حسن العاقبة

على الإنسان أن يحافظ على أعماله ورصيده عند الله الى آخر حياته حتى يضمن حسن العاقبة والمصير, وأن لا يكون كإبليس الذي ضيع كل رصيده وعباداته عندما رفض طاعة الله بالسجود لأدم. 

خلاصة الخطبة

 

الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 8-7-2016:على الجميع العمل بشكل متضامن ضد الإرهابيين بدلاً من استخدامهم في الصراع وتصفية الحسابات.

شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على ضرورة أن يستنهض الجميع في لبنان في مواجهة الإرهاب لأن الإرهاب يستهدف المسلمين والمسيحيين، ومن يعتقد أن المسيحيين ليسوا مستهدفين فهو مخطىء ومكابر.

 

وقال: الإرهاب يجب أن يوحد الموقف السياسي لجميع الأطراف بعيداً عن المناكفات والحساسيات والتوظيف الرخيص. مؤكدا: أنه لا يجوز أن يبدو لبنان أو العالم منقسماً في الموقف من الإرهاب الذي يستهدف الجميع بلا استثناء.

ولفت: الى أن شعور تنظيم داعش بالضيق في العراق وسوريا من خلال المواجهات العسكرية الجارية هو الذي دفعه الى تكثيف عملياته الإجرامية في كل من تركيا والعراق ولبنان والسعودية وبنغلادش وغيرها، وكشفت هذه العمليات عن أن الإرهابيين لا اعتبار لديهم للدين ولا لمقدسات الدين ولا للقيم الانسانية ولا للمسلمين الأبرياء الذين يقتلون على أيديهم، فهؤلاء يستخفون بمقدسات المسلمين ولا يراعون حرمة حتى للمسجد النبوي الشريف وقد لا يراعون حرمة حتى للمسجد الحرام ويفجرون فيه، وهذا يؤكد مجدداً على أنه لا صلة لهم بالإسلام ولا بهذه الأمة.

 ورأى:أن ما قام به التكفيريون من جرائم خلال الأسبوع الماضي يؤكد من جديد أن هذا الخطر الذي يستهدف الجميع، شعوباً ودولاً وحكومات، بات يتطلب معالجة جدية وتضامناً سياسياً وشعبياً لاستئصال هذا الورم الخبيث الذي يضرب جسد الأمة، كما يجب أن يدفع أيضاً الدول والحكومات والجهات، خاصة تلك الراعية والداعمة والمغطية للجماعات الإرهابية الى إعادة النظر في مواقفها وسياساتها, خصوصاً أن بعض الدول الداعمة والمؤيدة للإرهابيين كالسعودية وتركيا أصبحوا في مرمى نيرانهم ومن ضحاياهم

وختم بالقول: على الجميع العمل بشكل متضامن ضد الإرهاب والإرهابيين بدلا من استخدامهم في الصراع الدائر في المنطقة.

نص الخطبة

.نبارك لكم عيد الفطر السعيد ونسأل الله أن يعيده عليكم بالخير والرحمة.

 لقد انقضى شهر رمضان المبارك، وجاء عيد الفطر ليكون يوم الجوائز لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه، لقد وفق الله الصائمين في الشهر المبارك لأداء الواجبات,  والقيام فيه بالكثير من المستحبات والأعمال الصالحات, ووفقهم لإحياء لياليه بالعبادة والطاعة لا سيما ليالي القدر الجليلة, وعلى الإنسان أن يداوم على تلك الطعات والأعنال الصالحات بعد شهر رمضان وفي كل أيام السنة حتى لا تتحول العبادة الى موسم يقوم بها الإنسان في زمن معين, في شهر رمضان, كما يفعل بعض الناس هذه الأيام حيث نجد البعض يُقبل على العبادة والصلاة والصيام وأعمال البر في شهر رمضان فقط, بينما لا يقوم بذلك في سائر أيام السنة, فالعبادة والطاعة عنده لها موسم خاص هو شهر رمضان فهو موسم العبادة والطاعة, فإذا انقضى شهر رمضان ترك كل ذلك.. فهو في بقية الشهور والأيام لا يقوم بشيء من العبادات والطاعات.

وكذلك على الإنسان, إضافة الى المداومة والإستمرار بالطاعات والعبادات بعد شهر رمضان, أن يحافظ على تلك الأعمال والطاعات وعلى ذلك الرصيد الذي حصل عليه في شهر رمضان, أن لا يضيعه وأن لا يهدره  وأن لا يمحوه بالمعاصي والمحرمات والسيئات, فكم من طاعات كثيرة يحرقها الإنسان بارتكابه الحرام، وكم من حسنات كبيرة يبدلها إثم وفعل معصية.

