الشيخ دعموش في احتفال للقادة الشهداء نظمته الجالية اللبنانية في مدينة قم المقدسة 18-2-2016: المقاومة قادرة على حماية لبنان وفرض معادلات جديدة للردع.

أكد سماحة الشيخ علي دعموش في احتفال للقادة الشهداء نظمته الجالية اللبنانية في مدينة قم المقدسة: أن المقاومة أثبتت خلال كل التجارب أنها قادرة على حماية لبنان والحفاظ على أمنه واستقراره، وفرض معادلات جديدة للردع وتوازن الرعب مع العدو الصهيوني .

وقال: إن الحاج عماد مغنية وإخوانه في المقاومة الإسلامية في لبنان أرسوا معادلات في الصراع جعلت الصهاينة يحسبون ألف مرة قبل أن يفكروا بحرب جديدة ضد لبنان..

وأضاف: للمرة الأولى في تاريخ لبنان منذ قيام إسرائيل يشعر اللبنانيون وخصوصاً في الجنوب بالطمأنينة والهدوء والأمن والاستقرار, وباتت إسرائيل هي الخائفة والقلقة والمرعوبة من حزب اللهوالمقاومة الإسلامية التي تعاظمت قدراتها وباتت تملك قدرات دفاعية وهجومية جديدة من شأنها أن تساعد في الحاق الهزيمة بإسرائيل في أي حرب مقبلة إن شاء الله.

 

واعتبر: أن المقاومة باتت تشكل مظلة أمان للبنان ليس في مواجهة الخطر الإسرائيلي فقط بل وفي مواجهة الإرهاب التكفيري أيضاً, حيث استطاعت إبعاد الخطر عن لبنان ولولاها ولولا الجيش اللبناني لكانت الجماعات الإرهابية التكفيرية استباحت لبنان ..

وأشار: الى أن النظام السعودي وحلفاؤه من أبرز المتضررين من التقدم الميداني للجيش السوري وحلفائه.. وقد فشلت كل مشاريعهم في المنطقة وكل محاولاتهم لإسقاط النظام في سوريا وكل رهاناتهم على الجماعات المسلحة, ولذلك فهم مربكون ويصرخون من فشلهم. 

 

نص الكلمة

في ذكرى القادة الشهداء والعلماء الشهداء نستحضرعطاءاتهم وانجازاتهم وانتصاراتهم ونستحضر شهادتهم كقيمة دينية وإسلامية وكإنجازٍ أخلاقي وانساني.

فالشهادة هي اختيار إلهي رباني ، حيث ينظر الله إلى عباده المؤمنين المجاهدين في سبيله فيختار منهم الأصفى سريرةً ، والأنقى طهارةً ، والأكثر إيماناً وإخلاصاً ، والأشد حباً لله ، فيتخذه شهيداً وخليلاً وحبيباً ورفيقاً في المحل الأعلى ، حيث لا عَينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خَطَرَ على قلبِ بشر .

والشهادة أيضاً إنجاز إنساني يقوم على أساس اعتناق قضية تتجاوز الشخص والجماعة والأحزاب والمصالح والطموحات الخاصة ، لتكون قضية التزام لمصلحة القيم والدين والأمة .

 وبذلك يتحول الشهيد, إلى قدوة للعمل الصالح وللعطاء وللتضحية, وعندما يتحول الشهيد إلى قدوة يستطيع أن ينقل القيم الإيمانية والجهادية والحضارية وقيم الشهادة من جيل إلى جيل.

من خصائص الشهيد القدوة انه يُعمق قيم الإيثار والصدق والإخلاص والوفاء والتضحية والعطاء في حياة الناس.

قد يتصور البعض أن الشهادة تفقد الأمة النخبة الصالحة من أبنائها، تفقد الأمة المبدعين والمخلصين والأوفياء، تفقد الأمة الطاقات الكبيرة وما تحمل هذه الطاقات من قيم ومزايا إيمانية وأخلاقية وإنسانية وجهادية.

ولكن الأمر على العكس من ذلك, فإن الشهادة لا تعتبر خسارة مهما كانت قيمة الشهيد وحجم الشهداء وعددُ الشهداء، الشهادة ليست خسارة بل ربح ونمو وتطور.

ومما يؤكد هذه الحقيقة الإيجابية عن الشهادة ما روي عن رسول الله (ص) عندما خطب في المدينة في اليوم الذي جاءه فيه خبر استشهاد زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبيد الله بن رواحة في حرب مؤتة حيث بكى أصحاب النبي(ص) بعدما أخبرهم بذلك.

فقال النبي (ص):

وما يبكيكم؟

قالوا: وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا واشرافنا وأهل الفضل منا؟

فقال لهم: لا تبكوا فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها فأجتنب رواكبها (أغصان النخل المتدلية) وهيأ مساكبها، وحلق سَعَفَها (ورق النخل اليابس) فأطعمت عاماً فوجاً ثم عاماً فوجاً, فلعل آخرها طعماً أن يكون أجودها قنواناً (عنقود الرطب) وأطولها شمراخاً (الغصن الذي عليه بلح ورطب) والذي بعثني بالحق نبياً ليجدن عيسى بن مريم في أمتي خلقاً من حوارييه.

 إذن ليس في دم الشهيد خسارة، الدم ربّيح دائماً، لأن شهيداً واحداً يصنع روح الإيثار والتضحية عند العشرات بل المئات بل الآلاف من الناس, وخاصة اذا كان الشهيد من الكبار.

  شهادة الشهداء الكبار تمنح الأمة الكثير من البركات: فهي تأسس لمستقبل جديد ومرحلة جديدة، تمنح القضية زخماً جديداً, ودفعاً سريعاً, وتطوراً كبيراً, تدفع المسيرة نحو الانتصار وتحقيق الإنجازات.

كل واحد من القادة الشهداء من الشيخ راغب الى السيد عباس الى الحاج عماد بات بفعل الجهاد والاستشهاد وبفعل التضحية ودم الشهادة عنواناً ورمزاً لمرحلة محددة في مواجهة العدوان الصهيوني الدائم والمستمر على لبنان.

لقد بدأ العدوان على لبنان منذ سقوط فلسطين واحتلال الصهاينة لفلسطين عام 1948 ومنذ ذلك اليوم لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وعلى جنوب لبنان بالتحديد. واستمر العدوان إلى أن كان الاجتياح الأكبر على لبنان عام 1982 والذي أريد من خلاله تغيير هوية لبنان وموقع لبنان ومعادلات المنطقة وبعد الاجتياح سيطر جو قاتم من اليأس والإحباط والشعور بالضعف والعجز والخوف حتى قيل اننا دخلنا في العصر الإسرائيلي.

هنا كانت المرحلة الأولى التي بات الشهيد الشيخ راغب حرب بتضحياته ودمه وشهادته عنواناً ورمزاً لها، رمزاً للمرحلة من العام 82 إلى العام 85.

هذه المرحلة التي يمكن أن نطلق عليها مرحلة استنهاض الناس وكسر الخوف وبعث الأمل والإحساس بالقوة والقدرة على التحرير والنصر وإطلاق المقاومة الشعبية، مقاومة الاعتصام والتظاهر والحجارة والزيت المغلي، إلى جانب المقاومة المسلحة.

الشيخ راغب الذي كان يرفض أن يصافح الصهاينة لأن المصافحة اعتراف، ويرفض أن يبتسم في وجه المحتلين ويرفض أن يستسلم ولو هدموا بيته على رأسه.

 الشيخ راغب حرب الذي تحمل عذاب السجن والتحقيق لأيام طويلة وخرج أشد عزيمة وأقوى إرادة.

الشيخ راغب الذي كان ينتقل من بلدة إلى بلدة ومن مسجد إلى مسجد ومن حسينية إلى حسينية ومن محفل إلى محفل ليخاطب الناس ويستنهضهم ويبعث فيهم روح الشجاعة   والثقة بالله وبالنفس ويبعث فيهم الأمل، فكانت المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة التي ألحقت الهزيمة بالاحتلال في تلك المرحلة.

 جاء استشهاد الشيخ راغب ليعطي المقاومة الشعبية والمسلحة دفعاً قوياً سريعاً لتنجز انتصارها الكبير عام 85 بطرد الصهاينة من الجبل وبيروت والضواحي وصيدا وصور والنبطية ليختبئوا خلف التلال والجبال في الشريط الحدودي المحتل.

كانت شهادة الشيخ راغب عنواناً لتلك المرحلة ودافعاً قوياً للانتصار.

بعد عام 85 بدأت مرحلة جديدة دخلت فيها المقاومة العمل العسكري المسلح والمنظم والمركز، وغابت فيها المقاومة الشعبية الواسعة بسبب طبيعة الحضور الشعبي في الشريط الحدودي الذي تعرض لموجة تهجير واسعة ولقمع شديد وكبير.

هذه المرحلة كان السيد عباس الموسوي عنوانها ورمزها...

فقد بقي السيد عباس لسنوات طويلة في الجنوب وهو (ابن البقاع) ليكون على مقربة من عمل المقاومة يشرف عليها ويشارك في التخطيط، ويحضر في غرفة العمليات، ويدير ويساعد المجاهدين، وكان كالشيخ راغب ينتقل من بلدة إلى بلدة ومن مكان إلى مكان يحمل رسالة الشهداء وعزم المجاهدين.

وجاء استشهاده في العام  1992 ليكون عنواناً للمرحلة التي يثمر فيها جهادُه ودمُه، فانطلقت المقاومة في خط تصاعدي، وفي حركة مدروسة ومخططة ودقيقة من 16 شباط 92 إلى 25 أيار 2000 لتصنع الانتصار في ذلك العام.

لقد أدخل دم السيد عباس المقاومة إلى كل بيت وإلى كل قلب وإلى كل وجدان في لبنان وعلى امتداد العالمين العربي والإسلامي، وقد تمكنت المقاومة بفعل ذلك من أن تتطور كماً وكيفاً ونوعاً، وهيأ للمقاومة أوسع حاضنة شعبية لم تكن تحظى بها من قبل، فكان دمه تأسيساً للمرحلة الثالثة.

المرحلة الثالثة التي امتدت من العام 2000 إلى ما بعد العام 2006 كان عنوانها ورمزها القائد الشهيد الحاج عماد مغنية، هذه المرحلة الجديدة هي مرحلة الانتصارات والإنجازات وتوازن الرعب مع العدو، هذه المرحلة كانت تركز على تطوير عمل المقاومة على كافة المستويات, على المستوى النوعي: لجهة فتح آفاقٍ جديدة، وعلى المستوى الكمي: لجهة تكبير وتكثيف الإمكانيات المتاحة، وتصعيد العمليات، وإحداث تحولٍ في استراتيجية المقاومة من حرب عصابات إلى مدرسة قتالية جديدة، وتحويل المقاومة إلى مؤسسة لا تتوقف في خططها ولا في برامجها ولا في سيرها على شخص وقائد مهما علا شأنه.

هذه المرحلة كان الحاج عماد أبرز قادتها إلى جانب اخوانه من قادة المقاومة.

لقد كان الحاج عماد عماد العطاء المتميز على مستوى القيادة وعلى مستوى الميدان كان قمة العمل الجاد والدؤوب والمتقن والدقيق, وبذلك استحق الوسام الذي اطلقه عليه الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله عندما قال كان قائد الانتصارين بحق ، الانتصار في 25 أيار 2000 والانتصار في تموز 2006.

لقد ترك هؤلاء الشهداء بيننا وفي واقعنا أمانة المقاومة, المقاومة التي أثبتت خلال كل التجارب والسنوات الماضية أنها قادرة على حماية لبنان والحفاظ على أمنه واستقراره، وفرض معادلات للردع وتوازن الرعب مع العدو الصهيوني .

لقد أرسى الحاج عماد مغنية وإخوانه في المقاومة الإسلامية في لبنان معادلات في الصراع جعلت الصهاينة يحسبون ألف مرة قبل أن يفكروا بحرب جديدة ضد لبنان..

للمرة الأولى في تاريخ لبنان منذ قيام إسرائيل يشعر اللبنانيون وخصوصاً في الجنوب بالطمأنينة والهدوء والأمن والاستقرار, وباتت إسرائيل هي الخائفة والقلقة والمرعوبة من حزب اللهوالمقاومة الإسلامية التي تعاظمت قدراتها وباتت تملك قدرات دفاعية وهجومية جديدة من شأنها أن تساعد في الحاق الهزيمة بإسرائيل في أي حرب مقبلة إن شاء الله.

اليوم المقاومة باتت تشكل مظلة أمان للبنان ليس في مواجهة الخطر الإسرائيلي فقط بل وفي مواجهة الإرهاب التكفيري أيضاً.

الخطر التكفيري كان خطراً داهماً على لبنان وخاصة على حدوده الشرقية مع سوريا لكن المقاومة استطاعت إبعاد هذا الخطر ولولا المقاومة والجيش اللبناني لكانت الجماعات الإرهابية التكفيرية استباحت لبنان واحتلت أرضه وهجرت أهله وقتلت شعبه..

ولذلك خيارنا هو مواصلة المقاومة لمواجهة الخطرين الإسرائيلي والتكفيري ومنع إسرائيل والإرهابيين التكفيريين من استباحة المنطقة.

اليوم المشروع التكفيري الإرهابي في  المنطقة في حالة إنهيار وتقهقر وتراجع رغم الدعم الدولي والإقليمي, والدول الداعمة له كأمريكا والسعودية بدأت تعيش المرارة والخيبة جراء الإنجازات الميدانية المتلاحقة التي يحققها محور المقاومة على امتداد ساحات المواجهة العسكرية في سوريا وفي العراق وآخرها تحرير الرمادي وفك الحصار عن مدينتي نبل والزهراء وتحرير أكثر من سبعين بلدة في ريفي حلب واللاذقية.

 هذه الإنجازات الميدانية قلبت المشهد الميداني والسياسي في سوريا لمصلحة النظام وحلفائهوكرست معادلات ومسارات جديدة, وأدت إلى خلل وتضعضع في موازين القوى الدولية والإقليمية, وأبرز المتضررين هو النظام السعودي والعدو الصهيوني الذي ما زال يعتبر حتى الآن أن سقوط النظام ورحيل الاسد مصلحة استراتيجية له، لأنه يعتبر أن إسقاط النظام في سوريا سيشكل ضربة استراتيجية لإيران ولحزب الله في لبنان.

 نحن اليوم أمام مرحلة جديدة ومشهد جديد وهذا المشهد فرضته المواجهة والمقاومة والتضحيات والإنجازات الميدانية.

ولأن النظام السعودي وحلفاؤه من أبرز المتضررين مما يجري.. وقد فشلت كل مشاريعهم في المنطقة وكل محاولاتهم لإسقاط النظام في سوريا وكل رهاناتهم على الجماعات المسلحة, يجريالحديث اليوم عن إرسال قوات برية إلى سوريا, بحجة قتال داعش, والحقيقة أن القوات البرية  لو جاءت لن تكون لأجل قتال داعش كما يحاولون إيهام الرأي العام, لأن من يريد قتال داعش لا يمكنها هي والقاعدة حيث يسيطر في اليمن, ومن يريد قتال داعش فعلاً عليه قبل أن يكلف نفسه بإرسال قوات برية أن يمنع تدفق الإرهابيين والسلاح من البوابة التركية الى داعش في سوريا, وأن لا يشتري النفط المسروق من داعش لتنمو من خلال ذلك وتكبر ويكبر خطرها..

إذن ليس الهدف داعش, الهدف الحقيقي من القوات البرية هو السيطرة على سوريا, وإيجاد موطىء قدم للسعودية وتركيا وحلفائهما في سوريا في مقابل المحور الآخر, وإنقاذ الفصائل والجماعات الإرهابية التكفيرية المتهاوية التي دعموها وراهنوا عليها بعدما بدأت بالإنهيار أمام التقدم الميداني العسكري للجيش السوري وحلفائه.

لكن نحن ومعنا كل محور المقاومة لن نسمح لهؤلاء بالسيطرة على سوريا وكل التهديد والتهويل والنفاق الأمريكي والسعودي والتركي لن يجدي نفعاً, ولن يبرىء هؤلاء من تهمة دعم الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، كما لن ينفع هؤلاء في حماية الفصائل والجماعات الإرهابية المتهاوية التي يدعمونها لأن هناك تصميماً على استئصال هذه الجماعات من المنطقة ولا عودة للوراء ولا مكان للتراجع في هذه المعركة، و أي تقدم ميداني وسياسي في مواجهة هذا المشروع وفي مواجهة هذه العصابات سيكون لمصلحة استقرار المنطقة وأمنها.

 

                                                             والحمد لله رب العالمين