خطبة الجمعة 8-12-2023 اصبروا وصابروا

الشيخ دعموش: المقاومة أدخلت العدو في حرب استنزاف حقيقية وهو أعجز من أن يفرض إرادته على لبنان

أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أن: "العمليات التي تقوم بها المقاومة، على امتداد المنطقة في لبنان واليمن والعراق، هي لمساندة غزة ومن أجل الضغط لوقف العدوان، وعدم تمكين العدو من الانتصار على المقاومة".

ورأى الشيخ دعموش، خلال خطبة الجمعة من مجمع السيدة زينب (ع) في الضاحية الجنوبية، أن: "الوقوف إلى جانب غزة ونصرة المقاومة هو واجب ديني وأخلاقي وإنساني، وأن الدفاع عن لبنان بوجه الاعتداءات الإسرائيلية واجب وطني، وكل التهويل والتهديد الإسرائيلي للبنان لن يثنينا عن القيام بهذا الواجب ومواصلة العمليات في الجنوب"، مشددًا على أن: "عمليات المقاومة أدخلت العدو في حرب استنزاف حقيقية ومتواصلة، وبات أمام ضربات المقاومة في موقع الضعف، وهو أعجز من أن يفرض إرادته على لبنان أو يُغيّر المعادلات القائمة أو أن يُحقّق أيّة مكاسب على حساب المقاومة".

وأشار إلى أن: "المقاومة ستبقى حاضرة في الميدان، تقف بكل قوة وشجاعة وحكمة في مواجهة العدو، ولن تتردد في الرد على أي استهداف أو اعتداء على لبنان".

ورأى سماحته أن: "العدوان على غزة ليس عدوانًا "إسرائيليًا"، إنما هو عدوان أميركي "إسرائيلي"، لأنّ أميركا هي التي اتخذت القرار بشنّ الحرب، وهي التي تصرّ على استمرارها؛ بل وتمنع إيقافها، وبالتالي هي المسؤولة عن كل المجازر وجرائم الحرب في غزة"، لافتا إلى أن: "الشعب الفلسطيني يُقتل بقرار أميركي وبالسلاح الأميركي الذي يتدفّق يوميًا إلى الكيان الصهيوني ليستخدمه في قتل الأطفال والنساء".

وأضاف أنّ: "مشاهد قصف المدنيين والأشلاء، في البيوت والمدارس والمستشفيات ومراكز الإيواء، يراها الجميع على شاشات التلفزة، ويعرف الجميع أنه سقط إلى الآن أكثر من سبعة عشر ألف شهيد في غزة، معظمهم من الأطفال والنساء، ثمّ يأتي وزير الخارجية الأمريكي ليكذب بشكل فاضح على العالم، ويقول إن "إسرائيل" تتجنب ضرب المدنيين! بينما كل العالم بات يعرف أنّ العدوان الأمريكي- الإسرائيلي على غزة لم يقتل سوى المدنيين ولم يُدمر سوى المباني والمستشفيات والجامعات والمدارس والمؤسسات المدنية، ولم يُحقّق أي انجاز عسكري كبير حتى الآن، وما يزال عاجزًا أمام المقاومة".

نص الخطبة

يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

هناك العديد من العناصر والعوامل التي تكفل للمؤمنين والمسلمين فلاحهم وعزتهم وانتصارهم، لا سيما عندما يواجهون التحديات والاعتداءات والحروب التي يفرضها الاعداء عليهم.

وقد حددت الآية المباركة اربعة عناصر هي :

الاول: الصبر والثبات في مواجهة الاحداث والتحديات، الصبر الذي يعبر عن قوة الارادة لدى الانسان، قوة الارادة التي تجعل الانسان يواجه ويقاوم ويثبت ويصمد أمام كل الضغوط والاحداث والمشكلات التي تواجهه في الحياة، والصبر بهذا المعنى هو في الحقيقة أساس كل نجاح وسبب كل انتصار .

وقد ورد في الروايات ان هناك ثلاث مجالات للصبر وهي: الطاعة والمعصية والبلاء.

1- الصبر على الطاعة،
يعني الصبر على الطاعات والواجبات والتكاليف التي امرنا الله بها، الصبر على الفرائض، والصبر على مرارة الجهاد والقتال، والصبر على التضحيات التي يقدمها الانسان في سبيل الله .

2- الصبر على المعصية، اي الصبر على شهوات النفس واهوائها ورغباتها وأطماعها وطموحاتها السيئة، هذه التي يمكن ان تضغط على الانسان ليقع في المعصية ،خصوصا اذا كانت ابواب المعاصي مفتوحة للانسان ومتاحة له، وهنا الصبر يعبر عن قوة الارادة التي تجعله يقاوم المعصية ولا يسقط فيها.

وايضا الصبر على جهل الناس واساءاتهم وايذائهم حتى لا يدفعنا ذلك للغضب والانفعال والغيبة والنميمة وبالتالي الوقوع في المعصية.