وهذا يعني انه لا بد للإنسان من الإلتفات الى أمرين:

الأول: المداومة على العمل والطاعة والعبادة وأعمال البر والخير بعد شهر رمضان وفي سائر أيام السنة, فاذا كان الإنسان يكثر في شهر رمضان من الصلاة والقيام بالمستحبات وقراءة القرآن والدعاء والبر بالوالدين والتصدق على الفقراء والمساكين وصنع الخير وقضاء حوائج المحتاجين, فإن عليه أن يستمر في ذلك بعد الشهر المبارك وأن يتابع القرآن قراءة و تدبرا و الصلاة نافلة و تطوعا، و القيام في الليل والتضرع الى الله وغيره مما احبه الله في الشهر المبارك و يحبه بعده.. كل ذلك مع الدعاء و التضرع الى الله أن يثبته على الايمان و الاخلاص له والتوجه اليه وعبادته وطاعته حتى يختم له بخير.

الثاني:الحفاظ على العمل والطاعات وحمايتها, الحفاظ على أجرها وثوابها وقيمتها فإن الحفاظ على العمل أشد من العمل كما في الحديث عن الإمام الباقر(ع).

 ورُوي عن النبيّ (ص)أنه قال: مَن قال: سبحانَ الله، غَرَس اللهُ له بها شجرةً في الجنّة، ومن قال: الحمد لله، غرس لله له بها شجرةً في الجنّة، ومَن قال: لا إله إلاّ الله، غرس الله له بها شجرةً في الجنّة، ومن قال: ألله أكبر، غرس الله له شجرةً في الجنّة

فقال رجلٌ من قريش: يا رسول الله، إنّ شجرنا في الجنّة لَكثير! قال: « نعم، ولكن إيّاكم أن تُرسلوا عليها نيراناً فتُحرِقوها، وذلك أنّ الله عزّوجلّ يقولhttp://www.imamreza.net/images/ghos-start.gif يا أيُّها الذين آمنوا أطيعُوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ ولا تُبطلُوا أعمالَكم http://www.imamreza.net/images/ghos-end.gif ( أمالي الصدوق:486 / ح 14، والآية في سورة محمّد 33.

اذن على الإنسان أن يحافظ على أعماله ورصيده عند الله الى آخر حياته حتى يضمن حسن العاقبة والمصير, وأن لا يكون كإبليس الذي ضيع كل رصيده وعباداته عندما رفض طاعة الله بالسجود لأدم.

فقد روي عن علي امير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "فاعتبروا بما كان من فعل ابليس اذ احبط عمله الطويل و جهده الجهيد وكان قد عبد الله ستة الاف سنة، لا يدري أمن سني الاخرة عن كبر ساعة واحدة، فمن ذا بعد ابليس يسلم على الله بمثل معصيته".

هناك الكثير من الناس سقطوا وانحرفوا في لحظة ضعف بعد تاريخ حافل بالعطاء والجهاد لأنهم لم يحافظوا على رصيدهم وإيمانهم ولم يثبتوا حتى النهاية.

  فهذا الزبير بن العوام الذي كان من اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وابن عمته صفية وهو ممن شهد بدرا واحدا والخندق والحديبية وخيبر وفتح مكة والطائف وفتح مصر، وهو الذي وقف مع بني هاشم في بيت فاطمة (عليها السلام) الى جانب الامام علي (عليه السلام) يوم السقيفة، و قيل إنه ممن حضر الجنازة المطهرة لبضعة النبي الاكرم (صلى الله عليه و آله)، وهو الذي وهب حقه – المزعوم – من الاصحاب الستة يوم الشورى لأمير المؤمنين علي (عليه السلام). لكنه في النهاية وبالرغم من كل هذا التاريخ سقط في لحظة ضعف وخرج على امير المؤمنين (عليه السلام) محرضا على قتاله، فهو مسؤول اساسي عن حرب الجمل و يتحمل دم قتلاها و شهدائها و ما حصل بعدها.

لذلك على الإنسان أن يعمل ليضمن حسن العاقبة ولكي لا يكون مصيره كهؤلاء.. عليه أن يحصن إيمانه ودينه حتى لا يسقط أمام المغريات والشهوات والطموحات والمصالح.

وأول خطوة على طريق ضمان حسن العاقبة, الدعاء والتضرع الى الله بأن يثبتنا على ديننا, وبالثبات على الايمان و الطاعة, وأن نردد دائماً قوله تعالى: "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب".

 وورد في بعض أدعية أهل البيت (عليهم السلام): " و احسن لي العاقبة حتى لا تضرني الذنوب".

و الدعاء بالثبات على الايمان بشروطه يعتبر اساسيا في حسن العاقبة، و التخلي عن هذا الدعاء يعني قطع العلاقة مع الله, وهذا ما يؤدي الى سوء العاقبة كما حصل مع احمد بن هلال الذي كان من الصلحاء و قد حج اربعاً و خمسين حجة, عشرون منها على قدميه، وقد كان ابن هلال من رواة الشيعة في العراق التي تفاجأ شيعتها بكتاب للامام الحسن العسكري (عليه السلام) يقول فيه "احذروا الصوفي المتصنع" و حينما كرر اهل العراق السؤال من الامام (عليه السلام) عن ذلك قال لهم: " لا شكر الله قدره لم يدع ربه بان لا يزيغ قلبه بعد أن هداه و أن يجعل ما منّ به عليه مستقرا".

ومما يفيد في حسن العاقبة ما ذكره الامام الصادق (عليه السلام) حين كتب لبعض أصحابه: " إن أردت أن يختم بخيرعملك حتى تقبض وأنت في أحسن الأعمال فــ: عظم الله حقه بأن لا تبذل نعماءه في معاصيه, وأن لا تغتر بحلمه عنك, وأكرم كل ما وجدته يذكرنا أو ينتحل مودتنا، ثم ليس عليك صادقاً كان أو كاذباً، إنما لك نيتك وعليه كذبه".

فعلى الإنسان أن لا يستخدم نعم الله في معاصيه, أياً نوع النعمة سواء كنت مالاً أو جاهاً أو قوة أو مسؤولية أو غير ذلك, وأن لا يغتر بحلم الله ولطفه ورحمته, فالله يمهل ولا يهمل, وأن يكرم عباد الله الذين اتبعوا الحق وساروا على خط أهل البيت(ع) وانتحلوا مودتهم, بأن يتضامن معهم ويدافع عنهم وينتصر لهم, خصوصاً عندما يتعرضون للإرهاب والقتل والقهر والإضطهاد, كما يحصل للكثير منهم اليوم في العراق وسوريا واليمن وغيرها, فالإرهاب يضرب الأبرياء في المنطقة وفي كل مكان.

والارهاب الذي يضرب في كل مكان يجب أن يوحّد الموقف السياسي لجميع الأطراف في المنطقة بعيداً عن المناكفات و الحساسيات و التوظيف الرخيص.

لا يجوز أن يبدو العالم منقسما حتى في الموقف من الإرهاب الذي يستهدف الجميع بلا استثناء.

في لبنان يجب أن يستنهض الجميع لمواجهة الإرهاب, المسلمين والمسيحيين, لأن الارهاب يستهدف المسلمين والمسيحيين, ومن يعتقد أن المسيحيين ليسوا مستهدفين فهو واهم و مخطئ ومكابر.

إن شعور تنظيم داعش بأن الخناق بدأ يضيق عليه في معاقله الأساسية في سوريا والعراق وذلك من خلال المواجهات العسكرية الجارية هو الذي دفعه الى تكثيف عملياته الإجرامية في كل من تركيا والعراق والسعودية ولبنان وغيره. وقد كشفت هذه العمليات عن أن الإرهابيين لا اعتبار لديهم  للدين ولا لمقدسات الدين ولا للقيم الانسانية و لا للمسلمين الابرياء الذين يقتلون على أيديهم, فهؤلاء يستخفون بمقدسات المسلمين ولا يراعون حرمةً حتى للمسجد النبوي الشريف, وقد لا يراعون حرمة حتى للمسجد الحرام ويفجرون فيه، وهذا يؤكد مجدداً على أنه لا صلة لهم بالإسلام ولا بهذه الأمة.

ما قام به هؤلاء من جرائم خلال الاسبوع الماضي يؤكد من جديد أن هذا الخطر الذي يستهدف الجميع شعوباً ودولاً وحكومات, بات يحتاج الى معالجة جدية وتضامن سياسي وشعبي لاستئصال هذا الورم الخبيث الذي يضرب جسد الامة.

الجرائم التي يرتكبها التكفيريون يجب أن تدفع الدول والحكومات والجهات وخاصة تلك الراعية والداعمة والمغطية لهذه الجماعات الى إعادة النظر في مواقفها وسياساتها, خصوصاً أن بعض الدول الداعمة والمؤيدة للارهابيين كالسعودية وتركيا أصبحوا في مرمى نيرانهم ومن ضحاياهم.

 وعلى الجميع العمل بشكل متضامن ضد الارهاب و الارهابيين بدلاً من استخدامهم في الصراع و تصفية الحسابات السياسية قبل أن تطال جرائمهم الجميع .

 

                                                                     والحمد لله رب العالمين