدها.ولكن ايضاً يمكن لهذه الانجازات ان تضيع وتذهب هباءاً منثوراً فيما لو أستدرجنا للفتنة الداخلية والى قتال بعضنا البعض كما هو المشروع الامريكي الصهيوني في منطقتنا.

إن المقاومة المباركة اليوم في فلسطين هي الأمل الوحيد وهي الطريق الى القدس، فلا اوسلوا ولا         انابوليس يمكن ان يجمد الاستيطان وبناء المستوطنات في الضفة فضلاً عن ان يستعيد القدس وفلسطين.

المقاومة هي الأشد ايلاماً للعدو وهي الاقدر على التحرير واستعادة المقدسات والحاق الهزيمة بالعدو ،واذا كنا نريد ان نبحث هنا كيف نستعيد القدس وكيف نحمي المقدسات الاسلامية والمسيحية فيها،أو ماذا نعمل كي لا نفاجئ في يوم من الأيام بخبر تدمير المسجد الأقصى على يد الصهاينة ، فعلينا أن نركز بشكل جديّ على الانخراط الكامل بخيار المقاومة والانتفاضة وعلى كل الصعد والمستويات من مقاومة التطبيع الى عزل اسرائيل نهائياًعلى المستويين الشعبي والرسمي، الى التعبئة الجماهيرية والشعبية، والى العمل المقاوم الجاد الذي يعتبر المقاومة ومحاربة التطبيع ومواجهة المشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة أولوية مطلقة.

وفي هذا السياق اريد ان اشير باختصار إلى النقاط التالية:

اولاً: إن أي شكل من اشكال الدعم المادي والاعلامي والسياسي وغيره ومهما كان حجمه ومهما كان صغيراً أو بسيطاً هو أمر مطلوب وواجب ، فلنعمل هنا على قاعدة قول رسول الله (ص):  ولا تستصغرن حسنة فلربما ادخلتك الجنة،في الدعم الذي نقدمه لا يجوز أن نستصغر شيئاًعلى الأطلاق ،ولا يجوز بأي حال ان يشعر الشعب الفلسطيني المضحي والمقاوم ان الناس من حوله قد تعبوا قبله ،وأنهم تركوه لقدره ومصيره،ولذلك نحن مدعوون على امتداد العالمين العربي والاسلامي من جديد إلى تفعيل مظاهر التضامن الشعبي الذي سادت في الأشهر الأولى من الانتفاضة وغابت خلال الفترة الماضية والأخيرة .

ثانياً:ندعو الشعب الفلسطيني إلى تأجيج الانتفاضة من جديد ومواصلتها، وندعو الفصائل الفلسطينية كافة إلى مواصلة حركة المقاومة وبقوة والتركيز عليها، وعدم الرهان على الخيارات التفاوضية المطروحة في أنابولس وما بعدها التي ثبُت فشلها وهوانها والتي لم تستطع حتى ان توقف بناء المستوطنات في الضفة وغيرها .....

ثالثاً :ندعو الأنظمة والحكام للكف عن محاصرة الشعب الفلسطيني لان جزءاً من الحصار الذي يعانيه هذا الشعب تمارسه بعض الانظمة العربية ،والأمة اليوم معنية ان تساعد الفلسطينيين على تجاوز ازمتهم الداخلية ،في الوقت الذي نناشد فيه اخواننا في حركتي حماس وفتح ضبط النفس والابتعاد عن اي شكل من اشكال المواجهة ،والسعي الدؤوب وبلا يأس نحو المعالجة السياسية لهذه الأزمة الخانقة والخطيرة ،وهنا الحكومات القادرة على ان تقوم بدورها ،عليها ان تفعل ذلك ،لا ان تفرح لمحاصرة قطاع غزة او ان يفرح البعض بالقول اننا نريد ان نفشل نموذجاً او نسقط تجربة.

رابعاً:إن كل ما يجري في منطقتنا يؤكد ان امتنا تسير نحو مواجهة مع المشروع الامريكي الصهيوني في هذه  المنطقة وان التسوية لا مستقبل لها على الاطلاق.

ولهذا فاننا مدعوون الى التهيء والاستعداد والجهوزية وتعبئة شعوبنا،وتركيز أولوياتها في هذا الاتجاه،ولا يجوز أن يخيفنا على الاطلاق  سيل التهديدات الصهيونية والامريكية لسوريا وايران وللمقاومة في لبنان وللشعب الفلسطيني ،ولا يجوز ان يقلقنا صوت بوش وأُلمرت وغيره وتهديدهم بالعقوبات وممارسة الضغوطات وبالحرب،لقد اعتدنا على هذه الأمور وتعلمنا أن عاقبة الصبر والصمود والثبات هي الانتصار إن شاء الله.

خامساً :نحن في حزب الله مصممون بنفس العزم والارادة التي انتصرت في تموز وآب من العام الماضي ،مصممون على المضي في طريق المقاومة حتى تحقيق كامل الاهداف برغم كل المحاولات الامريكية البائسة لاخراجنا من دائرة الصراع.

بل اننا اليوم اكثر قوة وعزماً وتصميماً على المضي في هذا الطريق بل واكثر جهوزية وقدرة من أي وقت مضى على مواجهة اية حماقة اسرائيلية او عدوان جديد،ولا نسمح لإدارة بوش ان يتحول لبنان إلى جزء من المحور الأمريكي في المنطقة.وان اي مسعى في هذا المجال سيكون مآله الى السقوط والفشل إن شاء الله .

                                                                    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته