العلاقة مع الله ليست موسمية

رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: ان لبنان يواجه حملة ظالمة غير مقبولة من قبل من يدعون انهم اشقاء للبنان، فالمبالغة في رد الفعل السعودي على تصريح لوزير الاعلام قاله قبل ثلاثة اشهر من تعيينه وزيرا غير متناسبة اطلاقا.

 معتبرا: ان تصريح الوزير هو مجرد ذريعة وحجة ، فهناك ما هو ابعد من ذلك، ولذلك هم لم يكتفوا برد فعل عادي بل بحملة سياسية ودبلوماسية عالية السقف، وجيشوا كل دول الخليج ضد لبنان وجندوا مؤسسات اعلامية لبنانية وسياسيين وصحفيين مأجورين ممن لا كرامة لهم  ليشاركوهم في الحملة الظالمة على لبنان، وظهر بشكل فاضح انهم يريدون استضعاف لبنان واذلال اللبنانيين والحكومة اللبنانية والنيل من الكرامة الوطنية وصولا الى  فرض الاملاءات والانصياع الى ارادتهم ومواقفهم وقراراتهم. 

وشدد على ان التصعيد السعودي بوجه لبنان ليس مبررا واسبابه ليست على صلة بلبنان بقدر ما هي على صلة بالوضع المأزوم لولي العهد السعودي على اكثر من صعيد. معتبرا ان السعوديين لا يريدون الاستقرار للبنان ولا حكومة في لبنان ولا انتخابات نيابية، يريدون ان يبقى لبنان مأزوما طالما ان السعودية مأزومة في اليمن، وهدفهم الرئيسي تطويق المقاومة وحزب الله وتغيير المعادلة السياسية الحالية في لبنان وانتاج واقع سياسي جديد يؤدي الى اضعاف دور المقاومة وبالتالي ادخال لبنان في ركب التطبيع مع العدوالصهيوني.

 واكد الشيخ دعموش ان هدف اضعاف المقاومة في لبنان لن يتحقق، لان دور المقاومة في لبنان هو دور وطني لحماية لبنان من اعداءه، واصبح متجذرا ولا يمكن لاحد تحجيمه او تعطيله.

وقال: لقد جربتم في الماضي اضعاف المقاومة فكانت النتيجة ان فشلتم وازاددت قوة المقاومة وحضور المقاومة، وجربتم الضغط على لبنان في ظروف اكثر ملاءمة لكم دوليا واقليميا ومحليا ولم تتمكنوا من تحقيق اهدافكم، واليوم انتم واسيادكم في اميركا واسرائيل ضعفاء ومربكون وخائبون وموازين القوى في المنطقة ليس لمصلحتكم  بينما محور المقاومة يزداد قوة وحضورا على مستوى كل المنطقة ، وفي ظروف من هذا النوع عليكم ان تتوقعوا في لبنان المزيد من خيبات الامل والمزيد من الخسائر والفشل ان شاء الله ولن ينفعكم احد من ادواتكم  الخائبة والبائسة التي فشلت في تحقيق اهدافكم في الماضي وهي اعجز من ان تحقق لكم شيئا في المستقبل.   

نص الخطبة

قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يونس:12.

هذه الاية وغيرها آيات اخرى في القرآن الكريم تشير إلى  مشكلة يعاني منها الإنسان  في كثير من الأحيان، وهي أنّ علاقته تكون موسمية اي عندما تكون لديه حاجة، او يكون مريضا او واقع في ازمة أو مشكلة، فاذا كان مضطرا ومحتاجا ومتعسرا وواقع في شدة وضيق فانه يلجأ الى الله ويدعو الله ويتوسّل ويتضرع إلى  الله، وإذا انتهت مشكلته او تجاوز الازمة والمرض والشدة والضر ينسى الله ويتراجع ارتباطه به وتنقطع علاقته معه، المشكلة يبدأ في التراجع، وكأنّ العلاقة مع الله علاقة موسمية ومرحلية ولا تكون الا عندما تنقطع السبل بالانسان وتنسد امامه الافاق والحلول فيلجأ عند ذلك فقط الى الله لينقذه ويخلصه من ازمته، اما عندما لا يكون مأزوما او كان مأزوما وتجاوز ازمته مشكلته او فلا يتذكر الله.