3- الصبر على البلاء، وهذا البلاء قد يصيب المجتمع اوالامة كلها، كأن نبتلي بعدو معتدي كالعدو الصهيوني، الذي يشن الحروب ويقتل بلا هوادة، ، والصبر هنا يعني ان يمتلك الناس ارادة قوية وتصميم على المواجهة، نقاوم ونقاتل ونصمد في الميدان ونثبت ونتغلب على المتاعب والصعاب والمآسي والمعاناة، نصبر على قلة الناصر، وضعف المعين، وطول الطريق، ووساوس الشيطان التي تحاول في حالة الضيق ان تمنع الانسان من تحمل واجباته ومسؤولياته، ونصبر على الحصار والجوع والقتل والمعاناة والسهر والتعب والمعاناة، ونواجه هذا الامتحان بقوة ارادتنا، كما فعل كل مجاهدينا وشهدائنا واهلنا الافياء خلال كل مراحل الصراع مع الصهاينة ، وكما يفعل اهل غزة اليوم الذين ضربوا اعظم صور الصمود والثبات والصبر في المواجهة الدائرة مع الصهاينة في غزة، العدو فرض عليهم حصارا خانقا ويرتكب المجزرة تلو المجزرة ويستخدم كل قدراته بوحشية لا حدود لها، فلم ينهاروا ولم يتخلو عن ارضهم ومقاومتهم، ولم يستسلموا للعدو وانما يلجأون الى الله ويعبرون عن إيمانهم وثقتهم بالله ويقولون حسبنا الله ونعم الوكيل، هذا يحتاج الى صبر كبير و الى قلوب عامرة بالايمان والثقة بالله، عندما يملك الانسان ايمانا عميقا ويتوكل على الله فان الله لا يتخلى عنه ويمنحه قوة الارادة والصبر والثبات.

الصبر هنا يصنع الانتصار، اذ لا يمكن امام مظلومية بهذا الحجم وصبر بهذا المستوى الا ان تكون النتيجة هي الانتصار، وكما قيل: اذا رايت الظالم مستمرا في ظلمهه فاعرف ان نهايته محتومة، واذا رايت المظلوم مستمرا في مقاومته فاعرف ان انتصاره محتوم.

الثاني: المصابرة (من باب المفاعلة) بمعنى الصبر والثبات في مقابل صبر الآخرين وثباتهم.

المصابرة تعني ان يكون صبرك وثباتك اقوى واشد من عناد العدو واصراره على مواصلة عدوانه وان يكون تحملك اعلى واشد من تحمله، ان تتحمل اكثر مما يتحمل وان تصبر وتثبت اكثر، أن تضاعف من صبرك وثباتك كلما ضاعف العدو من عناده واعتداءاته ووحشيته واصراره على العدوان.

مصابرة الأعداء الذين يحاولون جاهدين أن ينالوا من صبر المؤمنين وصمودهم وثباتهم.. فلا ينفد صبرهم من المقاومة والمواجهة وان طالت الحرب بل يظلون أصبر من أعدائهم وأقوى من أعدائهم .

المصابرة كأنها سباق بين المؤمنين وبين أعدائهم، من يكون صبره وقدرته على التحمل اكثر من الاخر،الرهان هنا على الاقوى صبرا وتحملا وثباتا وصمودا ان يكون صبرك اقوى من صبره وجهدك اعلى من جهده واصرارك اشد من اصراره واندفاعتك نحو المواجهة اسرع من اندفاعته لتكون عاقبة والنتيجة لمصلحة المؤمنين في النهاية.

إذا كان الباطل يصر ويصبر ويمضي في طريق المواجهة، فان الأجدر باهل الحق أن يكونوا أشد إصراراً وأعظم صبراً على المضي في الطريق حتى النهاية.

الثالث: المرابطة.. اي الحضور في مواقع الجهاد، وميادين المقاومة، الحضور في الثغور وحراسة حدود الاوطان المعرضة لهجوم الأعداء، ومراقبة هذه الحدود والثغور التي يمكن ان ينفذ منها العدو (ورابطوا).

وهذه العبارة أمر صريح إلى للمؤمنين بأن يكونوا على اتم الجهوزية والاستعداد الدائم لمواجهة الأعداء، وأن لا يغفلوا عن عدوهم او يتراخوا امامه بل ان يكونوا يقظين يراقبونه ويواكبونه ويتابعون مخططاته واهدافه حتى لا يباغتهم العدو ويأخذهم على حين غفلة ويفاجأوا بهجومه وعدوانه .

فلا ينبغي ان نغفل عن العدو ولا ان نطمئن للاعداء خصوصا اذا كان العدو كالعدو الصهيوني فهو غادر وماكر ومخادع وقد يغافل من اجل ان يفاجأ الجميع بحرب استباقية.

فلا بد من الصبر والمصابرة،ولا بد من المرابطة والحراسة، كي لا يؤخذ المؤمنون على حين غفلة من عدوهم ..

الرابع: التقوى، واتقوا الله، وهذا العنصر هو آخر العناصر الاربعة، فلا بد للصبر والمصابرة والمرابطة من أن تمتزج بعنصر التقوى، اي ان يكون الصبر والثبات لله وان تكون المصارة لله وفي سبيل الله وان تكون المرابطة لله وفي سبيل الله، لا من اجل الحصول على مكاسب خاصة وانانية ولا من اجل الحصول على امتيازات معينة، ولا من اجل رياء أو أغراض وغايات شخصية.

والنتيجة التي تنتظر كل من ياخذ بهذه العناصر، هي الفلاح والنجاح والانتصار.

اليوم لو أن الدول العربية والاسلامية تحملوا مسؤولياتهم وطبقوا مضمون هذه الآية لما استطاع العدو الصهيوني احتلال فلسطين وتدنيس مقدسات المسلمين، ولا الاستمرار في احتلاله لفلسطين، ولما استطاع التمادي في عدوانه على غزة وشعوب المنطقة.
الضعف الذي اصاب الامة والضربات الموجعة التي تلقاها المسلمون انما هي بسبب تجاهل هذه الاوامر الأربعة أو تناسيها.

ولو أنّ الحكومات العربية والاسلامية والجيوش العربية والاسلامية تحلوا بروح الثبات و ضاعفوا جهودهم في مقابل مضاعفة الأعداء لجهودهم، وحافظوا على حالة الجهوزية والإِستعداد والتأهب الدائم لمواجهة الاخطار والتحديات التي يفرضها اعداء الامة وتسلحوا بسلاح التقوى والورع، لما وصلوا الى هذا المستوى من العجز والضعف والوهن ولضمنوا الانتصار على العدو.

لو ان الدول العربية والاسلامية وقفت بوجه السياسات الامريكية المعادية لدول وشعوب المنطقة لما تجرأت اميركا والكيان الصهيوني على العدوان على غزة

اليوم العدوان على غزة ليس عدوانا اسرائيليا وإنما هو عدوان أميركي وإسرائيلي، لأن أميركا هي التي اتخذت القرار بشن الحرب ، وهي التي تصر على استمرارها بل وتمنع من إيقافها وبالتالي هي من يتحمل المسؤولية الكبرى عن كل المجازر وجرائم الحرب في غزة لان الشعب الفلسطيني انما يقتل بقرار أميركي وبالسلاح الأمريكي الذي يتدفق يوميا على مرأى ومسمع من العالم الى الكيان الصهيوني ليستخدمه في قتل الأطفال والنساء.

مشاهد قصف المدنيين والاشلاء في البيوت والمدارس والمستشفيات ومراكز الايواء يراها الجميع على شاشات التلفزة، ويعرف الجميع انه سقط الى الان اكثر من سبعة عشر الف شهيدا، معظمهم من الاطفال والنساء، ثم يأتي وزير الخارجية الامريكي ليكذب بشكل فاضح على العالم ويقول بان اسرائيل تتجنب ضرب المدنيين، بينما كل العالم بات يعرف ان العدوان الأمريكي الاسرائيلي على غزة لم يقتل سوى المدنيين ولم يدمر سوى المباني والمستشفيات والجامعات والمدارس والمؤسسات المدنية، ولم يحقق اي انجازعسكري كبير حتى الآن، ولا يزال عاجزا امام المقاومة.

وبالرغم من الاختراقات التي حققها العدو في شمال القطاع ومدينة غزة وحتى في جنوب القطاع وخان يونس، الا انه لم يستطع فرض سيطرته العسكرية والميدانية على المناطق التي دخلها، ولم يحقق فيها انجازات عسكرية ملموسة، بينما المقاومة تواصل عملياتها وتكبد العدو خسائر كبيرة، والمبادرة لا تزال بيدها، والمقاومون هم الذين يسيطرون ميدانيا، بينما الصهاينة في حالة تموضع دفاعي، مختبئون في دباباتهم وآلياتهم وأماكن تموضعهم .

اليوم كل العمليات التي تقوم بها المقاومة على امتداد المنطقة في لبنان واليمن والعراق هي لمساندة غزة، ومن اجل الضغط لوقف العدوان، وعدم تمكين العدو من الانتصار على المقاومة في غزة .

الوقوف الى جانب غزة ونصرة المقاومة فيها هو واجب ديني واخلاقي وانساني، والدفاع عن لبنان بوجه الاعتداءات الاسرائيلية واجب وطني، وكل التهويل والتهديد الاسرائيلي للبنان لن يثنينا عن القيام بهذا الواجب ومواصلة العمليات في الجنوب، فعمليات المقاومة ادخلت العدو في حرب استنزاف حقيقية ومتواصلة وبات امام ضربات المقاومة في موقع الضعف، وهو أعجز من ان يفرض ارادته على لبنان او يغيّر المعادلات القائمة أو أن يحقق أية مكاسب على حساب المقاومة, والمقاومة ستبقى حاضرة في الميدان ،تقف بكل قوة وشجاعة في مواجهة العدو، ولن تتردد في الرد على أي استهداف أو اعتداء على لبنان.