ومثل هذا السلوك مع الله نراه مع بعضنا احيانا في حياتنا الاجتماعية فترى بعض الاشخاص يسأل عنك، ويتواصل معك، ويكثر من زيارتك، لان  لديه حاجةعندك وله مصلحة معك ، فإذا وصل الى حاجته وحقق مصلحته وقضيت له حاجته ، قطع علاقته بك ونسيك ولم يعد يتواصل ولا يسأل عنك، بل ربما يمرّمن امامك  دون أن يسلّم عليك!.

فاذا صادفالانسان هذا النموذ من الاشخاص في حياته من الطبيعي ان يكون عنه انطباعا سلبيا ويقول: إنّ هذا الشخص لا يستحقّ المعروف ولا الخدمة ولا أن يُـحسن إليه!

هناك من يتعامل مع الله بمثل هذا الاسلوب وبمثل هذا السلوك: ﴿مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إلى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾.اي مر كأنّ الله لم يحل مشكلته!!

القرآن الكريم

في أكثر من آية ندّد بهذه الحالة الموسمية في الارتباط بالله وفي العلاقة مع الله تعالى:

يقول الله تعالى﴿فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ؟) الزمر: 49.

يعني اذا حُلت مشاكله، لا يقول إنّ الله هو الذي ساعده واعانه ووفقه لحل مشكلته وهو الذي رفع الضر عنه، بل يقول أنا الذي حللت مشكلتي بعلمي وكفاءتي وقدرتي الذاتية او بمالي وامكاناتي الخاصة!

في آية اخرى يقول الله تعالى﴿وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) الزمر: 8.

ان الحديث عن مثل هذه الحالة في القران الكريم هدفه تنبيه الإنسان الى ان علاقته مع الله وارتباطه به لا ينبغي ان يكون ارتباطًا موسميًّا حسب الحاجة والاضطرار، بل يجب أن يكون دائما ومستمرا وفي جميع الاحوال والظروف وفي الشدة وفي الرخاء.

والارتباط الدائم مع الله يشتد ويقوى ويتعمق من خلال امرين :

الأول: من خلال العبادة وذكر الله دائما وبشكل مستمر، بحيث يكون الله في فكرك وعقلك وذكره على لسانك، بحيث ان لسانك يلهج بذكر الله دائما ، وهذا ما تؤكده الايات والروايات وسيرة العلماء والمراجع.

يقول تعالى﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ البقرة152.

ويقول تعالى﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ الرعد: 28.

وورد في بعض الروايات في تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) ان الذكر الكثير هو ان تقول بعد كل فريضة سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر.

وكان علماؤنا ومراجعنا يضعون لانفسهم برنامجا عباديا للذكر والاوراد وكانوا يواظبون على هذه الاوراد يوميا لتعميق علاقتهم بالله سبحانه وتعالى.

ولذلك على الانسان ان يذكر الله عندما يوسوس له الشيطان بالمعصية وعندما تحدثه نفسه بظلم الاخرين والاعتداء عليهم او على حقوقهم او بالاحتيال عليهم ، ان يذكر الله عندما تضغط عليه شهواته لعلاقة حرام او لكسب مال حرام او لموقف حرام.

 

الامر الثاني: الالتزام بأوامر الله وبطاعة الله، وان يراقب الانسان اعمله وتصرفاته وسلوكه وان يفكر دائما عندما يريد ان يقدم على عمل معين هل ان عمله منسجم مع ارادة الله وأوامر الله ونواهيه.ومع حلال الله وحرامه ام لا؟

فق سئل الإمام الصادق(ع) : مَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً لِلَّهِ، وَأَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ.

اذن على الإنسان أن يجعل ارتباطه بالله تعالى ارتباطًا دائمًا مستمرًّاوليس موسميا في حالات الشدة وفي حالات الرخاء نعم في حالات الشدة وفي الأزمات يتأكد اللجوء الى الله، لان الانسان يشعر بفطرته ان هناك قوة يمكنها ات تساعده وتنقذه، فيتوجه إلى الله انطلاقًا من هذا الشعور، وهذا الشعور يعطي الإنسان  زخمًا ومعنويات رفيعة، تساعدهُ على تحمّل الظروف الصعبة التي يعيشها.

وحين يفقد الإنسان الأمل في النجاة والخلاص، ينهار ويستسلم، لكنه حين يلتجئ إلى الله يتحرك الأمل في داخله، وهذا له دور كبير في بحث الإنسان عن الوسائل التي يستعين بها على حل الازمات.

 في مواجهة الازمات الشخصية يجب اللجوءالى الله وفي مواجهة الازمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والامنية وغيرها ايضا يجب العودة الى الله واستمداد القوة من الله.

اليوم على المستوى السياسي لبنان يواجه حملة ظالمة غير مقبولة ممن يدعون انهم اشقاء للبنان والمبالغة في رد الفعل السعودي على موقف لوزير الاعلام قاله قبل ثلاثة اشهر من تعيينه وزيرا غير متناسبة اطلاقا، وهذا مثل الذي يطلق قذيفة لاصابة عصفور على شجرة! لانه اذا كان الدافع للحملة هو هذا التصريح فلماذا انتظروا ثلاثة اشهر ولم يفتعلوا الضجة في حينه

تصريح الوزير هو مجرد ذريعة وحجة ، فهناك ما هو ابعد من ذلك، ولذلك هم لم يكتفوا برد فعل عادي بل بحملة سياسية ودبلوماسية عاليةالسقف، وجيشوا كل دول الخليج ضد لبنان وجندوا مؤسسات اعلامية لبنانية وسياسيين وصحفيين مأجورين ممن لا كرامة لهم  ليشاركوهم في الحملة الظالمة على لبنان، وظهر بشكل فاضح انهم يريدون استضعاف لبنان واذلال اللبنانيين والحكومة اللبنانية والنيل من الكرامة الوطنية وصولا الى  فرض الاملاءات والانصياع الى ارادتهم ومواقفهم وقراراتهم. 

التصعيد السعودي بوجه لبنان ليس مبررا واسبابه ليست على صلة بلبنان بقدر ما هي على صلة بالوضع المأزوم لولي العهد السعودي على اكثر من صعيد. السعوديون لا يريدون الاستقرار للبنان ولا حكومة في لبنان ولا انتخابات نيابية، يريدون ان يبقى لبنان مأزوما طالما ان السعودية مأزومة في اليمن، وهدفهم الرئيسي تطويق المقاومة وحزب الله وتغيير المعادلة السياسية الحالية في لبنان وانتاج واقع سياسي جديد يؤدي الى اضعاف دور المقاومة وبالتالي ادخال لبنان في ركب التطبيع مع العدوالصهيوني.

هدف اضعاف المقاومة في لبنان لن يتحقق، لان دور المقاومة في لبنان هو دور وطني لحماية لبنان من اعداءه، واصبح متجذرا ولا يمكن لاحد تحجيمه او تعطيله.

لقد جربتم في الماضي اضعاف المقاومة فكانت النتيجة ان فشلتم وازاددت قوة المقاومة وحضور المقاومة، وجربتم الضغط على لبنان في ظروف اكثر ملاءمة لكم دوليا واقليميا ومحليا ولم تتمكنوا من تحقيق اهدافكم، واليوم انتم واسيادكم في اميركا واسرائيل ضعفاء ومربكون وخائبون وموازين القوى في المنطقة ليس لمصلحتكم  بينما محور المقاومة يزداد قوة وحضورا على مستوى كل المنطقة ، وفي ظروف من هذا النوع عليكم ان تتوقعوا في لبنان المزيد من خيبات الامل والمزيد من الخسائر والفشل ان شاء الله ولن ينفعكم احد من ادواتكم  الخائبة والبائسة التي فشلت في مساعدتكم وتحقيق اهدافكم في الماضي وهي اعجز من ان تحقق لكم شيئا في المستقبل.